أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - على خط النار















المزيد.....

على خط النار


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 4116 - 2013 / 6 / 7 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


اخذت عواصف الذكريات تدور حول كارولين لتسحبها الى جحيم الماضي واحداثه المفجعة الذين طالما تجنبت الخوض فيها ، ولكن ما سمعته عن قاسم ابى لهذا الماضي البقاء في عالم النسيان.
- هل سمعتم اخر الاخبار في كركوك؟
- ماهي ؟
- قاسم لم يستشهد في الجبهة ، لقد تم اغتياله في اروقة الامن والاستخبارات .
- ماذا ؟؟؟
- نعم ، يقال اغتالوه ثم جعلوه شهيدا ليرضوا اهله وبعض من عشيرته الذين ثاروا عليهم.
- ولكن، لما اغتالوه في الوقت الذي كان يعمل معهم ؟
- حارب سياسة المسؤولين الجدد في المنطقة
- يا الهي
- لا ندري اذا كانت حقيقة ام خيال ولكن هذا ما سمعناه
هنا ، سقط جزء من الذكريات بين عينيها كلوحة صخرية عاصية امام الدهر ترفض اضفاء التغيير عليها. فها هي تتحرك مثقلة على خط النار بين بيتها ومقر الامن والاستخبارات، وها هو يتحرك بالاتجاه المقابل ليصل اليها، وسط قصف متبادل للطائرات الايرانية والدفاع العراقي في المنطقة ، اثناء الحرب العراقية الايرانية الشرسة.
كانت خائفة وحزينة وباكية وكان غاضبا وثائرا وصاخبا ، وعند اللقاء سحبها من يدها صارخا :
- لماذا اتيت الى الامن لوحدك ؟ لماذا لم يأتي رجل معك ؟ هل تعرفي ما يفعله الوحوش بغزالة شاردة ؟؟
- امروني ان اتي ولم يبقوا في بيتنا رجل ليأتي معي ؟
- اين هرمز ؟
- لم يأتي من الجبهة بعد
- ماذا قالوا لك
- وهل للوحوش لغة حتى يقولوا ؟؟ لقد اهانوني وضربوني وهددوني
- لماذا لم تنبهيني قبل ان تأتي لاكون معك
- لقد اصبحتم انتم جزء من هؤلاء الوحوش منذ ان عملتم معهم يا قاسم ، لقد نسيتم السنين التي عشنا معا كبيت واحد . نسيت اشقاء الطفولة واصبحت وحشا مثلهم يا قاسم
كانت كارولين تبكي بحرقة والم وصوتها يأخذ بالارتفاع ثورة والانخفاض احباطا، اما قاسم فقد ترك دموعه تحفر الجداول على وجهه ، قبل ان يسحب كارولين الى صدره لتعيش الصبر والسلوان بين ذراعيه للحظات قائلا :
- لاتخلطي الاوراق يا كارولين، نحن وانتم عايشنا الفسيفساء العراقي الجميل معا ، اما هؤلاء الوحوش فلم يعايشوه ولهذا يرفضوا اللون الاخر. انت لم تعرفي ماذا يحدث بين اروقة الامن والاستخبارات ، لقد استبدلونا باناس متعودين على اللون الواحد ، يرفضوا الاخر ولا يفهموا بالفسيفساء العراقي . لقد فعلوا هذا لنتأذى جميعا.
اخذ الثنائي يتحرك على خط النار بخطى متثاقلة يملئها التشاؤم من مستقبل يبدو اكثر ظلما امامهم، وما ان وصلوا الى بيت كارولين بادرها قاسم
- كارولين ، كما قلت لك عليك ان تقنعي هرمز بالهروب من هذا الجحيم قبل ان تحترقوا جميعا، لو اخذوكم الى امن واستخبارات بغداد ستنتهون جميعا
- نعم، يظهر انهم حولوا قضيتنا الى بغداد
- اذا ، عليكم ان تسرعوا بالرحيل. اخبريني ما ان يأتي هرمز في اجازة لاتدبر الامور
انتظرت كارولين عودة اخوها في اجازة بحرقة وما ان قدم حتى لاحظت اثار الجروح على وجهه فصرخت
- يا الهي ماذا حدث لك
- احدهم وشى بي وادخلوني السجن الى ان تقدم مسؤولي بواسطة فاعادوني الى جبهتي
هنا وجدت كارولين في نفسها اصرارا اكثر لقرارها قائلة :
- لن يتركونا وشأننا حتى بعد ان اعدموا اخينا الكبير، طالما اننا نملك هذا البيت الذي يريدوا الاستلاء عليه ، لنتركه لهم وننفذ بجلدنا يا اخي
- مابالك خائفة هكذا ؟؟ لن يفعلوا شيئا فانا مازلت احارب في الجبهة من اجل وطني ، كما اننا من اوائل الناس الذين عاشوا هنا .
- لقد كان يوسف جنديا يدافع عن الوطن ايضا فاخوه واعدموه بلا خجل، ولم يحترموا ايضا تاريخ وجودنا قبلهم ، كما انهم لا يكفوا عن مراقبتنا واستدعائنا الى الامن والاستخبارات دائما و... .
توقفت كارولين لتمنع خروج الامها التي عاشتها في هذه الدوائر القمعية، خوفا على اخيها وجروحه، الذي بادرها
- كارولين ، ماذا حدث لك ؟؟
- لا شيئ جديد ولكني ، قررت الرحيل
- لا يمكن ان تقرري هكذا ، علينا ان نستشير الوالد والوالدة في القرية، فالمنزل الذي سنتركه يعود لهم
- لا يمكننا التأجيل ، سنخرج غدا صباحا مع طلوع الفجر ونسافر الى الشمال
- لا يمكن ، ليس معي اجازة الا ليومين فقط ولن يدعوننا ان نعبر من حدود كركوك ، ارحلي انت وسابقى انا
- لن ارحل بدونك ، لقد فقدت اخا ولن افقد الثاني ، سنرحل معا او ساحرق نفسي هنا اذا لم تأتي معي.
- كيف سنهرب ؟؟
- لقد وعدني قاسم وسيتدبر امرنا الى ان نخرج من كركوك
- انه واحدا منهم
- انه يعلم بخباياهم وما يكنونه من حقد علينا وقد قرر مساعدتنا على الهروب من هذا الجحيم
- كيف سيساعدنا
- هو يتولى امر مراقبتنا هذه الايام
خرجت بعد الحديث مباشرة لتخبر قاسم عن استعدادهم للرحيل .
قبل بلوغ الفجر خرجت واخوها بحقيبة واحدة وصغيرة مستقلين سيارة الاجرة تراقبهما سيارة الامن بقيادة جار الطفولة قاسم ، لتساعدهما ولاول مرة على النجاة ، ومن بعدها الى فورتات النقل، لتحملهم احداهن الى خارج الجحيم الهادر.
وقفت سيارة الفورت امام السيطرة ودخل احدهم يعاين الهويات والوجوه المتجهمة ، غضبا وخوفا وحزنا ، الى ان وصل الى ورقة الاجازة القصيرة لاخيها ، حيث قال :
- لايمكنك ان تسافر باجازة ليومين فقط عليك بالرجوع ، هيا اخرج من السيارة
نزلت كارولين بعد اخيها وبادرت الى كذبة عسى ان تستعطف الرجل وتنقذ اخيها ونفسها من الموقف الكئيب
- ارجوك ، ابي مريض جدا وسنذهب انا واخي لرؤيته ونعود فورا
- لا يمكنه السفر
- لا استطيع السفر دونه
- هذه ليست مشكلتي
وقفت باكية ، تتوسل بالرجل وتستعطفه ، بعد ان اجبروا اخيها على الصعود الى السيارة العسكرية ليعودوا به الى وحدته ، في هذه الاثناء لاحظت اقتراب سيارة قاسم من السيطرة . نزل واختفى فيها لبرهة ، ليأتي احدهم ويأمر بنزول اخيها من السيارة العسكرية ، ليأتي ويأخذها الى الفورت ويأمر السائق بالتحرك. اخذ الفورت يسرع بخطاه كعصفور سجين دعي للحرية.
بعد فترة من انطلاق السيارة ، نظرت كارولين الى الوراء لتشاهد قاسم من بعيد يقف بجانب سيارته شاردا بنظراته اليهما الى ان اختفوا كليا عن ناظره.
عادت من شرودها وجمعت كارولين خطوط الذكرياة الاليمة واخفتها بين جناحيها لتبادر اصدقائها مؤكدة :
- القصة ليست خيال بل حقيقة ، انا اعرف الشهيد قاسم جيدا ، كان جاري وصديق الطفولة . نعم اغتالوه لانه ساعد الكثير من الناس ليتحرروا من الجحيم الذي وضعونا فيه .



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العاشق
- المرافقة
- العراقيون القدماء وفن التجميل والخياطة والنسيج
- حريم السلطان بين العمل الفني والتاريخي
- الصراع
- بابا نوئيل
- الحب الممنوع
- الاقدار
- من قتل ايماما ؟؟
- منوعات ممنوعة
- لك الحق يا ظالمي
- دور المرأة في العصور المختلفة
- في عيد المرأة اطالب بتخصيص يوم لعيد الرجل
- القديسة مومس
- اليس في الاقليم قانون؟
- لا تقترب
- هل ناديتني؟
- ثورة الانترنيت تسقط الانظمة الفاشية
- ساقول
- نحمل السلاح ام لا


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - على خط النار