أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد عبد الله سالم - شعراء العربية النصارى (3) أمية بن أبي الصلت















المزيد.....



شعراء العربية النصارى (3) أمية بن أبي الصلت


السيد عبد الله سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4122 - 2013 / 6 / 13 - 09:55
المحور: الادب والفن
    


ترجمة الشاعر:

أمية بن أبي الصلت الثقفي، ويقال له " أبو الحكم "، شاعر جاهلي ومن رؤساء ثقيف، اشتُهر بالحنيفية والتوحيد وكان من الدعاة إلى نبذ الأصنام وتوحيد الإله. كما أنه أحد شعراء ثقيف وشرفائها كما كان أبوه من قبله أحد زعماء ثقيف بالطائف.

هو أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عزة بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن أبو عثمان يُعتبر من فحولة شعراء ثقيف والعرب في العصر الجاهلي، ولد في الطائف، وأمه من قريش، وهي رُفيّة بنت عبد شمس بن عبدمناف، كان من النساك العرب الذين نبذوا عبادة الأوثان.

نشأ بالطائف وكان مُحباً للسفر والترحال، فاتصل بالفُرس في اليمن وسمع منهم قصصهم وأخبارهم، ورحل إلى الشام في رحلات تجارية وقصد الكهان والقسيسين والأحبار وسمع وعظهم وأحاديثهم، وكان كثير الاطلاع على كتب الأديان والكتب القديمة فاطلع على التوراة والانجيل كما أنه كان كثير الاختلاف والتردد على الكنائس ورجال الدين، وكان مُهتماً بيوم البعث والحساب والجنة والنار فكان يكثر من ذكرها بأشعاره وأسجاعه، وكان أحد رؤوس الحنفاء في الجزيرة العربية المُنادين بتوحيد الخالق ونبذ الأوثان وما دون الله. والحنيفية قبل الإسلام كانت مدرسة ناشئة تجديدية تأثرت باليهودية والنصرانية وأدركت الوضع السيء لحال العرب الديني الجاهلي، فالتجأت إلى التوحيد والأمر بالارتقاء العقلي والأخلاقي والثقافة والتعلم، غير أن الأحناف لم تكن لهم عقيدة معينة فكانوا يختلفون باآراءهم ويجتمعون على التوحيد ورقي التفكير، وأمية بن أبي الصلت يُعد أشهر هؤلاء الأحناف مع قس بن ساعدة وورقة بن نوفل وعثمان بن الحويرث، وغيرهم.

عاصر أمية بن أبي الصلت ظهور نبي الإسلام محمد، وقد جاءت الأخبار أنه التقاه وتحاور معه وسمع منه القرآن لكنه أبى أن يسلم، وفي المصادر الإسلامية أن أمية بن أبي الصلت منعه من الإسلام الحقد. وروى الحافظ ابن عساكر عن الزهري أنه قال: قال أمية بن أبي الصلت:

ألا رسول لنا منا يخبرنا........... ما بعد غايتنا من رأس مجراني

قال: ثم خرج أمية بن أبي الصلت إلى البحرين، وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أمية بالبحرين ثماني سنين، ثم قدم الطائف فقال لهم: ما يقول محمد بن عبد الله؟ قالوا: يزعم أنه نبي هو الذي كنت تتمنى. قال: فخرج حتى قدم عليه مكة فلقيه فقال: يا ابن عبد المطلب ما هذا الذي تقول؟ قال: أقول إني رسول الله، وأن لا إله إلا هو. قال: إني أريد أن أكلمك فعدني غدا. قال: فموعدك غدا. قال: فتحب أن آتيك وحدي أو في جماعة من أصحابي، وتأتيني وحدك أو في جماعة من أصحابك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي ذلك شئت. قال: فإني آتيك في جماعة، فأت في جماعة. قال: فلما كان الغد غدا أمية في جماعة من قريش، قال: وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم معه نفر من أصحابه حتى جلسوا في ظل الكعبة.

قال: فبدأ أمية فخطب، ثم سجع، ثم أنشد الشعر، حتى إذا فرغ الشعر قال: أجبني يا ابن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « بسم الله الرحمن الرحيم { يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } ». حتى إذا فرغ منها وثب أمية يجر رجليه قال: فتبعته قريش يقولون: ما تقول يا أمية؟ قال: أشهد أنه على الحق. فقالوا: هل تتبعه؟ قال: حتى أنظر في أمره. قال: ثم خرج أمية إلى الشام، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قتل أهل بدر، قدم أمية من الشام حتى نزل بدرا، ثم ترحل يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قائل: يا أبا الصلت ما تريد؟ قال: أريد محمدا. قال: وما تصنع؟ قال: أؤمن به، وألقي إليه مقاليد هذا الأمر. قال: أتدري من في القليب؟ قال: لا. قال: فيه عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة وهما ابنا خالك - وأمه ربيعة بنت عبد شمس - قال: فجدع أذني ناقته، وقطع ذنبها، ثم وقف على القليب يقول:
ما ذا ببدر فالعقنقل * من مرازبة جحاجح

القصيدة إلى آخرها، وأنشد شعره عند الوفاة:
كل عيش وإن تطاول دهرا * صائر مرة إلى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قد بدا لي * في قلال الجبال أرعى الوعولا
فاجعل الموت نصب عينيك واحذر * غولة الدهر إن للدهر غولا
نائلا ظفرها القساور والصد * عان والطفل في المناور الشكيلا
وبغاث النياف واليعفر النافر * والعوهج البرام الضئيلا

وقد تكلم الخطابي وغيره على غريب هذه الأحاديث.



ترجمة الشاعر من "كتاب الأغاني"
كاملة

ذكر اميّة بن أبي الصّلت ونسبه وخبره
نسبه من قبل أبويه:
واسم أبي الصّلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عنزة بن قسيّ، وهو ثقيف بن منبّه بن بكر بن هوزان. هكذا يقول من نسبهم إلى قيس، وقد شرح ذلك في خبر طريح. وأمّ أميّة بن أبي الصلت رقيّة بنت عبد شمس بن عبد مناف. وكان أبو الصلت شاعراً، وهو الذي يقول في مدح سيف بن ذي يزن:
ليطلب الثأر أمثال ابـن ذي يزنٍ إذ صار في البحر للأعداء أحوالاً

وقد كتب خبر ذلك في موضعه.
أولاد أمية:
وكان له أربع بنين: عمروٌ وربيعة ووهبٌ والقاسم. وكان القاسم شاعراً، وهو الذي يقول - أنشدنيه الأخفش وغيره عن ثعلبٍ، وذكر الزّبير أنّها لأميّة -:
صوت
قومٌ إذا نزل الغريب بدارهـم ردّوه ربّ صواهلٍ وقـيان
لا ينكتون الأرض عند سؤالهم لتلمّس العلاّت بـالـعـيدان

يمدح عبد الله بن جدعان بها، وأوّلها:
قومي ثقيفٌ إن سألت وأسرتي وبهم أدافع ركن من عاداني

غنّاه الغريض، ولحنه ثقيلٌ أوّل بالبنصر. ولابن محرزٍ فيه خفيف ثقيلٍ أوّل بالوسطى، عن الهشاميّ جميعاً.

وكان ربيعة ابنه شاعراً، وهو الذي يقول:
وإن يك حيُّا من إيادٍ فـإنّـنـا وقيساً سواءٌ ما بقينا وما بقوا
ونحن خيار النّاس طرًّا بطانةً لقيسٍ وهم خيرٌ لنا إن هم بقوا
كان يستعمل في شعره كلمات غريبة:
أخبرني إبراهيم بن أيّوب قال حدّثنا عبد الله بن مسلم قال: كان أميّة بن أبي الصّلت قد قرأ كتاب الله عز وجل الأوّل، فكان يأتي في شعره بأشياء لا تعرفها العرب؛ فمنها قوله:
قمرٌ وساهورٌ يسلّ ويغمد

وكان يسمّي الله عزّ وجلّ في شعره السّلطيط، فقال:
والسّلطيط فوق الأرض مقتدر

وسمّاه في موضع آخر التغرور فقال: " وأيّده التغرور ".

وقال ابن قتيبة: وعلماؤنا لا يحتجّون بشيء من شعره لهذه العلّة.
من أشعر ثقيف بل أشعر الناس:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال:

قال أبو عبيدة: اتّفقت العرب على أنّ أشعر أهل المدن أهل يثرب ثم عبد القيس ثم ثقيف، وأنّ أشعر ثقيف أميّة بن أبي الصّلت.

أخبرنا الحرميّ قال حدّثنا الزّبير قال: قال يحيى بن محمد: قال الكميت: أميّة أشعر الناس، قال كما قلنا ولم نقل كما قال.
تعبد والتمس الدين وطمع في النبوّة:
قال الزّبير وحدّثني عمّي مصعب عن مصعب بن عثمان قال: كان أميّة بن أبي الصلت قد نظر في الكتب وقرأها، ولبس المسوح تعبّداً، وكان ممن ذكر إبراهيم وإسماعيل والحنيفيّة، وحرّم الخمر وشكّ في الأوثان، وكان محقّقاً، والتمس الدّين وطمع في النبوّة؛ لأنه قرأ في الكتب أنّ نبيًّا يبعث من العرب، فكان يرجو أن يكونه. قال: فلمّا بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم قيل له: هذا الذي كنت تستريث وتقول فيه؛ فحسده عدوّ الله وقال: إنّما كنت أرجو أن أكونه؛ فأنزل الله فيه عزّ وجلّ: " واتل عليهم نبأ الّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ". قال: وهو الذي يقول:
كلّ دينٍ يوم القيامة عند الله إلاّ دين الحنيفة زور
كان يحرّض قريشاً بعد بدر:
قال الزّبير وحدّثني يحيى بن محمد قال: كان أميّة يحرّض قريشاً بعد وقعة بدرٍ، وكان يرثي من قتل من قريش في وقعة بدر؛ فمن ذلك قوله:
ماذا ببـدرٍ والـعـقـن قل من مرازبةٍ جحاجح

وقال: وهي قصيدةٌ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رواياتها. ويقال: إن أميّة قدم على أهل مكة " باسمك اللّهمّ "؛ فجعلوها في أوّل كتبهم مكان " بسم الله الرحمن الرحيم ".
أسف الحجاج على ضياع شعره:
قال الزّبير وحدّثني عليّ بن محمد المدائنيّ قال: قال الحجّاج على المنبر: ذهب قومٌ يعرفون شعر أميّة، وكذلك اندراس الكلام.
كان يتحسس أخبار نبيّ العرب فلما أخبر ببعثته تكدّر:
أخبرني الحرميّ قال حدّثنا الزّبير عن عمر بن أبي بكر المؤمّلي وغيره قال: كان أميّة بن أبي الصلت يلتمس الدّين ويطمع في النبوّة، فخرج إلى الشأم فمرّ بكنيسة، وكان معه جماعةٌ من العرب وقريش، فقال أميّة: إنّ لي حاجةً في هذه الكنيسة فانتظروني، فدخل الكنيسة وأبطأ، ثم خرج إليهم كاسفاً متغيّر اللّون، فرمى بنفسه، وأقاموا حتى سرّي عنه، ثم مضوا فقضوا حوائجهم ثم رجعوا. فلمّا صاروا إلى الكنيسة قال لهم:
انتظروني، ودخل إلى الكنيسة فأبطأ، ثم خرج إليهم أسوأ من حاله الأولى؛ فقال أبو سفيان بن حرب: قد شقفت على رفقائك. فقال: خلّوني؛ فإنّي أرتاد على نفسي لمعادي، إنّ هاهنا راهباً عالماً أخبرني أنه تكون بعد عيسى عليه السلام ستّ رجعاتٍ، وقد مضت منها خمسٌ وبقيت واحدةٌ، وأنا أطمع في النبوّة وأخاف أن تخطئني، فأصابني ما رأيت.

فلمّا رجعت ثانيةً أتيته فقال: قد كانت الرجعة، وقد بعث نبيٌّ من العرب؛ فيئست من النبوّة، فأصابني ما رأيت؛ إذ فاتني ما كنت أطمع فيه.

أخبره راهب أن ليست فيه أوصاف النبيّ قال: وقال الزّهريّ: خرج أميّة في سفر فنزلوا منزلاً، فأمّ أميّة وجهاً وصعد في كثيب، فرفعت له كنيسةٌ فانتهى إليها، فإذا شيخٌ جالسٌ، قال لأميّة حين رآه: إنّك لمتبوع، فمن أين يأتك رئيّك؟ قال: من شقّي الأيسر. قال: فأيّ الثياب أحبّ إليك أن يلقاك فيها؟ قال: السواد. قال: كدت تكون نبيّ العرب ولست به، هذا خاطرٌ من الجنّ وليس بملكٍ، وإنّ نبيّ العرب صاحب هذا الأمر يأتيه من شقّه الأيمن، وأحب الثياب إليه أن يلقاه فيها البياض.

حديثه مع أبي بكر قال الزّهريّ: وأتى أميّة أبا بكر فقال: يا أبا بكر، عمي الخبر، فهل أحسست شيئاً؟ قال: لا والله! قال: قد وجدته يخرج العام.

سأل أبا سفيان عن عتبة بن ربيعة أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال: سمعت خالد بن يزيد يقول: إنّ أميّة وأبا سفيان اصطحبا في تجارة إلى الشأم، ثم ذكر نحوه، وزاد فيه: فخرج من عند الراهب وهو ثقيل. فقال له أبو سفيان: إنّ بك لشراً، فما قصّتك؟ قال: خيرٌ، أخبرني عن عتبة بن ربيعة كم سنّه؟ فذكر سنًّا. وقال أخبرني ماله فذكر مالاً. فقال له: وضعته. فقال أبو سفيان. بل رفعته. فقال له: إنّ صاحب هذا الأمر ليس بشيخ ولا ذي مالٍ. قال: وكان الراهب أشيب، وأخبره أنّ الأمر لرجلٍ من قريش.
زعم أنه فهم ثغاء شاة:

أخبرني الحرميّ قال حدّثني الزّبير قال حدّثت عن عبد الرحمن بن أبي حمّاد المنقريّ قال: كان أميّة جالساً معه قوم، فمرّت بهم غنمٌ فثغت منها شاة؛ فقال للقوم: هل تدرون ما قالت الشاة؟ قالوا لا. قال: إنّها قالت لسخلتها: مرّي لا يجيء الذئب فيأكلك كما أكل أختك عام أوّل في هذا الموضع. فقام بعض القوم إلى الراعي فقال له: أخبرني عن هذه الشاة التي ثغت ألها سخلةٌ؟ فقال: نعم، هذه سخلتها. قال أكانت لها عام أوّل سخلةٌ؟ قال: نعم، وأكلها الذئب في هذا الموضع.
قال الأصمعي كل شعره في بحث الآخرة.

قال الزّبير وحدّثني يحيى بن محمد عن الأصمعيّ قال: ذهب أميّة في شعره بعامّة ذكر الآخرة، وذهب عنترة بعامّة ذكر الحرب، وذهب عمر بن أبي ربيعة بعامّة ذكر الشباب.
جاءه طائران وهو نائم فشق احدهما عن قلبه:
قال الزّبير حدّثني عمر بن أبي بكر المؤمّلي قال حدّثني رجلٌ من أهل الكوفة قال: كان أميّة نائماً فجاء طائران فوقع أحدهما على باب البيت، ودخل الآخر فشقّ عن قلبه ثم ردّه الطائر؛ فقال له الطائر الآخر: أوعى؟ قال نعم. قال: زكا؟ قال: أبى.

خبره مع ركب الشام:
أخبرني عمّي قال حدّثني أحمد بن الحارث عن ابن الأعرأبي عن ابن دأبٍ قال: خرج ركبٌ من ثقيفٍ إلى الشأم، وفيهم أميّة بن أبي الصّلت، فلمّا قفلوا راجعين نزلوا منزلاً ليتعشّوا بعشاء، إذ أقبلت عظايةٌ حتّى دنت منهم، فحصبها بعضهم بشيءٍ في وجهها فرجعت؛ وكفتوا سفرتهم ثم قاموا يرحلون ممسين؛ فطلعت عليهم عجوز من وراء كثيبٍ مقابلٍ لهم تتوكّأ على عصاً، فقالت: ما منعكم أن تطعموا رجيمة الجارية اليتيمة التي جاءتكم عشيّة؟ قالوا: ومن أنت؟ قالت: أنا أمّ العوّام، إمت منذ أعوام؛ أمّا وربّ العباد، لتفترقنّ في البلاد؛ وضربت بعصاها الأرض ثم قالت: بطّئي إيابهم، ونفّري ركابهم؛ فوثب الإبل كأنّ على ذروة كل بعير منها شيطاناً ما يملك منها شيءٌ، حتى افترقت في الوادي. فجمعناها في آخر النهار من الغد ولم نكد. فلمّا أنخناها لنرحلها طلعت علينا العجوز فضربت الأرض بعصاها ثم قالت كقولها الأوّل؛ ففعلت الإبل كفعلها بالأمس، فلم نجمعها إلا الغد عشيّة. فلمّا أنخناها لنرحلها أقبلت العجوز ففعلت كفعلها في اليومين ونفرت الإبل. فقلنا لأميّة: أين ما كنت تخبرنا به عن نفسك؟ فقالت: اذهبوا أنتم في طلب الإبل ودعوني. فتوجّه إلى ذلك الكثيب الذي كانت العجوز تأتي منه حتى علاه وهبط منه إلى وادٍ، فإذا فيه كنيسةٌ وقناديل، وإذا رجل مضطجع معترض على بابها، وإذا رجلٌ أبيض الرأس واللّحية؛ فلمّا رأى أميّة قال: إنّك لمتبوع، فمن أين يأتيك صاحبك؟ قال: من أذني اليسرى. قال فبأيّ الثياب يأمرك؟ قال: بالسواد. هذا خطيب الجنّ؛ كدت والله أن تكونه ولم تفعل؛ إنّ صاحب النبوّة يأتيه صاحبه من قبل أذنه اليمنى، ويأمره بلباس البياض؛ فما حاجتك؟ فحدّثه حديث العجوز؛ فقال: صدقت، وليست بصادقة! هي امرأةٌ يهودية من الجنّ هلك زوجها منذ أعوام، وإنّها لن تزال تصنع ذلك بكم حتى تهلككم إن آستطاعت. فقال أميّة: وما الحيلة؟ فقال: جمّعوا ظهركم، فإذا جاءتكم ففعلت كما كانت تفعل فقولوا لها: سبعٌ من فوق وسبعٌ من أسفل، باسمك اللّهم؛ فلن تضرّكم. فرجع أميّة إليهم وقد جمعوا الظّهر. فلمّا أقبلت قال لها ما أمره به الشيخ، فلم تضرّهم. فلمّا رأت الإبل لم تتحرّك قالت: قد عرفت صاحبكم، وليبيضّنّ أعلاه، وليسودّنّ أسفله؛ فأصبح أميّة وقد برص في عذاريه واسودّ أسفله. فلمّا قدموا مكة ذكروا لهم هذا الحديث؛ فكان ذلك أوّل ما كتب أهل مكة " باسمك اللّهم " في كتبهم.

خبر الطائرين:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثنا أبو غسّان محمد بن يحيى قال حدّثنا عبد العزيز بن عمران عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر بن مسعود عن الزّهريّ قال: دخل يوماً أميّة بن أبي الصّلت على أخته وهي تهيئ أدماً لها، فأدركه النوم فنام على سرير في ناحية البيت. قال: فانشقّ جانبٌ من السقف في البيت، وإذا بطائرين قد وقع أحدهما على صدره ووقف الآخر مكانه، فشقّ الواقع صدره فأخرج قلبه فشقّه؛ فقال الطائر الواقف للطائر الذي على صدره: أوعى؟ قال: وعى. قال: أقبل؟ قال: أبى.

قال: فردّ قلبه في موضعه فنهض؛ فأتبعهما أميّة طرفه فقال:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
لا بريءٌ فأعتذر، ولا ذو عشيرةٍ فأنتصر.

فرجع الطائر فوقع على صدره فشقّه، ثم أخرج قلبه فشقّه؛ فقال: الطائر الأعلى: أوعى؟ قال: وعى. قال: أقبل؟ قال:؟ أبى، ونهض فأتبعهما بصره وقال:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
لا مالٌ يغنيني، ولا عشيرةٌ تحميني.

فرجع الطائر فوقع على صدره فشقّه، ثم أخرج قلبه فشقّه؛ فقال الطائر الأعلى: أوعى؟ قال: وعى. قال: أقبل؟ قال: أبى، ونهض، فأتبعهما بصره وقال:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
محفوفٌ بالنّعم، محوطٌ من الريب. قال: فرجع الطائر فوقع على صدره فشقّه وأخرج قلبه فشقّه؛ فقال الأعلى: أوعى؟ قال: وعى. قال: أقبل؟ قال: أبى، ونهض، فأتبعهما بصره وقال:
لبّيكـمـا لـبـيكـمـا هأنـذا لـديكـمــا
إن تغفر اللّهمّ تغفر جمًّا وأيّ عبدٍ لك لا ألمًّـا

قالت أخته: ثم انطبق السّقف وجلس أميّة يمسح صدره. فقلت: يا أخي، هل تجد شيئاً؟ قال: لا، ولكنّي أجد حرًّا في صدري. ثم أنشأ يقول:
ليتني كنت قبل ما قد بـدا لـي في قنّان الجبال أرعى الوعولا
اجعل الموت نصب عينك واحذر غولة الدّهر إنّ للدّهـر غـولا
تصديق النبيّ له في شعره:
حدّثني محمد بن جرير الطبريّ قال حدّثنا ابن حميد قال حدّثني سلمة عن ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عبّاس: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صدّق أميّة في قوله:
رجلٌ وثورٌ تحت رجل يمينـه والنّسر للأخرى وليثٌ مرصد

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. " صدق ".

أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني حمّاد بن عبد الرحمن بن الفضل الحرّانيّ قال حدّثنا أبو يوسف - وليس بالقاضي - عن الزّهريّ عن عروة عن عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثل هذا.

أنشد النبيّ بعض شعره فقال " إن كاد أمية ليسلم ":
أخبرني الحرميّ بن أبي العلاء قال حدّثني الزّبير قال حدّثنا جعفر بن الحسين المهلّبيّ قال حدّثني إبراهيم بن إبراهيم بن أحمد عن عكرمة قال: أنشد النبيّ صلى الله عليه وسلم قول أميّة:
الحمد لله ممسانا ومصبحـنـا بالخير صبّحنا ربّي ومسّانـا
ربّ الحنيفة لم تنفد خزائنهـا مملوءةً طبّق الآفاق سلطانا
ألا نبيّ لنا منّا فـيخـبـرنـا ما بعد غايتنا من رأس محيانا
بينا يربّيننا أباؤنـا هـلـكـوا وبينما نقتني الأولاد أفنـانـا
ولقد علمنا لو أنّ العلم ينفعنـا أن سوف يلحق أخرانا بأولانا
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: " إن كاد أميّة ليسلم ".
شعر له في عتاب ابنه وتوبيخه:
أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدّثنا عمر بن شبّة قال حدّثني أحمد بن معاوية قال حدّثنا عبد الله بن أبي بكر، وحدّثنا خالد بن عمارة: أنّ أميّة كتب على ابنٍ له فأنشأ يقول:
غذوتك مولوداً ومنتك يافـعـاً تعلّ بما أجني عليك وتنـهـل
إذا ليلةٌ نابتك بالشّكو لـم أبـت لشكواك إلاّ ساهراً أتملـمـل
كأنّي أنا المطروق دونك بالّذي طرقت به دوني فعيني تهمل
تخاف الرّدى نفسي عليك وإنّني لأعلم أنّ الموت حتمٌ مؤجّـل
فلمّا بلغت السّنّ والغاية التـي إليها مدى ما كنت فيك أؤمّـل
جعلت جزائي غلظةً وفظاظةً كأنّك أنت المنعم المتفـضّـل
محاورة بين الهذليّ وعكرمة في شعر له:
قال الزبير قال أبو عمرو الشّيبانيّ قال أبو بكر الهذليّ قال: قلت لعكرمة: ما رأيت من يبلّغنا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لأميّة: " آمن شعره وكفر قلبه "؛ فقال: هو حقٌّ، وما الذي أنكرتم من ذلك؟ فقلت له: أنكرنا قوله:
والشمس تطلع كلّ آخر ليلةٍ حمراء مطلع لونها متورّد
تأبى فلا تبدو لنا في رسلها إلاّ معـذّبةً وإلاّ تـجـلـد

فما شأن الشمس تجلد؟ قال: والذي نفسي بيده ما طلعت قطّ حتّى ينخسها سبعون ألف ملكٍ يقولون لها: اطلعي؛ فتقول أأطلع على قومٍ يعبدونني من دون الله! قال: فيأتيها شيطانٌ حين تستقبل الضّياء تريد أن يصدّها عن الطّلوع فتطلع على قرنيه، فيحرقه الله تحتها. وما غربت قطّ إلاّ خرّت لله ساجدةً، فيأتيها شيطانٌ يريد أن يصدّها عن السجود، فتغرب على قرنيه فيحرقه الله تحتها؛ وذلك قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: " تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان ".
تمثل ابن عباس بشعره عند معاوية:
حدّثني أحمد بن محمد بن الجعد قال حدّثنا محمد بن عبّاد قال حدّثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد أنّه سمع ابن حاضر يقول: اختلف ابن عبّاس وعمرو بن العاصي عند معاوية؛ فقال ابن عباس: ألا أغنيك؟ قال بلى! فأنشده:
والشمس تغرب كلّ آخر لـيلةٍ في عين ذي خلبٍ وثأطٍ حرمد
أحاديثه وأحواله في مرض موته:
أخبرني الحرميّ قال حدّثنا عمّي عن مصعب بن عثمان عن ثابت بن الزّبير قال: لمّا مرض أميّة مرضه الذي مات فيه، جعل يقول: قد دنا أجلي، وهذه المرضة منيّتي، وأنا أعلم أنّ الحنيفيّة حقٌّ، ولكن الشكّ يداخلني في محمد. قال: ولمّا دنت وفاته أغمي عليه قليلاً ثم أفاق وهو يقول:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
لا مالٌ يفديني، ولا عشيرةٌ تنجيني.

ثم أغمي عليه أيضاً بعد ساعة حتى ظنّ ممن حضره من أهله أنّه قد قضى، ثم أفاق وهو يقول:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
لا برىءٌ فأعتذر، ولا قويٌّ فأنتصر،

ثم إنّه بقي يحدّث من حضره ساعةً، ثم أغمي عليه مثل المرّتين الأوليين حتى يئسوا من حياته، وأفاق وهو يقول:
لبّيكما لبيكما هأنذا لديكما
محفوفٌ بالنّعم،
إن تغفر اللّهم تغفر جمًّا وأيّ عبدٍ لك لا ألمّـا

ثم أقبل على القوم فقال: قد جاء وقتي، فكونوا في أهبتي؛ وحدّثهم قليلاً حتّى يئس القوم من مرضه، وأنشأ يقول:
كلّ عيشٍ وإن تـطـاول دهـراً منتهـى أمـره إلـى أن يزولا
ليتني كنت قبل ما قـد بـدا لـي في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
اجعل الموت نصب عينيك واحذر غولة الدّهر إنّ للـدّهـر غـولا

ثم قضى نحبه، ولم يؤمن بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. وقد قيل في وفاة أميّة غير هذا.
لما بعث النبي هرب بابنتيه إلى اليمن ثم مات بالطائف:
أخبرني عبد العزيز بن أحمد عمّ أبي قال حدّثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: سمعت في خبر أميّة بن أبي الصّلت، حين بعث النبيّ صلى الله عليه وسلم، أنه أخذ بنتيه وهرب بهما إلى أقصى اليمن، ثم عاد إلى الطائف؛ فبينما هو يشرب مع إخوانٍ له في قصر غيلان بالطائف، وقد أودع ابنتيه اليمن ورجع إلى بلاد الطائف، إذ سقط غرابٌ على شرفةٍ في القصر نعب نعبةً؛ فقال أميّة: بفيك الكثكث! - وهو التّراب - فقال أصحابه: ما يقول؟ قال يقول إنّك إذا شربت الكأس التي بيدك متّ، فقلت: بفيك الكثكث. ثم نعب نعبةً أخرى، فقال أميّة نحو ذلك؛ فقال أصحابه: ما يقول؟ قال زعم أنّه يقع على هذه المزبلة أسفل القصر، فيستثير عظماً فيبتلعه فيشجى به فيموت، فقلت نحو ذلك. فوقع الغراب على المزبلة، فأثار العظم فشجي به فمات، فانكسر أميّة، ووضع الكأس من يده، وتغيّر لونه. فقال له أصحابه: ما أكثر ما سمعنا بمثل هذا وكان باطلاً! فألحّوا عليه حتى شرب الكأس، فمال في شقٍّ وأغمي عليه ثم أفاق، ثم قال: لا بريءٌ فأعتذر، ولا قويٌّ فأنتصر، ثم خرجت نفسه.

أغراض الشعر:

لقد ظل أمية بن أبي الصلت لفترات طويلة من تاريخ الأدب العربي محل بحث ودراسة مابين مشكك في صدق نسب الشعر الوارد تحت مظلة ابداعه في كتب التراث الأدبي العربي إليه وبين مصدق ومتحمس للدفاع عنه ، كما ظلت مسألة نصرانيته أو حنفيته محل جدل شديد بين رواة التراث الشعري العربي هل كان نصرانيا أم يتبع الحنفية وملة نبي الله ابراهيم وان كان ايمانه بالله والوحدانية والثواب والعقاب والايمان بالغيبيات من جن وملائكة ويوم حساب لا مراء فيه ، اتفق عليه كل أو معظم الباحثين في التراث الأدبي العربي الجاهلي.

وهناك قضية أخرى شائكة أثارها شعر الجاهلي أمية بن أبي الصلت وهي علاقته برسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وهل أخذ النبي الكريم عنه بعض آيات القرآن الكريم أم لا فالباحثون المشككون في نبينا محمد يعتقدون أن شعر أمية بن أبي الصلت هو الأسبق عن القرآن الكريم وأن رسول الله قد أخذ عنه الشيئ الكثير في المذكور في القرآن المجيد وهناك رأي آخر ضد ذاك الرأي والذين يؤمنون بالقرآن المنزل من عند الله - ولا شك في ذلك – يعتبرون أن أمية قد نقل عن القرآن الكريم.
بل يذهب البعض الآخر إلى إنتحال هذا الشعر على يد الرواة.

وأنا انطلاقا من المنهج الذي اتخذته في هذه الدراسة عن شعراء النصرانية العرب وهو تقديم هؤلاء الشعراء كأدباء لهم في تاريخنا العربي الأدبي يد طولى ولست في مجال مناقشة ما قد طرحه من سبق من الدارسين واثبات صحة أو نفي النتائج التى توصلوا إليها في أبحاثهم.

كما أني وانطلاقا وتأسيسا على ما ذكرته في بداية دراستي عن شعراء العربية النصارى الجزء الأول فإني لا أبحث عن نقاط الخلاف أو الاختلاف ولكني أبحث عما يقربنا كشعب عربي سواء نصارى أو مسلمين من بعضنا البعض وليس البحث عما يفرقنا.

فأرجو قبول هذه الدراسة كما خططت لها بعيدا عن أشواك الاختلاف العقائدي أو الطائفي أو المذهبي.
• الفخر والحماسة:
وكعادة كل الشعراء في الجاهلية كان الفخر والحماسة من أول الأغراض الشعرية التي بحثوا عنها وخلدوها ومجدوها في أشعارهم نجد شاعرنا أمية بن أبي الصلت يخوض غمار هذا الغرض بكل ثقة واعتزاز فيقول:

أَضاعوني وَأَيُّ فَتىً أَضاعوا ليومِ كَريهَةٍ وَسِدادُ ثَغرِ
فهنا نراه يفتخر بنفسه كعادة الشعراء الفرسان الشجعان في العصر الجاهلي في الحروب والكر والفر.
وكعادتهم أيضا كان للقبيلة النصيب الأكبر والأعظم في الفخر فنراه يقول:
نَحنُ ثَقيفٌ عِزُنا مَنيعُ أَعيَطُ صَعبُ المُرتَقى رَفيعُ
وقال:
دارُ قَومي في مَنزِلٍ غَيرَ ضَنكٍ مَن يُرِدنا يَكُن لِأَولِ فُوقِ
إِنَّ وَجّاً وَما يَلي بَطنَ وَجٍّ دارَ قَومي بِرَبوةٍ وَرُتوقِ
ويتحدث أمية بن أبي الصلت عن عزة قومة ومنعتهم لأبنائهم فيقول:
نَحنُ بَنَينا طائِفاً حَصينا نُقارِعُ الأَبطالَ عَن بَنينا

ويضيف في شموخ وإباء العارف بقيمة قومه وموقعهم المنيع بين القبائل:
قَومي ثَقِيفُ إِن سَأَلتَ وَأُسرَتي وَبِهم أُدافِعُ رُكنَ مَن عاداني
لا يَنكِتونَ الأَرضَ عِندَ سُؤالِهِم لِتَطلُبَ العِلاّتَ بِالعيدانِ
بَل يَبسُطونَ وجوهَهَم فَتَرى لَها عِندَ السُؤالِ كَأَحسَنِ الأَلوانِ
قَومٌ إِذا نَزَلَ المُقِلُّ بِأَرضِهِم رَدّوه رَبَّ صَواهِلٍ وَقيانِ
وَإِذا دَعَوتَهُم لِكُلِّ مُلِمَّةٍ ظَسدّوا شُعاعَ الشَمسِ بِالفُرسانِ
ويفخر بالأجداد والأباء والأبناء فقومه قوم سادات كابر عن كابر وجيوشهم تملأ الأفاق :
قَومي إِيادٌ لو أَنَهُم أَمَمُ وَلو أَقاموا فُتُجزَلُ النِعَمُ
قَومٌ لَهُم ساحَةُ العِراقِ إِذا سَاروا جَميعاً وَالقِطُّ وَالقَلَمُ
وَيلُ أُمِّ قَومِيَ قَوماً إِذا قُحِطَ القَطرُ وَآضَت كَأَنَّها أَدَمُ
وَشَوَّذَت شَمسُهُم إِذا طَلَعَت بِالجِلبِ هِفَّاً كَأَنَّهُ الكَتَمُ
جَدّي قَسيٌّ إِذا اِنتَسَبتُ وَمَنصورٌ بِحَقّ وَيقدُم القُدُمُ
آَباؤُنا دَمَّنوا تُهامةَ في الدَهرِ وَسالت بِجَيشِهِم إِضَمُ

ولا ينسى أن يزيد نفسه فخرا على فخر القبيلة فعز ثقيف ومنعتها لم يكن إلا به أو من هو على شاكلته قيقول أمية بن أبي الصلت:
أَنا الذائِدُ الحامي الذِمار وَإِنَّما يُدافِعُ عَن أَحسابِهِم أَنا أَو مِثلي
ولعل أهم مايميز أشعاره في الفخر والحماسه هو التزامه بالفخر بالكليات والبعد عن المبالغة التي دائما ما كان يلجأ اليها شعراء الجاهلية في الفخر .
ويلجأ إلى مكارم الأخلاق التي تميز قومه ليوضحها ويبينها فيقول مفتخرا:
أَلا قُل لِلقبائِل إِنَّ بَكراً وَتَغلِبَ بَعدَ حَربِهِم سِنينا
أَطاعوا اللَهَ في صِلةٍ وَعَطفٍ وأَضحَوا اِخوَةً مُتَجاوِرينا
أُساةٌ شاعِبونَ لِكُلِ صَدعٍ وَكلِ جَريرةٍ فيهِم وَفينا
ويذكر نجدتهم وسرعة تلبية نداءه لهم اذا دعاهم مؤكدا على مكانته الرفيعة بينهم فيقول:
مَتّى ما أَدعُ في بَكرٍ يُجِبَني قَبائِلُها بِأَكثَرِ ناصِرينا
وَإِن هَتَفَت بَنو بَكرٍ أَجَبنا إِليهِم بِالصَنائِعِ مَعلِنينا
نُجَالِدُ عَنهُمُ وَتَذودُ عَنا كَتائِبُهُم يَرُحنَ وَيَغتَدينا
فَلَسنا في مَوَدَتِنا اِخانا اِلى الأَعداءِ بِالمُتَعَذِّرينا
وَلَكنّا وَإياهُمُ مَدَدنا لِوَصلِ قَرابَةٍ حَبلاً مَتينا
هُمُ الإِخوانُ إِن غَضِبوا غَضِبنا وَإِن نَزَلوا بِدارِ رِضىً رَضينا
وَبِكَراً أَنَّ في بَكرٍ فِعالاً وأَحلاماً بِها يَتَفاضَلونا
ويصف شجاعتهم في الحرب والكر والفر ويفتخر بشجاعتهم وعزتهم وكثرة عددهم وعدتهم:
تَميدُ الأَرضُ إِن رَكِبَت تَميمٌ وإِن نَزَلوا سَمِعتَ لَها أنينا
وَكأسٍ قَد شُرِبَت بِماءِ ثَلجٍ وأُخرى قَد شُرِبَت بِقاصِرينا
كَأَنَّ أَكُفَهُم عَذَبٌ مُلقَّىً وَحُمّاضٌ بأَيدي مُعلِنينا
فَجاؤُوا عَارِضاً بَرِداً وَحيناً كَمِثلِ السَيلِ يَمنَعُ وَارِدينا
وَشَيبُ الرأَسِ أَهوَنُ مِن لِقاهُم إِذا هَزّوا القَنا مُتقابِلينا
إن أجمل الفخر عند النقاد هو ما جمع بين فخر الفرد بجماعته وفخر الجماعة بالفرد وبه يوازن الشاعر بين إثبات عراقة نسبه وإثبات مجده هو ، كذلك يشترط في مثالية الفخر أن يكون الشاعر صادقاً فيما يفخر به وإلا فسيبهرنا لطف التخيّل ودقة الحبك وجماله دون أن يثير فينا أي عاطفة.
الهجاء:
لم يصل إلينا من غرض الهجاء في أشعار أمية بن أبي الصلت الكثير وأعتقد أن هذا أمر طبيعي وعادي حيث اشتهر هذا الرجل بالحكمة وادعاءه النبوة وأنه كان ينتظر أن يكون رسول هذه الأمة كما جاء في كتاب الأغاني وعلى هذا فليس من الطبيعي أن يلجأ رجل يتحلى بمكارم الأخلاق إلى الهجاء أو ماشابهه من أغراض الشعر الجاهلي.
وعندما هجا قال:
أَحلامُ صِبيانٍ إِذا ما قُلِدوا سُخُباً فَهُم يَتَعَلَقونَ بِمَضغِها

• الغزل: وهو الشعر الخاص بالمرأة المحبوبة ويرجع سبب ظهور غرض الغزل في الشعر الجاهلي إلى الأتي:
1- حياة الصحراء وما بها من حياة الترحال التي تفرّق المحبين.
2- أن المرأة كانت عفيفة مما زاد ولوع الرّجال بأخلاقها.
3- أن البيئة الصحراوية لم يكن فيها ما هو أجمل من المرأة.

وقد تميز هذا الغرض الغزل بأنه كان عفيفاً رفيع المستوى يصوّر حياء وعفاف المرأة.

وكما ذكرنا عن الهجاء جاء غرض الغزل عند أمية بن أبي الصلت قليلا نادرا فهو يترفع عن مثل هذه الأمور بحثا عن النبوة والرسالة .

وتميز ما وصلنا من غزله بالرقة الشدية والبعد عن وصف محاسن المرأة الحسية كما جاء في شعر امروء القيس مثلا فيصف حال تشوقه فيقول:

وَإِني بِليلي وَالديارُ الَّتي أَرى لَكالمُبتَلى المُعَنّي بِشَوقٍ موَكَّلِ
ومن روائع غزله نسيبه الرائع في سلمى جارته حيث يقول:
غَدا جِيرانُ أَهلِكَ ظاعِنينا لِدارٍ غَيرَ ذَلِكَ مُنتَوينا
وَشاقَكَ لِلحُدوجِ حُدوجُ سَلمى وَقَد بَكَرَ الخَليطُ مُزايَلِنا
رَمَيتَهُم بِعَينِكَ وَالمَطايا خَواضِعٌ في الأَزِقَةِ يَعتَلينا
فَهَيَّجَ مِن فُؤادِكَ طُولُ شَوقٍ فِراقُ الجِيرةِ المُتَصَدِّعينا
أَرى الأَيامَ قَد أَحدَثنَ بَيِنا بِسَلمى بَغتَةً وَنَوىً شَطَونا
فإِن تَكُنِ النَوى شَطَّت بِسَلمى وَكُنتُ بِقُربِها وَبِها ضَنينا
فبعد أن ذكر فراقها لرحيل أهلها لديار غير الديار نراه يذكر أيام الوصال ويحن لماضيها الجميل في كلمات تقطر رقة وعذوبة فيقول:
لَقَد كُنا نُرى بِأَلَذِّ عَيشٍ وأَفضَلِ غِبطَةٍ مُتَجاوِرينا
لَياليَ تَستَبيكَ بِمُسبكّرٍ لَها مِنهُ الغَدائِرُ يَنثينا
عَلى مَتني مُنَعَّمَةٍ حَصانٍ يَروعُ جَمالَها المُتَأَمِلِينا
أَفي سَلمى يُعاتِبُني أَبوها وَإِخوَتُها وَهُم لِي ظالِمُونا
تُريكَ إِذا وَقَفَت عَلى خَلاءٍ وَقَد أَمِنَت عُيونَ الناظِرينا
ثم يصف المحبوبة وجمالها مستخدما لغة صافية رقراقة وألفاظ سهلة لينة وحروفا كحبات الندى فيقول:
ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ هَجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا
وأَسودُ وَمدلَهِمَّ اللَونِ حَشلاً بَدَهنِ البانِ وَالغالِي غُذينا
فَاِنكَ قَد شُغِفتِ القَلبَ حَتّى بَلَيتُ وَلا أَراكِ تَغَيَّرينا
أَجودُ وَتَبخَلينَ إِذا التَقَينا يَلينُ لَكِ الفُؤادُ وَتَغلَظينا
كَأَنَّ المِسكَ تَخلِطُهُ بِفيها وَرِيحَ قُرُنفُلٍ وَالياسَمينا
وعند الختام يقول:
أَلَم تَرَ أَنَّ حَظيَ مِن سُلَيمى أَمانِيَ قَد يَرُحنَ وَيَغتَدينا
مُبَتَّلَةٌ يَضيقُ المِرطُ عَنها عُشاريٌ بِأَيديَ الدارِعينا
وكأن الغزل مجرد أماني مصنوعة وليس حقيقة.

• الوصف: وأبرز خصائص الوصف هي:
1) الطّابع الحسي.
2) دقّة الملاحظة.
3) صدق النظرة.
يقول الشاعر أمية بن أبي الصلت واصفًا الليل في عبارات رشيقة تعبر عن صفاء ليلتة وخفتها وجمالها:
يا لَيلَةً لَم تَبِن مِن القِصَرِ كَأَنَها قُبلَةٌ عَلى حَذَرِ
لَم تَكُ إِلّا كَلا وَلا وَمَضَت تَدفَعُ في صَدرِها يَدُ السَحَرِ
وقال واصفا بدء النهار وسواد الليل:
الخَيطُ الأَبيضُ ضوءُ الصُبحِ مُنفَلِقٌ والخَيطُ الأَسوَدُ لَونُ اللَيلِ مَكمومُ
وقال معبرا عن وصول الليل والحبيبة معًا:
إِذا أَتى مُوهِناً وَقَد نَامَ صَحبيَ وَسَجا اللَيلُ بِالظَلامِ البَهِيمِ
فَوقَ شِيزِي مِثلَ الجَوالي عَليها قِطَعٌ كَالوَذِيلِ في نَقيِ فَومِ

وقال:
كُمَيتٍ بَهيمِ اللَونِ لَيسَ بِفارضٍ ولا بِخَصيفٍ ذات لَونٍ مُرَّقَمِ
وقال:
لَهُ نَفيانٌ يَحفِشُ الأُكمَ وَقعُهُ تَرى التُربَ مِنهُ مائِراً يَتَثَلَّلُ

إن الشاعر هنا يأبى إلا أن يقف عند حدودالمقابلة بين سوادها وبياضها فيعدو ذلك إلى تبين أثر الاقتران بين الضدين في العين، ثم في النفس.

الوقوف على الأطلال:
وكعادة كل شعراء الجاهلية أو معظمهم نجد أن أمية قد وقف على الأطلال وذكرها في شعره وإن كان ما وصلنا من شعره في هذا الموضوع قليل ونادر إلا أنه تميز بنفس ميزات وسمات الوقوف على الأطلال والمقدمة الطللية للقصيدة الجاهلية وإن تميز عنهم بالبعد عن ذكر أسماء الأماكن التي بها الأطلال وجاءت لغته بسيطة ومعبرة وبعيدة عن الألفاظ الغريبة كما تميز بسهولة دخوله من المقدمة الطللية نحو باقي أغراض القصيدة أي أنه أحسن وأجاد في المقدمة الطلللية بحيث تكون مدخلا سهلا لما سيأتي بعدها من أغراض في القصيدة فلا نشعر بنقلة موضوعية في الجو النفسي المحيط بالقصيدة ولنسمع وقوفه على ديار زينب حيث يقول:

عَرَفتُ الدارَ قَد أَقوَت سِنينا لِزَينَبَ إِذ تَحِلُّ بِها قَطينا
وأَذرَتها حَوافِلُ مُعصِفاتٌ كَما تُذريَ المُلَملِمَةُ الطَحينا
وَسافَرَت الرِياحُ بِهِنَ عَصراً بِأَذيالٍ يَرُحنَ وَيَغتَدينا
فَأَبقينَ الطُلولَ مُخَبيّاتٍ ثَلاثاً كَالحَمائِمِ قَد بَلينا
وَآريّاً بِعَهدٍ مُرتَداتٍ أَطَلنَ بِها الصُفونَ إِذا اِفتُلينا

• المدح:
مع ما كان للمدح من مكافة رفيعة في الشعر الجاهلي إلا أن أمية بن أبي الصلت لم يكن مكثرًا فيه فجل ما وصل إلينا من شعره كان يدور حول التوحيد.
أَأَذكُرُ حاجَتي أَم قَد كَفاني حَياؤُكَ إِنَّ شيمَتَكَ الحَياءُ
وَعِلمُكَ بِالأُمورِ وَأَنتَ قَرمٌ لَكَ الحَسَبُ المُهَذَّبُ وَالسَناءُ
كَريمٌ لا يُغَيِّرُهُ صَباحٌ عَنِ الخُلُقِ السَنِيِّ وَلا مَساءُ
فَأَرضُكَ كُلُّ مَكرُمَةٍ بَناها بَنو تَيمٍ وَأَنتَ لَها سَماءُ
إِذا أَثنى عَلَيكَ المَرءُ يَوماً كَفاهُ مِن تَعَرُّضِهِ الثَناءُ
تُباري الريحَ مَكرُمَةً وَمَجداً إِذا ما الكَلبُ أَجحَرَهُ الشِتاءُ
إِذا خُلِّفتَ عَبدَ اللَهِ فَاِعلَم بِأَنَّ القَومَ لَيسَ لَهُم جَزاءُ
فَأَبرَزَ فَضلَهُ حَقّاً عَلَيهِم كَما بَرَزَت لِناظِرِها السَماءُ
فَهَل تَخفى السَماءُ عَلى بَصيرٍ وَهَل بِالشَمسِ طالِعَةً خَفاءُ
بُناةُ مَكارِمٍ وَأُساةُ كَلمٍ دَماً وَهُمُ مِنَ الكَلمِ الشِفاءُ

وتميز شعره في المدح بصفاء اللغة وقوة تركيب البنية اللغوية للقصائد ومتانة السبك الشعري والصور الفنية الجديدة والرائعة.
رُشِدَّتَ وَأُنعِمَت اِبنَ عَمرٍ وَإِنَّما تَجَنَبتَ تَنوراً مِنَ النارِ حامِيا
بِدَيِنِكَ رَبّاً لَيسَ رَبٌّ كَمِثلِهِ وَتَركُكَ أَوثانَ الطَواغي كَما هِيا
وَإِدراكُ الدينِ الَّذي قَد طَلَبتَهُ وَلَم تَكُ عَن تَوحيدِ رَبِكَ ساهِيا
فَأَصبَحتَ في دارِ كَريمٍ مَقامُها تَعَلَلُ فيها بِالكَرامَةِ لاهِيا
تُلاقي خَليلَ اللَهِ فِيها وَلم تَكن مِن النارِ جَباراً إِلى النارِ هاويا
ويعتبر الكثير من النقاد أن شعره في المدح هو أجود شعره الحقيقي أما الشعر الديني فهو شعر موضوع وضعيف الصنعة.
يابا يزيدَ رأيتُ سيبَك واسعاً وسجال كفّكَ تَستهل وتُمطِرُ
بُسِطت يداكَ بفضل عُرفك والذي يُعطي يسارع في العلاء ويظفرُ
فوصلتَ قومك واتخذت صنيعةً فيهم تعد وذو الصنيعة يُشكرُ
ونمى ببيتكَ في المكارم والعُلا يا ابن الكرام فروعُ مجدٍ تزهرُ
وجحاجحٌ بيضُ الوجُوه أعزةُ غُرٌ كأنهمُ نجومٌ تزهرُ
إن التكرم والندى من عامر أخوان ما سُلكت لحج عزورُ

ومن أجود ما قاله في المدح قوله:
إِنَ عَمراً وَما تَجَشَّمَ عَمروٌ كَاِبنِ بيضٍ غَداةَ سُدَّ السَبيلُ
لَم يَجِد غالِبٌ وَراءَكَ مَعَدىً لِتِراتٍ وَلا دَمٌ مَطلولُ
كُلُ أَمرٍ يَنوبُ عَبَساً جَميعاً أَنتَ فيهِ المُطاعُ فيما تَقولُ
قَد تَحَمَلتَ خَيرَ ذاكَ وَليداً أَنتَ لِلصالِحاتِ قُدُماً فَعولُ

وقوله:
فَما بَلَغَت كَفُّ اِمرىءٍ مُتَناوَلاً مِنَ المَجدِ إِلا حَيثُما نِلتَ أَطوَلُ
وَما بَلَغَ المُثنونَ في الخَيرِ مِدحَةً وَلو صَدَقوا إِلا الَذي فيكَ أَفضَلُ
وقال:
إِنَّ الصَفيَّ بنَ النَبيتِ مُملِكاً أَعلى وَأَجوَدُ مِن هِرَقلَ وَقَيصَرا
وقال في مدح ابن جدعان وهي من روائعه أبدع فيها وطلعت قوية متماسكة لغة وفنا وشاعرية حيث يقول:
وَما لِيَ لا أُحيِّيهِ وَعِندي مَواهِبُ يَطَّلِعنَ مِنَ النَجادِ
إِليَّ وَإِنَّهُ لِلناسِ نَهيٌ وَلا يَعتَلُّ بِالكَلمِ الصوادي
لأَبيَضَ مِن بَني تَيمِ بنِ كَعبٍ وَهُم كَالمَشَرِفِيّاتِ الحِدادِ
لِكُلِ قَبيلَةٍ هادٍ وَرأسٌ وَأَنتَ الرَأسُ تَقَدُمُ كُلَّ هادي
عِمادُ الخيفِ قَد عَلِمتَ مَعَدٌّ وَإِنَّ البَيتَ يُرفَعُ بِالعِمادِ
لَهُ داعٍ بِمَكَةَ مُشمَعِلٌّ وَآخَرَ فَوقَ دارَتِهِ يُنادي
وقال أيضًا في ابن جدعان:
زَعم ابنُ جُدعان وليس بكاذبٍ لنقنعن مئةً سلاحاً كامِلا
ولننحرن في دار كل إقامة عشراً ونطعمُ ذا العيالِ العائلا
نعم الفتى وابنُ العشيرة إنّه يُعطي الجزيلَ ولا يلدُّ الباخِلا
وقال أيضًا:
ذُكِرَ اِبنُ جَدعانَ بِخَيرٍ كُلَّما ذُكِرَ الكِرامُ
مَن لا يَخونُ وَلا يَعِقُ وَلا تُغَيرُهُ اللِئامُ
يَهَبُ النَجيبَةَ وَالنَجيبَ لَهُ الرِحالَةُ وَالزِمامُ
وقال:
عَلِمَ اِبنُ جُدعانَ بِن عَمروٍ أَنَّهُ يَوماً مُدابِر
وَمُسافِراً سَفَراً بَعيداً لا يَأوبُ بِهِ المُسافِرُ
فَقُدورُهُ بِفِنائِهِ لِلضيفِ مُترَعَةٌ زَواخِر
تَبدو الكُسورُ مِن إِن ضِراجِ الغَلي فيها وَالكَراكِر
فَكأَنَهُنَّ بِما حَمَينَ وَما شُحِنَّ بِها ضَرائِر
وَكَأَنَّهُنَّ بِها عُرَينَةُ في طَوائِفِها وَهاجِر
زَبَدٌ وَقَرقَرةٌ كَقَرقَرَةِ الفُحولِ إِذا تُخاطَر
بَذَّ المَعاخِرَ كُلَّها بِالفَضلِ قَد عَلِمَ المَعاشِر
وَعَلا عَلوَّ الشَمسِ حَتّى ما يُفاخِرُهُ مُفاخِرُه
دانَت لَهُ أَبناءُ فَهرٍ مِن بَني كَعبٍ وَعامِر
أَنتَ الجَوادُ إبنُ الجَوادِ بِكُم يُنافِرُ مَن يُنافِر
آباؤُك الشُمُّ المَراجيحُ المَسامِحُ الأَخاير
وقال:
أَبوكَ رَبيعَةَ الخَيرِ بنِ قُرطٍ وَأَنتَ المَرءُ تَفعَلُ ما تَقولُ
أَشمُّ كَأَنَّما حَدَبَت عَلَيهِ بَنو الأَملاكِ تَكنَّفُها القُيولُ
تَصُدُّ مَناكِبَ الأَعداءِ عَنكُم كَراكِرُ مِن أَبي بَكرٍ حَلولُ
كَراكِرُ لا يَبيدُ العِزُّ فيها وَلَكِنَّ العَزيزَ بِها ذَليلُ
وقال:
كَأَنَّما الوَردُ الَذي نَشرُهُ يَعبَقُ مِن طيبِ مَعانيكا
دِماءُ أَعدائِكَ مَسفوكَةً قَد قابَلَت طيبَ أَياديكا
وقال:
وَرَأَيتُ مِن عَبدِ المَدانِ خَلائِقاً فَضَلَ الأَنامِ بِهنَّ عَبدُ مَدانِ
البُرُ يُلبَكُ بِالشِهادِ طَعامَهُم لا ما يُعلِّلُنا بَنو جُدعانُ

وله قصيدة رائعة في مدح رسول الله محمد سوف يأتي الحديث عنها فيما بعد.
• الرّثاء: وقد ظهر هذا الغرض بسبب كثرة الحروب التي كانت تؤدي إلى قتل الأبطال، ومن ثَمَّ يُرثَون. ومن أبرز مميزات غرض الرّثاء:
1- صدق العاطفة.
2- رقة الإحساس والبعد عن التهويل والكذب.
3- ويتحلّى بالصبر والجَلَد.

جاء شعر أمية في الرثاء رائعا ومتماسكا فنيا ولغويا و احتوى على سمات شعر الرثاء الجاهلي وطرائق تعبيره.
ولكنه تميز بمناجاة الطبيعة المحيطة به وإشراكها في التعبير عن مشاعره وإحساسه بمفردات الطبيعة التي ألقى عليها ظلال حالته النفسية وإن جاز لي التعبير أن أقول أنه جاء رومانسيا في رثاءه وهو ما لم يكن معهودا بين الشعراء الجاهليين بصفة عامة وامتاز به شعراء الرومانسية فيما بعد ذلك بقرون عدة، حيث يقول:

أَلاّ بَكَيتَ عَلى الكِرا مِ بَني الكِرامِ أولي المَمادِح
كَبُكا الحَمامِ عَلى فُرو عِ الأَيكِ في الغُصُنِ الصَوادِح
يَبكينَ حَزنى مُستَكي ناتٍ يَرُحنَ مَع الرَوائِح
أَمثالُهُنَّ الباكِيا تُ المُعوِلاتِ مِنَ النَوائِح
مَن يَبكِهِم يَبكِ عَلى حُزنٍ وَيَصدُقُ كُلُّ مادِح
كَم بَينَ بَدرٍ وَالعَقَن قَلِ مِن مَرازبَةٍ جَحاجِح
فَمُدافِعِ البَرقَينِ فَال حَنّانِ مِن طَرفِ الأَواشِح
شُمطٍ وَشُبّانٍ بَهال يلٍ مَغاويرٍ وَحاوِح
أَوَ لا تَرَونَ كَما أَرى وَقَد اِستَبانَ لِكُلِّ لامِح

وحين قال:

عَينُ بَكّى بِالمُسبِلاتِ أَبا الحارِثِ لا تَذخَري عَلى زَمَعَه
وَعَقيلَ بنِ أَسودٍ البَأسِ ليومِ الهياجِ وَالدُفَعَه
فَعَلى مِثلِ هُلكِهُمُ خَوتِ الجَوزاءُ لا خانَةٌ وَلا خَدَعَه
هُمُ الأُسرَةَ الوَسيطَةُ مِن كَعبٍ وَفيهِم كَذورَةُ القَمَعَه

• الحكمة:
ملأت الحكمة كل جوانب شعرأمية بن أبي الصلت فهو الحنيف النصراني الحكيم الذي كان ينتظر النبوة بل كاد يدعيها وحزن حزنا شديدا حد الحقد حين علم أن النبوة أصبحت في دار بني هاشم.
كُلُ عَيشٍ وَإِن تَطاوَلَ دَهراً مُنتَهى أَمرُهُ إِلى أَن يَزولا
لَيتَني كُنتُ قَبلَ ما قَد بَدا لي في رُؤوسِ الجِبالِ أَرعى الوعولا
فَاِجعَلِ المَوتَ نُصبَ عَينِكَ وَاِحذَر غولَةَ الدَهرِ إِنَ لِلدَهرِ غولا
نائِلاً طَرفُها القَساوِرَ وَالصُدعانَ وَالطِفلُ في المَنارِ الشَكيلا
وَبُغاثَ اليَعفُرِ وَاليَعفُرَ النافِرُ وَالعوهَجَ التُؤَامَ الضَئيلا
إِنَ يومَ الحِسابِ عَظيمٌ شابَ فيهِ الصَغيرُ شَيباً طَويلاً


وقد اختلط شعر الحكمة عنده بشعره الديني :
اِصبِرِ النَفسَّ عِندَ كُلِّ مُلِمٍّ إِنَّ في الصَبرِ حيلَةَ المُحتالِ
لا تَضيقَنَّ بِالأُمورِ فَقَد يُكشَفُ غَمّاؤُها بِغَيرِ اِحتيالِ
رُبَّما تَجزَعُ النُفوسُ مِنَ الأَمرِ لَهُ فَرجَةٌ كَحَلِّ العِقالِ

وتميز شعره في الحكمة بالرصانة وتميزت الألفاظ بالجزالة والفخامة لتناسب مقام الكلام:

إِنَّ الغُلامَ مُطيعٌ مَن يُؤَدِّبُهُ وَلا يُطيعُكَ ذو شَيبٍ بِتَأديبِ

وجاءت الصور سهلة والتراكيب اللغوية في شعر الحكمة سهلة لكي تصل إلى عقل المتلقي مباشرة دون سوء فهم ولتترك الأثر المرجو منها في نفس القارىء.
مَن كانَ ذا عَضُدٍ يُدرِك ظَلامَتَهُ إِنَّ الذَليلَ الَذي لَيسَت لَهُ عَضُدُ
تَنبو يَداهُ إِذا ما قَلَّ ناصِرُهُ وَتأنَفُ الضيمَ إِن أَثرى لَهُ عَضُدُ

عاطفة الأبوة: في النصح والعتاب:
ومن نوادر شعره وملحه الرائعة هذه القصيدة التي يخاطب فيها ابنه يعاتبه وينصحه.

وتبدأ القصيدة بصور رائعة تصور عاطفة الأبوة وما قدمه الأب الشيخ لابنه وهي من ملح الشعر الجاهلي وقلما نجد مثيلا لها في تراث الجاهلية الأدبي عامة والشعري خاصة فما وصلنا من الشعر كله عبارة عن نصائح وارشادات من الأب الحكيم المجرب لأولاده الصغار كشعر ذو الاصبع العدواني فيقول أمية بن أبي الصلت:

غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم أَبِت لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
كَأَني أَنا المَطروقُ دونَكَ بِالَذي طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
تَخافُ الرَدى نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني لَأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
ثم يذكر ردة فعلة الولد العاق تجاه أبيه الشيخ المسن فيقول معاتبً إياه:

فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
زَعَمتَ بِأَنّي قَد كَبِرتُ وَعِبتَني لَم يَمضِ لي في السِنُ سِتونَ كُمَّلُ
وَسَمَيتَني باِسِمِ المُفَنَّدِ رَأيُهُ وَفي رَأيِكَ التَفنيدُ لَو كُنتَ تَعقِلُ
تُراقِبُ مِني عَثرَةَ أَو تَنالَها هَبِلتَ وَهذا مِنكَ رَأيٌ مُضَلَلُ
وَإِنَكَ إِذ تُبقي لِجامي موائِلاً بِرَأيِكَ شابّاً مَرَةً لَمُغَفَّلُ

ثم يوجه إليه النصح فيقول:

وَما صَولَةُ الحِقِّ الضَئيلُ وَخَطرُهُ إِذا خَطَرتَ يَوماً قَساورُ بُزَّلُ
تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ كَأَنَهُ بِرَدٍّ عَلى أَهلِ الصَوابِ مُوَكَلُ
وَلَكِنَّ مَن لا يَلقَ أَمراً يَنوبُهُ بِعُدَّتِهِ يَنزِل بِهِ وَهو أَعزَلُ
وقال في النصح أيضًا وهي من جيد أشعاره:

لا يَذهَبنَّ بِكَ التَفريطُ مُنتَظِراً طولَ الأَناةِ وَلا يَطمَع بِكَ العَجَلُ
فَقَد يَزيدُ السُؤالُ المَرءَ تَجرِبَةً وَيَستَريحُ إِلى الأَخبارِ مَن يَسَلُ


• التوحيد: وهي الدعوة إلى الإيمان بالله الواحد وترك عبادة الأصنام وهي الدعوة إلى دين إبراهيم (الحنفية) , أو النصرانية.
وهو القسم الأعظم من شعر أمية الذي وصل إلينا والذي أثار الكثير من الجدل واللغط بسبب ما حمل من شبه بينه وبين آيات القرآن الحكيم ، وهذا ما دفعني لقراءة هذه النصوص عشرات المرات مسترجعًا حفظي لآيات كتاب الله ولا أدري هل يصح في الدراسات الأدبية أن يذكر الباحث شعوره وأحاسيسه أكثر ما يذكر من أدلة وأسانيد علمية موضوعية ليدلل بها على أرائه واستنتاجاته، ولكني وجدتني مدفوعا للحديث عن مشاعري الوجدانية حيال ما قرأت من أشعار أمية بن أبي الصلت وعلاقتها بالقرآن الكريم.

لا أنكر أني قد انتابني وجد حين قرأت تلك الأشعار في المرة الأولى ولكن مع تكرارها وجدت نفسي متثاقلا في القراءة ولم يعد ينتابني ذاك الشعور الوجداني بالدفء والخشوع. إذ أحسست أن هذا المكتوب شعرا مصنوعا وليس من القلب فما خرج من القلب لا يسكن إلا في القلوب ، وقراءة بعد أخرى بدأت أدركت أن الشعر ليس أصيلا فالجملة الشعرية مصنوعة وليست محبوكة والمعاني تتغير من بيت إلى بيت وأصبحت في نهاية الأمر مقتنعا بأن هذا الشعر أقرب إلى النظم منه إلى الشعر الأصيل الخارج من روح الشاعر ووجدانه.

د. عمر فروخ، يؤكد أن القسم الأوفر من شعر أمية قد ضاع، وأنه لم يثبت له على سبيل القطع سوى قصيدته فى رثاء قتلى بدر من المشركين. وبالمثل نراه يؤكد أن كثيرا من الشعر الدينى المنسوب لذلك الشاعر هو شعر ضعيف النسج لا رونق له (د.عمر فروخ/ تاريخ الأدب العربى/ ط5/ دار العلم للملايين/ 1948م/ 1/ 217- 218).

ويري د. شوقى ضيف، والذي حذا حذو زميله‌ د عمر فروخ، بأن المعانى التى يتضمنها شعر أمية مستمدة من القرآن بصورة واضحة، وکل الأشعار المذکورة منسوب زورا إليه، على دعوى ( المستشرق الفرنسى كليمان هوار) بأن "القرآن قد استمد بعض مادته من أشعار أمية". يقول الدكتور ضيف إن ذلك المستشرق لا علم له بالعربية وأساليب الجاهليين، فوقع فى هذا الحكم الخاطئ (د. شوقى ضيف/ العصر الجاهلى/ ط10/ دار المعارف/ 395- 396).

ولعل الدكتور شوقي ضيف كان يقصد أن النصوص الدينية التي وردت على لسان أمية هي مدسوسة عليه أو من صنع الرواة الذين كانوا يتكسبون برواية الأشعار، وليس المفصود أن أمية بن أبي الصلت هو الذي قام بهذا الفعل من الاقتباس والنقل ومن ثم نظم القصائد باستخدام معاني آيات القرآن الكريم.


ولنقرأ معا هذه القصيدة التي اعتقد أن بعض أبياتها من شعر أمية والجزء الأكبر منحول على عادة شعراء العصر الحديث عندما يكتبون قصيدة يضمنونها أبياتا من شعر شاعرٍ آخر.

الحَمدُ للَّهِ مَمسانا وَمَصبَحَنا بِالخَيرِ صَبَّحنا رَبي وَمَسَّانا
رَبُّ الحَنيفَةِ لَم تَنفَد خَزائِنُها مَملؤَةٌ طَبَّقُ الآَفاقَ سُلطانا
أَلا نَبِيَّ لَنا مِنّا فَيُخبِرُنا ما بُعدَ غايَتِنا مِن رأَسِ مَجرانا
بَيَنا يُرَبِّبُنا آَباؤُنا هَلَكوا وَبَينَما نَقتَني الأَولادَ أَفنانا
وَقَد عَلِمنا لَوَ انَّ العِلمَ يَنفَعُنا أَن سَوفَ يَلحَقُ أُخرانا بِأولانا
وَقَد عَجِبتُ وَما بِالمَوتِ مِن عَجبٍ ما بالُ أَحيائِنا يَبكونَ مَوتانا
يا رَبِّ لا تَجعَلَنِّي كافِراً أَبداً واَجعَل سَريرَةَ قَلبي الدَهرَ إِيماناً
واِخلِط بِهِ بُنَيتي واِخلِط بِهِ بَشَري وَاللَحمَ وَالدَمَ ما عُمِّرتُ إِنسانا
إِني أَعوذُ بِمَن حَجَّ الحَجيجُ لَهُ وَالرافِعُونَ لِدينِ اللَهِ أَركانا
مُسَلِّمِينَ إِليهِ عِندَ حَجِّهِمِ لَم يَبتَغوا بِثَوابِ اللَهِ أَثمانا
وَالناسُ رَاثَ عَليهِمُ أَمرُ ساعَتِهِم فَكُلُّهُم قائِلٌ للدينِ أَيّانا
أَيامَ يَلقى نَصارَاهُم مَسيحَهُمُ وَالكائِنينَ لَهُ وُدّاً وَقُربانا
هُم ساعَدوهُ كَما قَالوا الهِهِم وَأَرسَلوهُ يَسوفُ الغَيثَ دُسفانا
ساحي أَياطِلَهُم لَم يَنزَعوا تَفَثاً وَلَم يَسلُّوا لَهُم قَملاً وصئِباناً

أمية بن الصلت قال عنه نبى الإسلام " آمن شعره وكفر قلبه " ، شعر هذا الرجل وجد طريقه لقلب محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يكن لرسول الله أن يقول هذا على رجل الا كان رجلا عظيما وشاعرا قديرا بمعنى الكلمة حيث قال:

نَهراً جارياً وَبَيتاً عَليّاً يَعتَري المُعتَفينَ فَضلُ نَداكا
في بَراحٍ مِنَ المَكارِمِ جَزلٍ لَم تُعَلِقهُم بِلَقطِ حَصاكا
لا نَخافُ المُحولَ إِن هَرَشَ الدَهرُ وَلا نَنتَوي لِأَهلٍ سِواكا

وهو من الحنفاء الذين ثاروا على عبادة الأصنام وآمنوا بالله الواحد واليوم الآخر، وأزعجهم التردِّى الخلقى الذى كان شائعا فى الجزيرة العربية، وتطلعوا إلى نبى يُبْعَث من بين العرب، بل إنه هو بالذات كان يرجو أن يكون ذلك النبى، ولو كان رسول الله قد أخذ عنه لعرفت العرب كلها ذاك ولكان سببا في انصراف الناس عن النبي محمد وخاصة أن ثقيف لم تكن ببعيدة عن ديار قريش ولا بد أن أشعار أمية كانت معروفة عند القرشيين.

وقال:

وقال:

دَحَوتَ البِلادَ فَسَوَّيتَها وَأَنتَ عَلى طَيِّها قادِرُ

وكان أمية يخالط رجال الدين ويقرأ كتبهم ويقتبس منها فى أشعاره. وكان رجل أسفار وتجارة، كما كان يمدح بعض كبار القوم كعبد الله بن جدعان وينال عطاياهم وينادمهم على الخمر، وإن قيل إنه قد حرَّمها بعد ذلك على نفسه، وهذه صفات لا ينفرد بها أمية وحده ولكن مثل هذه الأمور شاعت بين دعاة الحكمة والحنفية والنصارى من الجاهليين، وعلى هذا لا يمكن أن تكون سندا له على أنه كان مصدرا من مصادر القرآن الذي أنزله الله تعالى فالروحانية التي تتملك كل من يقرأ القرآن لا بد وأن يدرك أن هناك حدا فاصلا بين القرآن وأشعار حكماء الجاهلية حتى وإن تشابه اللفظ أو المعني فبغض النظر عن قضية الانتحال تلك فالشاعر الجاهلي المتحنف كان يدرك من دين ابراهيم أن هنالك اله واحد ولا ريب أن يكون على علم بقصة فداء سيدنا اسماعيل عليه السلام ولا غضاضة في ذكر ذلك في أشعارهم.

عِندَ ذِي العَرشِ يُعرَضونَ عَليهِ يَعلَمُ الجَهرَ وَالكَلامَ الخَفِيّا
يَومَ نَأتيهِ وَهوَ رَبٌّ رَحيمٌ إِنَهُ كانَ وَعدُهُ مَأتِيّا
يَومَ نَأتيهِ مِثلَما قالَ فَرداً لَم يَذَر فيهِ راشِداً وَغَوِيّا
أَسَعيدٌ سَعادَةً أَنا أَرجو أَم مُهانٌ بِما كَسَبتُ شَقيّا
رَبِّ إِن تَعفُ فالمُعافاةُ ظَنّي أَو تُعاقِب فَلم تُعاقِب بَرِيّا

وتذكر لنا الروايات مع ذلك أنه وفد على النبى ذات مرة وهو لا يزال فى أم القرى واستمع منه إلى سورة "يس" وأبدى تصديقه به مؤكدا لمن سأله من المشركين أنه على الحق، ولو هنالك شبة أن القرآن كان المصدر الشعر وخاصة شعر أمية بن أبي الصلت لعرف أمية ذلك وتباهى به أمام العرب ولأنكر نبوة محمد علنا . و هو من قال:

إِلى اللَهِ أُهديَ مِدحَتي وَثَنائِيا وَقَولاً رَصيناً لا يَني الدَهرَ باقِيا
إِلى المَلكِ الأَعلى الَّذي لَيسَ فَوقَهُ إِلَهٌ وَلا رَبٌّ يَكونُ مُدانِيا
وَأَشهَدُ أَنَّ اللَهَ لا شَيءَ فَوقَهُ عَلِيّاً وَأَمسى ذِكرُهُ مُتَعاليا
أَلا أَيُّها الإِنسانُ إِياكَ وَالرَدى فَإِنَّكَ لا تُخفي مِنَ اللَهِ خافِيا

وقال:
إِذا قيلَ مَن رَبُّ هَذي السَما فَلَيسَ سِواهُ لَهُ يَضطَرِب
وَلو قيلَ رَبٌّ سِوى رَبِّنا لَقالَ العِبادُ جَميعاً كَذِب

وتُجْمِع المصادر على أنه مات كافرا حَسَدًا منه وبَغْيًا، إذ ما إن بلغه مبعث النبى محمد حتى ترك الطائف فارًّا إلى اليمن ومعه بنتاه اللتان تركهما هناك، وأخذ يجول فى أرجاء الجزيرة ما بين اليمن والبحرين ومكة والشام والمدينة والطائف وإن قال:

كما جاء فى إحدى الروايات، كان قد اعتزم أن يذهب إلى المدينة للقاء الرسول مرة أخرى وإعلان دخوله فى الدين الجديد، لكن الكفار خذّلوه وأثاروا نار حقده على محمد من خلال تذكيره بأنه قتل أقاربه فى بدر ورماهم فى القليب، فما كان منه إلا أن عاد أدراجه بعد أن شقّ هدومه وبكى وعقر ناقته مثلما يصنع الجاهليون. ثم لم يكتف بهذا، بل رثى هؤلاء القتلى وأخذ يحرض المشركين على الثأر لهم منضمًّا بذلك إلى جبهة الشرك والوثنية ضد الإسلام، وظل هكذا حتى لقى حتفه على خلاف فى السنة التى مات فيها ما بين الثانية للهجرة إلى التاسعة منها قبل فتح النبى الطائف بقليل، وهو الأرجح (شعراء النصرانية قبل الإسلام/ ط2/ دار المشرق/ بيروت/219 وما بعدها ).

يوقَفُ الناسُ لِلحِسابِ جَميعاً فَشَقيٌّ مُعَذَّبٌ وَسَعيدُ

وقال:

وَالطّوطَ نَزرَعُهُ فيها فَنَلبَسُهُ وَالصوفَّ نَجتَزُّهُ ما أَدفأَ الوَبَرُ
هِىَ القَرارُ فَما نَبغي لَها بَدَلا ما أَرحَمَ الأَرضَ إِلاّ أَنَّنا كُفُرُ
وَطَعنَةُ اللِ في الأَعداءِ نافِذَةٌ تُعيِي الأَطِباءَ لا يُلوي لَها السُبُرُ
مِنها خُلِقنا وَكانَت أُمُنا خُلِقَت وَنَحنُ أَبناؤُها لَو أَنَنا شُكُرُ
ولأمية ديوان شعر يختلط فيه الشعر الصحيح النسبة له بالشعر المنسوب له ولغيره بالشعر الذى لا يبعث على الاطمئنان إلى أنه من نظمه، وهذا القسم الأخير هو الغالب وقال:

كَيفَ الجُحودُ وَإِنَما خُلِقَ الفَتى مِن طينِ صَالصالٍ لَهُ فَخّارُ

وقال:

ومن الشعر الدينى المنسو ب إليه ما يقترب اقترابا شديدا من القرآن الكريم معنًى ولفظًا وكأننا بإزاء شاعرٍ وَضَع القرآنَ بين يديه وجَهَدَ فى نظم آياته شعرا. ومن هذه الأشعار الشواهد التالية:


وقال:

لَكَ الحَمدُ والمَنُّ ربَّ العِبادِ أَنتَ المَليكُ وأَنتَ الحَكَم
وَدِن دينَ رَبِّكَ حَتّى اليَقِينِ واجتَنِبَنَّ الهَوى والضَجَم
مُحَمداً أَرسَلَهُ بالهُدى فَعاشَ غَنِياً وَلم يُهتَضَمُ

وقد رفض د. جواد على هذه القصيدة على أساس أن ما فيها من إيمان قوى بالنبى ودينه يتناقض مع ما نعرفه من تردد أمية بالنسبة للإسلام وافتقار قلبه إلى الإيمان العميق، وأنه يشير فيها إلى وفاة الرسول التى لم تقع إلا بعد موت أمية أوّلا (المفصَّل فى تاريخ العرب قبل الإسلام/ 6/ 497- 498).

لكن بهجة الحديثى لا يشك فى القصيدة، بل يرى أنها تمثل خطرة من الخطرات التى كانت تنتاب أمية، فالمعروف أنه لم يكفر بالرسول تكذيبا بل حسدا، إذ كان فى دخيلة نفسه مصدِّقا بما جاء به، بل همّ أن يعلن إسلامهفعلا. كما أن الأنطاكى، الذى كان يعيش فى القرن الثالث الهجرى، قد أكد أنها موجودة فى شعره ومفهومة عند أهل الخبرة به (أمية بن أبى الصلت/ 78- 79).

وقال:

وَبِفِرعَونَ إِذا تَشاقَّ لَهُ الماءُ فَهَلّا لِلَّهِ كانَ شَكورَ
قالَ إِني أَنا المُجيرُ عَلى الناسِ وَلا رَبَّ لي عَليَّ مُجيرا
فَمَحاهُ الاِلَهُ مِن دَرَجاتٍ نامياتٍ وَلَم يَكُن مَقهورا
سُلِبَ الذِكرَ في الحَياةِ جَزاءً وَأَراهُ العَذابَ وَالتَدميرا

أمية بن أبي الصلت وسورة مريم:

لنقرأ هذه القصيدة ونتذكر سورة مريم في القرآن الكريم:
وَفي دينِكُم مِن رَبٍ مَريمَ آيةٌ مُنَبِّئَةٌ بِالعَبدِ عِيسى اِبنِ مَريمِ
اَنابَت لِوَجهِ اللَهِ ثُمَّ تَبتَّلَت فَسَّبَحَ عَنها لَومةَ المُتَلَوِّمِ
فَلا هِيَ هَّمَت بالنِكاحِ وَلا دَنَت إِلى بَشرٍ مِنها بِفَرجٍ وَلا فَمِ
ولَطَّت حِجابَ البَيتِ مِن دُونِ أَهلِها تغَيَّبُ عَنهُم في صَحاريِّ رِمرِمِ
يَحارُ بِها السارِي إِذا جَنَّ لَيلُهُ ولَيسَ وإِن كانَ النَهارُ بِمُعلَمِ
تَدّلى عَليها بَعدَ ما نَامَ أَهلُها رَسولٌ فَلم يَحصَر ولَم يَتَرَمرَمِ
فَقالَ أَلا لا تَجزَعي وتُكذِّبي مَلائِكَةً مِن رَبِ عادٍ وجُرهُمِ
أَنيبي وأَعطي ما سُئِلتِ فاِنَّني رَسولٌ مِن الرَحمنِ يَأتِيكِ بابنَمِ
فَقالت لَهُ أَنّى يَكونُ ولَم أَكُن بَغيّاً ولا حُبلى ولا ذاتَ قَيّمِ
أَأُحرَجُ بالرَحمنِ إِن كُنتَ مُسلِماً كَلامِيَ فاقعُد ما بَدا لَكَ أَو قُمِ
فَسَبَّحَ ثُمَّ اغتَرَّها فالتَقَت بِهِ غُلاماً سَوِيَّ الخَلقِ لَيسَ بِتَوأَمِ
بِنَفخَتِهِ في الصَدرِ مِن جَيبِ دِرعها وما يَصرِمِ الرَحمَنُ مِلأَمرِ يُصرَمِ
فَلمّا أَتَمَتَّهُ وجاءَت لِوضعِهِ فآوى لَهُم مِن لَومِهم والتَنَدُّمِ
وَقالَ لَها مَن حَولَها جِئتِ مُنكَراً فَحَقٌّ بأَن تُلحَي عَلَيهِ وتُرجَمي
فَأَدرَكَها مِن ربّها ثُمَّ رَحمَةً بِصِدقِ حَديثٍ مِن نَبيٍّ مُكَلَّمِ
فَقالَ لَها إِنّي مِنَ اللَهِ آَيةٌ وَعَلَّمَني واللَهُ خَيرُ مُعَلِّمِ
وأُرسِلتُ لَم أُرسَل غَويّاً ولَم أَكُن شَقيّاً ولَم أُبعَث بِفُحشٍ وَمَأثَمِ
أمية والقرآن:

وقد ظلت طوائف المبشرين يزعمون أن القرآن مسروق من شعر أمية بن أبى الصلت لهذه المشابهات. والواقع أن عددا من كبار دارسى الأدب الجاهلى، من المستشرقين قبل العرب والمسلمين، قد رَأَوْا عكس هذا الذى يزعمه المبشرون، إذ قالوا بأن هذه الأشعار التى تُنْسَب لأمية مما يتشابه مع ما ورد فى القرآن عن خلق الكون والسماوات والأرض، وعن العالم الآخر وما فيه من حساب وثواب وعقاب وجنة ونار، وعن الأنبياء السابقين وأقوامهم وما إلى ذلك، هى أشعار منحولة عليه. قال ذلك على سبيل المثال تور أندريه وبروكلمان وبراو من المستشرقين، ود. طه حسين والشيخ محمد عرفة ود.عمر فروخ ود.شوقى ضيف ود. جواد على وبهجة الحديثى من العلماء العرب.
حَنانيكَ إِنَّ الجِنَّ كُنتَ رَجاءَهُم أَرى أَدينُ إِلَهاً غَيرَكَ اللَهُ ثانِياً
وَأَنتَ الَّذي مِن فَضلِ مَنٍّ وَرَحمَةٍ بَعثتَ إِلى موسى رَسولاً مُنادِيا
فَقالَ أَعِنّي بِاِبنِ أُمَتي فَإِنَني كَثيرٌ بِهِ يا رَبِّ صِل لي جَناحِيا
فَقُلتَ لَهُ فإِذهَب وَهرونَ فَاَدعو إِلى اللَهِ فِرعَونَ الَّذي كانَ طاغِيا
وَقولا لَهُ أَأَنتَ سَويتَ هَذِهِ بِلا وَتَدٍ حَتّى إِطمَأَنَّت كَما هِيا
وَقولا لَهُ أَأَنتَ رَفَّعتَ هَذِهِ بِلا عَمَدٍ أَرفِق إِذاً بِكَ بانِيا
فالمستشرق الألمانى كارل بروكلمان يؤكد أن أكثر ما يُرْوَى من شعر أمية هو فى الواقع منحول عليه، ماعدا مرثيته فى قتلى المشركين ببدر، وأنه إذا كان كليمن هوار المستشرق الفرنسى قد زعم أن شعره كان مصدرا من مصادر القرآن، فإن الحق ما قال تور أندريه من أن الأشعار التى نظر إليها هوار فى اتهامه هذا إنما هى نَظْمٌ جَمَع القُصَّاصُ فيه ما استخرجه المفسرون من مواد القصص القرآنى، وأن هذه الأشعار لا بد أن تكون قد نُحِلَتْ لأمية منذ عهد مبكر لا يتجاوز القرن الأول للهجرة، فقد سماه الأصمعى: "شاعر الآخرة"، كما أراد محمد بن داود الأنطاكى أن يفتتح القسم الثانى فى الدِّينِيّات من كتابه "الزهرة" بأشعار أمية (كارل بروكلمان/ تاريخ الأدب العربى/ ترجمة د. عبد الحليم النجار/ ط4/ دار المعارف/ 1/ 113).
ثُمَ لوطُ أَخو سَدّومَ أَتاها إَذ أَتاها بِرُشدِها وَهَداها
عَرَضَ الشَيخُ عِندَ ذاكَ بَناتٍ كَظِباءٍ بِأَجزَعِ تَرعاها
غَضِبَ القومُ عِندَ ذاكَ وَقالوا أَيُّها الشَيخُ خُطبَةً نَأباها

وقال:

وَمَن صُنعِهِ يَومَ فَيلِ الحَبوش إِذ كُلُّ ما بَعَثوه رَزَم
مَحاجنُهم تَحتَ أَقرابهِ وقَد شَرَموا أَنفَهُ فانخَرم
وقَد جَعلوا سوطَهُ مِغولاً إِذا يَمَّموهُ فَفاهَ كلم
فَوَّلى وأَدبَر أَدراجَهُ وقَد باءَ بالظُلمِ مَن كانَ ثم
فاَرسل مِن فَوقَهُم حاصِباً فَلفَّهمُ مِثلَ لفِّ القَزَم
تَحضُّ عَلى الصَبرِ أَحبارَهُم وقَد ثأَجوا كثُؤاجِ الغَنَم

وقال:

الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي لَم يَتَخِذ وَلَداً وَقَدَّرَ خَلقَهُ تَقديرا
وَعَنا لَهُ وَجهي وَخَلقي كُلُهُ في الخاشِعينَ لِوجهِهِ مَشكورا

وعند طه حسين أن "هذا الشعر الذى يضاف إلى أمية بن أبى الصلت وإلى غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبى (ص) وجاؤوا قبله إنما نُحِلَ نَحْلاً. نحله المسلمون ليثبتوا أن للإسلام قُدْمَةً وسابقةً فى البلاد" (فى الأدب الجاهلى/ دار المعارف/ 1958م/ 145).

ويرى الشيخ محمد عرفة أنه لو كانت هناك مشابهةٌ فعلا بين شعر أمية والقرآن الكريم لقال المشركون، الذين تحداهم الرسول بأن يأتوا بآية من مثله، إن أمية قد سبق أن قال فى شعره ما أورده هو فى القرآن زاعمًا أنه من لدن الله. لكنهم لم يقولوا هذا، بل اتهموه بأنه إنما يعلّمه عبد أعجمى فى مكة. كذلك يؤكد أن شعر أمية لا يشبه فى نسيجه شعر الجاهلية القوى المحكم، إذ هو شعر بيِّن الصنعة والضعف على غرار شعر المولَّدين. ومن هنا كان هذا الشعر المنسوب لذلك المتحنف الطائفى هو شعر منحول عليه ومنسوب زورا إليه (من تعليق الشيخ محمد عرفة على مادة "أمية بن أبى الصلت" فى "دائرة المعارف الإسلامية"/ 4/ 465).

وقال:

قَد كانَ ذو القَرنَينِ قَبلي مُسلِماً مَلِكاً عَلا في الأَرضَ غَيرَ مُعَبَّدُ
بَلَغَ المَشارِقَ وَالمَغارِبَ يَبتَغي أَسبابَ مُلكٍ مِن كَريمٍ سَيِّدِ
فَرَأى مَغيبَ الشَمسِ عِندَ مَآبِها في عَينِ ذي خُلُبٍ وَيأطِ حَرمَدِ
مِن قَبلِهِ بَلقيسُ كانَت عَمَّتي حَتى تَقَضّى مُلكُها بِالهُدهُدِ

أمية وطوفان نوح:

وهذه القصيدة تحكي قصة طوفان نوح وسفينته:

جَزى اللَهُ الأَجَلُّ المَرءَ نوحاً جَزاءَ البِرِّ لَيسَ لَهُ كِذابُ
بِما حَمَلَت سَفينَتُهُ وَأَنجَت غَداةَ أَتاهُمُ المَوتُ القُلابُ
وَفيها مِن أَرومَتِهِ عِيالٌ لَديهِ لا الظِماءُ وَلا السِغابُ
وَإِذ هُم لا لَبوسَ لَهُم تَقيهِم وَإِذ صَمُّ السِلامِ لَهُم رِطابُ
عَشِيَّةَ أَرسَلَ الطوفانَ تَجري وَفاضَ الماءُ لَيسَ لَهُ جِرابُ
عَلى أَمواجِ أَخضَرَ ذي حَبيكٍ كَأَنَّ سُعارَ زاخِرِهِ الهِضابُ
وَأُرسِلَتِ الحَمامَةُ بَعدَ سَبعٍ تَدُلُّ عَلى المَهالِكِ لا تَهابُ
تَلَمَّسُ هَل تَرى في الأَرضِ عَيناً وَغايَتُهُ بِها الماءُ العُبابُ
فَجاءَت بَعدَما رَكَضَت بِقِطفٍ عَلَيهِ الثَأطُ وَالطينُ الكُثابُ
فَلَمّا فَرَّشوا الآياتِ صاغوا لَها طَوقاً كَما عُقِدَ السِخابُ
إِذا ماتَت تُوَرِّثُهُ بَنيها وَإِن تُقتَل فَلَيسَ لَها اِستِلابُ
بِآيَةِ قامَ يَنطُقُ كُلُّ شَيءٍ وَخانَ أَمانَةَ الديكِ الغُرابُ
كَذي الأَفعى يُرَبّيها لَدَيهِ وَذي الجِنِيِّ أَرسَلَها تُسابُ
فَلا رَبُّ المَنِيَّةِ يَأمَنَنها وَلا الجِنِيُّ أَصبَحَ يُستَتابُ
بِإِذنِ اللَهِ فَاِشتَدَت قِواهُم عَلى مَلَكَينِ وَهيَ لَهُم وِثابُ
وَفيها مِن عِبادِ اللَهِ قَومٌ مَلائِكُ ذُلِّلوا وَهُمُ صِعابُ
سَراةُ صَلابَةٍ خَلقاءَ صيغَت تُزِلُّ الشَمسَ لَيسَ لَها إِيابُ
وَأَعلاقُ الكَواكِبِ مُرسَلاتٌ تُرَدَّدُ وَالرِياحُ لَها رِكابُ
وَأَعلاطُ النُجومِ مُعَلَّقاتٌ كَحَبلِ القِرقِ غايَتُها النِصابُ
غُيوثٌ تَلتَقي الأَرحامُ فيها تُحِلُّ بِها الطَروقَةُ وَاللِجابُ
وَتَرذى النابُ وَالجَمعاءُ فيهِ بِوَحشِ الأَصمَتَينِ لَهُ ذُبابُ

وبعد قراءة هذه القصيدة عدة مرات والرجوع للكثير من المراجع والمعاجم الاسلامية والعربية لا حظت أن قصة الطوفان هنا تأتي وفيها حكايات مما ورد في التوراة والانجيل والقرآن والاسرائيليات وأشياء أخرى لم أجد لها مصدرا أو شبيها في كل كتب التراث أو الكتب السماوية.

كما أن لغتها صعبة حتى معجميا وكأن من كتبها كان ينحت في صخر اللغة لكي يجد الكلمات التي يثبتها.

ولاحظت اضظراب بعض المعاني وتفكك القصيدة من الناحية البنائية الدرامية.

ويختلف الجو النفسي للقصيدة في أماكن مختلفة من أجزائها و قد ساورني الشك في أن كاتب هذه القصيدة ليس شخص واحد وإنما عدة أشخاص.

ويبدو لي – وهذا مجرد شك – أن هذه الأبيات كتبت بواسطة أكثر من راوٍ وفي كل له ثقافته ولغته وامكانته الابداعية وكتبت في عصور مختلفة وليس في نفس العصر.

أمية بن أبي الصلت ويوم القيامة:

يقول المستشرق براو كاتب مادة "أمية بن أبى الصلت" بـالطبعة الأولى من "دائرة المعارف الإسلامية"، تعليقا على اتهام هوار للقرآن بأنه قد استمد بعض مواده من أشعار أمية، إن صحة القصائد المنسوبة لهذا الشاعر أمر مشكوك فيه، شأنها شأن أشعار الجاهليين بوجه عام، وإن القول بأن محمدا قد اقتبس شيئا من قصائد أمية هو زعم بعيد الاحتمال لسبب بسيط، هو أن أمية كان على معرفة أوسع بالأساطير التى نحن بصددها، كما كانت أساطيره تختلف فى تفصيلاتها عما ورد فى القرآن.

جَهَنَّمُ تِلكَ لا تُبقي بَغيّاً وَعَدنٌ لا يُطالِعُها رَجيمُ
إِذا شَبَّت جَهَنَّمُ ثُمَّ فارَت وَأَعرَضَ عَن قَوابِسِها الجَحيمُ
تُحَشُّ بِصَندَلٍ صُمٍّ صِلابٍ كَأَنَّ الضاحِياتِ لَها قَضيمُ
فَتَسَمو ما يُعنيها ضَراءٌ وَلا تَخبو فَيَبرَدُها السَمومُ
فَهُم يَطغونَّ كَالأَقذاءِ فيها لَئِن لَم يَغفِر الرَّبُ الرَحيمُ
بِدانيَةٍ مِنَ الآفاتِ نَزهٍ بَراءٍ لا يُرى فيها سَقيمُ
سَواعِدُها تَحَلَّبُ لا تُصرّى بِها الأَيدي مُحَلَّلَةً تَحومُ
يَفيضُ حُلابُها مِن غيرِ ضَرعٍ وَلا بَشَمٌ وَلا فيها جُزومُ
فَيُحرَمُ عَنهُم لِكُلِّ عَزفٍ عَجيجٌ لا أَحذُّ وَلا يَتيمُ
فَذا عَسَلٌ وَذا لَبَنٌ وَخَمرٌ وَقَمحٌ في مَنابِتِهِ صَريمُ
وَنَخلٌ ساقِطُ القِنوانِ فيهِ خِلالَ أُصولِهِ رُطَبٌ قَميمُ
وَتُفّاحٌ وَرُمّانٌ وَتينٌ وَماءٌ بارِدٌ عَذبٌ سَليمُ
وَفيها لَحمُ ساهِرَةٍ وَبَحرٍ وَما فاهوا بِهِ لَهُمُ مُقيمُ
وَحَورٌ لا يَرينَ الشَمسَ فيها عَلى صَورِ الدُمى فيها سُهومُ
نَواعِمُ في الأَرائِكِ قاصِراتٌ فَهُنَّ عقائِلٌ وَهُمُ قُرومُ
عَلى سُرُرٍ تُرى مُتَقابِلاتٍ أَلا ثَمَّ النَضارَةُ وَالنَعيمُ
عَلَيهِم سُندُسٌ وَجيادُ رَيطٍ وَديباجٍ يُرى فيها قُتومُ
وَحُلّوا مِن أَساورَ مِن لُجَينٍ وَمِن ذَهَبٍ وَعَسجَدَةٍ كَريمُ
وَلا لَغوَ وَلا تَأثيمَ فيها وَلا غَولٌ وَلا فيها مُليمُ
كَأسٌ لا تَصدَعُ شارِبيها يَلَذُّ بِحُسنِ رُؤيَتِها النَديمُ
تُصَفَّقُ في صِحافٍ مِن لُجَينٍ وَمِن ذَهَبٍ مُبارَكَةٍ رَذومُ
إِذا بَلَغو الَّتي أَجروا إِليها تَقبَلَهُم وَحُلِّلَ مَن يَصومُ
وَخُفِّفَت النُذورُ وَأَردَفتهُم فُضولُ اللَهِ وَاِنتَهَتِ القُسومُ
وَتَحتَهُمُ نَمارِقُ مِن دَمَقسٍ وَلا أَحَدٌ يُرى فيهِم سَئيمُ
سَلامَكَ رَبَّنا في كُلِّ فَجرٍ بَريئاً ما تَليقُ بِكَ الذُمومُ
عِبادُكَ يُخطِؤونَ وَأَنتَ رَبٌّ بِكَفَيّكَ المَنايا وَالحتومُ
غَداةَ يَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ أَلا يالَيتَ أُمَّكُمُ عَقيمُ
فَلا تَدنو جَهَنَّمُ مِن بَريءٍ وَلا عَدنٌ يَحِلُّ بِها الأَثيمُ
بَريءُ النَفسِ لَيس لَها بِأَهلٍ وَلَكِنَّ المُسيءَ هوَ المَلومُ
تَأَمَّل صُنعَ رَبِّكَ غَيرَ شَكٍ بِعينِكَ كَيفَ تَختَلِفُ النُجومُ
فَما تَجري سَوابِقُ مُلجَماتٌ كَما تَجري وَلا طَيرٌ يَحومُ
رَوابٍ في النَهارِ فَما تَراها وَيمشي مَشيَ لَيلَتِها تَعومُ
هوَ المُجرى سَوابِقَها سِراعاً كَما حَبَسَ الجِبالَ فَما تُريمُ
وَكَم كُنّا بِها مِن فَرطِ عامٍ وَهَذا الدَهرُ مُقتَبَلٌ حَسومُ
وَما يَبقى عَلى الحِدثانِ غُفرٌ بِشاهِقَةٍ لَهُ إِمٌّ رَؤومُ
تَبيتُ اللَيلَ حانيَةً عَلَيهِ كَما يَخَرمِسَّ الأَرخُ الأَطومُ
تَصَدّى كُلَّما طَلَعتَ لِنَشزٍ وَوَدَّتَ إِنَّها مِنهُ عَقيمُ
أَلا يا وَيلَهُم مِن حَرِّ نارِ كَصَرخَةِ أَربَعينَ لَها وَزيمُ
وَلا يَتَنازَعونَ عِنانَ شِركٍ وَلا أَقواتَ أَهلِهِمُ القُسومُ
وَلا قَرنٌ يُقَزَّزُ مِن طَعامٍ وَلا نَصِبٌ وَلا مولى عَديمُ

• الدعوة للدين الجديد والإشادة بالرسول الكريم:

يضيف المستشرق براو ، وإن استبعد أن يكون أمية قد اقتبس شيئا من القرآن، لا يرى ذلك أمرا مستحيلا. وهو يعلل التشابه بين أشعار أمية وما جاء فى القرآن الكريم بالقول بأنه قد انتشرت فى أيام البعثة وقبلها بقليل نزعات فكرية شبيهة بآراء الحنفاء استهوت الكثيرين من أهل المدن كمكّة والطائف، وغذّتها ونشّطتها كلٌّ من تفاسير اليهود للتوراة وأساطير المسلمين. ثم يخبرنا براو بما توصَّل إليه تور أندريه من أنه ليس فى قصائد أمية الدينية ما هو صحيح النسبة إليه، وأن هذا اللون من شعره هو من انتحال المفسرين (دائرة المعارف الإسلامية/ الترجمة العربية/ 4/ 463- 464).

المُطعِمونَ الطَعامَ في السَنَةِ ال أَزمَةِ وَالفاعِلونَ لِلزَّكَواتِ


أما د. عمر فروخ فيؤكد أن القسم الأوفر من شعر أمية قد ضاع، وأنه لم يثبت له على سبيل القطع سوى قصيدته فى رثاء قتلى بدر من المشركين. وبالمثل نراه يؤكد أن كثيرا من الشعر الدينى المنسوب لذلك الشاعر هو شعر ضعيف النسج لا رونق له (د.عمر فروخ/ تاريخ الأدب العربى/ ط5/ دار العلم للملايين/ 1948م/ 1/ 217- 218).


إِنَّ الحَدائِقَ في الجِنانِ ظَليلَةٌ فيها الكَواعِبُ سِدرُها مَخضودُ
ويرى د. شوقى ضيف أن المعانى التى يتضمنها شعر أمية مستمدة من القرآن بصورة واضحة، إلا أنه لا يرتب على ذلك أن يكون أمية قد تأثر بالقرآن، بل يؤكد أن الشعر الذى يحمل اسمه هو شعر ركيك مصنوعٌ نَظَمَه بعضُ القُصّاص والوُعّاظ فى عصور متأخرة عن الجاهلية. وردًّا على دعوى هوار بأن القرآن قد استمد بعض مادته من أشعار أمية يقول الأستاذ الدكتور إن ذلك المستشرق لا علم له بالعربية وأساليب الجاهليين، وإلا لتبين له أنها أشعار منحولةٌ بيِّنة النحل، ولما وقع فى هذا الحكم الخاطئ (د. شوقى ضيف/ العصر الجاهلى/ ط10/ دار المعارف/ 395- 396

كَثَمودَ الَّتي تَفتَكَت الدينَ عُتّياً وَأُمَّ سَقبٍ عَقيرا
ناقَةٌ لِلآِلَهِ تَسرَحُ في الأَرضِ وَتَنتابُ حَولَ ماءٍ قَديرا
فَأَتاها أُحَيمِرٌ كَأَخي السَهمِ بِعَضبٍ فَقالَ كوني عَقيرا
فَأَبَتُّ العُرقوبَ وَالساقَ وَمَضي في صَميمِهِ مَكسورا
فَرَأى السَقبُ أُمَّهُ فارَقَتهُ بَعدَ إِلفِ حَنيِيَّةً وَظَؤورا
فَأَتى ضَخرَةً فَقامَ عَلَيهِم صَعقَةً في السَماءِ تَعلو الصُخورا
فَرَغا رَغوَةً فَكانَت عَلَيهِم رَغوَةُ السَقبِ دُمِّروا تَدميرا
فَأُصيبوا إِلا الذَريعَةَ فَاتَت مِن جَواريهِمُ وَكانَت جَرورا
سِنفَةٌ أُرسِلَت تُخبِرُ عَنهُم أَهلَ قُرحٍ بِها قَد أَمسوا ثَغورا
فَسَقوها بَعدَ الحَديثِ فَماتَت وَاِنتَهى رَبُنَا وَأَوفى حَقيرا
سَنَةٌ أَزمَةٌ تُخَيَّلُ بِالناسِ تَرى لِلعِضاهِ فيها وَأَوفى صَريرا
إِذ يَسَفّونَ بِالدَقيقِ وَكانوا قَبلُ لا يَأكُلونَ شَيئاً فَطيرا
وَيَسوقونَ باقِراً يَطرُدُ السَهلَ مَهازيلَ خَشيَةً أَن يَبوراً
عاقِدينَ النيرانَ في شُكُرِ أَرذَنابٍ مِنها لِكَي تَهيجُ البُحورا
فاِشتَوتَ كُلُها فَهاجَ عَليهِم ثُمَّ هاجَت إِلى صَبيرٍ صَبيرا
فَرَآها الآِلَهُ تُرسَمُ بِالقَطرِ وَأَمسى جانِبَهُم مَمطورا
فَسَقاها نَشاطَهُ واكِفُ النَبتِ مُنَّةٍ إِذ وادَعوهُ الكَبيرا
سَلَعٌ ما وَمِثلُهُ عَشَرٌ ما عائِلٌ ما وَعالَت البَيقورا
لا عَلى كَوكَبٍ بِنوءٍ وَلا ريحٍ جَنوبٍ وَلا تَرى طَخرورا
لَم أَنَل مِنهُم فَسيطاً وَلا زُبُداً وَلا فُوقَهُ وَلا قَطميرا
أُر كِسوا في جَهَنَّمَ إِنَهُّم كانوا عُتاةً تَقولُ اِفَكاً وَزورا
حَولَ شَيطانَهُم أَبابيلُ رِبيونَ شَدوا سِنَوَّراً مَدسورا

وقال:

قالَت لأُختٍ لَهُ قُصّيهِ عَن جُنُبٍ وَكَيفَ تَقفو بِلا سَهلٍ وَلا جَدَدِ

أما بهجة عبد الغفور الحديثى فإنه يقسم شعر أمية الدينى إلى قسمين: قسم يظهر عليه أثر الحنيفية وكتب اليهود والنصارى، وقسم يظهر عليه أثر القرآن. وهو يميل إلى أن يكون القسم الأول له كما يظهر من أسلوبه ومعانيه، أما الثانى فمنحول عليه بدليل ما يبدو عليه من ركاكة لغته وضعف صياغته، ومن أسلوبه المستمد من القرآن (أمية بن أبى الصلت- حياته وشعره/ 127)

سُبحانَهُ ثُمَ سُبحاناً يَعودُ لَهُ وَقَبلَنا سَبَّحَ الجودِيُّ وَالجُمُدُ

وقال:

الحَمدُ لِلَّهِ لا شَريكَ لَهُ من لم يَقلها فَنَفسَهُ ظَلَما

وقال:

الحَمدُ للَّهِ مَمسانا وَمَصبَحَنا بِالخَيرِ صَبَّحنا رَبي وَمَسَّانا
رَبُّ الحَنيفَةِ لَم تَنفَد خَزائِنُها مَملؤَةٌ طَبَّقُ الآَفاقَ سُلطانا
أَلا نَبِيَّ لَنا مِنّا فَيُخبِرُنا ما بُعدَ غايَتِنا مِن رأَسِ مَجرانا
خصائص الشعر عند أمية بن أبي الصلت:
أ‌- خصائص الألفاظ: 1- تميل إلى الرقة والفخامة.
فَما أَنابوا لِسَلمٍ حينَ تُنذِرُهُم رُسلُ الآِلَهِ وَما كانوا لَهُ عَضُدا

2- خالية من الأخطاء، وبها من الألفاظ الأعجميّة ما يدل على أنه اختلط بغير العرب وخاصة النصارى في شمال الجزيرة أو جنوبها وتدل على علمه بالإنجيل والتوراة والكتب الدينية القديمة .

يَظَلُّ يَشُبُّ كيراً وَيَنفُخُ دائِباً لَهَبَ الشواظِ

وقال:

يا نَفسُ مالَكِ دونَ اللَهِ مِن واقِ وَما عَلى حَدَثانِ الدَهرِ مِن باقِ
وَتَنزَلي في ذَرَى دارٍ مُعَمَّدَةٍ لِلعُرفِ عُمدَ تِجارٍ أَمِّ أَسواقِ

وقال:

فَصَلَقنا في مُرادٍ صَلقَةً وَصُداءٍ أَلحَقَتهُم بِالثَّلَل

وقال:

كُن كَالمُجَشَّرِ إِذ قالَت رَعيَتُهُ كانَ المُجَشَّرُ أَوفانا بِما حَمَلا
وقال:

كانَت لَهُم جَنَّةٌ إِذ ذاكَ ظاهِرَةٌ فيها الفَراديسُ وَالفومانُ وَالبَصَلُ
وقال:

لَم يُخلَقُ السَماءُ والنُجومُ والشَمسُ مَعها قَمرٌ يَقومُ
قدَّرَه المُهَيمِنُ القَيّومُ والحشُّ والجَنَّةُ والنَعيمُ
إِلاَّ لأَمرٍ شأنُهُ عَظيم

4- تخلو من الزخارف والتكلّف والمحسّنات المصنوعة.

مِن سَبَأَ الحاضِرينَ مأرِبَ إِذ يَبنونَ مِن دونِ سَيلِهِ العَرِما


وقال:

لَو يَدُبُّ الحَوليُّ مِن وَلَدِ الذّرِّ عَلَيها لأَندَبَتها الكُلومُ

وقال:

فَما أَعتَبَت في النائِباتِ مُعَّتَبٌ وَلَكِنَها طاشَت وظَلَّت حُلُومُها


وقال:

وَقَد يَقتُلُ الجَهلَ السُؤالُ وَيَشتَفي إِذا عايَنَ الأَمرَ المُهِمَّ المُعاينُ
وَفي البَحثِ قِدماً وَالسُؤالُ لَذي العَمى شِفاءٌ وأَشفى مِنهُما ما تُعاينُ
أَلا إِنَّ قَلبي لِفي الظاعِنينَ حَزينٌ فَمن ذا يُعَزّي حَزينا

5- تميل إلى الإيجاز.

إِذ آبَهَتهُم وَلَم يَدروا بِفاحِشَةٍ وَأَرغَمَتهُم وَلَم يَدروا بِما هَجَعوا

وقال:
عَطاؤُكَ زَينٌ لاِمرِئٍ إِن حَبَوتَهُ بِبَذلٍ وَما كُلُ العَطاءِ يُزينُ
وَلَيسَ بِشينٍ لاِمرِئٍ بَذَلَ وَجهَهُ اِليكَ كَما بَعضُ السُؤالِ يَشينِ


6- استخدام الألفاظ الغريبة غير المعروفة:

أَداحَيتَ بِرجلَيِنِ رِجلاً تُغيرُها لِبَخَنى وَأَمطٌ دونَ الأُخرى وَحَزجَلُ

ب‌- خصائص المعنى: 1- تخلو من المبالغة الممقوتة.
أَبا مَطَرٍ هَلُمَّ إِلى صَلاحٍ فَتَكفيكَ النَدامى مِن قُريشِ
وَتأمَنَ وَسطَهُم وَتَعيشُ فيهِم أَبا مَطَرٍ هُديتَ بِخيرِ عَيشِ
وَتَسكُنُ بَلدَةً عَزَّت لِقاحاً وَتَأمَنُ أَن يَزورُك رَبُّ جَيشِ

وقال:


يَرِنُّ عَلى مُغزياتِ العِقاقِ وَيَقرو بِها قَفِراتِ الصِلالِ

وقال:
يَدعونَ بِالويلِ فيها لا خِلاقَ لَهُم إِلاّ سَرابيلُ مِن قِطرٍ وَأَغلالُ

2- بعيدة عن التعقيد.

ليَطلُبَ الثَأرَ أَمثالُ اِبنِ ذي يَزَنٍ في البَحرِ خَيَّمَ لِلأَعداءِ أَحوالا
أَتى هِرَقلَ وَقَد شالَت نَعامَتُهُ فَلَم يَجِد عِندَهُ بَعضَ الَذي سالا
ثُمَّ اِنتَحى نَحوَ كِسرى بَعدَ عاشِرَةَ مِنَ السِنينِ لَقَد أَبعَدَت إيغالا
حَتى أَتَى بِبَني الأَحرارَ يَقدُمُهُم تَخالُهُم فَوقَ مَتنِ الأَرضِ أَجيالا
مَن مِثلَ كِسرى شَهنشاهِ المُلوكِ لَهُ أَو مِثلَ وَهرَزَ يومَ الجَيشِ إِذ صالا

4- غالباً تقوم على وحدة البيت لا وحدة القصيدة.

لِحُبِ اِمرِئٍ فاكَهتُهُ قَبلَ حِجَتي وَآثَرتُ عَمداً شَأنَهُ قَبلَ شانِيا
هُنالِكَ ظَنَّ الدِيكُ إِذ دالَ دَولةٌ وَطالَ عَليهِ اللَيلَ أَن لا مَغارِيا
فَلَمّا أَضاءَ الصُبحُ طَرَّبَ صَرخَةً أَلا يا غُرابُ هَل سَمِعتَ نِدائِيا
عَلى وُدِّهِ لَو كانَ ثُمَّ مُجيبَهُ وَكانَ لَهُ نَدمانَ صِدقٍ مواتِيا
وَأَمى الغُرابُ يَضرِبُ الأَرضَ كُلَّها عَتيقاً وَأَضحى الديكُ في القِدِ عانِيا
فَذلِكَ مِما أَسهَبَ الخَمرُ لُبَّهُ وَنادَمُ نِدماناً مِنَ الطَيرِ غاوِيا
وَما ذاكَ إِلاّ الديكُ شارِبُ خَمرَةٍ نَديمُ غُرابٍ لا يَمَلُّ الحَوانِيا

وقال:


مَن يَطمُسُ اللَهُ عَينيهِ فَلَيسَ لَهُ نورٌ يُبيِّنَ بِهِ شَمساً وَلا قَمَرا


وقال:

وَلا يَومَ الحِسابِ وَكانَ يَوماً عَبوساً في الشَدائِدِ قَمطَريرا


وقال:


وَمَيَّزَ في إِنفاقِهِ بَينَ مُصلِحٍ مُعايَشَةً يَضُرُ وَيَنفَعُ
إِذا اِكتَسَبَ المالَ الفَتى مِن وجوهِهِ وَأَحسَنَ تَدبيراً لَهُ حينَ يَجمَعُ
وَأَرضى بِهِ أَهل الحُتوفِ وَلَم يَضَع بِهِ الذُخرَ زاداً لِلَتي هيَ أَنفَعُ
فَذاكَ الفَتى لا جامِعُ المالِ ذاخراً لِأَولادِ سوءٍ حَيثُ حَلّوا وَأَوضَعوا

4- منتزعة من البيئة البدوية.

وَأَبو اليَتامى كانَ يُحسِنُ أَوسَهُم وَيَحوطُهُم في كُلِّ عامٍ جاحِدِ

وقال:

نَفَشَت فِيهِ عِشاءً غَنَمٌ لِرَعاءٍ ثُمَّ بَعَدَ العَتَمَه

5- الاستطراد.

جَلَبنا النُّصحَ تَحَمِلُهُ المَطايا إِلى أَكوارَ أَجمالٍ وَنوقِ
مُغَلغَلَةً مَرافِقُها ثِقالاً إِلى صَنعاءَ مِن فَجٍّ عَميقِ
نَؤومُّ بِها اِبنَ ذي يَزنٍ وَتَفري بُطونَ خِفافُها أُمُّ الطَريقِ
وَتَلمَحُ مِن مَخايلِهِ بُروقاً مواصَلَةَ الوَميضِ إِلى بُروقِ
فَلَمّا واقَعَت صَنعاءَ صارَت بِدارِ المُلِكِ وَالحَسَبِ العَريقِ


وقال:

وَالأَرضَ سَوّى بِساطاً ثُمَّ قَدَّرَها تَحتَ السَماءِ سَواءً مِثلَما ثَقَلا
وَجاعِلُ الشَمسَ مِصراً لا خَفاءَ بِهِ بَينَ النَهارِ وَبَينَ اللَيلِ قَد فَصَلا
فَلاطَها اللَهُ إِذ أَغوت خَليقَتَهُ طولَ اللَيالي وَلَم يَجعل لَها أَجَلا


وقال:


إِلَهُ العالَمينَ وَكُلِّ أَرضٍ وَرَبُّ الراسِياتِ مِنَ الجِبالِ
بَناها وَاِبتَني سَبعاً شِداداً بَلا عَمَدٍ يُرَينَ وَلا رِجالِ
وَسَوَّها وَزَيَّنَها بِنورٍ مِنَ الشَمسِ المُضيئَةِ وَالهِلالِ
وَمِن شُهُبٍ تَلألأُ في دُجاها مَراميها أَشَدُّ مِنَ النِصالِ
وَشَقَّ الأَرضَ فَاِنبَجَسَت عيوناً وَأَنهاراً مِنَ العَذبِ الزُلالِ
وَبارَكَ في نَواحيها وَزَكَّى بِها ما كانَ مِن حَرثٍ وَمالِ
فَكُلُّ مُعَمَّرٍ لا بُدَّ يَوماً وَذي دُنيا يصيرُ إِلى زَوالِ
وَيَفنى بَعدَ جِدَّتِهِ وَيبلى سِوى الباقي المُقَدَّسِ ذي الجَلالِ
وَسيقَ المُجرِمونَ وَهُم عُراةٌ إِلى ذاتِ المَقامِعِ وَالنَكالِ
فَنادوا وَيلَنا وَيلاً طَويلاً وَعَجّوا في سَلاسِلِها الطِوالِ
فَلَيسوا مَيِّتينَ فَيستَريحوا وَكُلُّهُم بِحَرِّ النارِ صالِ
وَحَلَّ المُتَّقونَ بِدارِ صِدقٍ وَعَيشٍ ناعِمٍ تَحتَ الظِلالِ
لَهُم ما يَشتَهونَ وَما تَمَنّوا مِنَ الأَفراحِ فيها وَالكَمالِ


ج- خصائص الخيال والصور: 1- واسع يدلّ على دقّـة الملاحظة.
فَإِن تَسأَلينا كَيفَ نَحنُ فَإِنَّنا عَصافيرُ مِن هَذا الأَنامِ المُسَحَّرِ

وقال:

أَكُفاً في المَكارِمِ قَدَّمَتها قُرونٌ أُورِثَت مِنا قُرونا
نُشَرِدُ بِالمَخافَةِ مَن أَتانا وَيُعطينا المَقادَةَ مَن يَلينا
إِذا ما المَوتُ غَلَّسَ بِالمَنايا وَزايَلَتِ المُهَنَدَةُ الجُفونا
وَأَلقَينا الرِماحَ وَكانَ ضَربٌ يُكَبُّ عَلى الوجوهِ الدارِعينا
نُفوا عَن أَرضِهِم عَدنان طَراً وَكانوا للقَبائِلِ قاهِرينا
وَهُم قَتَلوا الرَئِيس أَبا رِغالِ بِنَخلَةَ حينَ إِذ وَسَقَ الوَطينا
وَرَدّوا خَيلَ تُبَّعَ في قُدَيدٍ وَساروا لِلعِراقِ مُشرِقينا
وَبُدِّلَت المَساكِنُ مِن إِيادٍ كِنانَةُ بَعدَ ما كانوا القَطينا
نَسيرُ بِمَعشَرِ قَوماً لِقومٍ وَنَدخُلُ دارَ قَومٍ آخَرينا
وَإِنّا الشارِبونَ الماءَ صَفواً وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدِراً وَطينا

2- صور الشعر الجاهلي تمثّل البيئة البدوية.

فإِمّا تَسأَلي عَنّي لُبَينَى وَعَن نَسَبي أُخبِركِ اليَقينا
فَأَنّي لِلنَبِيتِ أَباً وَأُماً وَأَجداداً سَموا في الأَقدَمينا
لَأَفصى عِصمَةِ الهُلاّكِ أَفصى عَلى أَفصى بنِ دَعمَّيٍ بُنينا
وَدَعمِيٌّ بِهِ يُكَنى إِيادُ إِليه نِسبَتي كَي تَعلَمينا
وَرِثنا المَجدَ عَن كُبرا نِزارٍ فَأَورَثنا مَآثِرَنا البَنينا
وَكُنّا حَيثُما عَلِمَت مَعَدٌّ أَقَمنا حَيثُ ساروا هارِبينا
تَنوحُ وَقَد تَولَت مُدبِراتٌ تَخالُ سوادَ أَيكَتِها عَرينا
وَأَلقَينا بِساحَتِها حُلولاً حُلولاً للإِقامَةِ ما بَقينا
فَأَنبَتنا خَضارِمَ فاخِراتٍ يَكونُ نِتاجُها عِنَباً وَتينا

6- صور الشعر الجاهلي ليست متكلّفة.

وَأَرصَدنا لِحربِ الدَهرِ جُرداً تَكونَ مُتُونهاً حِصناً حَصينا
وَخَطِيّاً كأَشطانِ الرَكايا وأَسيافاً يَقُمنَ وَينَحَنينا
وَفِتياناً يَرونَ القَتلَ مَجداً وَشيباً في الحُروبِ مُجَرِبينا
تُخبِرُكَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ إِذا عَدّوا سَعايَةً أَوَّلِينا
بِأَنّا النَازِلونَ بِكُلِ ثَغرٍ وَأَنّا الضارِبونَ إِذا اِلتُقينا
وَأَنّا المانِعونَ إِذا أَرَدنا وَأَنّا العاطِفونَ إَذا دُعينا
وَأَنّا الحامِلونَ إِذا أَناخَت خُطوبٌ في العَشيرَةِ تَبتَلينا
وَأَنّا الرافِعونَ عَلى مَعَدٍّ أَكُفاً في المَكارِمِ ما بَقينا

7- الصّور الجاهلية تعتمد على الطابع الحسّي.

وَمَرهَنَةٌ عِندَ الغُرابِ حَبيبَهُ فَأَوفَيتُ مَرهوناً وَخَلَفاً مُسابِيا
أَدَلَّ عَلَيَّ الديكُ إِنّي كَما تَرى فَأَقبِل عَلى شَأَني وَهاكَ رِدائِيا
أَمِنتُكَ لا تَلبَث مِن الدَهرِ ساعَةً وَلا نِصفَها حَتّى تَؤوبَ مُآبِيا
وَلا تُدرِ كَنكَ الشَمسُ عِند طُلوعِها فَأَعلَقَ فيهِم أَو يَطولَ ثَوائِيا
فَرَدَّ الغُرابُ وَالرِداءُ يَحوزَهُ إِلى الديكِ وَعداً كاذِباً وَأَمانِيا
فَأَيَّةِ ذَنبٍ أَم بِأَيَّةِ حُجَةٍ أَدعُكَ فَلا تَدعو عَليَّ وَلالِيا
فَإِنّي نَذَرتُ حِجَةً لَن أَعوقَها فَلا تَدعوَنيَّ دَعوةً مِن وَرائِيا
تَطيرتُ مِنها وَالدُعاءَ يَعوقَني وَأَزمَعتُ حَجاً أَن أَطيرَ أَماميا
فَلا تَبتَئِس إِنّي مَعَ الصُبحِ باكِرٌ أُوافي غَدَاً نَحوَ الحَجِيجِ الغَوادِيا

وقال:


والحَيَّةَ الحَتفَةَ الرَقشاءَ أَخرَجَها مِن جُحرِها آمِناتُ اللَهِ والقَسَمُ
إِذا دَعا باِسمِها الإِنسانُ أَو سَمِعَت ذَاتَ الآلهِ يُرى في سَعيِها رَزَمُ
مِن خَلفِها حِمَةٌ لَولا الَّذي سَمِعتَ قَد كانَ نِيَّتُها في جُحرِها الحِمَمُ
نابٌ حَدِيدٌ وَكَفٌ غَيرُ وادِعَةٍ والخَلقٌ مُختَلِفٌ والقَولُ وَالشِيَمُ
إِذا دُعِينَ بِأَسماءٍ أَجَبنَ بِها لِنافثٍ يَعتَريهِ اللَهُ والكَلِمُ
لولا مَخافَةُ رَبٍّ كانَ عَذَّبَها عَرجاءَ تَظَلُع في أَنيابِها عَشَمُ
وقَد بَكَتهُ فَذاقَت بَعضَ مَصدَقِهِ فَليسَ في سَمعِها مِن رَهبَةٍ صَمَمُ
فَكَيفَ يأمَنُها أَم كَيفَ تأَلَفُهُ ولَيسَ بَينَهُما قُربى ولا رَحِمُ
عَرَفتُ أَن لَن يَفوتَ اللَهَ ذو قِدَمٍ وأَنَهُ من عَبيدِ السوءِ يَنتَقِمُ
المُسبِحُ الخُشبَ فَوقَ الماءِ سخَّرها خِلالَ جَريَتِها كَأَنَّها عُوَمُ
تَجري سَفينَةُ نَوحٍ في جَوانِبِهِ بِكلِّ مَوجٍ مَعَ الأَرواحِ تَقتَحِمُ
مَشحونةً ودُخانُ المَوجِ يَدفَعُها ملأَى وقَد صُرِعَت مِن حَولِها الأُمَم
حَتّى تَسوَّت عَلى الجودِيِّ راسِيَةً بِكُلِّ ما اِستودِعَت كأَنها أُطُمُ
نودِيَ قُم واركَبنَ بأَهلِكَ إِن اللَهَ مُوفِ للناسِ ما زَعِموا
والبانِ والزَيتِ والسَمراءِ أَخرَجَها هذا الدِهان وهذا النُقلُ والأُدمُ
تَلكُم طَروقَتُهُ واللَهُ يَرفَعُها فِيها العَذاةُ وَفِيها يَنبُتُ العُتُمُ

وقال:

فَلَو قَتَلوا بِحَربٍ أَلفَ أَلفٍ مِنَ اَلجَنّانِ والإِنسِ الكِرامِ
رأَيناهُمُ لَهُ ذَحلاً وَقُلنا أَرونا مِثلَ حَربٍ في الأَنامِ


وقال:

وَالَناسُ تَحتَكَ اَقدامٌ وَأَنتَ الهَمَ رَأَسٌ وَكَيفَ تُسَوَّى الرأَسُ وَالقَدَمُ
إِنّا لَنَعلَمُ أَنّا ما بَقِيتَ لَنا فِينا السَماحُ وَفِينا العِزُّ وَالكَرَمُ
وَحَسبُنا مِن ثَناءِ المادِحينَ إِذا أَثنوا عَليكَ بِأَن يُثنوا بِما عَلِموا
وقال:

وَلَقَد رَأَيتُ الفاعلِينَ وفِعلُهُم فَرَأَيتُ أَكرَمَهُم بَني الدّيانِ

وقال:

لَقَيتَ المَهالِكَ في حَربِنا وَبَعدِ المَهالِكِ لاقيتَ غِيّا


وقال:

يَلومونَني في إِشتَراءِ النَخيلِ أَهلي فَكُلُّهُم يَعذِلُ

وقال:
لِلَّهِ دَرُّهُمُ مِن عُصبَةٍ خَرَجوا ما أَن تَرى لَهُمُ في الناسِ أَمثالا
غُرٌّ جَحاجِحَةٌ بيضٌ مَرازِبَةٌ أُسدٌ تُرَبِّبُ في الغُيضاتِ أَشبالا
لا يَضجَرونَ وَإِن حُرَّت مَغافِرُهُم وَلا تَرى مِنهُم الطَعنَ مَيّالا
يَرمونَ عَن شُدُفٍ كَأَنَها غُبُطٌ في زَمجَرٍ يُجِلُ المَرميَّ إِعجالا
أَرسَلتُ أُسداً عَلى سودِ الكِلابِ فَقَد أَضحى شَريدُهُم في الأَرضِ فُلاّلا
فَاِشرَب هَنيئاً عَلَيكَ التاجُ مُرتَفِعاً في رَأسِ غُمدانَ دَاراً مِنكَ مُحلاّلا
وَاِطل بِالمِسكِ إِذ شالَت نَعامَتُهُم وَأَسبِلِ اليَومَ في بُردَيكَ إِسبالا
تِلكَ المَكارِمُ لا قِعبانِ مِن لَبَنٍ شِيبا بِماءٍ فَعادا بَعدُ أَبوالا



#السيد_عبد_الله_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وردة على قبر الشنفري - شعر
- شاع شعري - شعر
- أصداف المنى - شعر
- شعراء العربية النصارى (2) قس بن ساعدة
- ويل للمرايا
- رغبة - شعر
- شعراء العربية النصارى (1) ورقة بن نوفل
- علمتني بنت عمري - شعر الى ايمان بنتي
- عنترة ..................فارس الحب النيل
- قال لي - شعر
- شعراء العربية النصارى الجزء الثالث
- عصفوران على الشرفة - شعر الى روح الراحل حلمي سالم
- بنفسج - شعر
- شعراء العربية النصارى الجزء الثاني
- سؤال - شعر
- شعراء العربية النصارى - الجزء الأول
- وعلمنا
- لامني
- وسوس
- قراءة في ديوان -شعر الأستاذ: عبد الحميد السنوسي-


المزيد.....




- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السيد عبد الله سالم - شعراء العربية النصارى (3) أمية بن أبي الصلت