أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى اسماعيل - الديناصور هو القارىْ الأخير














المزيد.....

الديناصور هو القارىْ الأخير


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1181 - 2005 / 4 / 28 - 09:53
المحور: الادب والفن
    


تغمدَ اللهُ أرواحَ أجدادنا الديناصورات بوافرِ رحمتهِ ويسَّرَ لها المُقامَ في الآخرةِ . وطلبيَ الرحمةَ لهمْ اليومَ مردّهُ إلى قناعتي المطلقة بأنّ الديناصورات كانت الطبقةُ الأخيرةُ من القرّاءِ على وجه الأرض قبلَ أنْ ينقلبَ عليهم الجهلةُ الذين لا تروقُ لهم الكتبُ والقراءةُ وأنا هنا أنفي فرضيةَ اصطدام نيزكٍ بالأرض ما أدّى إلى انقراضهم .
نبدو اليوم وبعد ملايين السنين أولاداً عاقينَ ومنشقينَ عن سيرةِ السلفِ العظيمِ الديناصورُ عليه رضوانُ اللهِ والطبيعة , ففي حين كانَ هذا الجدُّ الجليلُ ونسلهُ الصالحُ يقضمونَ الكتبَ قضماً قبل ملايين السنين نمضغُ اليومَ نحن أبناءُ سلالتهِ العشبَ فقط جُلَّ وقتنا وما تبقى منه نقضيه في متابعة آخر المنعطفات التاريخية التي يجود بها خصرُ روبي أو هيفا أو نانسي برعاية كوكا كولا .
لماذا وجعُ الرأسِ وتكديرُ صفوِ الحياة إذا كانَ بالإمكان شراءُ العجرميات والخليجيات بدلاً عن الريحانيات والجبرانيات . لماذا تنغيصُ الحياةِ إذا كانَ بالإمكان متابعةُ جسد المطرباتِ بدلاً عن متابعة جسد الكلمات . ولو لحنوا جزءاً من مقدمة ابن خلدون لمُغني البرتقالة أو الرمانة وخرج علينا في فيديو كليب صحبة مهترئاته المكتنزات الكثر لرأيت محور حديث كل جلسة اجتماعية العمران والتمدن ومسائل التقليد بين الغالب والمغلوب .
في مجتمعاتنا الاستهلاكية . بعقلياتها المومياوية المحنطة المقبورة أصبحَ فعلُ القراءةِ منَ الكبائرِ والأمورِ المقرفةِ . أصبحَ فعلُ القراءة نوعاً من عملية تهميشكَ في محيطكَ الاجتماعي المفترض , ولعنةً باهظةَ الكفنِ كفيلة بخلق نوعٍ من القطيعة الشاهقة بينك وبين الكائنات التي تتربص بكل فكرة جميلة لنحرها على مذبح سطحيتها . العقلُ الاستهلاكيُّ التموينيُّ المستحاثاتيُّ العائم اليوم فوق سفوح شجر الروح يُقصّلُ ( نسبة إلى المقصلة ) كلّ إمكان تفاؤلٍ بغدٍ أجمل يفوح من سماواته هديلُ الحمام . وفي أحسن الأحوال ينظر إلى فعل القراءة بمثابته نوعاً من البطر العقلي والتمظهر الاجتماعي الذي بالإمكان الاستغناء عنه .
انحسار القراءة يرتب حالةَ جزرٍ ثقافية , وبالتالي تكاثراً هائلاً للتيارات الأصولية الظلامية والاستبداد السلطوي عبرَ أجهزتهِ الأمنية ما يحول المجتمع أينما كان إلى مجرّد صحراء ربع خالي تكثر فيها الزواحف ويغيب الإنسان . أما طبعة الإنسان الموجودة فتكون نسخة مشوهة بليدة عاجزة وقاصرة .
الذي عمّق غربة المثقف في المجتمع وخلق هذا الفصام لديه وأسكنه في المنفى النفسي الذي يعد أخطر بكثير من المنفى الجغرافي هو تدجين الثقافة وترويضها وتسويق شبه ثقافة نمطية تابعة ذليلة خانعة تعتاش على فتات موائد السلطات .
لا يريد الناس أن يملأوا الفراغات الهائلة في رؤوسهم بحزن القراءة , يستطيعون الرفق بالحيوان ولكنهم قطعاً ليسوا من أنصار الرفق بالكتاب .حتى أصبح الكتاب دريئة لحملات الرجم والقذف ونوعاً من المنكرات يلزم النهي عنه , لخطورته في تجاوز الخطوط والمحددات المنتصبة أمام العقل الإنساني في طرحه الأسئلة الهائلة التي بلا آفاق ولانهايات .
في مجتمعاتنا الصغيرة , الهامشية يتحول التعامل مع الكتاب إلى نوع من الميوعة . حيث يتم اختزال الكتاب إلى مجرد فهرس ورؤوس أقلام هي عبارة عن اسم الكاتب وعنوان الكتاب ودار النشر , ويكفي لتكون مثقفاً أن تورد في حديثك الخلطبيطة اسم الكاتب وعنوان الكتاب فقط , وهذا كفيلٌ بأن يشار إليك في المجتمع الذي تعيش بين ظهرانيه بالبنان .
في مجتمعاتنا الصغيرة , الهامشية ينتشر ثقافويو أوراق المفكرات , وأكثر فئة اجتماعية شراءاً للكتب والمجلات والجرائد هم أصحاب المطاعم .
بعد كل هذا ألا يحقُّ لنا اعتبار الديناصور هو القارىْ الأخير .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن .. الأكراد .. الآشوريون ..والمسلخ التركي
- الصحافة الكردية بين الفواتح القصوى والنهايات القصوى للقرون
- فصل المقال فيما بين آية الله المحتجبي والانترنت من اتصال
- شطحات العمامة القومجية الفارسية
- ورقة المجازر الأرمنية تكشف عورات تركيا
- البعث العراقي وتأميم القرآن
- الجعجعة التركية لن تنتج طحيناً
- اذا كانت أمريكا عدوّة الله فمن هو صديق الله ؟ ..
- سياسة الفكر المحروق
- راعي خراف الرب وفقهاء الظلام
- الكورد أمة .. من ما قبل جنكيزخان الى ما بعد سقوط صدام
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ...
- الذهنية الاقصائية - الأقليات والجاليات وتعالي الأنا العربية
- الذهنية الاقصائية - خرافة الايديولوجيا القومية الحديثة -ياسي ...
- الذهنية الاقصائية - ياسين الحافظ ومسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي-مسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي - مركزية العرب وه ...
- مدخل الىالذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي
- عن الأفق الديمقراطي


المزيد.....




- النيابة تطالب بمضاعفة عقوبة الكاتب بوعلام صنصال إلى عشر سنوا ...
- دعوات من فنانين عرب لأمن قطر واستقرار المنطقة
- -الهجوم الإيراني على قاعدة العُديد مسرحية استعراضية- - مقال ...
- ميادة الحناوي وأصالة في مهرجان -جرش للثقافة والفنون-.. الإعل ...
- صدر حديثا : كتاب إبداعات منداوية 13
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- ميسلون فاخر.. روائية عراقية تُنقّب عن الهوية في عوالم الغربة ...
- مركز الاتصال الحكومي: وزارة الثقافة تُعزّز الهوية الوطنية وت ...
- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى اسماعيل - الديناصور هو القارىْ الأخير