جنيف 2 .. ام سايكوسبيكو 2

سميح قرواني

الحوار المتمدن-العدد: 4127 - 2013 / 6 / 18 - 09:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

جنيف 2 .. ام سايكوسبيكو 2

الانسان الضعيف يرى التاريخ اما مقدساً او مؤامرة يحيكها الاخر. ونحن العرب نقرأ التاريخ برغباتنا وليس بعقولنا. وهل كنا نتوقع من بريطانيا التي ساعدتنا في الثورة العربية الكبرى الا أن تلتف لتأخذ مكان الرجل المريض التركي في المشرق العربي. المشكلة لم تكن في بريطانيا بل فينا، لأنه لو لم تكن هي ستكون دولة قوية اخرى تفعل ذات الشيء. درسونا التاريخ على انه مؤامرة، ولذلك استقوى فينا الضعف وتمكن منا حتى النخاع. النظام السوري القائم أتى يجتر هذه النظرية في المؤامرة. وعاش عليها واستمر بها، ولذلك عندما قام الشعب يطالب بحريته. سارع النظام الى نظرية المؤامرة يتكأ عليها، وعد الشعب كله متأمر عليه، فهو التقدمي، المقاوم، الوطني. القوي لايخاف المؤامرات، لأنه محصن. ولكثرة ترديد المؤامرة في الاذاعة والخطابات صباحا ومساء، اصبحنا نفكر على هذه الطريقة. هل هناك مؤامرة على سوريا الوطن والشعب؟ بمعنى اخر، ماذا يريد الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة من سوريا كجارة لاسرائيل.
ربما صدفة نافعة، بالطبع لامريكا. هم يريدون سوريا الوطن والشعب ضعيفة فقيرة غير قادرة على الحرب ومحجمة. وأتت الفرصة لوحدها دون تدخل مباشر وخسارة، اذ قام بها نظام مقاوم تقدمي ممانع يفعل ماتحلم به اسرائيل. قتل ودمر، فهل تقف الولايات المتحدة ضده ام تتركه يستمر بتدمير وطن كان ابرة في حلق اسرائيل. أليس هذا مايفسر لنا التردد المستمر والتصريحات التي تعطي الضوء الاخضر له بأن يستمر في التدمير والقتل.
من يرى صور لافروف وكيري والابتسامات العريضة المتبادلة يدرك أن هناك طبخة تجارة تخص الأوطان. تجارة سبقت أن توطنت من قبل بين فرنسا وبريطانيا في مطلع القرن الفائت. وروسيا هنا قد وجدت ضالتها في الوضع السوري بعد أن عانت على الصعيد العالمي من التهميش والتحجيم. فقد خرجت من تحت نير النظام الشيوعي خالية الوفاض. خاصة بعد أن هزمت في افغانستان. والان وبعد مضي كل هذه السنين، يتسنى لها لعب دور عالمي باستطاعتها أن تفاوض عليه. أو بالاحرى أن تبيع وتشتري بدماء الشعب السوري. وهي قد جعلت القاعدة الموجودة في طرطوس مثل بسمار جحا. ولعبت روسيا والاتحاد السوفيتي سابقاً، في لعبة العالم ذي القطبين. لكنها ابدا لم تكن مكترسة بحقوق العرب او السوريين، لأنها كانت الدولة الاولى في العالم التي اعترفت باسرائيل، ومازالت تخدم اسرائيل من خلال تحجيم الدول الخارجة عن سيطرة الولايات المتحدة شكلاً. فهي لم ترسل سلاحا نوعيا من قبل ليواجه العدو الاسرائيلي، بل كل ما أرسلته هو سلاح متخلف قديم كي يستعمل ضد الشعب السوري وليس ضد اسرائيل. وأدل مافي ذلك هو امتناعها ارسال سلاح متطور للنظام السوري بعد زيارة نتنياهو لموسكو. وفي النظر في موقف الولايات المتحدة منذ سنتين، نرى أنها قد تأرجحت بين الشجب والتطمين للنظام السوري. فيوم يصرح وزير الخارجية الامريكي، بأن القرارات مفتوحة على كل الاحتمالات، ثم في اليوم الثاني يصرح مسؤول امريكي آخر بأن المجتمع الدولي لاينوي التدخل في سوريا. ولاننسى اللعب على معزوفة جبهة النصرة والارهاب.
ولايغرنكم التصريحات الأخيرة لأوباما، بتسليح الجيش الحر، لأنه إن صدق، سيكون من أجل التوازن في القوة. أي لاغالب ولامغلوب. وهذا سيزيد من تدمير سوريا لا أكثر ولاأقل.
ولاتستغربوا من طبخات امريكية روسية ايرانية تقول أن تترك سوريا لإيران مقابل عدم تعرض السفن الامريكية في خليج هرمز للخطر وعدم التعرض لإسرائيل بخطر. والا كيف يترك حزب الله الممانع والمقاوم حدوده فارغة لإسرائيل ويأتي ليقتل السوريين دون اتفاق مبطن مع جارته.
نحن السوريون عانينا من التهميش والمذلة والهوان طوال فترة نظام الاسد وحزب البعث. يتاجرون باسمنا ويقتلون باسمنا ويغتالون باسمنا. هذه فرصة لكل السوريين. لن يرجع هذا الشعب الا وقد اسقط هذا النظام الذي أصبح خارج منطق التاريخ. دول عاتية سقطت لأنها كانت خارج منطق التاريخ (الاتحاد السوفيتي) فكيف لنظام لم ير منه شعبه الا القتل والمذلة أن يستمر معترضا ارادة شعب بكامله قرر أن يقتلعه من شرشه.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل