أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الاعلام العربي وإشكالية الأمن والأمان والحرية والاستبداد في العراق















المزيد.....

الاعلام العربي وإشكالية الأمن والأمان والحرية والاستبداد في العراق


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 1154 - 2005 / 4 / 1 - 11:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كانت الصحافة هي الوجه المرئي للواقع، فإنها تنضح في الوقت نفسها بما فيها من قدرة وإمكانيات وصفات ملازمة. فالصحافة ليست جهازا أو كيانا "حرا" عن المال والمعتقدات والمواقف السياسية والتصورات والأحكام الأيديولوجية، بل وممثلا لها أيضا. وهو الأمر الذي يضعها على الدوام أمام إشكاليات فعلية وموهومة. ولعل أهمها وأكثرها إثارة وانتشارا وشغلا للإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ما هو مرتبط أو مقرون بقضية الأمن والأمان في العراق.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الإنسان يتحدث عما يفتقده. وليس اعتباطا أن تقول المتصوفة يوما بان "الوجد من الفقد". فالإنسان يتواجد، أي يعثر بعقله ووجدانه على ما يفتقده، لان الأشياء في حالة وجود دائم. ولا يشذ "القلق" عن هذه الحالة. فهو موجود في وجود الإنسان لأنه جزء من كينونته الطبيعية. بل انه الكيان الذي يلازم العقل والقلب والضمير. من هنا تحسس أهميته خصوصا في مجرى التحولات الحاسمة والعنيفة. لكن للقلق مصادر متنوعة ومستويات في إدراك طبيعته وحقيقته. فهو المكون الضروري لتعمق التجارب النفسية والتاريخية للأفراد والجماعات والأمم. وهي حقيقة يمكننا العثور عليه في اللغة كما هي، كما أننا نعثر عليها في كل إبداع عظيم. بل نستطيع القول، بان القلق هو في آن واحد مصدر الإبداع والإلهام والموت والإسقام. أي انه شأن كل ما هو جوهري في الوجود يتمثل وحدة الأضداد الضرورية للحياة والفعل.
وفيما لو تأملنا ما تتناوله الصحافة ووسائل الإعلام عن القضايا الملتهبة في العراق، فان الكثير منها (وبالأخص القنوات العربية) عادة ما تجعل من قضية "الأمن" محور المشكلة العراقية بحيث يجري التركيز عليها بطريقة تجعل من حياة العراق المعاصر بعد القضاء على الدكتاتورية البعثية محور الوجود الفعلي لإشكالياته الكبرى جميعا. وهو تصوير صائب فيما لو جرى فهم حقيقة الأمن بالمعنى التاريخي والثقافي الذي لازم طبيعة التحول العاصف الذي هز العراق وآفاق تأثيره اللاحق في المنطقة وعلى النطاق العالمي.
غير أن الإعلام العربي والتصورات الجزئية وأحكام الأهواء السياسية العابرة عادة ما تختزل قضية "الأمن" إلى مجرد "الهدوء" الذي يراد بها أن "لا يعتدي أحد على آخر" وان "يسير الناس بأمان" وان "يجري التحكم بالأمور وضبطها". وهي رغبات لا اعتراض أو اختلاف عليها من الناحية المجردة. إلا أنها رغبات صغيرة تعكس صغر الرؤية وتجاهل معنى الاضطراب الضروري في العراق المعاصر. لاسيما وأنها الحالة التي تلتهم في مجرى إحراقها لمخلفات المرحلة السابقة نماذج تصوراتها ورغباتها عن الأمن والأمان.
فقد كانت الدكتاتورية البعثية – الصدامية "راقية" النموذج من حيث إمكانية وأساليب "ضبط الأمور" و"التحكم بالأمن" و"تأمين الأمان"، بل أن "النظام" نفسه كان مجرد "تنظيم للأمن"، كما أن "الأمن" كان يعني في العرف العادي والسياسي و"القانوني" أجهزة القمع السافرة العلنية والمستترة. وهي ممارسات وتقاليد زرعت في النفس العراقية هاجس ووساوس الأمن، التي تجعل من "خرقها" فعلا مريبا ومثيرا للقلق الباطني والظاهري. وهي ظاهرة يشاطرها الإعلام العربي الذي مازال مرهونا حتى في "أكثره تحررا" من ثقل هواجس "الأمن" (اقرأ الرقابة)، التي تلازم "عقله ووجدانه". وهو الأمر الذي يشير إليه أيضا اهتمامه الشديد بقضية "الأمن والأمان" في العراق.
ذلك يعني أن الإعلام العربي لم يفهم حجم وطبيعة التحول العاصف في العراق، أو انه يقلق منه "بصورة غريزية" تجعله ينظر إلى "ضبط الأمور" و"التحكم بها" الأسلوب الذي يتطابق مع أسلوب عمله ومهماته السياسية والدعائية. وإلا فان أي شاعر عظيم وكاتب كبير ومفكر عميق وعاشق ولهان وأم حنون سوف يتفقون على أن للقلق معنى وجوديا ووجدانيا بدونه تفقد الحياة بريقها والأمل معناه. طبعا أن ذلك لا يعني أن العراق لا يعاني من قلق البحث عن "الأمن" و"الأمان" بوصفهما الشروط الضرورية لاستمرار الحياة الطبيعية والوجدانية ومقدمة ترتيب أوضاعه الداخلية. إذ لا استقرار بدون أمن، كما انه لا تطور بلا استقرار وأمن. فهي العملية المترابطة لتكامل المكونات الأساسية للدولة والمجتمع، ومن ثم تراكم ونمو قدراته الاجتماعية وإعادة إنتاجها وترقيتها. غير أن إشكالية الأمن والأمان في العراق هي ليست ما يصوره الإعلام العربي الغارق في "الأمان" من تناول إشكاليات العالم العربي الفعلية ومشاكله الجوهرية الكبرى، بل في إعادة ترتيب الأمور وضبطها بالطريقة التي كانت وراء ما جرى في العراق.
لقد كشف تاريخ العراق المعاصر والأحداث المأساوية الهائلة التي ترتبت على عقود الدكتاتورية البعثية – الصدامية من مخاطر "الأمن والأمن" التي أرجعت مضمونه الاجتماعي والسياسي إلى مجرد قمع سافر وانتهاك للحق والحقوق وتخريب بنية الدولة. إذ لم يكن "الأمن والأمان" في الواقع سوى أسلوب التخريب الدائم للعقل والوجدان الفردي والاجتماعي، مع ما يترتب عليه من تحويل الوجود التاريخي للأمم إلى مستنقع كبير.
وهو الأمر الذي يعطي لنا إمكانية رؤية الأبعاد التحررية في "غياب الأمن والأمان" بوصفه الصيغة الملازمة لتحطيم تقاليد الاستبداد السابقة. أي النظر إلى "غياب الأمن الأمان"، باعتباره نتاجا جزئيا وعابرا، ولحد ما ضروريا أيضا. إذ ينبغي نزع قشور الماضي أيضا، لاسيما وأنها من بقايا مخلفاته. وذلك لان "غياب الأمن الأمان" في الواقع ما هو إلا نتاجا للتوتاليتارية التي قضت بصورة شبه مبرمة على إدراك طبيعية وماهية العمل السياسي والاجتماعي الديمقراطي.
إن "غياب الأمن والأمان" هي الحلقة التي تربط الحرية بالاستبداد. ومن ثم فان فصلهما يفترض بالضرورة إعادة بناء الأمن والأمان بطريقة تستند لا إلى تقاليد الدكتاتوريات والقمع السافر والرقابة المباشرة وغير المباشرة، بل إلى ترسيخ وتعميق الحرية الاجتماعية والسياسية المحكومة بالقانون والحق. وهي المهمة التي تقع أساسا على عاتق القوى الاجتماعية والسياسية من خلال إزالة بقايا التوتاليتارية البعثية – الصدامية والانخراط الفعال في بناء منظومة المجتمع المدني بالاستماع إلى صوت العقل والوجدان المعذبين في محرقة الاستبداد، والى تجارب الأمم الراقية لا إلى صوت "القنوات" الممررة "لأمن" "الأنظمة" المتخلفة.



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الراديكالية والرؤية المأزومة في العراق – 2-4
- الرؤية السياسية - لا الرؤية الحزبية
- الراديكالية العراقية - الطريق المسدود 1-4
- المرجعيات الثقافية لفكرة الإصلاح في العراق
- الصحافة العربية المرئية والمسموعة وظاهرة الصحّاف والتصحيف
- المغزى التاريخي للانتخابات العراقية الاخيرة
- الصورة والمعنى في الصراع العربي – اليهودي
- اليهودية – الصهيونية في روسيا
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق – ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق - ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق- ا ...
- السياسة والمقدس أو التاريخ الفعلي والزمن الضائع في العراق-ال ...
- التيار الإسلامي ومهمة تأسيس البدائل العقلانية في العراق
- الحلقة الثانية-البروتوكولات الصهيونية-الماسونية اليهودية الص ...
- الحلقة الاولى - البروتوكولات الصهيونية - تقاليد قواعد العمل ...
- الفساد والإرهاب توأم الخراب في العراق المعاصر
- (4) الهوية العراقية وآفاق البديل الديمقراطي
- الهوية العراقية وآفاق البديل الديمقراطي 3


المزيد.....




- -صور الحرب تثير هتافاتهم-.. مؤيدون للفلسطينيين يخيمون خارج ح ...
- فرنسا.. شرطة باريس تفض احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في جامعة ا ...
- مصر تسابق الزمن لمنع اجتياح رفح وتستضيف حماس وإسرائيل للتفاو ...
- استقالة رئيس وزراء اسكتلندا حمزة يوسف من منصبه
- قتلى وجرحى في هجوم مسلح على نقطة تفتيش في شمال القوقاز بروسي ...
- مصر.. هل تراجع حلم المركز الإقليمي للطاقة؟
- ما هي ردود الفعل في الداخل الإسرائيلي بشأن مقترح الهدنة المق ...
- بعد عام من تحقيق الجزيرة.. دعوى في النمسا ضد شات جي بي تي -ا ...
- وجبة إفطار طفلك تحدد مستواه الدراسي.. وأنواع الطعام ليست سوا ...
- صحيح أم خطأ: هل الإفراط في غسل شعرك يؤدي إلى تساقطه؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ميثم الجنابي - الاعلام العربي وإشكالية الأمن والأمان والحرية والاستبداد في العراق