أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى اسماعيل - الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ؟ 1/2















المزيد.....

الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ؟ 1/2


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 1160 - 2005 / 4 / 7 - 08:38
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الخطاب الثقافي العربي في الكثير من الأمور المفصلية السياسية والاجتماعية والثقافية أسير للدوغمائية الالغائية . حيث يتم تدجين وترويض الثقافة لصالح الايدولوجيا . وتنامي الثقافي الإيديولوجي يرتهن إلى دعم وإسناد المواقع السلطوية في أغلب الأحوال , ما يؤدي إلى قطيعة سافرة بين الثقافي الإيديولوجي والثقافي المعرفي , بين المثقف التابع والمثقف الرافض , بين المثقف صنيعة المؤسسات الشمولية لأنظمة شمولية والمثقف الرافض واللاعن لسطوة الايدولوجيا الشمولية , الباحث عن بقعة ضوء وسط أطنان الشعارات والهتافات وآليات القمع البوليسي.الخطاب الثقافي العربي يكنز الكثير من هذه التناقضات والتباينات والمفارقات . ففي حالات لا تحصى يتسلط الثقافي على الثقافي , ويشوه الثقافي المخفور بأوهام السلطات التاريخية الثقافي الآخر , الديمقراطي , الباحث عن هامش ولو بسيط من الحريات لممارسة دوره الإنساني .
هذا النزاع هو بين التوتاليتاريا والديمقراطية , بين القمع والحرية , بين وعي يخترق التاريخ وآخر يستسلم للمقدس السياسي ويقدم له فروض الطاعة والولاء . ومن شأن هذه العقلية المستسلمة ليقينيات المقدس السياسي وللأحادية الفكرية السياسية , محاربة كل عملية دمقرطة للمجتمع وفرض الحظر على كل محاولات مراجعة المفاهيم التاريخية والسياسية والثقافية وحتى الدينية . لأن هذه العقلية تعتاش على سكونية وظلامية السلطات والثوابت الفكرية الاطلاقية المعصومة والمحصنة إلى يوم الدين .
ولا قمع أبلغ وأشد من قمع الثقافي للثقافي . فمن المفترض , لكي يمارس المثقف دوره المرتقب , الإتيان بحلول عملية , عقلانية , معقولة ,مجردة من الاعتبارات المنفعية لمشاكل مجتمعه , وترويج أو تسويق وجهات نظر أو فرضيات ديمقراطية . ولكن يبقى هذا الدور المفترض للمثقف في إطار الحلم , لأن الواقع – واقع الثقافة العربية – يكشف عن الوجه الآخر للمسألة .
فكثيرا ما يهرع المثقف إلى الايدولوجيا والميتافيزيقا ليخدرنا بجرعات من الوعي الزائف المحتكم إلى المصادرة المنهجية للحقائق , وتزييف التاريخ والجغرافيا وطمس كل معالم اعادات النظر والمراجعة . والكاتب السوري / جمال الدين الخضور / , في مقالته : >. يدخل في هذا الإطار , ويتحول إلى مثال بسيط من أمثلة لا تحصى على زيف الايدولوجيا الشمولية , والظواهر الصوتية التي تعج بها الثقافة العربية المعاصرة .
ينصب الخضور نفسه في مقالته تلك شرطيا"على أفكار > الشاعر العراقي, تلك الأفكار التي عبر عنها في أحد أعداد مجلة الناقد ( العدد 61 – تموز 1993 ) , ومرة أخرى في جريدة السفير اللبنانية حيث نشر ثلاث مقالات سنة 1992م وتحت عنوان << الطريق إلى كردستان >> .
طبعا لم يكتف << الخضور >> بقراءة تلك الكتابات بل أقام القيامة على صفحات سبتمبر 1994م من مجلة الناقد . << الخضور >> لا تعجبه آراء ومقولات << سعدي يوسف >> , أحد شعراء الخمسينات العراقي والمناضل الماركسي والديمقراطي , لأنها لا تنطلق من فهم قومجي للمسائل . فالشاعر << سعدي يوسف >> يطرح مسألة لا حضارية العرب ولا وعيهم السياسي وينظر إليهم باعتبارهم أعرابا لا يجيدون أبجدية الحضارة , فـ " قبل دخول العرب إلى بلاد ما بين النهرين , كانت هذه البلاد ملتقى حضارات وأديان . الإغريق لهم مكان والزرادشتية لها معابد . فإلى زمن قريب كان القداس في الكنائس يقام باللغة اليونانية ".( -جابر يحيى ويوسف بزي : مونولوغ .. سعدي يوسف . مجلة الناقد – العدد 61 –تموز 1993م –صـ20÷25 ).
فماذا فعل العرب في هذه البلاد , وملتقى الحضارات ؟.. " نحن العرب لم نفعل في الهلال الخصيب سوى التدمير , حضاريا وسياسيا " ( المرجع السابق ) .
لا ينظر الشاعر سعدي يوسف إلى الموضوعة انطلاقا من معايير نمطية و بل يطرح الفكرة من جوانب ديمقراطية ومن ارث انفتاحي حضاري . فليست هنالك وحدة حضارية بين التراثات القديمة في المنطقة والتشكيلات العربية الاجتماعية , الثقافية , الاقتصادية , السياسية والدينية الحالية . ثمة قطع معرفي متولد قبل مئات السنين .
وهذا ما يؤكد عليه << سعدي يوسف >> , فالعرب برأيه لم يدخلوا المنطقة (الهلال الخصيب ) وغيرها إلا مع الاحتلال الإسلامي . فمحاولات تعريب الكلدان والآشوريين والأكراد ..الخ في زمننا الراهن تبقى حلا مضحكا وساذجا , لماذا ؟..
لأن لهذه الشعوب العريقة ثقافاتها , ارثها الحضاري , ماضيها المجيد , مخاييلها الاجتماعية وأساطيرها . ولها في العصر الحديث ثوراتها , حركات تحررها وأحزابها وإعلامها الذي يطرحها على الدوام كقوميات مهدورة الدم , تعيش مرحلة ما قبل الأمة وتسعى إلى تأسيسات دولتية .
وجمال الدين الخضور يطرح نفسه كعنتر للقومية العربية في تضعضعها اللافت ونكساتها المزمنة , محاولا إدخال الأمة العربية مجددا من نافذة التاريخ فوت أن خرجت من أبوابه ومن تحت أقواس نصره , ويحاول اختلاق جغرافية مقدسة لهذه الأمة << ذات الصيت>> المتحولة إلى جسد عار من الجلد والانتماء . فهو بفكره المحدودب الاستهلاكي السياحي يحاول أن يخرج إلينا في اهاب الساحر القومي , إذا رفع قبعته قد يخرج أرنبا , أو قد يخرج وطنا واحدا من المحيط إلى الخليج .
وهو يلغي رفاقه في الثقافة باسم السيف العربي الساطع !! والحق العربي الهادر !!! والزمن العربي النقي !! والصيرورة الأبدية لايدولوجيا مدمرة للذات والآخر في الداخل والخارج .
يرى جمال الدين خضور بأن << ما تبقى من أمتنا العربية - أمته العربية – من شرف وطني لن يكون فخورا بانتماء هؤلاء – سعدي يوسف وغيره – إلى العروبة , مهما بلغت سطوة هذا الزمن المغبر وعتمته القاسية >> . ( جمال الدين الخضور : العقل المقلوب ..عن السقوط في برميل النفط – مجلة الناقد – العدد 65 – أيلول 1994م- السنة السابعة –صـ45-46 ) .
يتمادى << الخضور >> كاهن الهيكل العربي وينعت << سعدي يوسف >> بـ<< العقل المقلوب , الفصامي , الذي ما يكاد ينهي مقولته حتى يملأ نفسك بالاشمئزاز والحزن والقحط . فهو سفيه لدرجة تشويه التاريخ >> . ( المرجع السابق صـ46 )
عن أي تشويه للتاريخ , عن أي فصام وما شاكل يتحدث مثقف الشتائم هذا ؟.
هل هو أعلم من سعدي يوسف ومنا بتاريخ المنطقة وجغرافياها ولغاتها وانتماءاتها , أم أن عقله المقلوب بالأساس هو الذي يريه عقول الناس بمثابتها مقلوبة . ثم عن أي فصام يتحدث " مثقف الشتائم " وهو الذي يتغنى بمجد زائف لتاريخ عربي موغل في الجم وإلغاء الآخر وطمسه بحذافيره . عن أي فصام وتشويه للتاريخ يتحدث والقومية العربية ما انتعشت إلا على شعارات ميتافيزيقية لا صحة لها , وعلى المذابح الجماعية والقمع البوليسي والمعتقلات ومصادرة آراء الآخرين المختلفين وخلق مشاريع استيطانية عربية عنصرية من قبيل " الحزام العربي " وتقسيم المواطنين إلى فئات ودرجات .
ليس هناك في آراء سعدي يوسف أدنى تشويه للتاريخ العربي ولتاريخ المنطقة , وليس هنالك في عرف هذا المثقف والشاعر الكبير أدنى سلوك عنصري عربي . فـ" الخضور"
نفسه يسوق بعض المقاطع من مونولوغ " سعدي يوسف " لـ " يحيى جابر و يوسف بزي " ويشتمها .. وهي برأيي ذات دلالة . يقول " سعدي يوسف " :
<< إن فكرة الهلال الخصيب إذا أبعدت عن التاريخ العربي , وأعيدت إلى الرومان والإغريق تكتسب معنى أصالة >> .( يحيى جابر ويوسف بزي : مونولوغ سعدي يوسف ) .
فهو يدرك ما يقول . وليس هنالك أية مصادرة للتاريخ في الشاهد أعلاه . فالهلال الخصيب لم ينتعش إلا في فترة الوجود الروماني والإغريقي في المنطقة . ونضيف نحن الوجود الفارسي والوجود الكردي و الوجود الآشوري ..الخ .
إن العقل الحلزوني لـ " الخضور " يأبى سماع أو رؤية ربط حضارة المنطقة بالرومان والإغريق وغيرهم . ولا ندري إلى من ينسب الخضور آثار تدمر وبصرى والحيرة وبترا ونينوى وآثار الشمال السوري برمتها . أينسبها إلى آبائه قحطان وعدنان ومن الشام لبغدان ..الخ هذا الاستخفاف بالعقل والوعي الإنساني .
إن الحضارة الرومانية والبيزنطية والهيلينية والهيلنستية لا تزال آثارها شاهدة إلى اليوم في المنطقة . نمط العمارة يؤكد ذلك . إذ ليس في المنطقة أي أثر يؤكد الهوية العربية إلا مفارز الجهات الأمنية العديدة .
نحن لا ندعو إلى إلغاء التاريخ العربي وهدم هذا التاريخ على رؤوس دعاته والقائلين به . بل ندعو إلى تعامل ثقافي , عقلاني مع أية ثيمة . أما النظر بقدسية فوقانية إلى المسائل فلا ينتج في النهاية إلا أحكاما اطلاقية جاهزة لا تفيد إلا في خلق تشنج مؤذ وضار . وهذا ينسحب على كل الأقوام .
وأنا من أنصار الطرح الداعي إلى إعادة كتابة تاريخ العالم , لأن من شأن هكذا عملية إعادة التاريخ المصادر لأيما قوم إلى أصحابه الأولين ( أصحاب الطبعة الأولى ) .
فتاريخ منطقتنا هو تاريخ الغالب وتاريخ المسيطرين . فمن خسر من عملية كتابة التاريخ بهذه الطريقة الإيديولوجية .؟.
الأكراد مثلا خسروا كل تاريخهم . بل سحب تاريخهم من تحت أرجلهم عنوة . فآثار الأكراد في الدولتين العربيتين ( العراق وسوريا ) صارت آثارا عربية , وآثارهم في تركيا صارت تركية , وكذلك الأمر في إيران ... إن قراءة " سعدي يوسف " لتاريخ المنطقة ( الهلال الخصيب ) والتاريخ العربي بعامة , هي قراءة ثقافية , ديمقراطية , تجد جذرها في استيعاب الآخر . وإقامة علاقات جدلية معه , ولا تقوم بأي حال من الأحوال بنفي الآخر إلى زريبة الخنازير أو إلى مستودع النفايات التاريخية . ومن هنا خطل القراءات المتشنجة للبكائيين العروبيين .. الذين يريدون المنطقة بقومياتها العديدة على برميل البارود دائما .



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذهنية الاقصائية - الأقليات والجاليات وتعالي الأنا العربية
- الذهنية الاقصائية - خرافة الايديولوجيا القومية الحديثة -ياسي ...
- الذهنية الاقصائية - ياسين الحافظ ومسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي-مسألة الأقليات
- الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي - مركزية العرب وه ...
- مدخل الىالذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي
- عن الأفق الديمقراطي
- ( العقل الدونكيشوتي والعقل الالكتروني (تحية الى موقع سيدا ال ...
- حلبجة.. أوشفيتز..والعرب


المزيد.....




- هيفاء وهبي توجه تحية لفريقها الإبداعي في عيد العمال
- مصدران لـCNN يكشفان تفاصيل قرار مغادرة مايك والتز المحتملة ل ...
- إريك ترامب يعلن من دبي عن مشروع عقاري بقيمة مليار دولار.. هل ...
- الجزائر تلاحق إسرائيل بـ -العدل الدولية-
- قضية دمنهور: الحكم بالمؤبد على المتهم بهتك عرض -سبايدر مان- ...
- الخدمة العالمية في بي بي سي تطلق بثاً إذاعياً طارئاً لتغطية ...
- هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه ...
- -القاتل الصامت في منتصف العمر-.. كيف تهدد الساعة البيولوجية ...
- الأسطول الروسي والتقاليد الهندية
- المنفي يمهل مفوضية الانتخابات 30 يوما


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - مصطفى اسماعيل - الأكراد والعقول العنكبوتية المقلوبة - من يسقط في برميل النفط ؟ 1/2