أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم ثابت - الاضطراب النفسي: يصنعه الأسلوب السلبي.. ويعمقه التفسير الهامشي















المزيد.....

الاضطراب النفسي: يصنعه الأسلوب السلبي.. ويعمقه التفسير الهامشي


ريم ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 21:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في بعض الأحيان ينتاب الكثيرين زيغ طارئ نحو التفكير السلبي تجاه المواقف التي يواجهونها، وتفسير غير موضوعي للأشياء التي تحدث لهم في إطار مدارهم الحيوي، فإذا توقف الأمر عند هذا الحد الطارئ فهو - في إعتقادي - من قبيل العارض المؤقت الذي ينقضي بانقضاء الموقف، أما الخطورة تكمن حينما يتطور هذا الأمر، ويتكرر هذا التناوب، ويصبح أسلوباً آلياً يغلب على كافة منطلقات التفكير، وواقعاً تفسيرياً فارضاً ذاته على الحيز الواعي والحيز اللاوعي للفرد عند مواجهته لشتى المواقف الحياتية، عندئذ يتحول العارض المؤقت إلى عارض دائم، مؤدياً إلي اضطراب نفسي، والاضطراب النفسي Psychological Disorder - كمصطلح عام – يطلق على كل نمط سيكولوجي أو سلوكي ينتج عن الشعور بالضيق أو العجز الذي يصيب الفرد، مع الأخذ في الاعتبار أن هذا النمط لا يُعد جزءً من النمو الطبيعي للمهارات العقلية أو الثقافية، كما أن هذا النمط إذا ازدادت حدته وأستأثر بالفرد، وتمكن من بنيته النفسية، فإنه كفيل بتدمير الخطى البشرية التي تطأ مسارها نحو التنمية الفردية أو الاجتماعية.
وفي هذا السياق..أكاد أجزم أن الخطورة على المجتمع- وكما تبدو في تصوري جراء الاضطراب من ذلك النوع - تتجسد في عمليات "الطرد النفسي" للشحنات التفكيرية السلبية التي يبثها الفرد إلى الآخرين، وهو ما يعرف بـ (الإسقاط النفسي Psychological projection)، أو (الإسقاط الفرويدي Freudian projection)، والذي عبر عنه عالم النفس (سيجموند فرويد Sigmund Freud) بأنه آلية دفاعية تتوالد لدى الشخص الذي يكون رافضاً بطريقة لاشعورية لسمات غير مقبولة في ذاته، فيقوم بطرد الشحنات اللاشعورية غير المرغوبة الموجودة بداخله، وإسقاطها على الآخرين في العالم الخارجي، مما يهدئ من روعه النفسي، ويؤدي إلى تخفيف حدة الضيق والقلق والعجز والتوتر لديه.
وعلى الرغم أن إشكالية أسلوب التفكير وتأثيره في حياتنا الشخصية والانفعالية هي إشكالية قد تبلورت - على نحو كبير - في الآونة الأخيرة، إلا أنه وبالرجوع إلى المصادر التاريخية، يُلاحظ أن لهذه الإشكالية جذورها التاريخية الممتدة منذ القدم، فقد دعت المدرسة الرواقية اليونانية - وهي مدرسة فلسفية كاملة كان لها آرائها المستفيضة في هذا المجال، وأسهمت في الكشف عن قيمة تعديل الفرد لمسالكه الذهنية - إلى ضرورة أن يصنع الفرد لنفسه أسلوباً إيجابياً في إدراك وتفسير الأشياء التي تحدث حوله، وأعرب عن ذلك الاتجاه أحد الممثلين الرئيسين لهذه المدرسة بقوله: (إن الناس لا يضطربون من الأشياء، ولكن من الآراء التي يحملونها عنها).
وفي الفكر الفلسفي الإسلامي، تبني الكثير من المفكرين فلسفات انطلقت من إعلاء مكانة التفكير والمعرفة بالنسبة للعوامل التي تسهم في تحقيق السعادة، والانشغال بعلم من العلوم المفيدة والسعي نحو التخفيف من النكبات التي تطرأ على الفرد من خلال تقديره لأسوأ الاحتمالات، حتى أن (ابن سينا) في كتابه (القانون في الطب)، وتحديداً في فصل (علاج اليقظة والسهر)، أشار إلى ضرورة أن يهجر المريض الفكر السلبي، ويستعيض عنه بالسكون والراحة، كذلك ذهب أحد فقهاء المسلمين إلى قول: (واعلم أن حياتك تتبع أفكارك، فإذا كانت أفكاراً فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا فاعلم أن حياتك سعيدة طيبة، وإلا فالأمر بالعكس)، كما يتضمن القرآن الكريم دلالات واضحة تشير إلى أن ما يعتري الإنسان من سعادة أو شقاء إنما هو مسؤولية تفسيره وإدراكه، ونتاجاً لأسلوب تفكيره، فالإنسان إذا كان ينشد التغيير والتحول المتنامي في حاله، ما عليه سوى أن يغير ما بنفسه، لقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) [الرعد:11]، وفي موضع آخر يقول العزيز الحكيم: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأنفال:53].
من ناحية أخرى، هناك حقائق حتمية في حياتنا علينا تقبلها، حيث لا أمل في إصلاحها أو تغييرها... على سبيل المثال: وجود جوانب نقص إنسانية تعترينا، أو وفاة أحد أقاربنا، أو عجزنا عن الوصول للكمال، أو وجود اختلافات وفوارق بين الناس...الخ)، تلك الحقائق تخضع لصيرورة الحياة، ووجب على الفرد تقبلها برضا وقناعة، كما وجب عليه أن يطرح جانباً انشغاله بالتفكير فيها، وألا يبذل جهداً يستهدف تعديلها. فالفرد بعدم تقبله لهذه الحقائق يجعل من نفسه فريسة سائغة لشتى ألوان الاضطراب، فإذا ما واجهه موقف حتمي لا يملك أن يقوم بتعديله، أو ظهرت أمامه مشكلة حتمية استصعب عليه حلها، كان إهداره لطاقته وجهده في التفكير في مواجهة هذا الموقف أو حل هذه المشكلة هو أمر عبثي لن يعود عليه بفائدة، بل سيؤدي به في النهاية إلى تبديد وقته وتضخيم قلقه النفسي، وتوتره الانفعالي، كذلك سينتهي به الأمر إلى ما أطلق عليه اسم (الإكزيمات النفسية)، وغالبا يكون محتوى تلك الإكزيمات من الشقاء والتعاسة، هذا فضلاً عن مضاعفات جسيمة من الاضطرابات النفسية، هي في حقيقتها أكبر بكثير من المشكلة أو الموقف ذاته.
وفي اعتقادي أن خير مثال على تلك النوعية من البشر هم العصابيون (الذهانيون)، فكثيراً من الاضطرابات النفسية التي يعانون منها تكون نتيجة المحن والأوجاع التي تتملكهم عند التعامل مع الأشياء المستحيلة، فالعصابيون يفتشون دائماً عن المستحيل أو المتعذر القيام به، متجاهلين في ذلك التعامل مع الممكن وتنميته، بما يؤول بهم في النهاية إلى حالة من الإجهاد العصبي والنفسي، وانعدام الثقة في إمكانياتهم، ومن ثم التوجه نحو التفكير في المجتمع والبيئة المحيطة على أنها مصدر التوترات والمتاعب وإثارة التهديد والصعاب. حتى أن علماء النفس المعاصر والمعالجين النفسيين قد ابتكروا مفاهيم مختلفة عن قيمة العوامل الفكرية والذهنية في الاضطراب النفسي، ومن هؤلاء العلماء (أدلر Adler) الذي بحث في تلك العوامل أثناء دراسته للمرضى العصابيين، ووجد أن تلك العوامل تشير إلى أسلوب حياة ينتهجه العصابي، كما وجد أن المدخل المناسب لفهم الفرد يتأتى من خلال فهم الأهداف الخاصة التي يرسمها لنفسه، والمعتقدات الخاطئة التي تسيطر على تفكيره عند محاولة الاتصال والتواصل مع الآخرين.



#ريم_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنمية الرأسمالية وعَصَّارةُ البرتقال
- ليس في الإمكان أبدع مما كان
- صفحات من خواطر المحبين
- الحرية أم الجهل: من أين نبدأ؟
- ولع المغلوب بتقليد الغالب
- آليات الهيمنة ما بين الحب والغزو


المزيد.....




- هيئة تحرير الشام تخوض معارك عنيفة ضد قوات النظام السوري في ر ...
- سوريا: ما آخر التطورات الميدانية وما حقيقة الدور التركي؟
- شبكة عروس تحير المتابعين في السعودية
- تحرك ضد شيرين بعد تصريح -سيئة جارية-
- رئيس الوزراء الجورجي: محاولات تنظيم ثورة ملونة في البلاد باء ...
- الدفاع الروسية: خسائر أوكرانيا اليومية في محور كورسك تجاوزت ...
- الصين.. ابتكار بروتين يجبر منظومة المناعة على تدمير الخلايا ...
- الجيش السوري يتصدى لهجوم قوات المعارضة في ريف دير الزرو، وغا ...
- غوتيريش يدعو لوقف فوري للأعمال العدائية في سوريا
- ما دلالات تشكيل مجلس الشراكة الاستراتيجي بين السعودية وفرنسا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم ثابت - الاضطراب النفسي: يصنعه الأسلوب السلبي.. ويعمقه التفسير الهامشي