مصر ... والاقليم بين محورين

محمود جابر

الحوار المتمدن-العدد: 4147 - 2013 / 7 / 8 - 01:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

مصر والاقليم بين محورين

المشهد المصرى الآن قد يراه البعض ضبابيا، وقد يراه انتقاليا، وآخرين يحبو ان يرونه انقلابيا، وهو فى الحقيقة كل هذا، ولكنه ليس فقط المشهد المصرى إنه المشهد الاقليمى .... نعم الاقليمى وارجو الانتباه .
ففى الاقليم خمسة اقطار هى الاكثر توترا وأهمية، وهم : العراق وسوريا واليمن والسودان و.. "مصر" .
ورغم أهمية هذه القطار الا أن الجميع يعلمون مدى أهمية مصر ليس فى البعد الاقليمى وفقط ولكن فى محاور متعددة منها الافريقى والاسيوى والاوربى اى فى استراتيجية العالم .
الوضع الحالى فى مصر يشبه زلزال دوليا يمكن ان يغيير معايير القوى فى العالم ويرسم حدودا جديدة للاستراتيجيات .
فحين احتشدت الجماهير فى الميادين كانت القوى الصلبة فى مصر قدر ادركت خطورة الاوضاع الأمنية على مصر ودور الرئيس مرسى فى تكوين مجموعات قريبة منه تتخذ من العنف الدينى منهجا لها وتعادى كل المؤسسات الرسمية فى الدولة وخاصة الشرطة والجيش. الخطورة التى رأتها تلك الاجهزة والتى أتخذت موقفا مؤيدا للشارع رغم انف الرئيس حيث أن كل هذه المؤسسات تعرف معنى أن تواجه شعبا فى ظل ظروف امنية منهارة أو شبه منهارة .
هنا جرى الاشتباك الاول منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا على خلفية الاحداث المصرية وكان لبعض حلفاء الولايات المتحدة دورا معاكسا بل ومناقضا ايضا وربما تطابق مع الدور الروسى .
ففى الوقت الذى اعلن فيه الرئيس الامريكى براك اوباما تأييده لمرسى كانت السعودية والامارات العربية تقف خلف الجماهير فى الشوارع المصرية والميادين.
ام فى المقابل فقد كان للرئيس الروسى بوتن موقفا مسبقا وربما يصل الى حد البشارة حينما صرح منذ اكثر من اسبوعين على خلفية قطع مرسى للعلاقات مع سوريا، فقد قال الرئيس بوتن:"إنه طارده بإصرار من أوروبا إلى جنوب أفريقيا حتى استطاع أن يلتقيه في مدينة صغيرة في روسيا، وأن هذا النوع من الرؤساء لا يعيش طويلاً، ويرحل دائمًا ضمن مأساة".
واضاف بوتين ساخرًا من الرئيس "مرسي" أن بشار الذي يناصبه الرئيس المصري العداء الآن قد يبقى في منصبه لمدة أطول بكثير من بقاء محمد مرسي، رغم أن الأول يواجه حربًا ضروس على الأرض، والثاني يواجه معارضة تحاول أن تبقى سلمية وفي طريقها لخلعه".
واثناء الثورة فى 30/6 ظل الجيش وكافة المؤسسات تعانى من ضغط غربى لاحدود له حتى جاءت تصريحات "بوتن" التى مثلت طوق نجاة لهم حينما أكد ڤ-;-لاديمير بوتين رئيس روسيا الإتحادية فى تصريح مقتضب لوكالة نوڤ-;-وستي الروسية أن علي القوي الغربية ان تحذر من التدخل في الشأن الداخلي المصري لدعم الاخوان مؤكدا على ضرورة احترام ارادة الشعب المصري , وإلا سيكونوا في حالة عداء مباشر مع روسيا.
الولايات المتحدة فى المقابل لوحت بقطع المعونة الامريكية عن مصر، وروسيا فى المقابل صرحت بتزويد مصر بكل ما تحتاجه سواء على مستوى السلاح او القمح او حتى الدعم اللوجستى المتمثل فى المعلومات عن المجموعات المسلحة التى تستهدف الدولة والمؤيدة للرئيس المخلوع " مرسى".
السعودية والامارات من خلال الدعم الاعلامى والدعم المادى بدت اقرب لروسيا من الولايات المتحدة الامريكية، كما ان ايران بدأت اقرب من الولايات المتحدة الامريكية منها الى سورية وروسيا، فقد ابرق الرئيس السورى على الفور رسالة الى الرئيس المؤقت " عدلى منصور" مهنئا باختياره رئيسا للبلاد، ورغم أن القيادة الجديدة المؤقتة بادرت برسالة هى اكبر من ان تكون رسالة حسن نية لسورية ولكنها رسالة تعيد هيكلة المحور الاستراتيجى القابض فى المنطقة حينما قررت السلطة المصرية اليوم 7/7 عودة البعثة الدبلوماسية السورية وبدأ العمل من اليوم .
الحاصل أن اعادة العلاقات السورية المصرية فى ظل وجود توازن روسى يمكن ان يعيد رسم الخريطة فى المنطقة فسورية يمكن ان تلعب دورا جديدا فى اعادة العلاقة المصرية العراقية المتوترة وبهذا تنضم العراق الى المحور الجديد والذى سوف يعيد تكامله من خلال دعما يمكن ان يمتد من الخليج خاصة مع ترحيب الامارات وتغيير السلطة فى قطر وترحيب سعودى وهذا يمكن ان يلقى بظلاله على اليمن الاكثر اهمية فى جنوب الاقليم ويتبعها السودان.
الغريب أن ايران برغبة منها او لسبب لا ارى له مبررا رأت ان تتخذ موقفا مغاييرا لموقعها الاستراتيجى فى المنطقة وهو ما يمكن ان يهددها فى الفترة القادمة بتهميش ما، ويمكن ن تلعب العربية السعودية هذا الدور عن طريق مجموعات من اللبيهات متعددة الانشطة، وهذا ما يمكن ان يشكل خطورة اخرى على حزب الله وبعد معاركة مع الاسد فى سورية وبعد محاولات الاستقطابات الواسعة فى اغلب الشام والمنطقة .
ولهذا على الجميع ان يعيد حساباته فى احداث ثورة 30 يونيه فى مصر ويقرأ ما بين السطور ولا يقف على رؤوس الاقلام .

#محمود_جابر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل