أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - العراقيون القدماء وفن التجميل والخياطة والنسيج















المزيد.....

العراقيون القدماء وفن التجميل والخياطة والنسيج


اميرة بيت شموئيل

الحوار المتمدن-العدد: 3972 - 2013 / 1 / 14 - 13:50
المحور: الادب والفن
    


قد يتصور البعض ان الانسان القديم لم يعرف فن التجميل والخياطة والنسيج ولم يبالي بها نظرا الى صعوبة المعيشة وخطورتها امام تهديدات الطبيعة او الحيوانات القوية المفترسة.. ولكن التاريخ يثبت العكس، فكما العصافير والحيوانتا الاليفة والمتوحشة تهتم بهندامها بتنظيفها بالماء والتراب وازاحة العوالق من الاعشاب الصغيرة والاشواك وغير ذلك، لتضيفها على حركات الاغراء لبعضها البعض، كذلك فعل الانسان القديم.

فن التجميل
المتوارث لنا من الرسومات الحجرية او الكتابات المسمارية تثبت بأن الانسان القديم (الرجل والمرأة) على ارض الرافدين قد تفنن في عالم التجميل مستخدما العديد من الالات الحادة والمستحظرات النباتية لترتيب وترميم وتزيين الشعر والحواجب بغرض اصلاح وتجميل هندامه.

مما لا شك فيه ان الانسان الذي عرف (قبل اكثر من ثلاثة الاف سنة ق . م) كيفية صنع الخناجر والسكاكين والسيوف لحماية نفسه من المخاطر المختلفة حوله ، قد عرف ايضا كيف يصنع المقص، لان المقص اصلا يتكون من سكينين مرتبطين ببعضهما البعض من الثلث الاخير. كذلك الخنجر الصغير استخدم لتجميل الحواجب للنساء والرجال على حد سواء، او للحلق . كل هذا جاء قبل اكتشافه للخيط (ثريدنك). كذلك استخدمت عملية ثقب نهاية الاذن ووضع الحلقة فيها.

فطريقة استخدام الخنجر الصغير في تجميل الحواجب موجودة الى اليوم وان اصبح استخدامها قليلا جدا، ولكني اكتشفت وجودها في عدد من الصالونات في ايران واتقنتها ومارستها في كندا ايضا في الدورة التي احتضنت القادمين الجدد وقد ابدت خبيرات التجميل من مسؤولة القسم والمعلمان اعجابهن بالطريقة وحرفيتها، ولحد اليوم احتفظ بالخنجر الصغير واستخدمه احيانا الى جانب الخيط والواكس. والفكرة هي وضع الخنجر بحرفية على حدود الحاجب، بحيث يصبح الشعر بين الخنجر واصبع الابهام ثم يضغط الابهام على الخنجر ويرفع الاثنان بخفة ورشاقة ليخرج الشعر الغير موغوب فيه من البصلة كما الخيط، وهكذا الى ان نحصل على حواجب جميلة متناسقة بحدود واضحة الملامح.

اما الباروكه (الشعر المستعار)، فمن الواضح من الاثار القديمة (الرسوم ) انها جاءت بعد صناعة الخيط والاقمشة من صوف الحيوانات (الدواجن والمتوحشة ايضا) بالاضافة الى القطن والكتان وغيرها. وقد بدا واضحا ان بعض رجال المعابد كانوا يحلقون شعرهم ولحاهم تماما او يبقون على اللحى مع حلق الشعر والبعض الاخر كان يستخدم الباروكة التي تشبه الى حد بعيد الباروكات التي يستخدمها الحكام ومعاونيهم والمحامين الى عصر قريب في بعض الدول (انكلترا مثلا) ، كما نجد في الافلام القديمة.

ايضا استخدمت الاقمشة على اشكال مختلفة (اشرطة ) لاضافة الجمال والاناقة على الشعر(اكسسريس) من جهة ورفعه (على شكل ذيل الحصان او البوني تيل) وازاحته من على الوجه (تسريح الشعر الى الخلف ولف شريط في مقدمته ) من جهة اخرى. بعدها جاءت القبعات المختلفة لحماية الشعر واضافة جمال اخر عليه.

اما مستحضرات التجميل من النباتات والاعشاب، فقد ابدع القدماء في فن تصفيف الشعر مستخدمين المواد الصمغية لتحريك الشعر على شكل امواج، تماما كما نفعل اليوم مستخدمين (الجيل) ، كما استخدمت المواد الصمغية لتمويج او لف او تجعيد لحى الرجال عموديا او افقيا حسب الرغبة. ولعل اشهر نحت يدعم حديثنا هو نحت لرأس الملك سرجون الاكدي او نارامسين الاكدي، ورأس الثور المجنح لدى الاشوريين بعد ذلك.
اما عن مستحضرات الوجه (الفيشل) فلحد الان ليس لدينا العم والاثبات لاستخدامها من قبل القدما وقد يكون لنا مستقبلا لان عمليات الاستكشاف مازالت جارية، ولكن منطقيا يمكننا ان نقول اذا عرف الانسان كيف يستخدم المواد الصمغية للسيطرة على حركة الشعر لابد وان يكون قد استخدم مواد التجميل كالاتربة والمواد النباتية والحيوانية والاعشاب وغيرها (البيض والحليب ودهون النباتات والحيوانات وعصارات النباتات والاعشاب) للوجه والجسم ايضا.

اخيرا ، نعود الى الفقرة الاولى من حديثنا لنقول : لو استطاع عصفور صغير ان يتجمل ويصلح هندامه ويزيد على جماله جمالا ليتبختر امام معشوقته او معشوقها والاخرين بالرغم من المخاطر المحدقة به من كل جانب، فما الذي يمنع الانسان من ذلك؟

فن الخياطة والنسيج
قبل الاف السنين وفي بلاد النهرين (ميسابوتاميا) حصل العراقيون القدماء (في سومر واكد واشور )، من الحيوانات البرية التي كانوا يصطادونها، ثم الداجنة (التي اعتنوا بها بعد ذلك)، على الجلد والصوف والكتان وسخروها لصنع الخيوط والاقمشة والحصول على الملابس لحماية وتدفئة وتزيين انفسهم، وحماية وتدفئة الملاجئ او البيوت ، ففي الوقاية من الانواء الجوية والاخطار الخارجية، استخدموا الاقمشة الصوفية والجلود اولا كواقي للحماية من الرياح او الامطار ( كالخيم مثلا) اينما رحلوا. (لمتانتهما) ثم الاقمشة الكتانية الذي امتزجت بالصوف في ملبسهم ومأواهم، حتى استقلت الكتانية اخيرا لتصبح بامتياز ملبسا للاغنياء والنبلاء. فقد استخدم الانسان القديم جلود الحيوانات لباسا له للحماية والتدفئة، ثم جاءت عملية صنع قماش من الصوف ومن ثم تحويله الى لباس بدون استخدام ابرة او خيط ، من خلال اضافة الماء الى الصوف والضغط عليه بين فترة وفترة حتى السيطرة عليه قبل ان يجف تماما، هذه العملية جديرة بتحويل الصوف الى قماش سميك او رفيع حسب الطلب ، وهكذا فعلوا قديما وتمكنوا من الحصول على ملابس مختلفة، وهذه العملية موجودة لحد الان، خاصة في شمال العراق، فالقبعة الدائرية المقعرة في وسطها، والتي يزينها الاشوريين بريش الطيور الملونة ليضعوها فوق رؤوسهم كمكمل لملابس الزينة المسماة (جوله د خومالا)، هذه القبعة تصنع بنفس الطريقة، كذلك اليلك المصنوع من الصوف والمسمى بـ (جوخا)، يمكن ان يكتمل صنعه بدون ابرة او خيط ، اي ان يصمم ويقص مكان الردن والرأس والصدر(حسب الطلب) بواسطة الة حادة فقط (الخنجر او السكين الحاد). هكذا نجد ان الانسان القديم في ميسابوتاميا قد عرف الملابس حتى قبل استخدام الابرة والخيط بفترة قصيرة.

اما القطن، فحسب المعلومات المتوفرة حاليا لم يعرف في بيت النهرين قبل عهد الملك سنحاريب الذي امر بجلبه من الهند غالبا، وزرعه في المنطقة، بحسب المعلومات المتوفرة( ومرة اخرى نؤكد على ان هنالك الكثير من الاثار القديمة التي لم تكتشف بعد وقد تغير مسار التاريخ اذا ما اكتشفت). ولابد انه في فترة الملك سنحاريب ، كانوا قد صنعوا الابرة والخيط وعرفوا الخياطة ايضا، لان عهده كان ضمن الامبراطورية التي احتضنت التقدم في كافة نواحي الحياة في ميسابوتاميا.

اما عملية الغزل والمغزل فالاثار الكتابية والرسوم المتواجدة لحد الان تؤكد تفرد المرأة تقريبا بها، وبدايات الغزل كانت بالاعتماد على ذراع واصابع اليد والفخذ، في تسخير الصوف والكتان لصنع الخيوط الرفيعة او السميكة، القصيرة والطويلة حسب الرغبة، وبعملية بسيطة جدا، تقوم اولا بتمشيط ( الصوف مثلا) ، ووتجزيئه وبرم اجزاءه وربطها لتكوين خيوط رفيعة، مع مراعات تبليل الكف التي تقوم بحصر وبرم الخيوط بينها وبين الفخذ لتقويتها، اما اليد الاخرى فتقوم بضبط ورفع الخيط المبروم ولفه تدريجيا حول اليد. بعدها جاءت فكرة اختراع المغزل والتي استخم فيها الخشب والمسمار او السنارة، لتسهيل عملية الغزل وبهذا استطاعوا اختصار الزمن والحصول على خيوط طويلة وكثيرة، ومن الجدير بالذكر ان عملية الغزل بالمغزل موجودة ليومنا هذا بالرغم من انتهاء الحاجة لها للخدمة العامة تقريبا، بسبب امكانيات المعامل الهائلة لسد الحاجة الى الخيوط العديدة والمتنوعة.
كذلك تحدثنا الكتابات والرسومات القديمة عن تفنن القدماء بالالوان ،فبالاضافة الى بعض الوان الصوف والكتان الطبيعية (الاسود والابيض والقهوائي)، اعتمدوا على الالوان المستخرجة من النبانات، (كقشور البصل الاحمر والباذنجان والرمان) او الحناء او الاتربة الحمراء الطبيعية، لتجميل الخيوط المستخدمة والاقمشة كذلك. حتى الاصماغ النباتية استخدمت لتجعيد او تسريح الاقمشة بالاضافة الى استخدامها لتجعيد او تسريح الشعر واللحى .

طبعا بعد عملية الغزل جاءت عملية نسيج الاقمشة المتنوعة والملونة والتي لازلنا نحتفظ في جيلنا ببعض الاجهزة القديمة ومنها جهاز النسيج (الخشب المستطيل والى جانبيه وعلاه واسفله المسامير لشد وغزل الخيوط مع بعضها البعض لصنع الاقمشة المختلفة الاشكال والالوان) والرسومات القديمة شاهدة على جمال فن الخياطة والنسيج القديم الشبيه بالزخرفة، مما يدل دلالة واضحة على اهتمام الانسان القديم بنفسه وملبسه اهتماما بالغا، بل وربما اكثر من اليوم .

هكذا نرى القدماء (رجالا ونساءا) لم يكتفوا باستخدام الاقمشة لحماية وتغطية اجسامهم ، بل تفننوا لاضافة الجمال والبهاء على طلعتهم لاغراء بعضهما البعض، بالرغم من المخاطر المحيطة بهم .

نعم ان فن الزخرفة في الخياطة والنسيج عاش في منازلنا الى وقت قريب، فمن منا لم يرى الشراشف المتكونة من قطع القماش الصغيرة الملتصفة ببعضها البعض كمربعات او مستطيلات او مثلثات او حتى مكعبات مختلفة الاشكال او الالوان ، خيطت بايدي امهاتنا او جداتنا في الامس القريب؟؟ ومن منا لم يشاهد النداف عندما يعمل بالالة الوترية لتفكيك القطن مرة اخرى ومن ثم يعاد حشوه في اقمشة متينة (كدوشك او فراش او مخدة). كذلك من منا لم يرى المغزل الجميل في يد جدته او حتى والدته لبرم الصوف والحصول على خيوطه المعروفة بمتانتها لخياطة الدوشك او خياطة الشجوة او الشكوة (الكوذة، لضخ الحليب واستخراج الزبدة والشنينة) وغير ذلك؟ فما زالت العديد من اغانينا الشعبية تتغزل بالمرأة ومغزلها الذي رافقها منذ ذلك العهد الى يومنا هذا.

كلما اطلعنا على الرسومات التاريخية القديمة تباعا، اي بحسب تسلسلها التاريخي، نزداد يقينا بان ما ورثناه اليوم من مدنية وتطور وتكنولوجيا ورقي واناقة وجمال لم يأتي من فراغ وانما هو ثمرة جهود حثيثة ممن سبقنا من البشر، فعلينا اذا ان نحافظ عليه ونطوره ونسلمه الى الاجيال الاخرى بافضل حلة لتستفيد منه كما فعلنا نحن.



#اميرة_بيت_شموئيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حريم السلطان بين العمل الفني والتاريخي
- الصراع
- بابا نوئيل
- الحب الممنوع
- الاقدار
- من قتل ايماما ؟؟
- منوعات ممنوعة
- لك الحق يا ظالمي
- دور المرأة في العصور المختلفة
- في عيد المرأة اطالب بتخصيص يوم لعيد الرجل
- القديسة مومس
- اليس في الاقليم قانون؟
- لا تقترب
- هل ناديتني؟
- ثورة الانترنيت تسقط الانظمة الفاشية
- ساقول
- نحمل السلاح ام لا
- الحوار المتمدن وشمعته التاسعة، مناشدة الحكومة العراقية
- رفض نتائج الانتخابات، هل يستند الى منطق حكيم؟
- الكاتب القدير يوسف ابو الفوز في كندا، ثائر وطني يحمل مأساة ش ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اميرة بيت شموئيل - العراقيون القدماء وفن التجميل والخياطة والنسيج