أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم ثابت - ليس في الإمكان أبدع مما كان














المزيد.....

ليس في الإمكان أبدع مما كان


ريم ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 4091 - 2013 / 5 / 13 - 20:56
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" ليـس فـي الإمكـان أبـدع ممــا كـان "....
عبارة كثر ترديدها على ألسنة البعض، دون تقدير سليم لمغزاها الحقيقي، تلك العبارة تلخص فلسفة سلفية تدعو إلى الوقوف عند حد الكفاية من الإبداع، وتقتصر في رؤيتها الضمنية على منطلقات ضحلة لفلسفة الوجود الإنساني وسيكولوجية الفكر الإبداعي، إذ ترى في خلجات الأمس خيراً مما تراه في بواكير اليوم، وترى في نتاجات الأوائل خيراً مما قدمه الأواخر، وذلك دون تمييز أو تدقيق أو فرز لهذا أو ذاك.
وتتعاظم تلك العبارة في مداها المقصود، لتصل في نهاية الأمر إلى أن الاستقرار هو الغاية الأسمى التي ينبغي على المجتمع أن يسعى إلي تحقيقها، ولا يتأتى له ذلك إلا من خلال تقبل الثقافة القائمة والحفاظ عليها، وعدم إرهاق الذات الإنسانية بإعمال العقل الناقد، أو تفعيل الفكر الإنساني نحو الإبداع، ففي اعتقاد أنصار هذه الرؤية أن أي إبداع جديد لن يماثل في جودته ومكانته ما قد وجد عليه آباؤنا وأجدادنا من إبداع.
وما دمنا وقد تطرقنا إلى الحديث عن (الإبداع)، فإن هذا يدفعنا إلى التفكير ملياً في تحديد نوعيته، فثمة نوعين رئيسيين للإبداع يشار إليهما بعين الاعتبار في علم نفس الإبداع، النوع الأول هو الإبداع المطلق، أو ما يطلق عليه اسم (الخلق) Creation وهذا النوع قاصراً على الخالق سبحانه وتعالى، ولا يمكن لمخلوق أن يأتي له بنظير مطابق، لقوله عز وجل شأنه: [بدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ] (سورة البقرة: 117)، أما النوع الثاني فهو الإبداع الإنساني Creativity، وهذا النوع نسبي تتخلله عمليات عقلية شتى مثل النقد والدمج والتحويل والتقويم والتجديد... الخ، وما من شك إن الحديث عن إبداع الخالق سبحانه وتعالى هو حديث يختلف كلية - شكلاً ومضموناً- عن إبداع المخلوق، ولا سبيل لوضعهما سوياً في بوتقة واحدة من حيث الآلية والمغزى منه.
وبالعودة إلى تحليل الفكر الكامن وراء العبارة التي نحن بصددها، وإقرار فرضية أن هذه العبارة تناولت - إجمالاً - كل من الإبداع المطلق والنسبي على حدٍ سواء، فإن هذا يجعل منها عبارة فلسفية ضيقة الأفق، معتلة المنطق، كما أنه لا يجوز أن تنبثق العموميات - في أصولها - من منطلقات جزئية وتغفل الجزئيات الأخرى، أو بمعنى آخر كان يجب الأخذ في الاعتبار خواص النوع الآخر من الإبداع، وعدم إغفال تلك الخواص، فالإبداع طالما كان نسبياً إنسانياًً، فإنه يقبل تلقائياً مبدأ التفاوت، وبالتالي يقبل منطق المفاضلة من حيث الكم والكيف، وتظل هناك إمكانية كبيرة أمام العقل البشري اللاحق على الإتيان بإبداع أكثر تفوقاً وتميزاً من العقل البشري السابق.
من ناحية أخرى، إقرار فرضية أن هذه العبارة تناولت - إجمالاً - كل من الإبداع المطلق والنسبي على حدٍ سواء، يحملنا - لا محالة - إلى ترسيخ الفكر الجامد للقولبة، وتوطين نظام التبعية، وإحكام قبضة الفكر اللانقدي، الذي يذهب أنصاره من الفلاسفة السلفيين إلى أن التغيير والتطور هو سنة الله في خلقه، وعلينا أن نركن إلى هذا التغيير وألا نتجاوزه فكرياً، ومن ثم - ووفقاً لهذا المنطلق- لا مجال لإعمال العقل الإنساني بالتفكير أو الإبداع أو النقد.
صحيح أن التغير قائم والتطور حادث وتلك هي سنة الله في خلقه - اللهم إنني لا اختلف مع جوهر هذه المسلمة - إلا أن تحقيق تلك السنة يستلزم بالضرورة نفراً من ذوي الوعي، وأصحاب الفكر الذين يبصرون مناحي الخلل التي – ما من شك أنها - أصبحت متجذرة في مجتمعاتنا النامية، فيبحثون عن أسبابها، وينبهون إليها، ويحلمون ويرسمون ويفكرون في سبل التغيير والتطوير، وفيما يجب أن يكون عليه الوضع الأفضل، بل ويكافحون ويناضلون على الصعيد العملي في سبيل تحقيق هذا وذاك، فمن غير المعقول أن نتخذ جميعاً مقاعد المتفرجين في مواجهة التطور أو التغيير، نراقب عن كثب ما يحدث في مجتمعاتنا النامية من تغيرات دون أن يكون لنا دوراً فكرياً إيجابياً تجاهه، كما أنه من غير المعقول أن نتطلع إلى التطورات التي تبزغ في كل ساعة في المجتمعات المتقدمة، ويعترينا أمل كبير في الوصول إليها دون أن نحرك ساكناً نحو الإبداع والتنمية بخطوات واستراتيجيات مدروسة، ودون أن نسقط عن أنفسنا ضعف المقهورين، وقبلها عبارات الاستسلام والتثبيط.



#ريم_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صفحات من خواطر المحبين
- الحرية أم الجهل: من أين نبدأ؟
- ولع المغلوب بتقليد الغالب
- آليات الهيمنة ما بين الحب والغزو


المزيد.....




- كوريا الجنوبية: كبير موظفي الرئيس و10 من مساعديه يقدمون استق ...
- الحوثيون يعلنون شن 3 هجمات بمسيرات شمال وجنوب إسرائيل
- روسيا تتهم أوكرانيا بدعم هيئة تحرير الشام في سوريا
- المعارضة الكورية الجنوبية تطالب الرئيس بالتنحي
- إيران: الدعم الخارجي للتنظيمات الإرهابية يطيل الأزمة بسوريا ...
- إدراج منتج فلسطيني في قائمة -اليونسكو- للتراث غير المادي
- لهذا السبب.. محامو ترامب يطالبون بإلغاء قضية -شراء الصمت-
- بعد تصويت البرلمان..رئيس كوريا الجنوبية يرفع الأحكام العرفية ...
- مرشح ترامب لمنصب مدير وكالة مكافحة المخدرات يعتذر عن تولي ال ...
- ترامب يطالب بإسقاط قضيته المعروفة باسم -الأموال الصامتة- أسو ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم ثابت - ليس في الإمكان أبدع مما كان