أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - من جلالة الملك الى العم جلال














المزيد.....

من جلالة الملك الى العم جلال


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأ العراقيون يتعودون على كلمة جديدة دخلت قاموسهم السياسي وهي كلمة "مام". وللحق أنني لم اكن اسمع بها سابقا أو اعرف عنها شيئا. فقد كان من الصعب تفسيرها على انها تحريف أو خطأ في الطباعة لكلمة "مدام"، إذ لا أنوثة في الرجل! هذا في حال افتراض انها مقصودة ومن ثم تحتوي بصورة واعية على قيمة الهمز واللمز فيها. ومرة اعتقدت بأنها قد تكون مجرد خطأ في الكتابة، بمعنى انها مجرد تحريف لكلمة "إمام"، وهو أمر صعب التصديق، مع انه ممكن في ظروف العراق الحالية. لا سيما وأنها الإمكانية الأكثر غرابة في زمن الانحطاط. وذلك لما في الانحطاط من قدرة على قبول كل شئ. فعندما سئل مرة أحد الفلاسفة عن حد (تعريف) الغباء، فانه أجاب: "سألتني عما لا حد له!". وهي الحالة التي يقف أمامها العراق بعد سقوط الدكتاتورية. بمعنى وقوفه أمام حالة يصعب قبولها بمعايير المنطق والعقل والضمير، الا انها مفهومة ضمن حالة الانحطاط العام.
ومن الممكن قبول الكلمة شأن كل كلمة في قواميس الأمم. الا أن غرابتها تقوم في كونها تعبر بصورة نموذجية عن حالة الانحطاط الشامل في العراق. فقد تبين لي بان مضمون الكلمة يعني "العم". ذلك يعني أن العراق في مجرى تحولاته الكبرى من الملكية إلى الجمهورية ومنها إلى الديمقراطية قد قطع في العبارة أيضا أشواطها المناسبة. بمعنى الانتقال من "جلالة الملك" إلى "الأب القائد" ومنها إلى العم الرئيس! وهو انتقال يكشف بطريقته الخاصة عن واقع الانحطاط الفعلي في لغة السياسة وسياسة اللغة.
إننا نقف أمام انحدار في تخلف البنية السياسية التي لم تعد تجد حرجا في قبول دورة جديدة من الانحطاط تبدأ بكلمة "آية الله" ثم "المختار" لتنتهي بلقب "الملا". وهي دورة يصعب قبولها بمعايير المنطق والعقل والضمير، الا انهما مفهومة ضمن حالة الانحطاط الواقعي والمفترض للعراق.
إننا نقف أمام انحطاط في الرؤية السياسية والكلمة السياسية التي أخذت تشق طريقها إلى أفواه التملق المحترف من "اليسار" و"اليمين" في مباركة هذه الكلمة التي لا تعني بمعايير الرؤية السياسية سوى الاستعادة الأكثر تخلفا وفجاجة للعلاقات الأبوية والإقطاعية.
ذلك يعني إننا نقف أمام سريالية عراقية من نوع تتراكم فيها همجية التخلف السياسي والانحطاط المادي والمعنوي. وسواء كانت كلمة العم جلال هي رديف مقصود أو غير مقصود لكلمة العم سام، فان مضمونها الواقعي يصب في اتجاه ترسيخ أسس التخلف السياسي الجديد الذي يصبح معه من الممكن إعادة دورة التخلف بقوة اعنف واشد، أي دورة آية الله المختار الملا. بمعنى قطع الشوط الضروري لمسار الانحطاط الذي يبرهن فعلا على أن الغباء شئ لا حد له!
إن التحول العارم والهائل الذي رافق سقوط الدكتاتورية الصدامية، ومن ثم تكون الشروط الأولية للانتقال من التوتاليتارية إلى الديمقراطية يفترض ارتقاء الحركات السياسية الناشئة إلى مصاف الإدراك الضروري لقيمة الحرية. وهو إدراك لا يمكنه التحقق بصورة جزئية. فالحرية هي منظومة كاملة. تبدأ من الكلمة وتنتهي بمؤسسات الدولة والمجتمع.
فالتحرر السياسي يفترض تحررا في اللغة يتناول كل دقائقها بما في ذلك حروفها. بينما نقف الآن أمام تشدق أحمق في اللغة اكثر من يجسده الجعفري، وتعبير سياسي اكثر ما يمثله إطلاق كلمة العم على رئيس الدولة "المنتخب". وفي هذا التزاوج نحصل على سبيكة غريبة يصبح فيها الانتخاب اكثر غرابة من اللقب في مجال الفعل السياسي، واللقب اشد غرابة من الانتخاب في مجال الحرية! وإذا كان في هذه الغرابة قدرا من "حرية الكلمة"، فان مضمونها الواقعي والرمزي يشير إلى انعدام إدراك قيمة الحرية والكلمة.
فالكلمة أداة شاملة. وفي هذا تكمن قوتها وساحريتها المحببة للقلوب الحرة والمكروه للقلوب الخربة. إن الكلمة هي أداة ووسيط كل ما نسعى إليه. انها ذخيرة الوعي والعقل والمنطق والضمير والأخلاق. فكلمة الحرية ليست ككلمة الاستبداد. وحتى حالما يتشابهان فيما يؤديان إليه من سفك الدماء، فانهما يقفان على طرفي نقيض في كل شئ. إن المشترك بينهما ليس الدم ولا سفكه، بل الصراع الذي لا مساومة فيه. كما أن كلمة الجميل لا تشبه القبيح. نعم! نحن بحاجة لكل الكلمات ولكن بشرط أن توضع في محلها. وتحول العراق من الدكتاتورية إلى الديمقراطية يفترض ارتقاء الكلمة والخطاب من العلاقات الأبوية والإقطاعية المتخلفة إلى مصاف الخطاب المؤسساتي والعقلاني الحر. نحن لسنا بحاجة إلى عم سام أو عم جلال أو عمائم سوداء وبيضاء، بل نحن بحاجة إلى عموم العراق حرا في انتمائه ومخلصا للكل فيه. وهي حاجة لا يمكن بلوغها بالاعتماد على قوى كشفت في غضون سنتين عن انها مجرد قوى عابرة ومؤقتة بالمعنى الاجتماعي والوطني، أي قوى مستعدة لخيانة المصالح الكبرى للمجتمع والدولة والقومية والحرية والنزعة الانسانية، أي لكل ما هو نقيض للتوتاليتارية والدكتاتورية.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق 4 من 4
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق -3 من 4
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق 2 من 4
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق - 1 من 4
- فلسفة الثقافة البديلة والمثقفين في العراق
- هل العراق بحاجة إلى قضية كردية؟
- العمران الديمقراطي في العراق (4-4) فلسفة الثقافة البديلة
- العمران الديمقراطي في العراق (3-4) المجتمع المدني ومهمات بنا ...
- انتخاب الطالباني: مساومة تاريخية أم خيانة اجتماعية للقيادات ...
- العمران الديمقراطي في العراق (2-4) الدولة الشرعية - البحث عن ...
- العمران الديمقراطي في العراق (1-4) التوتاليتارية والدكتاتوري ...
- الإصلاح والثورة في العراق – البحث عن توازن واقعي
- الراديكالية العراقية - التيار الصدري وآفاقة المسدودة - الحلق ...
- الراديكالية الشيعية المعاصرة وآفاق البدائل السياسية في العرا ...
- الاعلام العربي وإشكالية الأمن والأمان والحرية والاستبداد في ...
- الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4
- الرؤية السياسية - لا الرؤية الحزبية
- الراديكالية العراقية - الطريق المسدود 1-4
- المرجعيات الثقافية لفكرة الإصلاح في العراق
- الصحافة العربية المرئية والمسموعة وظاهرة الصحّاف والتصحيف


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - من جلالة الملك الى العم جلال