أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريمون سليمان داود - - اماديو موديلياني- النبي الذي يحمل لعنة خطوطه















المزيد.....

- اماديو موديلياني- النبي الذي يحمل لعنة خطوطه


ريمون سليمان داود

الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


الأهداء ..


الي التي تكتب
والتي ترسم
والتي ترى

" جاااان . م "

......................


" العرى فى عرف اللوحة التشكيلية
ابتهالاً بحمد الرب
كلما ذادت المساحات المغطاه
ارتفع سمك الكفن
فلا تشيعوا الموديل الى مثواه الأخير
نحن نرسم
فقط
كى نغتال الموت
بخلودٍ مستتر بين الخط واللون"


ريمون سليمان




نصف الحياة بارد
ونصفها الأخر شديد الألتهاب
بينهما اجسادٍ تتجمد وتنصهر
نصفها اسود وظلام
ونصفها حرقة شمسٍ منكهةٍ بالنهار
ظل و ضوء
نصفها فارغ الا من الفراغ
ونصفها ملئ بما يدفعه للتوجه صوب الفراغ
نصفها رمادي ونصفها الأخر احمر باكي
نصفها عاري و الأخر مكفن
نصفها خط ونصفها لون
نصفها عشق ونصفها قنينة خمر
قبلة و رشفة كأس
نصفها عبث ونصفها منطق
نصفها سكون ونصفها حركة
الصمت برفقة رقصة
نصفها توجه الي حيث لم يصل احد
ونصفها هروب من تلك المساحات المشغولة

هوس .. نساءٍ عاريات
فقر .. مرض
هوية .. وطن .. ايطاليا
بحث .. غربة .. اكتشاف .. باريس
احبار .. توالات
"زبورو وسكي"
"بيكاسو .. كوكتو .. ريفيرا ..اوتريليو .. سوتين .. جاكوب "
" تولوز لوتريك "
اضغاث احلام
خطوط والوان
كُتل .. فراغات
رقاب بطول العالم
انوفٍ ممتدة كجسور فوق جسد العالم
طفلة
"جان"
جاااان
هكذا كان دائماً " موديلياني " يفرغ ذاته ليلاً فوق مأدبته اللونية
وفي هواجس نومهِ الغميق
هو ذلك الرسام التعس الذي كانت تطارده شخوص لوحاته
كما كان يفعل بها قبل ان يدونها فوق توالاته

"اماديو كليمنتي موديلياني"
الخروج : الثاني عشر من تموز في عام 1884م
مدينة ليفورن بأيطاليا
الطفل الرابع ل "فلامينيو"
تاجر روماني ثري
الأم "اوجينا غارسان" ذات اصول مارسيلية و تونسية
خلفية يهودية ثرية ومن ثمَ تدهورت اوضاع والده المالية
موديلياني يبيع الفحم في الأسواق ليساعد عائلته
الفحم لونه اسود ..
الأسود هو غزو تلك المساحة الناصعة البياض لتأويل الوجود
موديلياني يشغل تلك المساحات الخالية بسواد فحمه .. بكأبة ايامه
يرحل والده وهو مزال حدث
طفولة مرهقة قوامها الفقر والجهد والمرض
عالمً متيبس يلمع في عينيهِ بصفرةٍ شاحبة عالمً متجهاً صوب الخريف
ولزالت احلامه الشجية تبدو كخطوط فوق حوائط منزله
ذلك المنزل الهش كهشاشة صحته
برغم شجنه يبتسم .. يضحك للعالم الأصفر .. يضحك على العالم الأصفر
ضحكةٍ صفراء لتعلن الي اين يمضي ذلك الفنان التعس
ذلك النبي الملعون
هو " موديلياني:
" اماديو كليمنتي موديلياني"
المهنة : رسام بشر .. محرر عبيد
يعمل على ان يعود الأنسان علي ما خلقه الرب عليه
عاري تماماً

هو نبي يحمل اللعنات
نبي يصارع الرب مراراً.. سكير مات مصلوباً

الوصف : كتلة متشحة باللون البني .. مكفنة بالهموم في فراغ العالم المبتئس
كتلةٍ متسكعة علي وجه الليل تحمل عشق و زجاجة خمر

التقنية : دم ولحم في رحم ارضٍ من فرط قسوتها تبدو ميتة

المقاس : بطول الزمن وعرض المكان
بحجم بقعة ضوء في ساحةٍ مظلمة

هوايته المفضلة : الرقص ليلاً حول صنم بلزاك
الرقص بجنون تحت ضوء القمر مع معشوقته

عنوانه : هائماً على وجهه في شوارع باريس
ليس له اين يسند رأسه .. وبعد يعود ليستوطن مرسمه
ليهيم بأجساد نساءه و وجوه اشباحه التي تظل تطارده الي ان يفرغها فوق لوحاته
يسقيها من زيته ويشبعها من ألوانه
لكن اقامته الدائمة كانت في قلب " جاااان"
"جان هيبوترن"
لقائه الأول بها كان هناك بمنزل صديقه الشاعر "زبورووسكي" في عام 1917م
حيث نفذت روحه اليها وكان العشق بطل الحدث حتي عودتهما الي خيث اتيا
"جان هيبوترن" امرأته ..
لها مسحة الألهة وعينان كما الفجر تطل بهما علي العالم
العالم في عيني "جان" قد صار "موديلياني"
العالم هو الوان وخطوط "موديلياني"
كان شغفه هو البحث عن الحقيقة من خلال حبه للنساء اللائي يرسمهن
لكن ولعه الحقيقي كان "جان" بعيناها
تلك التي صارت فيما بعد نافذته والتي يطل بهما علي العالم
ولذلك صار دائماً يحاول رسمها حتي غاب ذاك مساءٍ احمق

حين اكتشفت " جان" اعماق "موديلياني" حبلت له بروحاً جديدة
كي تنجب له كتلة ناضجة في تلك المساحة الواسعة من الفراغ
الفراغ هو اذدحام الوجود باللاشئ
هو الوجع الناتج بعد حسم المعركة
تلك التي يقيمها "موديلياني" يومياً مع لوحاته
وبالأخير يعلن انتصاره ومن ثمَ يلقي بجسده المهزوم في احضان "جان"
"جان كانت حبلى بعشق "موديلياني"
"موديلياني" يقول :
"عندما تستعد امرأة للجلوس امام رسام فيجب ان تهبه نفسها بالكامل"
لذلك تمزق قلبه حين قررت "جان" مساندته بعملها كموديل لبعض الرسامين مقابل القليل من الفرنكات
"جان" تجلس امام "بيكاسو" ليرسمها
"بيكاسو" منافس "موديلياني" وصديقه اللادود
"موديلياني" يحترق كل شئ بداخله يتمزق
رئتيه .. صدره .. كليتيه .. قلبه كان يتمزق
عائداً وحيداً الي مرسمه محبولاً بالتعاسة والخيبة حتي ظل باكياً مصيره الشقي
"جان " تلاحقه .. ترتمي في حضنهِ وتبكي
يلتقط دموعها من فوق وجهها ويشربها
حين حركته الغواية ليرسم دموعها بفرشاته اعطاها لون المطر
المطر الذي كان يتكلم دائماً في حضرة "موديلياني"
المطر يقول :
" يجب ان ترتدي "جان " قبعتك يا "مودي"
"موديلياني" يرسم
ولا فعل له سوى انه يرسم .. ويرسم فقط
يرسم " جان " وهى ترتدي قبعته حتي انعكست روحه علي وجهها
ولذال المطر بالخارج يتحدث
المطر يقول :
" لا يجب عليك ان تبقى معذباً " لجان " بعبثيتك المفرطة في الثمل
فلا ذنب لها كونكَ رسام
لا ذنب لها كونك مجلوداً دائماً بشهوة تخليص العالم
يجب عليك ان تحصل على المال الوفير الذي يؤمن استقرارها"
لذلك دائماً كان "موديلياني" يحدث نفسه
"موديلياني" يقول :
" ان واجبك الحقيقي هو تنفيذ حلمك "
حلمه كان يكمن في اسعاد "جان" وطفلته

الشاعر البولندي "زبورووسكي" وصديقه المؤمن بعبقريته
امن لهما شتاءاً رائعاً في نيس
وقد انجز "موديلياني" اروع اللوحات في هذه العطلة
يعود في تشرين الأول من نفس العام
ليعد "زبورووسكي" المعرض الأول الخاص " بمودلياني" في الثالث عشر من تشرين الأول عام 1917م
والذي يحتوي علي اثنتي وثلاثون لوحة فنية
اخيراً استطاع ان يغزو اعين البشر بخطوطه والوانه
وجه "جان هيبوترن" يحتل اغلب الأعمال .. بل الهمته في اكتشاف كافة النساء
انسيابية الخطوط ورقتها .. تجسيداً لرقة الأنثى وعزوبتها
الأنوف الممتدة بمبالغةِ ملحوظة .. تصور امتداد الشرخ البالغ اقصى معالم الروح
رقابه الطويلة .. هي تلك الممرات التي يصنعها لمرور الروح وانطلاقها من اسر تلك الأجساد
الأجسام العارية .. تجسيداً في منتهى الدقة لطهارة الأنثى وشفافيتها
الأجساد العارية هي تلك الصورة التي خلقنا عليها الرب
فقد ظن البشر ان الأنسان حين اخطأء ادرك انه عريان
لكن "موديلياني" يصر على ان خطيئة الأنسان كانت حين ظن انه عريان
فشوه خليقة الرب بالمعطف وبتلك الحماقات التي اشبعت الوجود
وها هو من جديد " اماديو موديلياني" وحده يعيد الأنسان الي حضن مبدعه
يسقط كافة الأقنعة والأكفان معلناً تعريه الكامل امام الرب حتى يبرء
لكن اعداء الرب يغلقون له قاعة العرض في يوم افتتاحه بقرار حكومي
معللين فعلتهم بأن اعماله تعد تجسيداً للبذائة وخدش حياء الزوق العام

العالم يسخر من "موديلياني"
"جان" تبكي
ويبدو ان الرب ايضاً يسخر منك يا مودي

"موديلياني" يقول :
" لا تبكين "جان" انا ارسم , ولكن لا احد يرى
انا ارسم , ولا احد يرى .. لا احد .. لا احد "

ستار ..

يغلقون القاعة على روحه
فيئسرون كافة شخوصه المرسومه .. لذلك استحقت لقب " البورتريهات المقهورة" وجميعهم يفتكون به في احلامه
تعمقه في اوجاع البشر
شغفه بالحقيقة
تعلقه بالنساء
هيام النساء به
قراءته الدائمة للشعر و "لفريدرك نيتشه"
ولعه الأخير "بجان هيبوترن"
اهماله لكافة التيارات الفنية المعاصرة
اهماله لمنافسة من حوله من فناني جيله
منافسته لذاته
رافهية حسه
شاعريته الغير متناهية
ايمانه الشديد بلا محدوديته
جعلته يتخطى حدود عالمنا , وتخطى تجارب الأخرين
ليعلن لنا من خلال ايقوناته الفريدة خلاصة تجربته الأبداعية

"موديلياني"
هو النبي الذي اكتشف اسرار الرب واعلنها فوق اوجه شخوصه
في لون بشراتهم الشحيب في عيونهم المموهة و في ملابسهم الداكنة .
بخلفياتهم التي كانت تكشف مرارات الداخل
في تشوهات وجوههم والتي كانت تعكس تشوهات العالم بأسره وتشوهات ارواحهم بأرضيتهم الشجية
اطفاله المبتئسين والذين هم انعكاساً لمرارة طفولته
طلاقة اجساد نسائه .. انعكاساً لأنطلاقت روحه وعدم اكتراثه بكافة المعاوقات التي كانت تحاوطه
محصلته اللونية والمحدودة جداً جعلته فوق منطق اللا محدود
فصار هو " اماديو موديلياني" الذي نعرفه
الخط في اعماله الفنية والتي لا تكفيه عشرات الدراسات وقد شهد له معظم فناني عصره
منهم صديقه الشاعر "زبورووسكي" والذي قال عنه انه كان اعظم فناني عصره "
وقد قال عنه ايضاً , المفكر الكبير "كولن ولسن "
" لو قدر "لموديلياني" ان يحيا عمر "بيكاسو" لتغير مفهوم الفن في العالم "
وحده فقط " اماديو موديلياني"
الأن في مرسمه ممداً علي الأرض شبه ميت
"جان " تصرخ مذهولة
وكل شئ مثلها يبكي
الشجر بالخارج يبكي
والمطر ما عاد يتكلم هو ايضاً يبكي
كافة رسومه .. نسائه وشخوصه المرسومين .. ومنحوتاته .. جميعهم يبكونه ويودعونه
كل الأشياء التي تعرفت عليه هي الأن تبكيه
اصدقائه يحضرونه الي المشفى في الرابع والعشرين من كانون الثاني عام 1920م
ينظر بعيني "جان"
ها هو "موديلياني" يفتح فمه ويتكلم بأخر جملة
"موديلياني" يقول :
" الأن سينتهي هذا العبث .. سأعود "
صمت
كل شئ حزين .. تراجيدي كالوانه ..
العالم ساكن ولا حراك ولا صوت .. ليس كألوانه
المطر يصمت
"جان" تصمت
في هذا المساء لا احد يرسم
لا يستطيع احد ان يرسم
لأن اليوم هو عرس "موديلياني"
اليوم اعظم فناني عصره .. مات
وبذلك تمكن اخيراً من العودة
وبعد ..
القت " جان هيبوترن" بنفسها من الطابق الخامس من نافذة بيتها لتعود هي ايضاً برفقته الى حيث سيسكن عشقهما ويبقى الي الأبد
لقد سافر "اماديو موديلياني" وكان اخر ما كتبه فوق اخر اسكتش رسمه .. كانت تلك الكلمات
"موديلياني " يقول :
" الحياة هبة .. سواء للذين يعرفون ويملكون او لأولئك الذين لا يعرفون ولا يملكون شيئاً "


موديلياني .



#ريمون_سليمان_داود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزفوف وسط العِبر
- اشارجى قائم شبه محزوف
- هرطقته الأخيرة ...
- فارق فى تقويمك
- تعويذة اسفل جمجمة القديس -فالنتين-
- عشرة مقاطع ثنائية الألم
- من فضائك استقبل نبؤة كل عام
- سياحة
- رقصته الأخيرة ...
- قصيدة ( ( يوميات أله مهتم بأعادة بناء الخلق )
- قصيدة الموعظة على الجبل ( اهداء الى الذين يتاجرون بأسم الدين ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ريمون سليمان داود - - اماديو موديلياني- النبي الذي يحمل لعنة خطوطه