أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - شعراء -القنادر-














المزيد.....

شعراء -القنادر-


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 16:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في البدء، اعتذر عن العنوان. استعارةٌ مُستفزة قد تكفي احياناً لايقاظ انا مُتضخّمة تعيش على ادب الشتائم. والحقيقة انا لا اصفهم بهذا، بل استعير ما يقولوه على آخرين، شعراء مثلهم
فهذا احدهم يقول انا لا اشتري الجواهري "بقندرة" لانه صافح جميع الطغاة، وآخر يُجهز على شعرية عبدالوهاب البياتي ولايعترف به شاعراً، اما الثالث فيتظاهر بأنه شاعر الوطن ويشتم وجيه عباس "الطائفي" خمسَ مراتٍ باليوم، لكنه فاشل مُحترف في اخفاء طائفتيه كلما كتب نصّاً او نظّم شعراً

لماذا ياترى يتضخّم الشاعر للحد الذي يتلذذ فيه بشتم شاعر سبقه او عاصره؟
لماذا كل مَن يكتب الشعر يهوى الحط من قيمة الآخرين؟
قد يحصل هذا في اي ميدان معرفي، لكنه الاكثر وضوحاً في ميدان الشعر، حيث حروب الشعراء فيما بينهم لا تنتهي
يبدو انها عادة ورثناها من اجدادنا الشعراء. ورثنا حروب الشعر بين جرير والفرزدق. ورثنا الجدل بين شعراء عكاظ كقيمة من قيم الادب لايمكن التخلّي عنها. هذا تفسير تاريخي للظاهرة

مع هذا لا يمكن التعرّض لهذه الظاهرة بمعزل عن التعرّض لنفسية العراقي، فشاعرنا هو ابن ذلك المجتمع الذي يحب التغني بالانا، يحب دائما ان يقول انا فعلت هذا، ونجحت في ذلك، على ان يقول مرة واحدة فقط انه فشل في امرٍ ما

تخيّلوا لو ان سياسياً معيناً قال علناً انا لا اشتري فلان السياسي "بقندرة"، ماذا سيكون موقف المثقف حينها او الشاعر بصورة اخص؟ اعتقد ان حرباً بمستوى حروب الردّة ستشنّها اقلام الشعراء عليه، وسيتحوّل كلٌ منهم الى قديس يحمي هيكل العفة من سياسي حلّت عليه لعائن الرب. فما بال شعرائنا اليوم تتسلل اليهم لغة "القنادر" بدلاً من لغة الشعر الجميل

علاقة الثقافي بالسياسي علاقة متوترة على طول التأريخ، لا ينام احدهم الاّ ونصف عينه مفتوحة على اخطاء الآخر، والذي لا افهمه كيف ان الثقافي يستنسخ ما يُعيبه هو على السياسي. السياسي الذي تعوّد الخشونة في خطابه، كمقتضى من مقتضيات عمله ربما، هل سيبقى صامتاً تجاه "انحراف" المثقف، ام سيعمد لنفس ادوات "الردع الفكري" التي يستخدمها ذلك المثقف حيال السياسي اذا اخطأ
واذا اعتبرنا شتم السياسي لغريمه انحرافاً في السلوك، فهلا اوضح انحرافٍ من شتم الثقافي للجواهري والبياتي؟

يبدو ان الصراع النفسي الكبير الذي يعيشه الشاعر مع نفسه لا يتوقف عن حد الشتم فقط، بل يُحاكي مجتمع القردة في حركات وصيحات يُصفق لها مجاملةً اصدقاء وهميون على مسرح عوالم الافتراض، وغالباً ما تدفع تلك الحماسة المجنونة للمزيد من هذه الحماقات. تمرين ممل لزعامة فارغة يجيدها القردة كلما حان وقت اختيار الزعيم
فالناشنال جيوكرافيك تخبرنا بان مجتمع القردة، وتحديداً احدى فصائلها، تتقن طقوساً غريبة في اختيار الزعامات، حيث تجتمع الفصيلة برمّتها في موعد محدد من كل عام لاختيار "شيخ" القردة، وتبقى الساحة فارغة لمَن يتصدى وسط المجموع برغبته. يخرج احدها ضارباً بكلتا يديه على صدره، يُهرّج ويصيح باصوات عالية، وحدها القرود تفهمها. ينتظر الجميع بهدوء عسى ان يخرج احمقٌ آخر امامه. لا يخرج احدٌ، فيصفق الجميع "لشيخهم" الجديد

هكذا يتم تنصيب زعيم القرود. العملية لا تحتاج سوى الى صيحات هستيرية مع حركات استعراضية وضرب على الصدور لجلب انتباه ابناء الفصيلة. مشهد سوريالي يحاول شعراء "القنادر" استعارته بالنص
فمثلما يعشق السياسي تصفيق الجمهور، يعشق المثقف والشاعر تصفيقهم ايضاً
كلٌ يُمارس زعامة شكلية مُستوحاة من نوستالوجيا اجدادنا "القردة" على حساب ادبه وفنه وجمهوره الناقد

نخبة بذوات مُتضخّمة تعيش حالة هلع فكري من كل قرين ينازعها سلطاناً وهمياً، حتى اصدقائهم اهداف للشتيمة عندهم اذا اقتضت الضرورة الشعرية، يالها من انا
كفاكم أيّها الشعراء تكبّراً وغرورا، فبفرقتكم يستأسد السياسي الذي تشتموه ويملأ المشهد



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لو كان هنا اويس لعَرَفَ كيف يدعو
- اختلاف ابراهيم الصميدعي ومغايرة سرمد الطائي
- كيف فاز المالكي مرة اخرى
- شندلر لست
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - ا ...
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 5
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 4
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 3
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 2
- قراءة نقدية في تداعيات الازمة السياسية الراهنة في العراق - 1
- الفيسبوك هو الحل
- فلسفة الربيع
- الزعيم -قطر-
- اولاد البغايا
- قرآنوفوبيا
- اسلام نحو الهاوية
- كردستان في خطر
- قوة الفيليين لا تكون عبر البرلمان فقط
- بعد المصري والبغدادي، عنف من نوع جديد يجري التحضير له
- خيارات السلطة والمعارضة في الحكومة القادمة


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سليم سوزه - شعراء -القنادر-