أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - طارق حميد امين - من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق الحزب الشيوعي















المزيد.....


من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق الحزب الشيوعي


طارق حميد امين

الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 21:53
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


تأسست في العراق عدت معامل رأسمالية وطنية للنسيج والسكائر وغيرها في عشرينات القرن الماضي وكذلك بدأ استثمار النفط عام 1927 مما أدى الى إيجاد طبقة عاملة عراقية قليلة العدد آنذاك الا أنها تمتلك أصالة ثورية مؤهلة لان تلعب دور طليعي في حركة التحرر الوطني في العراق وبروز دورها في وقت مبكر جدا بحكم وجود الرفيق الخالد فهد في صلب النضال الوطني وتجلى هذا الدور الطليعي في الإضراب العام في تموز عام 1931 احتجاجا على معاهدة 1930 الاستعمارية ومع بداية تكوين الطبقة العاملة العراقية الوليدة ظهرت محاولات لتنظيم حلقات شيوعية في بغداد في أواسط العشرينيات من القرن الماضي وقام عدد من المثقفين الذين اتصلوا بالفكر الاشتراكي العلمي بتشكيل حلقات شيوعية لكن هذه الحلقات لم تدم طويلا اما في المنطقة الجنوبية فقد تأسست شبكة تنظيمية من الخلايا الشيوعية في البصرة والناصرية وغيرها بفعل وجود الرفيق فهد لما يمتلكه من مؤهلات قيادية وتنظيمية و تتبع شخصي دؤب وإصرار .
لقد شاركت خلايا الجنوب في عام 1927 في أول نشاط نقابي في الاجتماع التأسيسي لفرع جمعية العمال وأصحاب المهن في الناصرية والذي القي فيه الرفيق فهد خطابا استهله بشعار ( ياعمال العالم اتحدوا ) كذلك شاركت الخلايا الشيوعية في انتفاضة الناصرية عام 1931 وتعرض الرفيق فهد ورفاقه للحبس يسبب هذا النشاط
وفي 31 / اذار / 1934 تأسس الحزب الشيوعي العراقي تحت اسم ( لجنة مكافحة الاستعمار ولاستثمار ) كضرورة تاريخية تطلبتها مستلزمات الكفاح الوطني ضد المستعمر والإقطاع ورحال الحكم الرجعيين وجسد الحزب وحدة الشعب بكافة طبقاته وفئاته الاجتماعية الثورية وقومياته المتآخية من اجل تحررها الوطني والديمقراطي ومن اجل هذا ناضل الحزب بقيادة مؤسسه الرفيق الخالد فهد بلا هوادة وفي مختلف المجالات وبأساليب كفاح متعددة ضد الاستعمار وشركاته وعملائه من رجال الحكم والإقطاعيين كما ناضل ضد الفاشية وأخطارها ورتلها الخامس,ودافع بقوة عن مصالح الجماهير الكادحة وأرسى قواعد النضال الشعبي في التحرر الوطني والقومي على أساس بنود ميثاقه الوطني الذي طرحه في كونفريسه عام 1944 ولقد نركز نضاله في هذه الفترة على تحقيق الاستقلال الوطني وإقامة نظام ديمقراطي والاعتراف بحقوق الشعب الكردي القومية وبحقوق القوميات والأقليات الأخرى وكما قاد نضال الجماهير من اجل تحقيق مطالبها الاقتصادية والسياسية وكما سعى من اجل تأسيس المنظمات النقابية والمهنية,وفي عام 1935 وزع الحزب بيان ( ماذا نريد ) على نطاق واسع دافع فيه عن الانتفاضات الفلاحة في وسط وجنوب العراق وفي كردستان ولعب دورا بارزا في إسناد انتفاضة سوق الشيوخ ضد الإقطاعيين وفي تموز من عام 1935أعلن اسم الحزب الشيوعي محل لجنة مكافحة الاستعمار واصدر جريدة الحزب المركزية ( كفاح الشعب ) . وفي تشرين الثاني من عام 1936 قاد الحزب مظاهرة جماهيرية كبرى في بغداد للمطالبة باقرار حقوق الشعب وهتف المتظاهرون بسقوط الفاشية وكذلك خلال شتاء عام 196- 1937 تصدر العمال الشيوعيين الإضرابات والمظاهرات العمالية التي أرغمت الحكومة على الإقرار ببعض حقوق العمال كتحديد ساعات العمل وإصدار قانون العمال رقم 72 . وفي شباط عام 1944 انعقد الكونفرنس الأول الذي أقر فيه الميثاق الوطني الذي بلورة الأهداف الأساسية في تلك المرحلة وفي نفس هذا العام قاد الحزب العديد من الإضرابات العمالية لعمال السكك والنفط والكهرباء والمطابع والبريد والبرق وكان أبرزها إضراب كاورباغي الذي دام 13 يوما وكما لعب الحزب دور في وثبة كانون عام 1948 التي أسقطت حكومة صالج جبر ومعاهدة بورتسموث الجائرة . وفي تلك الفترة ظهرت العديد من المفاهيم الفوضوية والانشقاقية والانتهازية التصفويةالتي عصفت بالحزب وكذلك صاغ الحزب نظاما داخليا على أسس القواعد البينينية . وفي اواخر عام 1948 جرى اعتقال العشرات من كوادر الحزب وكما أعدمت السلطة في 14 / شباط /1949 الرفاق فهد وجازم وصارم بعد محاكمة صورية وعلى الرغم من هذا استطاع الحزب من قيادة العديد من الإضرابات العمالية و الفلاحية و السياسية مابين عام 1950 الى 1957 العام الذي تشكلت فيه جبهة الاتحاد الوطني التي كان لها الأثر الفعال في تفجير ثورة 14 / تموز/1958 .
على الرغم من النضال المجيد الذي خاضه الحزب الشيوعي العراقي عبر تاريخه الطويل ورغم الدور الكبير الذي لعبه في تتويج النضال العمالي والجماهيري والوطني بالكثير من الانتصارات لكن الحزب الشيوعي العراقي تعرض لإرباكات نظرية وسياسية نتجة عنها اطر فكرية مشوهة تفاوتت خطورتها وقوتها حسب الظروف وطبيعة المرحلة التي خاضها مما عرض الحزب لجملة انشقاقات وانحرافات يسارية طفولية ويمينية ذيليه أضاعت على الحزب فرصاً تاريخية أسهمت في ترسخ القبول بقيادة البرجوازية مما أدى الى تكوين نسق من الأفكار البرغماتية التي لازمة مسيرة الحزب وعملت على احتواء تأثيرات الإشعاع الثوري للفكر الماركسي وتميع أدواته النضالية وتمحوره باتجاهات توفيقية مصلحيه حالت دون استكمال بناء الحزب الطليعي للطبقة العاملة كعملية تاريخية ملازمة لإشكالية بناء الحزب الذي تأسس نتيجة لتنامي المد الوطني المتصاعد لحركة التحرر التي طغت على قياداتها توجهات البرجوازية الوطنية المتطلعة الى الانعتاق من الأحلاف الاستعمارية وفي هذا السياق العام كان الحزب الشيوعي حزبا تحرريا وطنيا ذو نفوذ قوي على الحركة العمالية إلا انه لم يكن حزب الطبقة العاملة في تطلعاته الطبقية بل كان في العديد من مراحل نضاله جزء من اللعبة السياسية المهادنة للنظام المرتبط بالاستعمار نتيجة لوقوفه الى جانب الاتحاد السوفيتي ضد دول المحور وما ترتب عليه من دعم غير مباشر لمواقف الاحتلال البريطاني في العراق وهذا ما يتعارض مع جوهر وجود الأحزاب الشيوعية وفلسفة انبثاقها التي تتمركز على تهيئة مستلزمات عملية التحرر من خلال قيادة الطبقة العاملة باتجاه تحقيق المجتمع الاشتراكي . ان الإشكالية الشيوعية الملازمة لمرحلة التحرر الوطني بتوجهاتها البرجوازية الوطنية كانت بفعل الإنتاج الصناعي الغير متطور حيث انتهج الاستعمار البريطاني في العراق سياسة خلق القاعدة المادية التكنيكية للاستعمار التي تركزت على عمليات استخراج النفط ومد خطوط السكك الحديدية مما أدى الى الحد من أتساع الطبقة العاملة بالإضافة الى أتساع حجم الأمية وضعف الوعي الشيوعي بين العمال حيث كان الانتماء الشيوعي على الأعم أخلاقي بفعل التأثير القوي للقيم الشيوعية وهذا مما أدى الى إفساح المجال أمام البرجوازية الوطنية المتطلعة إلى العمل الوطني الى الانخراط في صفوف الحزب الشيوعي والتي انعكست تأثيرات انتماءاتها فيما بعد على مسيرة الحزب . ان الانتكاسات العديدة والمتلاحقة التي تعرض لها الحزب ليست بالجديدة ولم تكن نتيجة للممارسات والمواقف الخاطئة لقيادات الحزب المتلاحقة بل هو انعكاس لخضوع قيادات الحزب لسياسة مركز الحركة الشيوعية العالمية وتداعيات تداخل المصالح السوفيتية وتقاطعاتها مع مصالح أطراف مركز الحركة الشيوعية
فمنذ ما بعد ثورة 14تموز لم تستطع قيادة الحزب من ان تحدد الأساليب التكتيكية والأهداف الإستراتيجية ولم تتمكن من تعبئة الشعب والقوى الوطنية المتحالفة معها في جبهة الاتحاد الوطني لإنجاز مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية للانتقال الى بناء المقدمات الأساسية للاشتراكية من خلال انحيازها الغير متوازن الى جانب عبد الكريم قاسم وتجنيدها لقوى الحزب لخدمت السلطة العسكرية التي تخدم مصالح البرجوازية مقابل علنية هشة انهارت قبل ان يسقط قاسم سائرة على طريق المساومات الغير مبدئية مقدمة مصلحة وجودها على مصلحة الحزب والجماهير . لقد عجزت قيادة سلام عادل على مواجهة الضغوط التي مورست من قبل العديد من أعضاء قيادة الحزب آنذاك مما أدى الى تعثر مسيرة الحزب وتشويه أساليب النضال الوطني والقومي من خلال تعبئة الجماهير عمليا لمصلحة البرجوازية وقيادتها العسكرية ضد مصلحة الحزب مما أدى الى تحجيم دور الحزب في التغير الذي كانت العديد من قواعد الحزب تنتظره للاستمرار في التحولات الثورية. لقد كانت مرحلة ما بعد توره 14
تموز 1958 مرحلة حطيرة في نضال الحزب الشيوعي العراقي اذ كان لابد من ان يحدد لها أساليبه التكتيكية وأهدافه الاستراتيجة وان يعبئ قوى الشعب الوطنية ويقودها لاستكمال مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي التي بدأتها ثورة تموز للانتقال الى مرحلة يناء الاشتراكية , وعلى الرغم من ان الشهيد سلام عادل كان أفضل رفاقه في قيادة الحزب في تلك الفترة الا انه لم يتمكن لأسباب وعوامل متعددة من ان يضطلع بمسؤوليات قيادة الحزب في تلك المرحلة المهمة والحاسمة فتعثرت مسيرة الحزب وشوهت خلال هذه المسيرة أساليب النضال الوطني والقومي حيث رفعت قيادة الحزب شعار (الزعيم الأوحد) و (ماكو زعيم الا كريم)لتعبئة الجماهير عمليا لمصلحة البرجوازية وقيادتها العسكرية ضد مصلحة الجزب وتجاهلت تلك القيادة عن عمد التضيق على الحزب وجماهيره ومنظماته النقابية والمهنية إرضاء لقاسم الممثل الأمين للبرجوازية الوطنية وعزلت العناصر الثورية عن ممارسة فعالياتها بتهمة التطرف اليساري بينما كانت قيادة الحزب تعيش حالت إرباك وانقسام بتأثير النشاط الانتهازي التخريبي للكتلة الانتهازية التي كان أقطابها يمثلون القوة الرئيسية الفاعلة في كامل نشاط الحزب آنذاك فيما كان سكرتير الحزب وعدد من أعضاء المكتب السياسي لايملكون القدرة على تصفية هذه الكتلة التخريبية وتخليص الحزب منها ان النكسة التي حلت بالحزب في ردت شباط السوداء عام 1963 وتعدد الأخطاء التي وقعت فيها قيادة الشهيد سلام عادل لا تنفيان المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق زكي حيري وعامر عبدالله وبهاء الدين نوري أقطاب كتلة المعارضة الانتهازية ولن تبرئ ساحتهم العبارات التي جاءت في التقيم الذي قدمته قيادة الحزب في كونفرنس عام 1967,ان جميع الآثار السيئة والمصاعب التي تحملتها قواعد وجماهير الحزب في نكسة عام 1963 تتحملها كليا قيادة الحزب التي وضعت كامل قوى الحزب في خدمة دكتاتورية قاسم ودعم نظام حكمه من غير ان تجني أي ثمرة لما كانت تقوم به بالإضافة الى الإضرار التي لحقت بجماهير الشعب وبجماهير الحزب وقواه ومنظماته بسبب السياسة اليمينية التي انتهجتها قيادة الحزب آنذاك فأن إضرارا فادحة لحقت بوحدة شعبنا وقواه الوطنية التي أرسيت في عام 1957 على أسس وطنية ثابتة مما أدت الى تمزيق صفوفها وتناحرها وكانت لها أثارها السلبية في مسيرة الحزب ومنظماتها وأحزابها ولم تدرك جيدا الواقع الملموس الذي يعيشه حزبها في ظروف سياسية معقدة وأخفقت في المناورة والحفاظ على قوى حزبها في عملتي التقدم والتراجع . و سارت على طريق المساومات غير المبدئية وغير الثورية, واضعة مصلحة وجودها فوق مصلحة جماهير حزبها وجماهير الشعب . فالانحراف اليميني الذي وقعت فيه قيادة الحزب الشيوعي في عهد قاسم وما دفعه الحزب من ثمن باهض لهذا الانحراف قد تبعه انحراق يمين ذيلي اخطر من سابقه تجلى في خط اب 1964 اليميني ألذيلي المشين الذي اضطر الداعون له الى التراجع عنه تحت ضغط قواعد الحزب الثورية بفضل وعيها الطبقي ويقظتها الثورية وإدراكها الكامل لما يلحقه هذا النهج ألتحريفي من إضرار كبيرة بسمعة الحزب وجماهيريته ومما لاشك فيه فأن قيادة الحزب تتحمل مسؤولية هذين الانحرافين الخطيرين والتي ورثت منذ عام 1959 كل التحريفية اليمينية وأسباب نموها في سياسة الحزب وهذه القيادة ورثت الانشقاقات التي أريد لها ان تنتهي عام 1956 في عملية ترضية لا على أسس مبدئية فبقيت الخلافات والصراعات التي كانت دائرة بين كتلتي القاعدة وراية الشغيلة وغيرهما تلعب دورها في وضع القرارات ورسم سياسة الحزب وتحديد مساره . ناضل الشيوعيين من اجل وحدة القوى الوطنية المعادية للاستعمار والحكم الملكي وحددوا مهمات التحالف بالشكل الذي يحقق تأثيرا فعالا في مجرى النضال وقد تحقق للحزب قدر معين من التعاون مع تلك القوى الوطنية أيام وثبة كانون المجيدة وانتفاضة تشرين وتطورت علاقات التحالف الجبهوي بشكل ارقي وامتن في انتفاضة عام 1956 حتى أصبحت أساسا لقيام جبهة الاتحاد الوطني عام 1957 والتي كان لها دور مؤثر وفعال في ثورة 14 تموز لقد كان
الحزب الشيوعي في جبهة الاتحاد الوطني وفي الوقت نفسه أقام تحالفا ثنائيا مع الحزب الديمقراطي الكردستاني خارج إطار التحالف الأساسي ان قيادة أي حزب شيوعي تفقد صفتها للبينينية وقدرتها على قيادة الحزب في ساحة النضال ان هي أخطأت في تقدير قوى الشعب وفي كلا التحالفين لم تحدد مهمات ما بعد انتصار الثورة ولا صيغة العلاقات مع الإطراف المتحالفة فيما بينها ولهذا تعرضت مسيرة التحالف بعد الثورة الى الكثير من العثرات فبلغت العلاقة بين بعض إطرافها الى حد القطيعة والتناحر لقد سارت قيادة الحزب في الأيام الأولى للثورة وراء سلطة قاسم قبل ان تتبين في ضوء مسيرة الحكم الوطني الجديد الخط السياسي الذي ينتهجه والقوى الاجتماعية التي يمثلها وطبيعة السلطة التي يرأسها وتناست قيادة الحزب كذلك أهمية استمرار علاقات التحالف مع الأطراف الوطنية وتعميق هذا التحالف بما يخدم أهداف الشعب في مرحلة الثورة الوطنية - الديمقراطية فانحازت بشكل غير متوازن وغير مبرر الى جانب قاسم ضد كل من كان قاسم يعتبره خصما له وكان ثمن دعم سلطة قاسم هي شرعية العمل السياسي للحزب في الحدود التي وضعتها هذه السلطة هذا الثمن الذي بالغت قيادة الحزب في تقديره كشفت الإحداث فيما بعد بضالته اذا ما قورن بنتائجه الخطيرة .
لقد وقف الحزب الشيوعي ضد الحركة الكردية المسلحة في فترة حكم عيد الكريم قاسم باعتبارها تمثل التأمر الرجعي ضد ثورة 14 تموز وأهدافها التحررية وبعد الضربة القاسية التي وجهت إليه اثر ردة شباط 1963 اتجه للاحتماء بزعامة هذه الحركة الكردية المسلحة متناسيا مواقفه السابقة منها فأضفى عليها طابعا قوميا تحرريا لإعطائها ثقلا متميزا في العلاقة مع القوى التقدمية والأحزاب الشيوعية وسارت قيادة الجزب في علاقاتها مع زعامة الحركة الكردية المسلحة شوطا ابعد وفي الوقت نفسه كانت علاقاتها بالقوى الوطنية و القومية التقدمية تتميز بالفتور وأحيانا بالركود الى حد القطيعة في مرحلة تتطلب تظافر الجهود لإسقاط الحكم العارفي الدكتاتوري الرجعي ان التحولات المرافقة لصراعات تنظيمية سابقة في اغلب الأحيان شكلت الأطر المشوهة لهذه التنظيمات نتيجة سيطرت التوجهات الإصلاحية على قيادة الحزب الشيوعي العراقي وتصفية بقايا النزعة الثورية في صفوفه لقد أدى هذا الى تبني تطلعات البرجوازية الوطنية الداعية لحل الحزب والانضمام الى الاتحاد الاشتراكي والذي جوبه بالرفض من فبل قواعد الحزب الذي هزته موجة صراع داخلي قمع وجمد من قبل اللجنة المركزية بطرحها مشاريع الحسم الثوري والانقلاب العسكري في عام 1965وانفجر هذا الصراع من جديد في أيلول 1967كرد فعل ثوري وإفراز واعي لعملية الاصطفاف الطبقي وللإرهاصات الفكرية والسياسية التي ساهمت بشكل وبأخر في إيصال الحركة الشيوعية الى هذه المرحلة الحرجة من النضال الطبقي والوطني التحرري وهذا ما عرض الحزب الى عزلة جماهيرية لا يسبب هذه العلاقات غير المتوازنة وغير المبدئية التي أقامتها قيادته فحسب إنما بسبب ما كان يواجهه في منظماته وقياداته من صراع فكري حاد تمخض عن انشقاق أيلول 1967 الذي نتج عن هذا الصراع تشكيل تنظيم القيادة المركزية التي رفعت راية الشيوعية الثورية وخاضت تجربة الكفاح المسلح وحملت راية محاربة التحريفية إلا انه في ظل سيادة روح المغامرة والنزعة التجريبية ضيعت عليها المزيد من فرص البناء والإعداد للثورة مما دفعها للتأرجح بين اليمينية واليسارية المتطرفة وتقديس الاتجاهات المغامرة التي أدت الى انهيار تلك القيادات نتيجة فشلها في فهم أساليب بناء الحزب والعجز عن انجاز مهامه الوطنية ان اغلب هذه القيادات جاءت كاستجابة لتطورات الصراع الطبقي إلا أنها لم تخل من بعض السلبيات والنواقص الخطيرة التي نخرت جسم هذه الولادات الجديدة التي انتهجت طريق الكفاح المسلح والتي انتهت الى طريق شبه مسدود على الرغم من التضحيات الجسام لا أنها تشكلت نتيجة تحالفات مرحلية بين أفكار واتجاهات مختلفة لم تستند الى الصراع الأيدلوجي البناء وإنما تستهدف بالأساس تصفيات شخصية وإزاحة عن المراكز القيادية مما فقدت تلك التنظيمات القدرة على مواصلة النضال وتلمس طريق الخلاص
ان عملية التطهير كانت في جوهرها بمثابة تحالف مرحلي هش بين أفكار واتجاهات وكتل يسارية مختلفة وعناصر حاقدة على المجموعة اليمينية لقيادة الحزب الشيوعي ضد خط اشتراكي ديمقراطي متكامل الأطر وتجسد هذا التحالف اليساري في الاتفاقات التي جرت قبل عملية التطهير بين مجموعة عناصر قيادية في الخارج وبين فريق الكادر المتقدم ولجنة بغداد وساعد هذا الجو المنافي للوحدة الفكرية على ان يصبح هذا التنظيم مرتعا للصراعات .
ومرة أخرى كانت قيادة الحزب تتأرجح بين تأيد زعامة الحركة الكردية المسلحة ومشاركتها نشاطها للضغط على السلطة الجديدة التي انبثقت عن انقلاب تموز 1968 وبين الوقوف منها موقف الحذر والخوف وبعد إعلان اتفاق آذار عام 1970 لم تكن مواقفها وتحالفاتها هذه مبنية على أسس مبدئية تقدم مصلحة الشعب والحزب فوق أي اعتبار أخر وإنما كان يقام على دوافع انتهازية وقتية لا تتم عن وعي وإدراك ثوريين ان قيادة الحزب لم تقرر في ذلك الحين ماذا كان الحزب الديمقراطي الكردستاني يمثل في الواقع سلطة قائمة في منطقة كردستان ليتعامل معها مثلما تعامل مع عبد الكريم قاسم ام انه حزب حليف يناضل الى جانيه ضد عدو مشترك واصلت قيادة الحزب علاقتها بهذه الزعامة حتى في فترة التصفيات الجسدية التي تعرض لها إغضاء الحزب في كردستان الا انها قطعت علاقتها بعد ان ضمنت لها علاقة محدودة مع سلطة البعث تستثمرها لصالحها لالصالح جماهير الحزب فقد اتخذت من تحالفها مع البعث مرتكزا لبقائها مهما كان الثمن الذي تدفعه قواعد وجماهير الحزب فابتعدت في تحالفها الجديد عن المسار السليم ولم تتعظ بتجارب الماضي المريرة وخاصة تجربة تحالفها مع سلطة قاسم وخنوعها لسلطة عارف , ان العلنية الزائفة التي تمتع بها الجزب في فترة قصيرة قد أسكرت قيادة الحزب فاندفعت من منطلق انتهازي يميني على طريق التراجعات المشينة مقابل مكاسب غير مضمونة كما برهنت الإحداث ألاحقة ولأدهى من كل ذلك ان هذه القيادة قمعت بشدة كل معارضة للنهج الخاطئ الذي سارت عليه في علاقاتها التحالفية غير المتوازية ولم تسمح بنقد أية بادرة تقوم بها سلطات البعث للتضييق على نشاط الجزب وممارساته العلنية وقفت بعناد ضد أي محاولة كانت تطالب بتقييم واقع الحزب وأوضاعه بعد ان أخذت علاقاته تتدهور بحزب البعث يوما بعد يوم . الى ان غادر أعضاء القيادة ساحة النضال تاركين منظمات الحزب تجابه لوحدها الهجمة الشرسة الجديدة التي حدثت اثر تردي العلاقات الجبهوية مع البعث من دون ان تستطع من وضع خطة للتراجع المنظم او تهيئة مستلزمات العمل في حالة الانتقال الى العمل السري ومرة أخرى يصاب الحزب بنكسة تضاف الى النكسات السابقة,وفي ضوء ما جرى للحزب في أواخر عام 1978 انتقل الجزب من موقفه المتحالف مع سلطة البعث الى رفع شعار إسقاط حكم البعث وإقامة حكومة ائتلاف وطني ان القيادة الانتهازية للحزب الخاضعة لمركز القرار السوفيتي لم تحقق ما كانت تريده لنفسها في تعزيز مواقعها لا تعزيز مواقع الحزب وفي الظهور إمام الأحزاب الشيوعية كقيادة انتزعت شرعية العمل السياسي وأعادت الى الحزب القدرة على التحرك وسط الجماهير ان انهيار التحالف مع البعث دفع قيادة الحزب الى إجراء تحالفات مع من كانوا في نظرها بالأمس رجعيين وانتهازيين ومتآمرين ان هذا الانتقال الغريب في التحالف الجبهوي وما سبقه من تحالفات عقدتها قيادة الحزب مع اطراف وقوى سياسية معينة يعبر بوضوح عن انتهازية هذه القيادة ومصلحيتها المفرطة وتذبذبها بين الإطراف المتناقضة سياسيا وفكريا . ونتيجة لعجز قيادة الحزب عن رسم التكتيكات الصحيحة تعرضت منظمات الحزب وجماهيره الى ضربات موجعة وجهتها أجهزة البعث القمعية لتنظيمات الحزب المكشوفة والمخترقة في العديد من مفاصلها . لقد كانت قيادة الحزب تعيش في وهم ان العلاقة مع البعث لن تتدهور الى الحد الذي بلغته فعلا وهكذا غاب التصور السليم لاتخاذ خطة التراجع المنظم وحماية المنظمات وصيانتها من خطر ضربات السلطة لقد كان جل اهتمام القيادة الحفاظ على وجودها وسلامتها والابتعاد عن مواقع الخطر قدر الإمكان من غير التفكير الجاد بمصير منظمات الحزب . ان هذا الواقع السيئ انعكس بشكل واضح على علاقة الجماهير بالحزب لذلك فقدت الجماهير ثقتها بالحزب لحد كبير .
ان معطيات الواقع بعد الاحتلال دفعت بقيادة الحزب الى الانحياز مع مشروع الاحتلال متجاوزة بهذا كل الشعارات التي تعبر عن مطامح الشعب وتطلعاته الى التحرر والانعتاق لقد انزلقت هذه القيادة الى مسارات بعيدة عن النضال الطبقي والوطني التحرري من خلال تعاملها مع سلطة الاحتلال ومشاركتها في تشكيلاتها البديلة لسلطته . لقد منح الحزب الشيوعي العراقي العديد من أعضائه وأصدقائه التزكية الخاصة للانضمام الى الكتيبة 36 التابعة لقوات الحرس الوطني اندك والتي اشرف على تأسيسها الجنرال مارك كيميت والتي قامت بشن الهجمات على الفلوجة وتلعفر والكوفة . فالحزب الشيوعي العراقي كان جزءا من مشروع الاحتلال وان سكرتير الحزب حميد مجيد موسى كان يعمل ضمن مجموعة التحرك على العشائر برئاسة صفية طالب السهيل وبإشراف العقيد وليم هارفي ان مواقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي هي بداية طبيعية لشرعنه الاحتلال ومشاريعه والطائفية والاثنية التي دفعت قيادة الحزب الى التخلي عن المبادئ الشيوعية وإقرارها اعتماده
أساليب الصراع السلمي والديمقراطي في حلّ المشكلات مما دفع بقيادة الحزب الى المشاركة في مجلس الحكم والنواب مما أدى هذا الى تحجيم رصيده لجماهيري وتهميش دوره وهو اعرق حزب الا انه لم يستطع الفوز بمقعد واحد فيما بعد في مجلس النواب ولا في مجالس المحافظات هل القصور في وعي الجماهير ام في سياساته الذيلية الخاطئة ابتدءا من وقوفه الغير مبرر مع الزعيم الى خط أب وتحالفه مع البعث وتحالفاته
الأخرى وصولا الى مواقفه من الاحتلال لقد نجم عن مجمل هذه التحولات ترسيخ لعملية تغير جوهر الحزب وتركيبته ضمن سلسلة إجراءات تصفية النزعات التي تحملت قواعد الحزب ما ترتب عليها من تطورات لاحقة شكلت صيرورة تطور هذه القيادة التي حولت الحزب الى مرتع للعناصر المعادية لتوجهات التحرر الوطني والانعتاق القومي والمرتبطة بتوجهات بؤر ثيولوجية شكلت القاعدة الأساسية للاحتلال مما دفع بهذه القيادة التي لم تستوعب مهام المرحلة ولم تستطع التحسس بعصف المتغيرات والنتائج الخطيرة التي ترتبت على احتلال العراق الى ان تأخذ مكانتها الطبيعية ضمن تشكيلة قوى الاحتلال متحولة الى صنائع انتهازية وأدوات طيعة للمراكز الاحتكارية والقوى الإسلامية التي أفقدتهم القدرة الأزمة على البقاء والاستمرار خارج فلك ما يسمى بالعملية السياسية.



#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من اجل مواجهة فشل تجربة الاسلام السياسي
- من اجل توحيد اليسار الشيوعي العراقي
- مواقف الأحزاب الشيوعية من التحرر الوطني
- الدكتور مهدي المخزومي
- المخزومي
- العولمة
- تطور القدرات النووية الاسرائيلية
- إشكالية الحركة الشيوعية العراقية
- الإشكالية الفكرية
- قراءة في الجذور التاريخية للطائفية في العراق لهادي العلوي ظ ...
- حقوق الإنسان
- العولمة الثقافية
- ابن عبدكه


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - طارق حميد امين - من تاريخ الحركة الشيوعية في العراق الحزب الشيوعي