تطور القدرات النووية الاسرائيلية

طارق حميد امين

الحوار المتمدن-العدد: 3837 - 2012 / 9 / 1 - 11:50
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

منذ بداية تأسيس إسرائيل شهدت قدراتها النووية اهتمام متزايداً لحيازة السلاح النووي كرادع فاعل لتأمين سياساتها التوسعية المرتبطة بمضمون العقيدة الأمنية للمؤسسة العسكرية الصهيونية حيث كانت هذه البداية المبكرة في عام 1952 من خلال تشكيل لجنة الطاقة الذرية بدعم كل من فرنسا التي تعتبر اول دولة عملت على تغذية البرنامج النووي الإسرائيلي خصوصا بعد توقيعها على اتفاقية التعاون النووي عام 1953 وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي ساهمت في بناء البرنامج النووي الإسرائيلي من خلال العلماء الذين ساهموا في تطوير الأسلحة النووية الأمريكية والذين هاجروا بعد ذلك الى إسرائيل وبدأت هذه المساهمة الأمريكية بشكل رسمي من خلال معاهدة التعاون الموقعة عام 1955 والتي حصلت من خلالها إسرائيل على اول مفاعل نووي قدرته 5 ميكاواط وعلى 90% من اليورانيوم المخصب اللازم له وتم إعداد وتدريب العلماء الإسرائيليون في مختلف الاختصاصات النووية في أمريكا كما وسعت إسرائيل من تعاونها مع العديد من الدول الغربية حيث تم إنشاء مفاعل ديمونة الذي تبلغ قدرته 24 ميكاواط بمساعدة فرنسا عام 1957 وينتج هذا المفاعل 8 كغم من النلوتونيوم سنويا كما استفادت إسرائيل من الخبرة العلمية المتطورة للتقنية النووية الألمانية في إنشاء مركز نووي أخر بالإضافة الى إنشاء العديد من المؤسسات النووية للحصول على البلوتونيوم من الوقود النووي المستهلك ( تدخل هذه المادة الانشطارية في صنع القنبلة النووية ) ولتخصيب اليورانيوم بواسطة الليزر وتمتلك إسرائيل اليوم مؤسسات لإنتاج التقنية اللازمة لصنع القنبلة الذرية0 ان هذه البدايات المبكرة لإسرائيل في النشاط النووي أهلتها لتوسيع قدراتها في مجال صنع القنبلة الذرية ففي هذا المجال تم تسجيل أكثر من تفجير نووي مشترك بين إسرائيل وحكومة جنوب أفريقيا العنصرية وتايوان في جنوب المحيط الأطلسي لتجارب أسلحة نووية فالتفجير الذي سجل ليلة 23/ِ ايلول/ 1979 كان لقنبلة نيوترونية على ما يعتقد بسبب افتقاد النشاط الإشعاعي بعد تسجيل البرق المتولد من الانفجار0ان هذا التعاون الوثيق بين إسرائيل وهاتين الدولتين تركز على قيام حكومة جنوب أفريقيا العنصرية بتزويد إسرائيل وتايوان باليورانيوم مقابل مساعدات تكنولوجية وتدريبية في هذا المجال 0
فالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تسعى الى الحصول على وسائل نقل الرؤوس النووية وبالفعل امتلكت هذه المؤسسة طائرات وصواريخ التي تتراوح مدياتها ما بين 450-600 كم وتعمل جاهدة على تطويرها وذلك لزرع الخوف كوسيلة ضغط ضد الدول العربية كإستراتيجية مواجهة لها فالتفوق النووي يشكل مضمون العقيدة الأمنية للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية في عملية الردع لحماية كيانها من اندفاعات الدول العربية في حروب تهدد وجودها فالتفوق النووي يجنب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الإنفاق المالي على عملية سباق التسلح التقليدي ويشكل قوة ردع بتكاليف اقل ويوفر لها هامش مناسب في التحرك لابتزاز الدول العربية وتهدييدها باستمرار باستخدام السلاح النووي خصوصا ان إسرائيل اتسمت بنشاط نووي سري صارم لم يسمح لوكالة الطاقة الذرية الدولية من التأكد من الاستخدام السلمي لهذه المراكز النووية بل بالعكس عمدت إسرائيل الى إشاعة الشك والغموض حول امتلاكها للأسلحة النووية بشكل متعمد ومدروس فإسرائيل ترفض التوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المعقودة عام 1968 للحفاظ على تفوقها النووي الذي يشكل احد المرتكزات الأساسية للغطرسة الإسرائيلية المدعومة من قبل أمريكا ولضمان هذا التفوق تسعى أمريكا الى احتواء المراكز النووية الإقليمية من خلال القروض المالية او فرض عقوبات ضد الدول الرافضة للضغوط او وضع القوى النووية الرافضة الاحتواء تحت إشراف المنظمة الدولية للطاقة الذرية بهدف منعها من التحول الى معادل نووي مناهض للهيمنة الإسرائيلية والأمريكية وهذا يشكل اشد خطورة على إسرائيل التي تقف ضد امتلاك الدول العربية للقدرات النووية واعتبار تدمير المراكز العلمية العربية عملا وقائيا يهدف الى إعادة تثبيت التفوق الإسرائيلي كما حصل لمفاعل تموز غي 7 / ايلول / 1981 الذي يخضع لرقابة وكالة الطاقة الذرية وكذلك ضرب المنشأة النووية السورية في دير الزور 0تكمن خطورة هذه الاعتداءات في الدعم الأمريكي لإسرائيل الذي يعمل على فقدان مصداقية اتفاقية عدم نشر الأسلحة النووية ان هذا العمل بعد إرهابا نوويا يحمل مخاطر جسيمة ويشكل سابقة خطيرة في القانون الدولي

#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل