أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض خليل - دمشق رئة المشرق العربي















المزيد.....

دمشق رئة المشرق العربي


رياض خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



نظرة تاريخية
بقلم رياض خليل
أولا : مدخل تاريخي
تاريخيا ظلت سوريا وبلاد الشام الرئة التي تتنفس بها البلدان الخليجية ، والقبلة الاقتصادية والسياحية لها ، عدا عن الروابط الاستراتيجية الحيوية القومية والحضارية والثقافية التاريخية التي تمتد جذورها عميقا لعشرات القرون .
لقد شكلت تلك العلاقة الحميمة الجهاز المناعي القوي ، الذي يحميها دائما من أي مرض أو خلل طارئ يعتريها جراء التغيرات السياسية المتبدلة التي اجتاحت وتجتاح بلاد الشام وسوريا خلال قرن مضى ، وبالأخص في الفترة التالية لانتهاء الحرب العالمية الثانية - هذه الفترة التي شهدت تغيرات دراماتيكية عاصفة في نظم الحكم والعلاقات العربية – العربية ، ونتج عنها حروب ثلاثة رئيسية ، وحروب جزئية مع اسرائيل ، وصراعات سياسية حادة فيما بين بلدان المنطقة ، وداخل كل بلد .
ومنذ إمساك البعث بالسلطة في سوريا ، بدأت العلاقات مع الخليج تسوء ، وتتخذ صفة الحرب الباردة ، التي كان ميزان الحرارة فيها يرتفع وينخفض طوال العقود الماضية ، تبعا لمساعي الطرفين المستمرة لجسر الهوة بينهما بلا جدوى ، وكانت أقرب إلى المجاملة السياسية ، والمناورة ، التي تعبر عن وجود أزمة عميقة من عدم الثقة المتبادلة بين الطرفين . ولطالما لعب البعث الحاكم في سوريا بإتقان دور البطولة في التصدي للقضية الفلسطينية لإحراج حكام الخليج وابتزازهم ماديا ومعنويا ، محققا أرباحا محدودة ومرحلية ، وتحسن العلاقة لم يكن سوى سحابة صيف عابرة ، لتعود سريعا إلى نوع من المناكفة ونصب الأفخاخ والكمائن وتصيد الفرص لانتزاع مكاسب تاكتيكية ، تفضي تراكميا إلى تحقيق انتصارات نوعية مشهودة في ساحات بعينها ، كالساحة اللبنانية ,التي استطاع الأسد الأب بدهائه تحقيقها ، وتسجيل نجاح فيها على حساب الخليج ، الخاسر الأكبر في الملعب اللبناني
ثانيا : انشقاق سورية الأسد عن الصف العربي
شكلت الثورة الخمينية الإيرانية عام 1979 تاريخا فاصلا لمرحلة جديدة من العلاقات السيئة بين سوريا وبلدان الخليج العربي . وازدادت سوءا بعد نشوب الحرب العراقية الإيرانية . حيث انشقت القيادة الأسدية عن الصف العربي ، وانفردت بالانحياز لإيران في حربها مع العراق ، ما أثار حفيظة العرب وبلدان الخليج العربي ، التي وضعت ثقلها لمؤازرة العراق في حربه مع إيران . كان الموقف السوري فاصلا ، وشكل حالة طلاق مع العرب عموما ، وبلدان الخليج خصوصا . واختارت سوريا الأسدية الغناء خارج السرب العربي منذ ذلك الحين . ولم تقف عند هذا الحد ، بل عملت على تخطي حدودها الجغرافية الإقليمية ، في مسعى لعبور الحدود سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، لخلق امبراطورية أسدية إقليمية صغرى في لبنان وفلسطين والعراق ، بدعم إيراني لامحدود ، وبدعم روسي – صيني ، إضافة إلى دعم دولي من قبل البلدان المعادية للغرب حول العالم . بكلمة أخرى ، استطاع الحكم الأسدي خلق امبراطوريته الصغرى الوهمية أكثر منها الواقعية ، حيث تمكن من شرعنة احتلاله للبنان عربيا ودوليا ، وتحويله إلى محمية سورية – إيرانية ( عبر حزب الله ) .
اكتشف الخليج متأخرا فشلهم في التعاطي مع الأسد الأب ، الذي نجح في خداعهم واستدراجهم أكثر من مرة للوقوع في الأفخاخ والكمائن التي كان ينصبها لهم في كل مرة ، ولاسيما في لبنان ، ولكن بعد فوات الأوان . وأدركوا متأخرين الطبيعة الميكافيللية لشخصية حافظ الأسد الطموحة ، والتي كشفت عن نفسها باتباع سياسة المحاور ، والبحث عن المزيد من الأوراق القوية للعب بها والمساومة من خلالها لتحقيق المكاسب على الساحة الشرق أوسطية ، واشتم الخليجيون رائحة الطائفية السياسية القوية من التحالف الشيعي الإيراني السوري المتنامي القوة ، والمكشوف الأهداف ، وصار المحور القوي المهدد لبلدان الخليج قاطبة ، والذي يسبب لها الإحراجات السياسية المتتالية ، ويعمل دوما على سحب البساط من تحتها ، وتقليم أظافرها في شرقي المتوسط ، وخصوصا في لبنان والعراق وفلسطين ، وأصبحت الخصومة السياسية هي المبدأ والقاعدة في العلاقات بين المحور الشيعي وبلدان الخليج ، وهذا التحالف المذكور وقف بقوة في مواجهة علنية وصريحة ومكشوفة مع العرب ، وخصوصا بلدان الخليج العربي ، التي تصطف في الخندق الآخر ، المتمثل بالعالم الحر عموما . وشكل التحالف المذكور خطرا متزايدا على المنطقة والعالم ، خاصة وأنه خطر ينطلق من نوايا وخطط عدوانية توسعية وتدخلية تجاه البيئة الإقليمية والدولية المعادية له ، والكابحة لأطماعه .
كانت تكلفة السياسة السورية باهظة ، ماديا ومعنويا ، وكان الشعب السوري أول وأكبر المتضررين منها اقتصاديا وسياسيا . ولاسيما في العقد التاسع من القرن الماضي . وعاشت سورية حالة عدم توازن بين السياستين الداخلية والخارجية ، حيث تضخمت السياسة الخارجية على حساب السياسة الداخلية ، التي حولت الوطن والمجتمع السوري إلى رهينة بيد القيادة السياسية الستالينية الطابع . وعانى الشعب السوري في تلك الفترة التالية لسقوط رفعت الأسد حالة من التدهو الاقتصادي المدمر ، في حين كانت القيادة تزداد ثراء من خلال النهب والفساد وإدارة سوق سوداء رابحة ومحتكرة ، مكنها من صناعة آلية للفساد والإفساد الشامل .
واستمرت الحال كذلك حتى حصل تغير إبان الحرب على العراق لتحرير الكويت : البلد الخليجي المهم . ولم يكن الموقف السوري آنذاك سوى فرصة للثأر والانتقام من عدو وخصم عنيد وشرس وخطير ، هو صنو النظام البعثي السوري ، والمتمثل بالبعث العراقي ومالكه الحصري صدام حسين . ولم يتعارض أو يتناقض هذا الموقف مع الموقف الاستراتيجي السوري الإيراني المعادي للعراق الصدامية ، أكثر من عدائه للبلدان الخليجية . كان الموقف السوري منسجما مع ذاته وخطه السياسي الاستراتيجي العام ، والمعادي للخط الخليجي استراتيجيا ، والمتحالف معه تاكتيكيا للقضاء على الخطر العراقي المحدق بسوريا ، وهذا الخطر كان جديا بنظر القيادة السورية ، وتحسب له ألف حساب ، لدرجة أن السياسيين في سوريا كانوا يتحدثون أن الكويت كانت كبش الفداء الذي أنقذ سورية الأسد من براثن الذئب البعثي الصدامي العراقي . وكان إضعاف العراق أولوية سياسية سورية ، لتفادي حرب هجومية كان مخططا لها ضد سوريا . ولوحصلت قبل اجتياح الكويت لتغيرت كل المعطيات العراقية والإقليمية التالية بشكل مغاير لما حصل . والأرجح أن العراق الصدامي ماكان سيواجه ماواجهه بسبب حربه غير المحسوبة على الكويت التي تعتبر مصلحة استراتيجية للخليج والغرب معا . على العكس من سوريا التي تعتبر دولة معادية للخليج والغرب على طول الخط . ولكن لحسن حظ النظام السوري الأسدي أن ماحصل صب في خدمة بقائه وتقويته ، وأدى إلى تحسن ملموس في العلاقة الخليجية السورية ، وأيضا في العلاقة الغربية السورية ، وقد انعكس هذا انفراجا وازدهارا اقتصاديا وسياسيا سوريا ، وانفتاحا نسبيا على العرب والعالم ، كما لاننسى أن الأسد الأب اغتنم الفرصة ليحصل على أكبر هدية على غفلة من الغرب والخليج ، إلا وهي اقتحام بيروت الشرقية ، واستكمال سيطرته على لبنان ككل ، وتحويله إلى مايشبه المنطقة الحرة التابعة للنظام السوري اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا ، وتحويله إلى قاعدة متقدمة له ، وجبهة مواجهة براغماتية مع اسرائيل خارج الأراضي السورية ، جبهة هي أشبه بطاولة القمار السياسي ، تحت أقنعة المقاومة الصوتية والإسمية الرخيصة . لقد كانت فرصة ذهبية لحافظ الأسد أن يضرب عصفورين بحجر واحد : الثأر والانتقام من عدوه الرئيس صدام حسين وإضعافة تماما ، وتسجيل موقف زائف على دول الخليج والغرب ، بأنه وقف معهم وإلى جانبهم في تحرير الكويت ، مع أنه لم يخسر فلسا واحدا ولاجنديا واحدا ، بل كانت العملية بالنسبة له ربحا بربح من ألفها إلى يائها وبلا أي مقابل أو جهد ، أخذ كل شيء من غير أن يقدم شيئا ، ولم تكن الكويت تعني له شيئا لاقبل ولابعد الاحتلال العراقي لها . لقد ضحك حافظ الأسد على لحية البلدان الخليجية والغربية ، وكان انتهازيا من الطراز النادر . وحقق انتصارات مجانية وسهلة ، وكان كالساحر الذي يجيد لعبة الإيهام والخداع البصري والإدراكي ، ويمتاز باستخدام السياسة المزدوجة ذات الوجهين : ( الباطنية والظاهرية ) ويجيد المساومة ، لدرجة أنه كان يستطيع أن يسرق الكحل من العين قبل أن يدرك المسروق واقع الأمر ، وهو ماكان يحصل كثيرا مع خصوم داخل وخارج سورية .
ومع ذلك ، فإن الوضع المعقد للمشهد الدرامي في السياق المذكور، لم يتمكن من إلغاء المحتوى التاريخي الحيوي والأخوي بين الشعب السوري وشعوب دول الخليج ، التي ظلت ملاذا آمنا للسوريين لأسباب لامجال لحصرها هنا . وظل الخليج يميز مابين النظام السوري ، والمواطنين السوريين المرتبطين بمواطني الخليج بأواصر قوية وعديدة . وظل التناقض محصورا في نطاق العلاقة بين الحكومات والسياسات
ثالثا : الموقف الخليجي في ظل الثورة السورية
في مرحلة حكم الأسد الإبن ساءت وتدهورت العلاقات مع الخليج ، وتابع الأسد الإبن السير عكس التيار في كل مايتعلق بالسياسات الداخلية والخارجية . ولاسيما في العراق ولبنان . وعادت المواقف الكيدية إلى الواجهة إلى أن انتشرت عاصفة الربيع العربي في المنطقة ، ولم تسلم منها سورية .
إن ميزان حرارة الصراع ارتفع بشكل ملفت بين سوريا وبلدان الخليج ، بعد اندلاع الثورة السورية التي تخوض معركة شرسة مع نظام ديكتاتوري ، منفلت من أية معايير قانونية وأخلاقية وعقلانية ، ولامثيل له في التاريخ البشري . نظام يمسك بالسلطة ، ويزجها في أتون حرب عبثية مجنونة على الشعب . رافضا أي حل يؤثر على احتكاره للسلطة ، والتنازل عنها كليا أو جزئيا لصالح الشعب . إضافة إلى أن الحكم السوري ، ومنذ البداية وجه الاتهام لبلدان الخليج ، بأنها وراء كل مايحصل في سوريا . وبأنها وراء مؤامرة خارجية إقليمية /عربية /دولية ـ تستهدف وجوده وسياساته الوطنية والعربية المزعومة . ولم يتردد الأسد الإبن من إعلانها حربا شعواء ضد البلدان الخليجية عبر إعلامه الرسمي وغير الرسمي ، والمبني على بث الإشاعات والأوهام والأكاذب ، لتشويه سمعة الخليج ، والتأكيد على تورطه في التآمر على سوريا كما يحلو للإعلام السوري وصفه . وسوريا هي التي بدأت الحرب السياسية والإعلامية ضد البلدان الخليجية ، التي وجدت نفسها في قلب المعركة رغما عنها .
وفي الواقع هي شيء من هذا القبيل ، مادام الحراك الثوري في سوريا قد اختار جبهته السياسية المتوافقة مع الخط العربي العام الذي تقوده دول الخليج ، وعبرت الثورة من البداية عن وقوفها الواضح ضد المحور الشيعي الإيراني السوري وصنيعتهما في لبنان : ( حزب الله ) . إضافة إلى انحياز الثورة للصف العربي والخليجي بشكل واضح وكامل ، طالبة الدعم والمساندة والتأييد منذ الأيام الأولي ، وبالغريزة المجتمعية والسياسية اتجهت الثورة بأنظارها إلى القوى الخليجية الأقرب إليها والتي تربطها بها وشائج الدم والعصب والعقيدة والهوية الثقافية والسياسية ، وهي الأقوى والأقدر ماليا ولوجيستيكيا وسياسيا في المنطقة . والتي عليها أن تتحمل مسؤولياتها التاريخية السياسية تجاه مايجري في الداخل السوري ، والذي سينعكس تأثيره الهائل على المعادلة السياسية العربية والإقليمية ، لصالح البلدان الخليجية .
وكعادتها كانت ردود الفعل السياسية الخليجية بطيئة ومترددة تجاه الأحداث الفاصلة في سوريا ، ماألقى بتأثيره السلبي على الحراك الثوري الساعي لتغيير الواقع الأسدي المريض مرض الشيخوخة الذي لاشفاء يرجى منه .
وكان على بلدان الخليج أن تدرك سريعا مصالحها الاستراتيجية الحيوية في استرداد سورية المختطفة ، والسائرة عكس عقارب الساعة التاريخية والحضارية ، وجاءت الفرصة لتصحيح المسار السوري ، وإعادته إلى السكة ، وتطبيع علاقاتها العربية والدولية . والقطع مع البلدان المارقة حول العالم . وعلى دول الخليج أن تلتقط الإشارة ، وتستدرك مافاتها ، وأن تقف إيجابيا وبشكل فعال مع الثورة ، ونتائجها التي لن تكون ولن تصب في غير مصلحة البلدان الخليجية ، مهما كان نوع النظام السياسي الذي سوف تختاره بعد زوال حكم الأسد الفاشل فعليا بالنسبة للشعب ، والناجح فعليا بالنسبة له ولشلته وحاشيته وعصابته الحاكمة .
وأمام مايجري في سوريا ، لم يعد بالإمكان السكوت ، واتخاذ مواقف سلبية ، لأن مايجري يهدد الأمن الخليجي ، والذي يعتبر أمن سورية من أمنه .
لقد استنفذت سورية الأسد عوامل بقائها في السلطة ، وحانت ساعة الحسم وسقوط الحكم الأسدي إلى غير رجعة . ومهما يكن البديل فهو أفضل من النظام السوري الحالي بالنسبة لدول الخليج لأسباب وفوائد جمة ، نذكر منها : تعزيز الجبهة الخليجية ضد إيران المتطرفة ، وتأمين النافذة الاستراتيجية المطلة على البحر الأبيض المتوسط ، وتغيير الخريطة الجيو سياسية في لبنان وفلسطين والعراق ، وهي الملاعب التي كانت تلعب بها السلطة الأسدية بالتنسيق مع الحليف الإيراني المتربص ، وفتح بلاد الشام كلها من جديد للرياح الخليجية المتعطشة لتوسيع حدود مصالحها في تلك المنطقة التي تجتمع وتمتزج فيها مزايا الشرق والغرب معا .
إن سورية جديدة لايمتلكها شخص أو عائلة أو فئة ، هي مصلحة للشعب السوري ولعموم بلدان الخليج والعالم الحر . وستكون سورية ديمقراطية وبالتالي أكثر أمنا واستقرارا للناس والأعمال والاستثمار . وستشكل بيئة مناسبة وآمنة لرؤوس الأموال الخليجية والعالمية ، وهو مالم يكن متوفرا في ظل حكم شخصي مزاجي متقلب ولا يمكن أن يكون محل ثقة
إن الأعمال والاستثمارات تحتاج إلى بيئة اقتصادية حرة ومحمية ، وهذا بدوره يحتاج إلى بيئة سياسية مناسبة ومحصنة قانونيا ودستوريا ومؤسساتيا ضد البلطجة والتشبيح الاقتصادي الذي تنتهجه السلطة الحاكمة في سوريا ، ويلقي بتأثيره على العلاقات الخارجية ومنها بلدان الخليج ، التي كانت تحذر الدخول إلى السوق السورية ، وهذا طبع المال والأعمال والاستثمار ورأس المال ، الحريص والحذر والباحث عن الأمن والحماية والضمانات القانونية والقضائية . وفي بلد كسوريا لايوجد فيه فصل سلطات ، ولا استقلال قضائي ، ولاحريات اقتصادية لايمكن العمل فيه ، فهو منطقة خطرة يسودها المنطق المافيوي الاقتصادي غير المنضبط ، وغير الخاضع لأي ضوابط قانونية وأخلاقية وقضائية . والتخلص من المناخ السوري الراهن ، سيفسح في المجال لظهور المناخ المطلوب للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون عامل جذب قوي للأعمال والاستثمارات الخليجية في سوريا . وستعود سورية كما كانت تاريخيا الرئة التي يتنفس من خلالها الخليج هواء البحر الأبيض المتوسط المعتدل ، وستكون سوريا المزرعة والجنة والمصيف المفضل والأقل تكلفة والأمتع والأكثر حميمية بالنسبة لدول الخليج العربي . وستصبح سوريا صمام أمان للخليج اقتصاديا وسياسيا وأمنيا ، ومحيطا حيويا له يزيده قوة ويستمد منه القوة . ويخلق مشرقا عربيا جديدا أكثر انسجاما وتوافقا وترابطا وتنسيقا وتضامنا وتوحدا على الصعد كافة ، مايجعله أقرب مايكون إلى حلم الثورة العربية الكبرى في خلق مشرق عربي موحد في دولة فيدرالية أو كونفيدرالية عظمى .
ولابد إذن من دعم الثورة السورية ، وانتصارها هو مصلحة للخليج قبل غيره ، لأنه سيكون هزيمة للمشروع الإيراني المتطرف في المنطقة العربية والشرق أوسطية ، ولن تبقى سوريا رأس حربة إيرانية في الجسم العربي والإقليمي ، ولاجبهته المتقدمة المطلة على مياه المتوسط ، ولا الجسر الذي يربطها بالقاعدة الإيرانية في لبنان وفلسطين ، ولا بلدا مارقا منحرفا يسير عكس التيار ، ويسوق الإرهاب والعنصرية والتطرف ، ويهدد الأمن الوطني والعربي والإقليمي والدولي ، ولا يؤمن له جانب ، ولايفهم منطق شعرة معاوية السياسي .
إنها الفرصة التاريخية تأتي على طبق من ذهب ، ليبادر الخليج إلى القيام بواجبه وحماية مصالحه ، وتحقيق حلمه في استعادة سورية إلى خندقها الطبيعي مع العرب والخليج والعالم الحر . ولتتحول سوريا إلى منطقة حرة عربية ودولية ، تتقاطع فيها الأعمال والثقافات والاستثمارات ، وتتحول إلى مركز تجاري عالمي ، ومختبر حضاري متقدم ، وورشة عمل دائم ، للجميع من السوريين والعرب والأجانب . إضافة إلى إمكانية مساهمتها بحصة كبيرة في خلق قوة عسكرية مشتركة مشرقية لحفظ الأمن المشرقي والبلدان المكونة له .
ومن البدهي إن الاستقرار السياسي هو شرط الاستقرار والتنمية الاقتصادية والبشرية وتحقيق الازدهار الشامل ، وفي الحالة السورية لايمكن تحقيق ذلك بدون نظام سياسي جديد ومختلف ، يقوم على الديمقراطية السياسية والاقتصادية المنفتحة على الداخل والخارج . خاصة وأن الطبعية الخاصة لسوريا تتطلب ذلك ، فهي تختلف عن بلدان الخليج في هذه الناحية ، حيث خبرت سوريا منذ عهد الأمير فيصل الحكم المدني الحديث ، ونمن تجربة الحكم البرلماني فيها خلال الانتداب الفرنسي ، واستمر إلى مابعد الاستقلال ، وحتى العام 1958 ، ولايمكن أن تحكم سوريا إلا على الطريقة الديمقراطية المدنية الحديثة . بحكم واقعها الجيوسياسي الخاص ، وبنيتها الديمغرافية المميزة ، وتجربتها التاريخية في ممارسة الحياة السياسية البرلمانية التداولية والتعددية . والتي تجمع وتمزج بشكل ناجح مابين الأصالة والحداثة ، ومابين التراث والجديد ، ومابين الماضي والحاضر والمستقبل .
إن الاستثمار في الثورة ، هو استثمار في مستقبل سوريا ، الذي هو مستقبل الخليج أكثر من سواه . وعلى الخليج أن يدرك تلك الحقيقة ، ويبادر إلى دعم الثورة ، لأنه بذلك إنما يدعم نفسه سياسيا واقتصاديا وأمنيا ، وعلى جميع الصعد . وانتصار الثورة هو مكسب استراتيجي شامل للخليج كما لسوريا . ولاخيار آخر سوى خوض المعركة حتى نهايتها . ولاخيار للخليج سوى دعم الثورة ماديا ومعنويا ، وبكل الوسائل المتاحة والممكنة .
إن الشعب السوري يطلب المزيد من أشقائه الخليجيين ، واستخدام كل مامن شأنه إسقاط العصابة الحاكمة ، وتحرير السلطة من قبضة القيادة الغاصبة لها ، وبناء وطنهم الجديد الحر الديمقراطي . وتوجيه المركب السوري بالاتجاه العربي والدولي الصحيح .



#رياض_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة الافتراضية
- سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر
- سوريا بين مفترسين
- بيان لجنة المتابعة لمؤتمر: - كلنا سوريون -
- فيسبوكيات رياض خليل : (4/5/6)
- فيسبوكيات : (1/2/3)
- الكذب القاتل: نخاسو الوطن والشعب
- سورية الثورة (9): نظرية لافروف
- سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة
- عن المرأة : (2): حق العمل
- عن المرأة: ربة المنزل
- سوريا الثورة : (7) :
- سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......
- سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني
- سوريا الثورة :(4): تتمة : مفاهيم نظرية أساسية
- سوريا الثورة :(3) مفاهيم أساسية عن السلطة
- سوريا الثورة : (2) : أبجديات في النظرية والتطبيق
- سوريا الثورة : (1):أولويات المرحلة
- ومضات: (1)
- وهم الدولة الدينية وأسلمة الثورة السورية


المزيد.....




- رئيسة جامعة كولومبيا توجه -رسالة- إلى الطلاب المعتصمين
- أردوغان يشعل جدلا بتدوينة عن بغداد وما وصفها به خلال زيارته ...
- البرازيل تعلن مقتل أو فقدان 4 من مواطنيها المرتزقة في أوكران ...
- مباشر: 200 يوم على حرب بلا هوادة بين إسرائيل وحماس في غزة
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر بأغلبية ساحقة مشروع قانون مساعدات ل ...
- محكمة بريطانية تنظر في طعن يتعلق بتصدير الأسلحة لإسرائيل
- بعد 200 يوم.. تساؤلات حول قدرة إسرائيل على إخراج حماس من غزة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض خليل - دمشق رئة المشرق العربي