أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - حول اسباب فشل الدول ( النموذج المصري )















المزيد.....

حول اسباب فشل الدول ( النموذج المصري )


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 01:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


درسنا في الاقتصاد نظرية قديمة تسمى بنظرية ( الحتم الجغرافي ) وهي تركز على ان العامل الجغرافي والمناخي يلعب دوراَ كبيراً في تحديد الحالة الاقتصادية للدول وباختصار شديد ترى النظرية ان دول الشمال التي تتمتع بطقس بارد مثل امريكا الشمالية واوروبا واليابان وغيرها تميل إلى ان تكون دول غنية ومتقدمة والعكس صحيح بمعنى ان دول الجنوب التي تتميز بارتفاع درجات الحرارة مثل الدول الافريقية محكوم عليها بالتخلف والفقر.

ومثل هذه النظريات الاختزالية أو ما يمكن تسميتها بنظرية العامل الواحد تميل الى التبسيط المخل ، ولا يعني هذا ان النظرية خاطئة تماماً لأن هناك شواهد كثيرة تؤكد أنها ليست مخطئة تماما فأوربا فعلاً متقدمة عن افريقيا، وأمريكا الشمالية ( الولايات المتحدة وكندا ) اكثر تقدماً من امريكا الجنوبية، واليابان أغنى من الهند وباكستان ، ولكن النظرية لا تستطيع ان تفسر لماذا تتخلف كوريا الشمالية عن كوريا الجنوبية بمراحل وتنطبق نفس الملاحظة على المانيا الغربية والمانيا الشرقية قبل إعادة ضمهما في دولة واحدة. واتذكر هنا الفارق الرهيب في مستوى المعيشة والذي كنت المسه على الفور بمجرد عبوري بوابة فريدرش في حائط برلين من الجانب الغربي الى الجانب الشرقي أثناء بعثتي التدريبية في المانيا الغربية في اوائل الثمانينات، إذ كانت برلين مدينة واحدة تم تقسيمها بين الروس ( القطاع الشرقي ) وبين الامريكان والانجليز والفرنسيين ( القطاع الغربي ) ونحن هنا امام شعبين من اصل واحد وظروف مناخية واحدة إلا أن مستوى المعيشة ، في الجانب الغربي الذي يبعد امتارا عن الجانب الشرقي كان ارقى بما لا يدع مجالاً للمقارنة، فما السبب ؟

مؤخراً ظهر كتاب هام في امريكا عنوانه " لماذا تفشل الدول " لمؤلفيه البروفيسور دارون اسموجلي والبروفيسور جيمس روبنسون وهما اقتصاديان بارزان في جامعتي MIT و هارفارد وهما من أعرق الجامعات الامريكية. والكتاب عبارة عن دراسة استغرق اعدادها خمسة عشر عاماً للإجابة على سؤال بسيط وصعب في نفس الوقت يتم البحث عن اجابة له في جميع فروع علوم الاقتصاد والاجتماع والتنمية منذ قرون ألا وهو لماذا تفشل بعض الدول في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة ومجتمع الرفاهية والتقدم لشعوبها بينما تنجح دول أخرى في تحقيق هذا؟

الكتاب يبحث بعمق تحليلي وتاريخي هذه الظاهرة منذ الامبراطورية الرومانية واوروبا القديمة وحتى وقتنا الحالي وهو يغطي معظم انحاء العالم من أمريكا اللاتينية الى الشمالية الى الاتحاد السوفيتي و الصين وإفريقيا ..... الخ وهو يمثل إضافة جديدة لعلم الاقتصاد السياسي بما يشتمل عليه من تحليلات فنية وأدلة تاريخية وهو يجيب على اسئلة هامة مثل :
ـ هل يتجه نجم الولايات المتحدة الى الأفول ؟
ـ هل ستسود الصين العالم وهل يمكن أن يستمر نموذجها الاقتصادي القائم على تحقيق معدلات نمو عالية بالرغم من اثرها المدمر على البيئة والإنسان ؟
ـ ما هي سبل انتشال ملايين البشر في الدول المتخلفة من دائرة الفقر الجهنمية ؟
ـ هل التخلف مشكلة ثقافية أو مناخية و جغرافية ؟

بالطبع الكتاب ينفي الاحتمال الاخير وإلا فإن مسألة الفقر تصبح مصيراً حتمياً ولا أمل في الفكاك منه كما ترى نظرية الحتم الجغرافي التي لا تسطيع أن تفسر كيف يمكن ان تنجح دولة صغيرة المساحة مثل سويسرا واليابان في ان تكونا من أغنى دول العالم وهما بلا موارد طبيعية تقريبا بينما تفشل دول مثل زيمبابوي أو الكنغو في إنقاذ شعوبها من مهانة الفقر والامتهان ؟

وباختصار شديد فإن الكتاب يخلص الى نتيجة هامة جداً وهي أن فشل الدول عبر التاريخ يرجع بالأساس الى ضعف مؤسساتها السياسية وفشلها بالقيام بالوظائف المناطة بها ومن ثم فإن المشكلة لم تكن أبداً مسألة موارد أو مناخ أو ثقافة وإن كان لهذه المعطيات تأثير بالفعل ولكن عامل القيادة أو الإدارة أكثر أهمية وأشد أثراً .

ولو أننا أخذنا مصر إبان حكم مبارك كحالة عملية لاختبار هذه المقاربة لوجدنا أن كافة مؤسسات الدولة كانت تتسم بالضعف الشديد مما أدى إلى فشلها في القيام بالمسئوليات المعهودة إليها وهو ما مكن مبارك وأسرته وعصابته من تحويل مصر إلى ما يشبه العزبة أو الإقطاعية وهو ما يعني بالضرورة فشل منظومة الدولة وسيادة الفساد وغلبة روح العشوائية والانتهازية واللامبالاة في كافة أرجاء الدولة.

وبالفعل فإن من يمعن النظر في أحوال كل السلطات السياسية أيام مبارك يجد سلطة تنفيذية مهترئة يقودها عادة رئيس حكومة ضعيف لا يتمتع بأي ثقل سياسي ولم يكن يقوى حتى على النظر في وجه ابناء او زوجة المخلوع. أما أعضاء الحكومة أو ما يسمون بالوزراء فلم يكن لهم أي حضور ملموس وكلنا يتذكر العبارة الشهيرة التي كانوا يبدءون بها أي تصريح لهم " بناءاً على توجيهات السيد الرئيس " .

أما مجلس الشعب فقد كان أيضاَ في غاية الضعف ولم يمارس دوره الرقابي على الحكومة بشكل حقيقي وكلنا يتذكر كيف كان زكريا عزمي يجلس في خلف قاعة الجلسات حتى يتمكن من رؤية كل أعضاء مجلس الشعب بسهولة وتقييم مدى تعاونهم مع النظام الفاسد والتدخل عند الضرورة وإعطاء إشارات معينة لكمال الشاذلي أوأحمد عز لتغيير وجهة النقاش وتمرير القرارات التي يمليها المخلوع. وانتهى الحال بأعضاء مجلس الشعب إلى احتراف استغلال النفوذ والحصانة التي يتمتعون بها للتربح الشخصي. والمهازل التي اشتهر بها مجلس الشعب تملأ مجلدات .
أما القضاء وبالذات النيابة العامة وكافة الاجهزة الرقابية فقد تم اختراقها من قبل نظام مبارك بشكل يدعو للرثاء والأسى وفي جملة واحدة فلو ان مؤسسة القضاء التي يحلو للبعض تسميتها بالقضاء الشامخ تتمتع حقيقة بالاستقلالية والتجرد لما رأينا الفساد يمرح في جميع انحاء مصر بشكل تجاوز كل حدود الحياء والحذر على مدى ثلاثين عاماً .

أما ما يسمى بالسلطة الرابعة أو الإعلام فقد تحول على يد صفوت الشريف الشهير بموافي إلى أداة للنظام للتمويه على جرائمه وتجميله وخداع الناس بدلاً من تنويرهم وإلقاء الضوء على الفساد .

ولو نظرنا إلى حال مصر الآن في ظل حكومة الإخوان وتسالنا هل تغير شيء ؟ هذا سؤال للقارئ الكريم لن أجيب عليه ولكنني فقط أسأل هل رئيس الحكومة الحالي ووزرائه يختلفون في شيء عن حكومة عاطف عبيد أو أحمد نظيف ؟
وهل مجلس الشورى الحالي يختلف عن مجلس طراطير مبارك ؟ وهل تمكن القضاء من محاكمة وعقاب قتلة ثوار 25 يناير أو حتى إدانة أي من رموز الفساد الكبار في عزبة آل مبارك ؟
وأخيراً هل نجح الرئيس مرسي وحكومة الإخوان في وضع مصر على بداية طريق التقدم والنماء أم اننا مازلنا ننازع الدول الفاشلة على المؤخرة ؟

محمود يوسف بكير
مستشار اقتصادي مصري



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاستعدادات الأخيرة لمعركة خراب مصر
- البحث عن نتينياهو عربي
- تأملات فلسفية في أحوالنا الدينية
- أسرع طريقة لإفقار أي بلد
- رؤية لنظام حكم يصلح للعالم الإسلامي
- حوار متمدن وعلمي وديمقراطي
- المنهج التبجيلي واستحالة تأصيل الفكر الديني
- مستقبل الرأسمالية - قراءة نقدية لكتاب جديد-
- الإله والإنسان
- من المسيء للإسلام؟
- الإسلام والربيع العربي
- كيف تحكم مصر الآن
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة - الجزء الثاني
- عندما تتحول الثورة إلى مهزلة- الجزء الأول
- عادل إمام مبدع الزمن الرديء
- تأملات فلسفية في أحوالنا العربية
- إلى مؤيدي الأسد: انتبهوا إنه يقودكم إلى خراب مؤكد
- فضيحة في ساحة القضاء المصري
- أصل الحكاية عسكر وحرامية
- الإخوان ومستقبل الثورة في مصر


المزيد.....




- -مازلت أسمع أصواتكم-.. نانسي عجرم تشارك متابعيها لحظات من حف ...
- قطر: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران أنتج -زخما- لاستئناف ...
- البرلمان الإيراني يمهّد لقطع التعاون مع الوكالة الدولية للطا ...
- الحكم الثاني على القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي بالسجن عشر س ...
- كيف انتهت مواجهة الـ12 يوماً بين إيران وإسرائيل؟
- أطفال سيفورا ـ الهوس بمستحضرات العناية بالبشرة رغم المخاطر
- الجيش الإسرائيلي يقتل المزيد من الفلسطينيين المحاصرين والجائ ...
- البرلمان الإيراني يوافق على مشروع قانون لتعليق التعاون مع ال ...
- ضبابية موقف ترامب بشأن الالتزام ببند الدفاع المشترك يلقي بظل ...
- مدينة تبريز موطن الأذريين شمالي غربي إيران


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود يوسف بكير - حول اسباب فشل الدول ( النموذج المصري )