أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التضامن من اجل بديل اشتراكي - مقال تقييمي للطور الأول حركة 20 فبراير















المزيد.....


مقال تقييمي للطور الأول حركة 20 فبراير


التضامن من اجل بديل اشتراكي

الحوار المتمدن-العدد: 4148 - 2013 / 7 / 9 - 03:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 - تحت تأثير"الثورة" التونسية والمصرية، تشكلت حركة 20 فبراير، لكن في سياق محلي يتسم على الصعيد السياسي بانتكاسة "المسلسل الديمقراطي" وعودة النظام إلى عهد ما قبل حكومة "التوافق" بين الملك والمعارضة البرلمانية، وعلى الصعيد الاجتماعي بفشل سياسة "الحوار الاجتماعي" وتعميق وتوسيع السياسات الهجومية تحت تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. وهي تعكس من جهة أخرى الإحباط الشعبي العام من "المسلسل الديمقراطي" ومن سياسة " التعاون الطبقي" كما تترجم أزمة الثقة بين الجيل الجديد وقيادات الأحزاب البرلمانية والبيروقراطية النقابية.
2 - وعلى قاعدة مطالب ديمقراطية واجتماعية "عامة" لا تتجاوز سقف المطالب السياسية والاجتماعية التي كانت تدافع عنها المعارضة التقليدية، قبل اندماجها في المشروع السياسي والاجتماعي للطبقة الحاكمة (حل الحكومة والبرلمان، دستور ديمقراطي، عدالة اجتماعية) تمكنت حركة 20 فبراير من تعبئة قطاعات واسعة من الشباب والفئات الوسطى والشعبية،وهي الفئات التي كانت تشكل القاعدة الاجتماعية لأحزاب المعارضة التقليدية قبل خيانتها لمصالح هذه الفئات.
3 - طرحت حركة 20 فبراير لأول مرة، على مستوى شعبي، طريقا أخر غير طريق "النضال الديمقراطي" لتحقيق مطالب الإصلاح السياسي والاجتماعي. واذا كان هذا الاختيار لم يتبلور بعد في إستراتيجية سياسية متكاملة،فانه شكل تعبيرا مكشوفا عن إحباط قطاعات واسعة من الشباب والفئات الوسطى من الخط "المؤسساتي" لأحزاب المعارضة البرلمانية التقليدية .
4 – شكلت المطالب العامة لحركة 20 فبراير،أرضية تسمح موضوعيا بالتقاء تيارات وقوى سياسية واجتماعية مختلفة ومتناقضة (ليبرالية، إسلامية، ديمقراطية) وبتعبئة وانخراط قطاعات شبابية وشعبية واسعة في مبادرات الحركة، لكن غياب الالتقاء حول رؤية موحدة للمهام السياسية الكفيلة بتحقيق هذه المطالب، سواء من داخل الحركة أو لدى القوى الداعمة لها، قد شكل عائقا رئيسيا أمام وحدة الحركة وتطورها وتوسعها.
5 – اصطدمت حركة 20 فبراير بأزمة ذات مظهرين: الأول يتمثل في عدم توفر الانسجام السياسي الكافي بين مكوناتها لتشكيل تحالف سياسي يسمح بوحدة الحركة. والثاني في غياب إستراتيجية سياسية متكاملة تسمح بلف مختلف القوى السياسية والشعبية في جبهة موحدة . لا تعود ادن أسباب محدودية حركة 20 فبراير إلى تعدد مكوناتها واختلاف مشاريعهم السياسية، بل تعود إلى غياب أهداف سياسية موحدة (وليس شعارات عامة) وغياب إستراتيجية سياسية تدمج بين مختلف أشكال المقاومة الاجتماعية والشعبية في جبهة موحدة تشكل عمقا شعبيا للحركة.
6 – بالعودة إلى التجربتين التونسية المصرية وأخيرا التجربتين اليمنية والسورية، لم تكن وحدة الحركة الشعبية ممكنة في هذه البلدان، دون هدف سياسي مركزي يتمحور حول انتقال السلطة. وعلى عكس هذه التجارب، لم تتمكن الحركة في باقي البلدان(الجزائر،الأردن، المغرب والى حد ما البحرين) من تجاوز طور التأسيس.
وبرفضها مركزة حركتها حول هدف انتقال السلطة، توزعت طاقة حركة 20 فبراير بين الأهداف الخاصة للقوى المهيمنة داخلها.
7 - هل يمكن تحقيق مطالب حركة 20 فبراير دون انتقال السلطة من الملك إلى الشعب؟ وهل يمكن انتقال السلطة في المغرب بشكل دستوري(مطالبة الملك بحل الحكومة والبرلمان وبدستور ديمقراطي)؟. لقد كشفت التجربة التونسية والمصرية أن الطريق الدستوري هو طريق لاحتواء الثورة وإجهاض مسلسل التغيير والالتفاف على مطالب الثورة. وهو نفس الطريق الذي رسمه خطاب 9 مارس كجواب على مطالب حركة 20 فبراير.
8 – لقد كان هدف خطاب 9 مارس هو استعادة المبادرة واختراق حركة 20 فبراير وشقها وعزلها، من خلال احتواء معظم الأحزاب الإصلاحية والليبرالية والبيروقراطية النقابية في لجنة تعديل الدستور، وتحييد الحركة النقابية بعد إعادة تنشيط آلية الحوار الاجتماعي وإبرام اتفاق اجتماعي مع القيادات البيروقراطية . وقد شكلت مناورة تعديل الدستور وإبرام اتفاق اجتماعي تحضيرا لهجوم سياسي على حركة 20 فبراير. وقد انتظر النظام مرور فاتح ماي تفاديا لإحراج "شركائه" النقابيين، للشروع في تطبيق سياسته الهجومية ضد الحركة، وهي سياسة تتصاعد مع استمرار الحركة.
9 – بذل الارتكاز على النضالات الاجتماعية لخوض هجوم مضاد، وقفت حركة 20 فبراير موقفا سلبيا من هذه النضالات بمبرر طابعها الفئوي (المعطلين، الأطباء، البريديين.....) فدخلت في حرب غير متكافئة أدت إلى استنزاف تدريجي لقواها في غياب سند جماهيري يسمح لها بخلخلة موازين القوى والبروز كقوة حاملة لشرعية سياسية طاعنة في شرعية استبداد الطبقة الحاكمة بالسلطة السياسية.
10 - لتعويض سوء تموقعها وسط الحركة الاجتماعية والعمالية، وضعف قدرتها على التأثير في موازين القوى، نقلت الحركة مبادراتها إلى الأحياء الشعبية في انفصال تام عن الحركة النقابية ودون سند جماهيري، فانتقل النظام إلى الهجوم السياسي مستهدفا شرعية الحركة (باستعمال فزاعة هيمنة المتطرفين الإسلاميين واليسار الجذري) والى القمع المباشر لمبادراتها، في محاولة لوقفها أو على الأقل ضبطها واستدراجها نحو المسالة الدستورية والمشاركة الانتخابية، حيث يتوفر النظام على آليات الاحتواء وحيث تبرز التناقضات بين مكونات الحركة .
واذا كان القمع وعجز النظام عن تقديم تنازلات ملموسة، قد أعطى للحركة نفسا، فان عدم امتلاك القوى المهيمنة داخلها لرؤية موحدة حول سبل تجذير الحركة و انغراسها وتوسيعها ولتكتيك سياسي هجومي لعزل العدو، قد جعل هذا النفس محدودا ولم يفتح أية آفاق جديدة أمام الحركة.
أهداف مختلف القوى الفاعلة في الحركة
1 – الأحزاب والقوى الديمقراطية الإصلاحية:
باختصار شديد يتلخص هدف مكونات"تحالف اليسار الديمقراطي" في مواكبة الحركة وتوجيهها نحو مطلب الإصلاح السياسي والدستوري بحثا عن "انفتاح سياسي" يسمح بتوسيع هامش مشاركتها السياسية، وهو هدف يتعارض مع هدف تطوير الحركة وتعميق طابعها الجماهيري واستقلالية مبادراتها، لان الهدف النهائي لهذا التحالف، ليس هو بناء حركة شعبية للتغيير الديمقراطي، بل إن الهدف النهائي لأكثر مكوناته جذرية هو إعادة بناء"كتلة ديمقراطية جديدة"و معارضة برلمانية على قاعدة تعاقد سياسي جديد مع الملكية يمنحها شروطا أفضل للمشاركة في المسلسل الديمقراطي.
إن هذا ما يفسر رفض تحالف اليسار الديمقراطي الانسحاب من المؤسسات رغم كون هذا الانسحاب كان سيشكل دعما سياسيا للحركة. كما يفسر مشاركة بعض مكونات هذا التحالف (الطليعة والمؤتمر) في لجنة تعديل الدستور رغم كونه يشكل ضررا سياسيا للحركة.
إن استمرار مكونات هذا التحالف في دعم حركة 20 فبراير، وان بشكل رمزي ولفظي، ليس أكثر من تعبير عن الرغبة في واجهة سياسية وانتخابية لحركة 20 فبراير.
وعلى عكس ما قد يتوهم البعض، لا تسعى هذه القوى إلى فرض قيام "ملكية برلمانية" يتوقف فيها الملك عن ممارسة الحكم، بل كل ما تسعى إليه هو إقامة توازن بين سلطات الملك وصلاحيات المؤسسات النيابية، دون تغيير جوهري لطبيعة النظام السياسي. ليس ادن من مصلحة هذه الأحزاب أو أهدافها تجذير الحركة وتوسيعها خارج هذا السقف السياسي .
2 – التيارات والجماعات الدينية:
لقد استفادت جماعة العدل والإحسان من تجربة الإسلاميين في تونس ومصر الذين فاجأتهم الثورة ولم يكونوا مستعدين للتدخل في تحركات شعبية تكتسي طابعا اجتماعيا وديمقراطيا. وقد انخرطت هذه الجماعة منذ البداية في حركة 20 فبراير بهدف البروز كمكون طبيعي للحركة، وهذا ما يفسر زحفها التدريجي وطمأنة باقي المكونات بعدم سعيها للهيمنة على الحركة ومواكبة مطالب الحركة خلال هذه المرحلة دون الإعلان عن أهدافها الفعلية.
أما الهدف من هذا التموقع التكتيكي فهو تفادي العزلة وبناء شرعية شعبية تتجاوز قاعدتها الاجتماعية الحالية واحتلال مواقع تسمح لها في المستقبل بانتزاع الشرعية السياسية لقيادة الحركة .
وعلى عكس ما يعتقد البعض، لم تغير هذه الجماعة مشروعها السياسي العام، وقد استفادت من وحدتها السياسية والتنظيمية، لتنتقل من موقع دعم شبابها المنخرط في الحركة إلى المشاركة في مبادرات الحركة كتنظيم سياسي. أما الهدف من تماهي الجماعة مع مطالب الحركة ومبادراتها، فلا يعني اتفاقها مع هذه المطالب أو احترامها لاستقلالية مبادرات الحركة، بل الهدف منه هو تربية أعضائها على العمل الجماهيري وبناء أدوات تدخلها في الحركات الشعبية اما التنكر للحركة ومطالبها فسيأتي من بعد. وهذا ما يفسر سعي الجماعة التدريجي إلى القيام بمبادرات مستقلة دون أي اكتراث بعلاقتها مع باقي مكونات الحركة.
أما تنازلاتها السياسية التكتيكية حول الطابع المدني للدولة وقبولها بالديمقراطية البرجوازية، فهو خطاب موجه للخارج ولا يجب أن يغذي أية أوهام حول "تحول ديمقراطي" داخل هذه الجماعة. فالدولة المدنية لا تعني بالضرورة دولة ديمقراطية علمانية، وتقدم تركيا احد نماذج الدولة المدنية التي تنشدها جماعة العدل والإحسان، واجهة ديمقراطية ومدنية لدكتاتورية عسكرية ليس الا. فحزب العدالة والتنمية الإسلامي، لم يمنعه تبنيه للدولة المدنية والديمقراطية البرجوازية من شن حرب مفتوحة على حقوق النساء والأكراد واعتقال اليسار و "اسلمة" الكثير من المظاهر والقوانين المدنية وتطبيق السياسة الليبرالية والدفاع عن مصالح الامبريالية وحلف الناتو.
إن الخطاب حول الدولة المدنية والإحالة إلى النموذج التركي، هو في الحقيقة خطاب موجه الى القوى الامبريالية للبروز كتيار معتدل وحذاتي. وانطلاقا من هذه الأهداف ليس من مصلحة جماعة العدل والإحسان الدخول في مواجهة مباشرة مع النظام، بل من مصلحتها استعمال حركة 20 فبراير كأداة ضغط تحت مراقبتها لفرض مفاوضات مباشرة مع النظام أو الضغط على القوى الخارجية لاخدها بعين الاعتبار كفاعل سياسي في أية ترتيبات سياسية محلية، خاصة مع تقدم التيارات الإسلامية في احتلال مواقع مؤثرة على الصعيد الإقليمي.
شروط تغيير موازين القوى لصالح الحركة
استبعادا لكل فهم خاطئ لتصورنا، لا بد من توضيح مسالتين: أولا، نحن لا نعتقد أو نتوهم أن حركة 20 فبراير قادرة لوحدها على إسقاط النظام، أي التحقيق الفعلي لمطالبها. ثانيا، إن دفاعنا عن خط ديمقراطي ثوري، لا يعني بالنسبة لنا تنصيب حركة 20 فبراير حركة ثورية جماهيرية، كما أن تجذير هذه الحركة لا يعني بالنسبة لنا،تنصيب اليسار الثوري قيادة سياسية على رأسها.
نحن نعتقد أن التدخل في حركة تعددية وجماهيرية، تتعايش داخلها مشاريع سياسية مختلفة ومتناقضة، تفرض على اليسار الجذري الدفاع الحازم عن سياسة طبقية مستقلة دون إضعاف للحركة أو فرض مطالب تتجاوز مطالبها . كما نعتبر أن احترام استقلالية الحركة وطابعها التعددي والجماهيري،لا يعني تخلي اليسار الجذري عن مهمة تجميع القوى وتنظيمها حول رؤيته ومنظوره لأفق قطيعة ديمقراطية واجتماعية مع النظام السياسي والاجتماعي.
ان الالتزام بوحدة الحركة ودعمها، لا يعني ولا يجب أن يعني تخلي اليسار الجذري عن معركة الدفاع عن استقلالية الحركة، كما لا يعني ولا يجب أن يعني، تخلي اليسار الجذري عن رسم وتوضيح الحدود الفاصلة بينه وبين التيارات الإصلاحية والرجعية. وإذا كان كثير من الرفاق داخل اليسار الجذري، يبررون الوحدة مع هذه القوى بضرورات التنسيق التقني لتنظيم مسيرات موحدة ذات بعد جماهيري، فان هذا التنسيق التقني الاضطراري لا يبرر بأية حال التنازل الطوعي عن استقلالية التيار الديمقراطي الجذري.
إن خلط الرايات قد حول هذا التنسيق من تنسيق تقني إلى تحالف سياسي قسري بين قوى سياسية حاملة لمشاريع مختلفة ومتناقضة، ليس على الصعيد الاستراتيجي فحسب، بل أيضا حول منظورها لدور حركة 20 فبراير ومهامها المباشرة. علاوة على ذلك، فان غياب أو رفض كل تنسيق ولو في حدوده التقنية مع باقي تيارات اليسار الجذري، يلغي من أساسه كل تبرير تقني للتحالف السياسي مع القوى المعادية للمشروع الديمقراطي والتي تخوض حربا مفتوحة على اليسار.
إن عدو عدوي لا يمكن أن يكون في هذه الحالة صديقي، ما دام هو عدو لرفيقي. كما أن التضحية بوحدة اليسار الجذري لصالح الوحدة مع تيارات حاملة لمشروع سياسي هو نقيض المشروع الديمقراطي،لا يمكن تبريره بضرورات التنسيق التقني.
وحدة الحركة أم وحدة القوى السياسية الفاعلة في الحركة
باسم "وحدة الحركة" تحكمت القوى الأكثر تنظيما في الحركة، وباسم "دعم وحدة الحركة" تم تنصيب أجهزة فوقية وقيادة سياسية غير عضوية على راس الحركة. كل هذا على حساب التنظيم الذاتي للحركة وعلى حساب فرز الحركة لقيادتها العضوية.
وباسم الوحدة انغلقت حركة 20 فبراير وانفصلت عن باقي الحركات النقابية والاجتماعية. إن رفض تمثيلية القوى النقابية والاجتماعية كتنظيمات داخل الحركة لم يسمح بمراكمة القوى ، بل على العكس قد أدى إلى تذويب القوى المنظمة، كما لم يسمح ببناء أدوات للنضال تسمح بالمشاركة الجماهيرية وبتطوير النضالات الاجتماعية.
فباسم نفس الوحدة، تخلف اليسار عن خوض المعركة ضد البيروقراطية النقابية كمهمة سياسية مركزية في المعركة الديمقراطية. وباسم الوحدة امتنع اليسار عن تهديد توازناته مع البيروقراطية النقابية. وباسم الوحدة والحفاظ عليها تنازل اليسار الجذري بشكل طوعي عن الدفاع عن رايته المستقلة في المعركة الديمقراطية، وان قام بها فمن خارج الحركة.
إن تفضيل بعض تيارات اليسار الجذري (النهج الديمقراطي وتيار المناضلة) للوحدة مع التيارات الإصلاحية والرجعية على حساب الوحدة مع بقية تيارات اليسار الجذري (النهج القاعدي وتيار البديل الاشتراكي) لا يعود لأسباب تقتضيها ضرورات وحدة الحركة، بل هو تعبير سياسي عن الوهم بإمكانية انتزاع تنازلات سياسية دون مواجهة مباشرة مع النظام.
فهل يمكن حل الحكومة والبرلمان وإسقاط الدستوردون انتفاضة شعبية؟ وهل يمكن تحقيق نوع من العدالة الاجتماعية دون خوض إضراب عام ؟ وهل يمكن تحقيق مطالب حركة 20 فبراير دون إسقاط النظام وقيام حكومة ديمقراطية شعبية لتحقيق اهداف الثورة؟. إن إقالة الحكومة وحل البرلمان وانتخاب هيئة تأسيسية لصياغة دستور ديمقراطي غير ممكن دون إسقاط النظام، وتحقيق هذه المهمة، غير ممكن دون مواجهة مباشرة مع النظام .
الوحدة والاستقلالية
لا احد يمكنه أن يكون ضد الوحدة من اجل تعبئة أوسع الجماهير الشعبية في المعركة ضد النظام. فبدون هذه الوحدة تبقى التعبئة محدودة ولا يمكن ضمان استمرارها.
لكن ما هو مفهوم الوحدة؟. إذا كان المقصود هو العمل على قاعدة أرضية مطالب حركة 20 فبراير، فلا احد يمكنه إنكار الطابع الجامع لهذه الأرضية والذي يوفر الشروط لمشاركة كل المعارضين للاستبداد والفساد والمطالبين بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية.
وإذا كان المقصود بالوحدة هو الاتفاق على أهداف مباشرة، فلا احد أيضا يمكنه،غير المعادين للحركة، رفض الانخراط في تحقيق هذه الأهداف. وإذا كان المقصود هو الاتفاق السياسي حول أهداف إستراتيجية، فلا احد،غير التيارات العصبوية، يمكنه وضع أهدافه الإستراتيجية كشرط للانخراط في الحركة .
إن نقدنا للوحدة، هو نقد للوحدة كما مارستها بعض تيارات اليسار الجذري ،وحدة مصطنعة وشكلية، ولا ترتكز على أي اتفاق سياسي، سواء على مستوى المطالب أو على مستوى الأهداف المباشرة للحركة. فهذه الوحدة، غير مبدئية وقد سمحت لكل الأطراف باستعمالها غطاء لمناورات تكتيكية في حرب مواقع غير معلنة داخل الحركة، كما وفرت غطاء سياسيا لاستعمال الحركة والجماهير الشعبية كوقود في معركة بالوكالة لصالح القوى الأكثر تنظيما وقدرة على تجيش الجماهير. إن وحدة كهذه، لم ولن تسمح بتوفير شروط وحدة حقيقية في المعركة الديمقراطية. وفي مقدمة هذه الشروط، النقاش الديمقراطي الشفاف حول مهام الحركة ودورها ومبادراتها وسبل مواجهة التحديات التي تصطدم بها.
العلاقة بين التيار الديمقراطي والتيار الديني الرجعي
يعتقد كثير من الديمقراطيين ومن الرفاق داخل اليسار الجذري، بان كون أرضية حركة 20 فبراير ذات مضمون ديمقراطي، يجعلها تتعارض مع المشروع السياسي الرجعي لجماعة العدل والإحسان. وهي مقاربة ساذجة، لكون هذه الجماعة، كباقي الجماعات الدينية، يمكنها توظيف أية قضية تخدم أهدافها الإستراتيجية وتسمح لها بتعزيز وتوسيع نفوذها السياسي وارتباطاتها الجماهيرية.
وهناك من يذهب إلى حد الرهان على إمكانية بروز تيار ديمقراطي داخل هذه الجماعة، نتيجة تفاعل التناقضات الطبقية التي يمكن أن تخترقها. إن هذا الاحتمال غير وارد، على الأقل في هذه المرحلة التي توجد فيها الجماعة في موقع المعارضة السياسية، وليس في موقع المشاركة في تزكية أو تطبيق برامج اقتصادية واجتماعية تتضرر منها قاعدتها الاجتماعية الشعبية.
ولا يخلو التاريخ القريب من تجارب حركات من هذا النوع، ليس اقلها تعبيرا، تجارب الحركات الشعبوية (قومية أو دينية) التي ارتكزت على قاعدة اجتماعية متعددة الانتماء الطبقي، وتمكنت من لحم هذه القاعدة خلف مشروعها السياسي من خلال إيديولوجية وبرنامج رجعيين.
أما الاعتقاد بان الوحدة مع القيادة ستسمح بالتأثير في قواعد الجماعة، فهو اعتقاد لا يأخذ بعين الاعتبار دور موازين القوى العامة في تحديد اتجاهات التأثير السياسي: من يؤثر في من؟.
اليسار الجذري ومهمة تشكيل تيار ديمقراطي شعبي
لا تمثل القوى الإصلاحية عدونا الرئيسي، ولسنا من دعاة استئصال الجماعات الدينية، ونحن لا ننظر إلى حركة 20 فبراير كحركة خالية من الإصلاحيين والرجعيين، لأننا ببسلطة نعتبر وجود الإصلاحيين والرجعيين هو تعبير عن واقع موضوعي قائم. لكن بدل الاستسلام أمام هذا الواقع وتكريس معطياته، نعتبر أن مهمة اليسار الجذري تكمن بالذات في تغيير هذا الواقع .
إن التحدي الذي اصطدم به اليسار الجذري داخل حركة 20 فبراير هو تحدي الدفاع عن توجه ديمقراطي شعبي مستقل، لا مكان فيه للتنازل أو المساومة على المبادئ والأهداف الأساسية لمشروع التغيير الديمقراطي الجذري.
ونعتقد أن ما حدث منذ انطلاق حركة 20 فبراير بالنسبة لبعض تيارات اليسار الجذري، هو الاستسلام السياسي أمام هذا التحدي والذوبان في حركة احتجاجية شعبية تخترقها تيارات ذات مشاريع سياسية مختلفة.
إن الامتناع، لأسباب مختلفة، عن الدفاع عن تكتيك سياسي منسجم يدمج بين، الوحدة والاستقلالية، وحدة حركة 20 فبراير واستقلالية اليسار الجذري واستبداله بتكتيك الوحدة على على حساب الاستقلالية،الوحدة مع الإصلاحيين والرجعيين على حاب استقلالية اليسار الجذري،هو ببساطة تنازل عن مهمة تعديل موازين القوى مع التيارات الإصلاحية والرجعية ومنافستها على قيادة الحركة.
كثوريين،لا ينفصل تكتيكنا الوحدوي( توحيد الحركة على قاعدة مطالبها) عن مهمة الدفاع عن أفق ثوري لتحقيق هذه المطالب. ولا يعني الدفاع عن وحدة الحركة، التنازل عن مهمة خوض الصراع، دون تنازل، ضد باقي التوجهات الطبقية، كما لا يعني التزامنا باحترام الاستقلالية التنظيمية للحركة، التنازل عن حقنا في تشكيل تيار ديمقراطي جذري مستقل داخلها.
بدون شك ليس هناك أجوبة جاهزة ومكتملة حول مختلف هذه التحديات، وقد أبانت التجربة عن محدودية كل التيارات، سواء تلك التي انغمست وذابت في الحركة على حساب استقلالية التيار اليساري الجذري، أو تلك التي حافظت على استقلاليتها، لكن دون القدرة على التأثير في الحركة.
لكن بدل الاستمرار في نفس النهج، على حساب بروز تيار جذري حازم وفعال في النضالات الجارية، هناك ضرورة قصوى لتصحيح هذا المسار.
بعض المهام لتطوير الحركة في المرحلة القادمة
إن تصحيح مسار الحركة بات صعبا ويتطلب عملا شاقا وإرادة حقيقية على العمل الجماعي دون رؤية متعالية أو حلقية أو انبهار ظرفي مصطنع بمكتسبات هشة وغير قابلة للصمود. إن تعديل ميزان القوى ولو بشكل ، اتجاه التيارات الدينية الرجعية والليبرالية الإصلاحية أمر غير ممكن إلا بشكل جماعي. وفي هذا الاتجاه نتقدم ببعض المقترحات التي يمكن في حال تفعيلها التقدم نحو هذا الهدف:
- تجميع كل النقابيين المعارضين للخط النقابي البيروقراطي ولاتفاقات القيادات البيروقراطية مع النظام لكسر الحاجز الذي يعيق انخراط الشغيلة في المعركة الديمقراطية.
- بناء تنسيق الحركات الاجتماعية الديمقراطية (المعطلين، الطلبة، اليسار النقابي، الجمعيات النسائية والحقوقية الديمقراطية) ليس كبديل لحركة 20 فبراير، بل كتوسيع للحركة وكجسر رابط بين النضالات الاجتماعية والمعركة الديمقراطية.
- التفكير الجماعي حول هيكلة التيار الديمقراطي الشعبي داخل حركة 20 فبراير في ارتباط مع التنظيم الذاتي للجماهير الشعبية والشباب.
- تقييم أشكال التحرك الحالي للانتقال إلى أشكال نضالية تعزز موقع اليسار الجذري وفي نفس الوقت تفتح آفاق نضالية جديدة أمام الحركة.
- بلورة أرضية عمل مشترك تسمح بتدخل موحد، وحدوي ومستقل لتيارات اليسار الجذري في حركة 20 فبراير والحركة الجماهيرية بشكل عام.



#التضامن_من_اجل_بديل_اشتراكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهام اليسار الجذري في الفترة المباشرة
- الشهيد محمد بودروة لن يموت ومعركته لن تتوقف
- عناصر المداخلة في الندوة الوطنية 25 يناير 2009 لليسار الجذري
- الذكرى العاشرة لاختطاف واغتيال الشهيد عبد الله موناصير
- لماذا يدعو تيار البديل الاشتراكي إلى مقاطعة الانتخابات ؟
- دستور الاستبداد، برلمان المديونية وحكومة التقشف
- حوار مع الرفيق احمد العربي عضو لجنة التنسيق الوطني لتيار الت ...
- حركة 20 فبراير واليسار الجذري
- من يتحكم في السلطة يتحكم في الثورة
- لرفاق في الكتابة الوطنية لتيار النهج الديمقراطي
- الفيلسوف الماركسي الثوري دانييل بنسعيد لم يعد بيننا
- لنجعل يوم 17 أكتوبر يوما للاحتجاج ضد الفقر والجوع والبطالة و ...
- ادا كان الطريق البرلماني لا يقود إلى الإصلاح الديمقراطي فلنغ ...
- الحصيلة الأولية لانتخابات 12 يونيو 2009
- اليسار المغربي والمسلسل الانتخابي
- رسالة التضامن حول الانتخابات الجماعية
- أمريكا الجنوبية بركان شعبي
- اللبرالية الجديدة والانتقال من -الإعلان- إلى الانتهاك العالم ...
- حول المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير
- أية نقابة لأي نضال نقابي


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - التضامن من اجل بديل اشتراكي - مقال تقييمي للطور الأول حركة 20 فبراير