أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم عبدالمعطي متولي - سر زوال أنظمة الحكم














المزيد.....

سر زوال أنظمة الحكم


إبراهيم عبدالمعطي متولي

الحوار المتمدن-العدد: 4125 - 2013 / 6 / 16 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما جاء نابليون بونابرت إلى مصر على رأس الحملة الفرنسية في شهر يوليو عام 1798، أرسل منشورا إلى المصريين وعدهم فيه بنشر المساواة وعدم الظلم، ووجه الانتقادات إلى المماليك الذين استولوا على خيرات البلاد. لكن "نابليون" لم يحمل للمصريين سوى الشعارات، لم يكن هدفه خدمة المصريين أو رفع الظلم عنهم، وإنما كان هدفه أن تكون مصر وسيلة لزيادة موارد فرنسا الاقتصادية وتوسيع مستعمراتها. لم ينعم المصريون بالأحلام الوردية التي أطلقها "نابليون"، لم ينتظر الفرنسيون طويلا، ففي أقل من ثلاثة أشهر سعوا إلى جني الأموال من المصريين، فرضوا ضرائب ورسوما لم يكن لأهل البلد عهد بها، استحدثوا إجراءات جديدة، منها إلزام الناس بتسجيل العقارات وشهادات الميلاد والطلاق، واستخراج تراخيص لمزاولة المهن، وكل ذلك مقابل أموال يحصل عليها الفرنسيون، مما أشعل غضب المصريين فاشتعلت ثورة القاهرة الأولى في شهر أكتوبر عام 1798، أي بعد نحو 3 أشهر فقط من قدوم الحملة الفرنسية.
لم تهنأ الحملة الفرنسية بالفترة التي قضتها في مصر، واضطرت –في النهاية- إلى الرحيل، لأنها لم تنشر العدل والمساواة، وهما الشعاران اللذان رفعتهما في البداية، وكان جزاؤها غضب المصريين وثورتهم عليها وإجبارها على مغادرة مصر غير مأسوف عليها، لأن المصريين لا ينخدعون بالشعارت، وينتظرون فترة من الزمن لاختبار الشعارات والأقوال، فإن وجدوها صادقة رضوا عن حكامهم، وإن وجدوها خادعة انقلبوا على أصحابها.
كان انقلاب المصريين على الفرنسيين سريعا، لأنهم كانوا قد جربوا حكم المماليك زمنا طويلا، فلما انتهى كابوس المماليك لم يكن المصريون ليتقبلوا تكرار الظلم في صورة جديدة. انتظروا تطبيق العدل من الفرنسيين فلما لم يجدوه انقلبوا عليهم. وهذا ما تكرر بعد نحو قرنين من الزمان، صبر المصريون طويلا على حكم الرئيس السابق حسني مبارك مثلما صبروا على المماليك، وداعبهم حلم العدل بعد أن أطلقوا ثورة يناير، أملا في حياة كريمة ينعم فيها المواطنون بالمساواة، لكن بلاءهم كان عظيما مع أول رئيس منتخب انحرف بالسلطة لصالح جماعته التي أرادت احتكار كل خيرات البلاد، في محاولة لتعويض الظلم الذي مارسه النظام السابق عليهم، دون أن يلتفتوا إلى أن المصريين جميعا ذاقوا مرارة الظلم في عهد النظام السابق. وكانت النتيجة أن أعلن المصريون الثورة على الجماعة الإخوانية التي رفعت شعارات دينية، لكنها عندما وصلت إلى الحكم، انقلبت على مبادئ الدين، وقدمت أسوأ صورة من صور الخداع والمراوغة والتجارة بالدين.
ما لم يدركه الإخوان المسلمون هو أن غياب العدل هو أول مسمار في نعش زوال الحكم، ونسوا أن هناك العديد من الأقوال المأثورة التي تشير إلى العاقبة السيئة للظلم، وأن العدل سبب في استمرار الأنظمة الحاكمة وغيابه سبب في زوالها، ألم يقرأوا أو يستمعوا إلى القول المأثور"الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة"، وأيضا "دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة"؟.
العدل في اللغة يعنى أن تكون الأمور مستقيمة، تقوم على ميزان يراعي عدم الميل إلى اليمين أو اليسار، وإنما المساواة بين الجميع، بحيث تكون الأمور مستوية، فيتحقق الرخاء في المجتمع. وبالعودة إلى معجم "تاج العروس" للزبيدي نجد أن "العَدْل: ضِد الجَوْرِ، وهو مَا قامَ في النُّفُوسِ أَنَّهُ مُسْتَقِيمٌ وقيلَ: هو الأَمْرُ الْمُتَوَسِّطُ بينَ الإِفْراطِ والتَّفْرِيطِ". ويدل العدل في معجم "مقاييس اللغة" لابن فارس على "الاستواء"، أي أن تكون الأمور مستوية ومستقيمة، لا اعوجاج فيها. ويعني هذا أن العدل يضمن سير الأمور في أمان وسلام. ولذلك فإن الحاكم العادل ينعم بالأمان؛ لأنه يضمن رضا شعبه عنه وحبه له، وهو ما حدث مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي نشر العدل بين المسلمين، وهذا ما لمسه رسول ملك الفرس، فجعله ينطق بمقولته المأثورة: "عَدَلت فأمِنْت فنِمْت ياعمر".
نسي الإخوان أن الله أمر بالعدل بين الناس، وأنه حذر من عاقبة سرقة حقوق الناس، حيث قال سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [الشعراء: 138].
لن يهدأ المصريون حتى يقتلعوا حكم الإخوان من جذوره. وقد غابت الفطنة عن الجماعة عندما نسيت أن جذورها في المجتمع المصري قصيرة جدا، وبدلا من تثبيت هذه الجذور انشغلت بمحاولة قطف الثمار قبل أوانها، لتضعف الجذور ويسهل انتزاعها. ولن يقف أمام إرادة المصريين شيء، لأنهم لن يرضوا بتكرار تجربة "مبارك". الزمان لا يرجع إلى الوراء، ولكن الأغبياء لا يفقهون.



#إبراهيم_عبدالمعطي_متولي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحلة ما بعد -مرسي-
- صراع المذاهب والتيارات الدينية
- النشَّال الدولي يسرق قوت المصريين
- نهاية كارثية للمتاجرين بالدين
- فكروا قبل أن تقرروا .. ولا تتعجلوا
- -الباشوات- في الهواء الطلق
- العبث باسم -دار الكتب المصرية-
- كراهية العلم والثورة
- الخلاف والاختلاف
- التعصُّب من سمات التخلف
- -الشاطر والمشطور- والافتراء على المجمع!
- التعصُّب نوعان
- التعصب .. نار تحرق الإنسان


المزيد.....




- صورة سيلفي لوزير مغربي مع أردوغان تثير انتقادات وردود فعل في ...
- سيارة همر -مسروقة- في دمشق تظهر ضمن سيارات الأمن السوري... ك ...
- -فضيحة الصندل-.. برادا تعترف باستلهام تصميمها من الصندل الهن ...
- مقتل 18 فتاة في -حادث المنوفية- يهز مصر وسط مطالب بإقالة وزي ...
- مئات الملايين والمليارات: حفلات زفاف باهظة الثمن في القرن ال ...
- ترامب: أنا -لا أعرض شيئا على إيران ولا أتحدث معهم-
- مشروع مغربي طموح يربط دول الساحل الإفريقي بالمحيط الأطلسي
- توتر الوضع الأمني في الشرق الأوسط : كيف يؤثر على خطة لبنان ل ...
- بعد شهر من الغياب.. العثور على جثة الطفلة مروة يشعل الغضب في ...
- حل مئات الأحزاب الأفريقية.. خطوة نحو التنظيم أم عودة لحقبة ا ...


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إبراهيم عبدالمعطي متولي - سر زوال أنظمة الحكم