أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طارق حميد امين - ابن عبدكه














المزيد.....

ابن عبدكه


طارق حميد امين

الحوار المتمدن-العدد: 3827 - 2012 / 8 / 22 - 11:34
المحور: سيرة ذاتية
    


ابن عبدكة
ولد الطفل إبراهيم في إحدى قرى ديالى الوارفة الظلال من أب ينتسب الى عشيرة السمرليه ذات الأصول الكردية يدعى حسن بن عبدكة وترعرع إبراهيم في مسقط رأسه { قرية ذيابة } التي تستيقظ في كل صباح على هديل الحمام المنتشر في بساتينها حيث يمتزج أريج القداح مع عرق كد أبناءها ليشكل أبهى صور الإصرار والتشبث بالأرض والحياة ومع تقادم الأيام أصبح إبراهيم شاباًِِ يافعاً هادئ الطبع يمتهن الزراعة كبقية أقرانه حيث يعمل مع والدهُ في بساتين محمود المتولي , وعلى غير موعد يتغير سلوكه المسالم على أثر حادث مقتل والده بسبب نزاع بسيط مما دفعه الى التمرد والتوجس الذي قاد خطواته الأولى المتعثرة نحو الثأر والانتقام فانظم إليه أخوه وأبن أخته فأسفر مسعاه هذا عن قتل أربعة رجال من أقرباء قاتل أبيه بالإضافة الى القاتل , ان نوعاً كهذا من فقدان التوازن الذي وجد أبن عبدكه نفسه وسط دوامته من دون إرادته والذي دفعه الى التنقل بين القرى ليوفر الحماية والأمن لنفسه وبالفعل عجزت السلطات التركية عن القبض عليه واعتبرته شقياً خارجاً على القانون وخصصت مكافئة مالية لمن يأتي به حياً او ميتاً إلا انه استطاع على الرغم من تلك الظروف من ان يضبط الانفلات الذي طرأ على حياته حيث اتسم سلوكه بمروءة وشجاعة وإقدام منعه من الاعتداء على الشيوخ والنساء والأطفال ودفعه الى التعاطف مع الضعفاء والفقراء وهذا مما أدى الى إعجاب الناس به ومساعدته في التخلص من مطاردة رجال الحكومة وصار يضرب به المثل في الشجاعة والجسارة .
وفي بداية الاحتلال البريطاني للعراق تحول سلوك ابن عبدكه الى التمرد ضد الاحتلال حيث هاجمت مجموعة مسلحة بقيادته في عام { 1918 } القطار القادم من كركوك الى بغداد في محطة شهربان { المقدادية } وتغلبت على القوة الخاصة بحماية القطار فأسرت { المس بيل } التي احتمت بابن عبدكه فأجارها وأوصلها الى بغداد بسلام , واستمرت طلعات وغارات ابن عبدكه لتشكل خطراً على مصالح الانكليز وأعوانهم في زمن الاحتلال البغيض والطغيان المأزوم الذي اشتدت وطأته ليفجر ملاحم البطولة والتحدي لأبناء العراق . وكان الحدث الأبرز الذي اثر في حياة ابن عبدكة لاحقه هو إقدامه على قتل احد الشقاة من عملاء الانكليز الذي كان يتعقبه معتقدا انه من أقارب قاتل أبيه فأدى هذا الحادث الى تشديد عمليات التحري عنه مما زاد هذا الأمر من نقمته على الانكليز ورجال الحكومة والبطش بجواسيسها خصوصاً في ثورة العشرين . ان هذه التداعيات والحوادث المتراكمة في حياة ابن عبدكه أثرت في وعيه حيث شذبت لديه حالات الرفض العشوائي للاحتلال الذي امتهن شعبه مما دفعه للانضمام الى ثورة العشرين من دون ان تكون له علاقة برجالها وما يخططون للقيام به وعند سماعه أخبار الثورة التي تأججت في العديد من مدن العراق اقتحم مع أخيه وابن أخته مدينة بعقوبة في 1/اب/1920 من جهة قنطرة خليل باشا وأمطرها بوابل من الرصاص ليخدش هدوء المدينة على غفلة من الانكليز ويعلن بدء الثورة في ديالى متحدياً جبروت الاحتلال ومشجعا المواطنين على الانضمام إليها وتعد هذه الاطلاقات إنذار الى الحاكم العسكري الميجر { هايس } بوجوب ترك المدينة وإخلائها للثوار .
ان هذا التصرف الفردي ناتج عن التزام أخلاقي و وجداني اتجاه الوطن شكل قوة ضغط على سلوكه في مقارعة الطغيان والاستبداد البريطاني وبعد هذا الاقتحام البطولي لمدينة بعقوبة انتقل الى شهربان فوصلها في { 14/آب / 1920 } وشارك في الهجوم على القشلة وعندما تمكن الانكليز من استعادت مدينة بعقوبة في { 29/ايلول/1920 } وكذلك مدينة الخالص عندها التجأ الى قرية خرنابات حيث استمر في مقاومة الجيش الانكليزي الذي حاصر القرية بقوة كبيرة وقصفها بالقنابل قبل ان يدخلها وتمكن ابن عبدكة من التخلص من الحصار وبقى مطارداً الى ان قبض عليه في { حزيران/1921 } وسيق الى المحكمة الكبرى في بغداد التي كانت برئاسة الحاكم البريطاني { مبستر ودمن } بتهمة قتل موظف رسمي أثناء تأديته لواجبه وحكم عليه بعقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت وبعد تميز الحكم تبين ان القتيل لم يكن موظفاً رسمياً بل هو احد المأجورين من عملاء الانكليز الذي كان يتجسس لحساب الاستخبارات البريطانية ومع هذا صدر حكم محكمة التميز التي كان يرأسها { الميستر بريجارد } بتصديق قرار الإعدام بضغط من المندوب السامي ل{ السير برس كوكيس } الا ان الملك فيصل الأول امتنع عن المصادقة على الحكم وأمر بتخفيف العقوبة الى الحكم لمدة { 15 } سنة بسبب الضغط الشعبي الذي رافق المحاكمة لإنقاذ حياته من حبل المشنقة حيث شغلت هذه المحاكمة الرأي العام والعديد من الشخصيات الوطنية والاجتماعية . وخرج ابن عبدكه من السجن بعد ان قضى { 12 } عاماً فيه وتم تعينه كمراقب للآثار القديمة في دائرة أثار بابل وبقى في هذه الوظيفة مدة عشرون عاما الى ان قتل ليلة { 5/6/1954 } أثناء تأديته لواجبه وكان القاتل ابن العميل الذي قتله ابن عبدكه لتنتهي بذلك حياة هذا الرجل الذي دفعة الثار لأبيه ليكون طريد حكومات الاحتلال ومن ثم يتحول الى ثائراً ضد الاحتلال البريطاني في ثورة العشرين .


طارق حميد أمين



#طارق_حميد_امين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طارق حميد امين - ابن عبدكه