أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - سلطان الرعب














المزيد.....

سلطان الرعب


عادل بشير الصاري

الحوار المتمدن-العدد: 4119 - 2013 / 6 / 10 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


ماذا كان موقف الشعراء الليبييين حين احتلت إيطاليا بلادهم سنة 1911م؟.
سؤال واجهني يه منذ شهور أحد الطلاب في أكاديمية الدراسات العليا بمصراتة،وأجبت حينها بأن قارئ شعر تلك المرحلة لا يجد فيه صدى مدويا للأحداث الجسام التي عصفت بالبلاد إبان فترة الاحتلال، ويبدو أن الرعب من المحتل الفاشستي قد اسبد بنفوس كثير من الشعراء آنذاك وراضها على المهادنة والصمت،وأقنعها أن رفض الاحتلال والحض على مقاومته خط أحمر دونه الموت.
لقد كان الغزو الإيطالي أخطر حدث واجهه الشاعر الليبي في هذه الفترة الحالكة من تاريخ ليبيا المعاصر، ولا شك أن معاناة الشعب الليبي خلالها قد أججت عددا من قلوب شعرائه، فنظموا عددا من النصوص الحماسية التي دعت إلى مقاومة الغزاة وأشادت ببطولات المجاهدين، لعل أشهرها قول أحمد الشارف مفتخرا بجهاد أبناء بلده ومتوعدا الإيطاليين بنبرة حماسية:
رضينا بحتف النفوس رضـينا ولم نرضَ أن يُعرف الضيم فينـا
ولـم نرضَ بالعيش إلا عزيزاً ولا نتـــقي الشــر بـل يــتقـيــــنـا
وبنفس هذه النبرة الحماسية يقول سليمان البارونيمفتخرا بببطولات المجاهدين:
لها في الجبال الشامخات معـاقـل أسود الوغى تقري السباع الجماجما
نفوس ترى حمل السلاح فريضة ترى الرمـي حتما قبل أن يتـفـاقــما
لها همم عليا ترى الـذل خســـــة ترى الـذود عن أوطــانها متــحتـــمـا
ويمكن أن نعد إلى جانب هذه الأبيات مطولة (غيث الصغير) للشاعر أحمد رفيق المهدوي.
غير أن مثل هذه الأبيات الحماسية المعبرة عن مرحلة النضال ضد المستعمر تعد قليلة جدا، فدواوين الشعراء المعاصرين لفترة الاحتلال تكاد تخلو من أي ذكر لجرائم الاحتلال أو ذكر لمقاومة الأهالي له ، بل إنها تخلو حتى من تأبين ورثاء الشهداء،،وهو ما لا يتناسب حقيقة مع جلال حدث الاحتلال وخطورته وآثاره السلبية، ولا يشي بتفاعل جاد معه .
والحق أن الشعر الشعبي قد تفوَّق على الفصيح كمَّاً ونوعا في التعبير عن مرحلة الجهاد، فالذاكرة الليبية المعاصرة لا تزال تحتفظ بقصائد شعبية كثيرة تصور تلك المرحلة تصويرا مؤثرا.
يقول الأستاذ خليفة التليسي في هذا الشأن مثنيا على دور الشعر الشعبي، ومُدينا الشعر الفصيح :
(لقد انفعل الشاعر الشعبي بهذه الأحداث التي عاشها فجعلنا نحس بارتباطها الوجداني بذاته، أما الشاعر الفصيح فقد تعذر عليه أن يتجاوز حدود الوصف، فكانت قصائده وأناشيده تحمل سطحية الخبر الصحفي وتقارير الصحافة ولذلك ظلت باهتة وأهملها الناس).
لا شك أن ضعف تفاعل الشعراء مع حدث الغزو الإيطالي ، وما نتج عنه من جرائم وكوارث حلت بالبلاد والعباد أمر يدعو فعلا للعجب ، ولربما يستعصي على الإدراك والتبرير المقنع ، فمن الغريب حقا أن يكون تفاعل شعرائنا مع ذلك الحدث الجلل أقل بكثير من تفاعل الشعراء والأدباء العرب كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم ، وإسماعيل صبري ، وخليل مطران، ومعروف الرصافي ، وشكيب أرسلان، ومصطفى صادق الرافعي، وغيرهم كثير .
فبينما هزت جرائم الإيطاليين مشاعر وضمائر هؤلاء الشعراء والأدباء، فنظموا عشرات القصائد والمقالات مدافعين بها عن ليبيا وشعبها، ومنددين بمن احتل أرضها، لم تهز تلك الجرائم فيما يبدو شاعرية شعرائنا ممن عاصروا تلك الفترة إلا هزا خفيفا، بل إن بعضهم ممن قاوم الإيطاليين بالسلاح وبالقلم زمنا لم يجد بعد ذلك غضاضة في مدح ملك إيطاليا فيكتور عمانويل، ومن ذلك قول أحمد الشارف:
حفلت بطلعتك المدائن والقرى وسما بك الأثر المخلد في الـورى
لا غرو أن مدت بساعدها يدا أو صفقت طربا أو هزت خنصرا
وقول سليمان الباروني أيضا في مدح الملك الإيطالي:
أعطى طرابلس العزيزة حقـها أسدى الجزيلْ
فليحيا تاجـــــا للممـالك سالـكا أهـدى سبيلْ
وليـبق منصور اللوا وبجيـــشه الدنيـــا تسيلْ
والأغرب من هذا أن في مدونة الشاعرين الشارف والباروني وغيرهم من الشعراء عشرات القصائد التي رثوا بها الأهل والأصحاب والأعيان وذوي الجاه والمكانة الأدبية والعلمية من العرب والأجانب وبخاصة الإيطاليين، وليس من بينها قصيدة واحدة في رثاء الشهيد عمر المختار الذي رثاه معظم شعراء العربية اللهم إلاَّ عشرة أبيات للشاعر أحمد رفيق المهدوي نظمها بعد استشهاد المختار بسنوات عديدة .
والحق أننا حين نذكر هذه الحقائق الثابتة تاريخيا لا نهدف منها إلى الحكم بضعف الحس الوطني وما شابه لدى شعرائنا المعاصرين لفترة الاحتلال الإيطالي،إنما نهدف منها أن نؤكد ملاحظة كان قد لاحظها من قبلنا عدد من الدارسين، وستظل مثار أسئلة من قبل كل دارس أو حتى قارئ عابر للشعر الليبي في مستهل القرن العشرين.



#عادل_بشير_الصاري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عروض الخليل بين ناقديه،الجزء الثاني
- عروض الخليل بين ناقديه،الجزء الأول
- المهدوي شاعر الثورة في ليبيا
- تغريدات بخيت المهيطل
- ماهية الصورة الشعرية
- وصف العقلية العربية
- الليبيون والاختبار الصعب
- تكفيك من الشعر إشاراته وإيماءاته
- من هو معمر القذافي ؟
- عقيدة بني معروف الوجه والقفا
- الشعر .. انتهاك للعرف اللغوي السائد
- صفات الإنسان في القرآن الكريم
- الكفر الذي يُثابُ عليه
- أنماط التعبير الأدبي
- خطر تضخم الهاجس الديني
- مفهوم الأدب وغايته
- الأمة التي تكره نفسها
- خطر الإدمان على تعاطي المخدِّرات الأدبية والفنية
- اللغة العربية كما تُدرَّس في الجامعات الليبية
- اللغة العربية كما درسْتُها في الجامعة


المزيد.....




- الأنثى البريئة
- هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخاً بديلاً عن الإنسان؟
- حلم مؤجل
- المثقف بين الصراع والعزلة.. قراءة نفسية اجتماعية في -متنزه ا ...
- أفلام قد ترفع معدل الذكاء.. كيف تدربك السينما على التفكير بع ...
- باسم خندقجي: كيف نكتب نصا أدبيا كونيا ضد الإستعمار الإسرائيل ...
- نظْم -الغزوات- للبدوي.. وثنائية الإبداع الأدبي والوصف الملحم ...
- خالد الحلّي : أَحْلَامٌ دَاخِلَ حُلْمٍ
- النجمات العربيات يتألقن على السجادة الحمراء في حفل افتتاح مه ...
- كتارا تكرّم الفائزين بجوائز الرواية العربية في دورتها الـ11 ...


المزيد.....

- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل بشير الصاري - سلطان الرعب