أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - زينب والاسد















المزيد.....

زينب والاسد


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 4129 - 2013 / 6 / 20 - 10:22
المحور: الادب والفن
    


- شايل عتلتك الكبيرة دي وحايم بيها في شندي مالك ..امشي غطي قدحك في ود سعد هناك ..يا أسد بيشة المكربد قمزاتو مطابقات!!
قفز كالملسوع واجترحه غضب عارم لهذه الوخزة المؤلمة من غريمه وصديقه اللدود ود الجعلي في انداية بت مهجوم في هوامش المدينة..
بنت عمه المدللة زينب التي اسماها والدها على جدتها المشهورة الكنداكة وشاعرة القبيلة"زينوبة" التي كانت تقاتل الأتراك مع الرجال وظلت تجلد معهم لأنها لا تدفع العتب ويضعون لها القطة في سروالها أيضا،كما يفعلون برجال في ذلك الزمن الأغبر من حكم الباش بوذوق الفاشي ،لأنها ولدت وحيدة وبنتا لم يسود وجه أبيها أو يضحى كظيم بل رباها كما يربى الأولاد تعلمت السباحة والمصارعة ولعب السيجة والطاب وكانت ترافق أبيها في كل جولاته ومجالسه والى المحاكم وتعلمت في الكتاتيب مع الرجال..وظلت تذهب إلى مزارع أبيها وتقود المحراث وتنزل سوق المحاصيل في شندي وتبذ الكثيرين شجاعة ورجاحة عقل ومع كل ذلك كانت رائعة الجمال تستحي الشمس نفسها من طلعتها البهية..ويجلها الرجال وتغار منها النساء،اللائي لا يشكلن جزء من عالمها إطلاقا..صديقها الوحيد والغريب هو "ود نفوس "ومحطة الإنذار المبكر الذي ينقل لها أخبار وأسرار القرية،كان على عكسها تماماً،يخالط النساء ويقوم بتمشيطهن ويحب كل ما تحبه النساء في الرجال،لذلك لم يشكل خطرا عليها منذ طفولتهما الباكرة وهو الذي روج قصتها المخيفة التي أثارت توجس الكثيرين وأبعدتهم عنها، انه شاهدها تتبول واقفة كما يفعل الرجال عن جروف النيل في ليلة مقمرة ولكنه لم يجذم بأنه رأى شيئا آخر، ظلت هذه الأفكار والهواجس المضطربة تدور في ذهنه وهو في طريقه إلى القرية ، عبر النيل إلى المتمة وركب باص القرية المتهالك..لقد احكم خطته تماما بعد أن فشل الآخرين عبر الزمن معها...
*****
ذهب إلى عمه عباس في المجلس وبقايا الخمر تلعب في رأسه ووقف على رؤوس الأشهاد..
- يا عمي اسمع.. الليلة بتك المطلعا لينا في راسنا دي تعقد لي عليها قدام الناس ديل في مكانك ده و خلي الباقي علي!!
بهت جل من في المجلس، حدق عباس في ابن أخيه الأثير احمد الملقب بالأسد، كان يحبه أيضا حباً جماً..ولكن تعلقه بابنته وتدليله المفرط لها جعله يتعامي عن كل الأعراف والتقاليد في المنطقة..وترك لها أمر الزواج في يدها وكانت ترفض الجميع بل تستهزئ بهم أحيانا،موظفين في البنادر ،أرباب مال،رجال دين،ضباط في الجيش.. ولكن هذه المرة بلغ السيل الذبا،تداولوا الأمر قليلا وتم إجراء العقد في المجلس وارتفعت زغاريد النساء الشامتة في القرية وخرج احمد مندفعا لتنفيذ بقية الخطة حتى لا يفقدها إلى الأبد...
عليه أن يصل ود نفوس الخبيث قبل أن يسبقه و ينزل لها في المزرعة ويخبرها، دهمه في بيته الذي يقبع فيه وحيدا لمآربه الأخر ..على غرار المثل السوداني" السترة والفضيحة متباريات".. عند هوامش البلدة ووجده يستعد في لبس جلبابه الفضفاض، انقض عليه بغتة واحتضنه وسقط معه على الأرض،كانت الروائح الذكية للعطور النسائية تفوح من المنزل و الجسد اللدن وتكاد تذهب بعقل"الأسد"..
قام بتكبيل ود نفوس بعمامته وربطه في مرق الغرفة، ونهض بعد أن بصق عليه...
- الليلة ما عندي ليك وكت ..كنت جيهتك كويس يا ود نفوس وكرهتك الشغلانة دي للأبد..!!
شهق ود نفوس رعبا وردد بصوته الاخن المثير للغرائز
- فكني يا زول انا عملت ليك شنو؟؟!!
- تشمتوا فيني ود الجعلي و ناس شندي كلهم.. انا "الأسد"..بتين شفتها تبول واقفة يا ود الكلب..؟!
أيقن احمد أن خطته تسير على ما يرام، بعد تعطيل جهاز الإنذار المبكر ، فقط عليه أن يهاجمها على حين غرة، انحدر نحو المزارع في خطى واسعة وجسده الضخم الفارع ينتفض غضبا وشهوة أيضا، من جراء العطور التي ملأت خياشيمه بعد معركته الصغيرة مع ود نفوس..وألان عليه الاستعداد لمعركته الكبرى، انداح بين سنابل القمح ،يتحسس صوتها وغنائها الشجي وتجرد من كل ملابسه وترك السروال للمرحلة الأخيرة..وانقض عليها كما يفعل الأسد بالفريسة وقضى أمراً كان مفعولا وافلتها مهيضة الجناح واستلقى إلى جانبها يحدق في السماء، مثخن بالجراح والدماء تغطي وجهه وجسده وذلك النتوء بين رجليه في طريقه إلى الاضمحلال بعد أن افرغ كل حممه الثائرة و انتهت معركة الكرامة... صرخ بأعلى صوته الجهوري ،حتى يسمعه الإنس والجان من ود سعد إلى مدينة شندي...
- انا "الأسد" انا الشافو ابو..الليلة يا ود الجعلي ما تلفاني بكرة في شندي!!..
لم يأبه لها وهي تنهض في انكسار وتتلفح ثوبها وتعدو نحو النيل وتلقي نفسها فيه وهو يعرف تماما أنها سباحة ماهرة، أنزلت بهم الهزائم النكراء في اختبار عبور النيل في الطفولة البعيدة ، ستعبر النيل لا محالة.. وستنجب ابنه في مكان ما،لقد تزوجها على سنة الله ورسوله..وقضى وطره منها...وانزل الهزيمة الساحقة بود الجعلي في انداية بت مهجوم،لابد أن أهل ود سعد سينقلون الخبر إلى البنادر...وستكون لود نفوس قصة جديدة أخرى يرويها غير قصته المختلقة تلك تماما، عندما يعود ويحل وثاقه ويطلق سراحه غدا ... وأغمض عينيه وابتسامة عريضة تغمر وجهه الدامي.. وبقي على حالته تلك من الزهو و الانتشاء، حتى تنفس الصباح وتعالى صياح الديوك في القرية...
*****
- المحطة الشينة دي شنو يا ود الحمداب الما فيها نفاخ نار واحد ؟؟!!
- دي محطة ام حسن
- يا اخ دي محطة والله الحمار الضكر ما يقعد فيها !!
- قالوا عندها قصة غريبة والله !
- قصتا شنو؟!
- يااااخ الجوع والعطش كتلنا والقريفة كمان..ما في حتى سجاير يبيعو في المحطة دي..!!
ادخل ود الحمداب يده في جيبه واخرج حقة الصعوت ومدها لرفيقه..
- هااااك يا ود كرقس املا خشمك تمباك..نسأل الله السلامة وقول لي قصتا لحدي ما ربك رب العزة يوصلنا شندي بلد الكرم والجود..نملا بطنا المكركبة دي...
دار هذا الحديث الساخر، بين اثنين من أبناء الرباطاب، العابرين على سطوح قطار الشمال،قطار كريمة في طريقهما إلى الخرطوم، عبر رحلة طويلة مضنية بقطار متهالك ظل يطوي المسافات عبر قرن من الزمان ،منذ حملة كتنشر العسكرية لفتح الخرطوم سنة 1898..



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخيل الحرة
- ............جورنيكا الخوف..........
- لماذا اختار الجنوبيين الانفصال في السودان ؟؟!!
- العودة الى ارض حفيف الاجنحة
- حضارة السودان
- الروح ما بتروح
- الروح لا تروح
- سيرة مدينة:الشيخ حسن ود وحسونة
- السكة الحديد والثورة الاجتماعية في اليمن
- الاشتراكية السودانية
- حدث في معرة النعمان
- الاقلية الانتهازية التي تحكم بلدين
- العهر السياسي، وخصاء الأنظمة قراءة في رواية (الفحل) د/ إبراه ...
- سيرة مدينة/اخر كلمات الشاعر سيد احمد الحردلو
- رواية الفحل للحسن محمد سعيد..العلاج بالصدمة..
- ايقونات يمنية
- هكذا تكلم المفكر السوداني محمود محمد طه
- ام احمد
- الاصر..!!
- السودان في متاهته


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل الامين - زينب والاسد