أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نعيم الأشهب - محنة بعض المثقفين














المزيد.....

محنة بعض المثقفين


نعيم الأشهب

الحوار المتمدن-العدد: 4129 - 2013 / 6 / 20 - 20:29
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


يشكل المثقفون ، في المجتمع الطبقي ، شريحة من كل طبقة اجتماعية ، تعبّر في نشاطها عن أيديولوجية الطبقة التي تنتمي اليها وتبلور أهدافها الإجتماعية . وبهذا المعنى ، فهذه الشريحة لا تشكل طبقة قائمة بذاتها ، بل هي مكوّن عضوي في مختلف طبقات المجتمع ؛ لكن ميدان نشاطها يحدد موقعها كأحد مكوّنات البنية الفوقية للمجتمع ، وليس من بنيته التحتية المتصلة بالإنتاج المادي ؛ ومن هذا الواقع فالمثقف في انتمائه الطبقي يمكن أن لا يتطابق بالضرورة مع منبته الطبقي ، أي يمكن أن يكون منبته من طبقة ذات امتيازات لكن انتماءه ، نتيجة قناعات فكرية، غدا للطبقات المسحوقة ؛ والعكس بالعكس. وإذا كانت الشعوب هي التي تصنع التاريخ ، فإن شريحة المثقفين بمثابة الرأس المفكر لها ؛ وبالتالي : فهي لا تصنع الأحداث وإنما تعبّر عنها . وتأثير هذا التعبير وقيمته التاريخية رهن بمدى تطابقه مع الواقع الملموس والمتحرك لقوى الطبقة المعنية في إطار مجتمعها؛ ذلك أن المثقف ، بحكم ميدان نشاطه، عرضة للتجريد في تقييماته أحيانا.
وبالإنتقال من العام إلى الخاص ، وأكثر تحديدا الى الأزمة السورية ، فإن موقف بعض المثقفين العرب ، من هذه الأزمة، يدعو الى التأمل والمناقشة. وبطبيعة الحال ، لا يشمل ذلك أولئك " المثقفين" الذين باعوا ضمائرهم قبل أقلامهم ويديرون، اليوم ، آلة إعلام عصرية رهيبة في قدراتها على التزييف وقلب الحقائق ، فهؤلاء – ببساطة - عصمتهم في أيدي من اشتراهم. ولعلّه من المفيد ، تمهيدا للخوض في موقف بعض المثقفين من الأزمة السورية ، الإشارة الى أن هذه الأزمة أحدثت تباينات واختلافات في التقييم ، أكثر من سواها من الأزمات التي انفجرت في العالم العربي مؤخرا. ويتمثل أحد الأسباب الرئيسية في وقوع هذا التباين والإختلاف الى أن سجل النظام السوري القمعي يواصل السيطرة على بعض العقول ، الى الحد الذي يحرمها من رؤية ما سوى هذا السجل ، أي أن الشجرة تحجب عنها رؤية الغابة من ورائها ؛ فلا ترى الأخطار الكارثية التي تحملها قوى التدخل الخارجي في الأزمة السورية، وهي قوى لا تحتاج هويتها ولا أهدافها الى تعريف .
بمعنى آخر، فهذا القطاع من المثقفين ، ومنهم يساريون وشيوعيون ، يتخلى في تفكيره عن المنهج النسبي ويتشبث بالمطلق ، رغم الوقائع الصارخة والحديثة التي تنقض هذا المنهج وتعرض نتائجه الكارثية . في العراق ، كان نضال الشعب العراقي للتخلص من دكتاتورية صدام عادلا ومشروعا . لكن هل جلب الغزو الأميركي للشعب العراقي ، بحجة تخليصه من دكتاتورية صدام ، أوضاعا أفضل؟! كان العراق من أغنى دول المنطقة ، والآن ، بفضل الغزو الأميركي ، يفتقر شعبه لماء الشرب النقي وللكهرباء ، ناهيك عن الخسائر المادية والبشرية الفادحة التي سببها ، والشروخ الخطيرة التي أرساها الغزاة لضرب وحدة الشعب العراقي قبل رحيلهم. والسؤال: هل هذه النتائج الكارثية للغزو الخارجي تبرهن أنه جرى لمجرد تخليص الشعب العراقي من دكتاتورية صدام ، ليس الاّ ، وأن عراق ما بعد هذا الغزو غدى أفضل مما قبله ؟! والشيء ذاته يمكن أن يقال عن ليبيا . وقطعا، لا يعني هذا ولا بحال، الإستكانة لتلك الدكتاتوريات ، ولكن مهما تطلّبت عملية تعبئة القوى الوطنية المطلوبة للتغيير، من جهد ووقت وتضحيات إضافية ، فلا مجال ، على الإطلاق، لمقارنة النتائج والمعطيات بالتدخل الخارجي .
وإذا كان التجريد مطلوبا في المختبر لتحديد جوهر المادة موضع البحث وتحديد هويتها ؛ لكن التجريد في تناول الأحداث الإجتماعية وتحديد الموقف منها ، بانتزاعها من محيطها ، تأثيرها وتأثرها الجدلي بهذا المحيط يقود ، بالضرورة والحتمية الى نتائج مغلوطة ، بل وكارثية أحيانا. إن مثقفا عملاقا في مستوى بليخانوف ، المنظر الماركسي الروسي المعروف ، وجد نفسه يقف معارضا لثورة أكتوبر ، لتناوله التجريدي لقضية الديموقراطية . لقد اعترض ورفض حل البلاشفة للجمعية التأسيسية، في 6/1/1918 ؛ هذه الجمعية التي تشكلت عقب ثورة شباط 1917 في روسيا، وكانت الأكثرية فيها للمناشفة الذين رفضوا تطوير ثورة شباط البرجوازية – الديموقراطية الى ثورة اشتراكية ، وفيما بعد ، وقفوا ضد استلام البلاشفة للسلطة . وكان استمرار هذه الجمعية التأسيسية يعني إجهاض الثورة وإسقاط شرعيتها . وهكذا وجد بليخانوف نفسه في صفوف معارضي الثورة ( دون أن يشارك في مقاومتها)، وهكذا أيضا يجد بعض المثقفين العرب ، اليوم ، أنفسهم ، سواء عن وعي أو بدونه، في معسكر واحد مع الغرب الإمبريالي وحكام الخليج وعصابات القتلة السلفيين كالقاعدة والنصرة وغيرهما.
إن هبة الشعب السوري السلمية ضد النظام القمعي مبررة ومشروعة ، وحتى المناداة بإسقاط النظام ، حين رد على مطالب الإصلاح والتغيير السلمية بالعنف ؛ لكن حين بدأ التدخل الخارجي ، ومن قوى لا تحتاج هويتها وأهدافها الى تعريف ، فقد تغير الأمر تماما ، وأصبح دحر التدخل الخارجي ، أولا وقبل كل شيء ، يتقدم على أية قضية أخرى . كذلك كان الحال في ليبيا ، فمنذ بدأت قوات الناتو في التدخل العسكري ، ولو تحت غطاء تأمين منطقة حظر جوي في البدء ، فقد تغيّر مجرى المعركة ، وأصبح نظام القذافي ، رغم سوئه، يمثل حالة من الدفاع عن الوطن ضد عدوان الناتو.
لقد اضطر النظام السوري الى تشريع عدد من القوانين التي تفتح الطريق لعملية التغيير والإصلاح ، التي ينبغي أن تستهدف تغيير النظام في سورية شكلا وموضوعا، لكن المجال لتحقيق ذلك سيكون بعد دحر وتصفية التدخل الخارجي ؛ وآنذاك، إذا تراجع النظام عن السير في هذا النهج ، وحاول إعادة انتاج نفسه ، فإن الشعب السوري الذي دفع ، حتى الآن ، أغلى التضحيات في سبيل طموحه المشروع للإصلاح الجذري والتغيير ، واكتسب في نار المعركة تجارب بالغة الغنى، قادر على فرض إرادته.



#نعيم_الأشهب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخبُّط المتآمرين المأزومين
- رئاسة -النص كم- في مصر
- مقدمة كراس بإسم - الحزب السياسي-
- ملاحظات على الوضع السوري
- ظاهرة ديون الدول المتقدمة
- ثورة التغيير العربية والقضية الفلسطينية
- ثورة التغيير التاريخية - واقع .. وتوقّعات -
- طلائع فجر التغيير التاريخي في العالم العربي
- -تمرد الطبقة الوسطى--تقييم ونقد
- أحد مدلولات الهجوم على قافلة الحرية
- كان الشيوعيون الأكثر التصاقا بالواقع
- اشتداد المزاحمة والصراع بين القوى الاقليمية في المنطقة
- حول شعار الدولة الديموقراطية أو ثنائية القومية
- هل- الماركسية- مستقبل في عالم متغير؟ تعقيب على مقال د.ماهر ا ...
- تعقيب على مقال د.ماهر الشريف-هل للماركسية مستقبل في عالم متغ ...
- امارة حماس
- حول شعار الدولة الديمقراطية أو الدولة ثنائية القومية
- الذكرى الخمسون لقيام الحزب الشيوعي الأردني


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - نعيم الأشهب - محنة بعض المثقفين