أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيماء المزوغي - أعبد أمّي ولا أشرك بربّي أحدا..














المزيد.....

أعبد أمّي ولا أشرك بربّي أحدا..


سيماء المزوغي

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 14:17
المحور: الادب والفن
    


قال: أنا يوسف يا أبي.
قالت: أنا الموؤدة يا ربي.
قال: إنهم إخوتي يا أبي..
قالت: إنهم البشريّة يا ربي..
ظلمه إخوته وألقوه في غياهب الجبّ فكان نبيّا..
ظلمتها البشرية ودفنوها في غياهب الأرض فكانت أمي..

آمنت بوجود الملائكة لأنّ لي وطن خرافيّ اسمه أمي، أستغرب لقوم يطوفون بالكعبة ولا يطوفون بأرحام أمهاتهم!
كنت أميل إلى الوحدة والعزلة، ألعب مع أصدقاء مفترضين أتخيّلهم، وأحرص أن أختبئ جيّدا حتى لا تراني أمي عندما أسأل أحد أصدقائي المفترضين: "من منّا سيبدأ اللعب؟" فسرعان ما تجيبني أمّي وتقول: "أنا"، لنبدأ اللعب وسرعان ما أربح أنا.. أمّي لاعبة ماهرة لا تدعني أخسر أمامها أبدا..
أمي مشغولة دائما: قرية نمل، خليّة نحل، لم تسمح لها عقارب الساعة أن تكون أنثى كاملة الأوصاف..
أقوم في الصباح لأجد أمي بانتظاري تبتسم، يهجرني النوم في الليّل لأرى أمي مستيقظة تبتسم، أنّى قمت أرى أمي مستيقظة تبتسم، أمي ملاك لا تنام..
عندما كنّا صغارا نجتمع إلى مائدة الطعام، نأكل جميعنا لكنّ أمي لا تأكل أبدا، كانت تطبخ الخبز ولا تأكل منه مطلقا، تعدّ القهوة ولا تشرب منها أبدا.. أمي امرأة بلا معدة..
لا أعرف لماذا عندما أستحضر صورة أمّي تكون بذات الثوب، لا تغيّره أبدا، ففي أيّام البرد أتدثّر بكل ما أُتيت من أثواب حتى لا أشعر بالبرد القارص، لكنّ أمّي لا تُغيّر ثوبها ولا تشعر بما أشعر من برد، جسد أمّي ربيع دائم..
لا تخرج أمي من البيت مطلقا، لكنها تعرف حفر الطريق ومنزلقاته الوعرة، لذلك تخبرني أي طريق أعبر حتى لا أتعثّر في حفره .. لا تعرف أمي ما يدور خارج البيت لكنها تعرف كيف كان يومي بمجرّد أن تنظر إلى عينيّ.. أمّي امرأة يُوحى إليها ولا تدّعي النبوؤة والمعرفة أبدا..
لم تدخل أمي المدرسة يوما لكنّها علّمتني القراءة والكتابة، وحدّثتني عن أبطال قصص من وحي مصباحها السحري ومن وحي عجائب خيالها الثرّي، أهدتني كتبا لا حصر لها.. لم تدخل أمّي المدرسة يوما لكنها رسمت بكلمات نزار خارطتي وبنت بسدّ المسعدي مخيّلتي..
عندما أرى الدموع في عينيّ أمي أسألها فتجيبني أنها كانت تقشّر البصل، عندما أسمعها تئن أسألها ما يؤلمها فتقول إنها تغني بصوت منخفض، أمّي لا تكذب أبدا لكنها تخفي الحقيقة دائما..
عندما أموت لن أحزن لأنّي سأدفن في التراب، بل لأنني لن أعود إلى رحم أمي من جديد، هناك جنّتي الأبدية الحقّة التي لا أسمع فيها لغوا ولا كذابا..



#سيماء_المزوغي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علّم الأطفال وهم يكبّرون
- -سيّدي القائد-: ظلّ الله على الأرض
- سنكون شعبا.. متى أردنا
- سافرات محجبات منقبات مغتصبات
- عقلي ملكي ليس ملك أحد
- إلى روح بلعيد الأب الشهيد
- لا عنوان إلاّ أنت
- النهضة أشدّ من القتل
- في أخر حوار للشهيد شكري بلعيد
- كشْ شيخ!
- يا معشر الأعراب عودوا إلى خيامكم وإبلكم هنا تونس 2
- أنت على الأرض ..لا يوجد علاج لذلك
- أبطال من كرتون
- ماتت الحكومة وتعفنت والدفن مؤجل
- تونس : فقدتك أمي
- الشعب التونسي : الخاسر الأكبر
- بن علي لم يهرب بن علي لم يهرب .. شعب منكوب وحكومة شرعية في و ...
- أنا يوسف يا أبي
- نار لأصحاب الغفران
- المرزوقي يتخذ بن سدرين زوجا له


المزيد.....




- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...
- براد بيت اختبر شعورا جديدا خلال تصويره فيلم -F1-


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سيماء المزوغي - أعبد أمّي ولا أشرك بربّي أحدا..