أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود جلبوط - في المشهد السوري الأخير...سوريا إلى أين؟ -الحلقة الخامسة-















المزيد.....

في المشهد السوري الأخير...سوريا إلى أين؟ -الحلقة الخامسة-


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 4098 - 2013 / 5 / 20 - 18:37
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ينبغي الاعتراف أن الحراك الثوري السوري متعثر عزاؤه بالرغم من فارق التضحيات أنه ليس المتعثر الوحيد فيما أسمي بالربيع العربي بل إن هذا يشمل جميع مشاهده على الإطلاق , فهو يعاني من مشاكل ليس في الحسم في "الشعب يريد إسقاط النظام" الذي رفعته سواعد المنتفضين الشباب وحسب بل إن أكثر النظريات تفاؤلا لا يمكنها أن تتجرأ استعجال هذا الحسم إن تيسرت الأمور لعدة سنوات قادمة هذا إن أخذ بعين الاعتبار المهمات المعقدة الملقاة على كاهل الحراك وتمفصل سياقات صراعاته الاجتماعية والسياسية الداخلية مع الصراعات الإقليمية : كيان صهيوني , إيران , تركيا , عراق , سعودية , قطر, إلخ , والصراعات الدولية للنفوذ على سوريا ومنطقة الخليج والمنطقة العربية بالعموم محاولة لكسب الحلفاء فيها لصون مصالحهم .
بل إن ما يشتهيه قادة الكيان الصهيوني للمنطقة قد ورد ومنذ وقت مبكر على لسان رواده الأوائل ومنذ إنشائه وقد ذكروه مرارا عبر خطاباتهم واجتماعاتهم ومؤتمراتهم ومذكراتهم . وجل ما تطمح إليه الأطراف الدولية وخاصة الغربية منها , هو أن يسفر الحراك في أحسن أحواله , طبعا وسيبذلون كل جهودهم لتحقيق ذلك , عن أنظمة يزول عنها طابعها الاستبدادي الفاقع المبتذل تكون أكثر تبعية بزركشة "ديموقراطية" وتعميم القبول بثقافة الاحتكام إلى صندوق اقتراع سيضمنون به إعاقة تجذر الحراك في متابعته ليتحول إلى ثورة تغيير حقيقي بحيث يعبر عن تطلعات الشعوب العربية المنتفضة .
إن جل ما تتمناه أنظمة الدويلات العربية المتبقية في دول الخليج وغيرها هو استثمار الاستعصاء الذي وصل إليه الحراك في الساحة السورية وتعثره من أجل حرفه عن المسارات التي انطلق بها ومنها حتى يتم لها القضاء ليس عليه وحسب بل إطفاء شعلته نهائيا , وهي ترى أنها تجد الآن فرصتها السانحة فيما يحدث في سوريا لتساهم بمساعيها إلى جانب جهد النظام لشرذمتها وتقسيمها بل صوملتها حتى تكون عبرة لشعوبها لو فكرت أن تقتدي بها فتكون قد حققت رغبتها في وأد الربيع العربي وتحويله إلى خريف على الأرض السورية .
لا ينسي هذا السرد عن أسباب تعثر الربيع أن المسؤول الحقيقي عن كل ما يجري من تدمير وقتل وخراب ومجازر وتطهير طائفي , والمأزق السياسي العام الذي تمر به المنطقة هو دون شك النظام الذي أوشك أن يوصل البلد إلى حافة حرب أهلية طائفية مدمرة ربما تشمل المشرق العربي بكليته , وفي نفس التوجه ينبغي ألاّ يؤدي التأكيد على الأدوار السيئة التي لعبتها تلك الأطراف الإقليمية والدولية إلى الركون في تحميل عجزنا وفشلنا كما هو ديدنا دائما للقوى الخارجية , بل يجب الاعتراف أن للقوى المعارضة المقاتلة مسؤولية كبرى من خلال تضارب أجنداتها وخلافها المبكر حول كيفية إدارة المناطق المحررة والتصارع فيما بينها , والمشكل في الحقيقة ليس في الاختلاف قدر ما يتعلق باختيار صيغ لتنظيم الخلاف والاختلاف يقوم على أساس من التفاهمات المشتركة التي تنئيها عن اتباع نهج الإقصاء والقهر والاتهام والتخوين المتبادل .
وكما أنه لا ينبغي أن يمنع الإقرار بمسؤولية السلطة الكاملة عما يحصل في سورية أن يتناول ما يحيق بها من مخاطر من مصادر أخرى أيضا : أولا من أعدقائها ممن يسموا "أصدقاء سوريا" وما يضمرونه ويخططون لها من وراء حشد السلاح وتجنيد مسلحين لإرسالهم إلى سوريا بأجندات مذهبية تتناقض مع مصلحة الثورة وأهدافها وبالتالي مع مصلحة سوريا بالكامل وتعد العدة لما بعد انهيار السلطة والنظام , وثانيا من ذاتها نفسها ومن داخلها ومن المشاركين بها : متسلقيها وسارقيها ومن الذين يتاجرون بها , فإن كانت السلطة تتهاوى فإن الثورة أيضا تغرق في فوضى متشعبة: تنظيمية وسياسية وتعبوية , بل إنها تفتقر إلى الحد الأدنى من التنسيق المشترك فيما بين مجموعاتها المقاتلة مما أثر على حسم الصراع وأطال مدته ليطيل من عمر النظام وبالتالي يزيد من معاناة الشعب باستمرار , نزيف دم وموت ودمار يعزز يوما بعد آخر من احتمالات انهيار سوريا كوحدة مجتمعية وجغرافية قد تناولت الحلقة الرابعة من هذه السلسلة بعض محطاتها الخطيرة التي أوصلتها لهذا التخبط فأدخلتها عنق الزجاجة .
لقد دخلت الثورة سنتها الثالثة مسروقة ومخطوفة وقد خرجت عن مساراتها التي انطلقت من أجلها لتتدثر , بعد أن تعسكرت , بأجندات متناقضة مع تلك التي أطلقها روادها الشباب الناشطون الأوائل قبل أن يسارع النظام لتصفيتهم بعنف يصعب وصف شناعته لتتراجع المظاهر المدنية في الحراك وينحسر التظاهر السلمي الجماهيري ويدفع لظهور نزعة العسكرة والتسلح لتتلقفهم الجهات الإقليمية المعادية للثورة , والدولية المتأبطة بسوريا وثورتها شرا فضلا عن النظام وحلفائه الإقليميين والدوليين مما أربك الثورة واستنزفها كما ذكرنا سابقا , مما زاد من العبء الذي أثقل على كاهل المواطن وطال أبسط مقومات حياته مما دفعه في نهاية المطاف للتململ من استمرار الثورة بل راح الناس يشككون بإمكانية انتصارها وهذا في الحقيقة ما كانت تنشده السلطة وتخطط باتباعها سياسة العنف المنفلت والمفتوح : موت , دمار وبطش منذ البداية قد تضافرت معها دون قصد ظهور سلوكيات من المعارضة لا تختلف كثيرا عن سلوكيات شبيحة الأسد وكتائبه صدرت من مقاتلين معارضين ومجموعات مقاتلة محسوبة على ما اتفق على تسميته "الجيش الحر" , لأن العنف المؤدلج والمنهجي الذي مارسه النظام على الشعب الثائر ساهم في توغّل الطرف المقابل في الحلّ العسكري أيضاً ، فحين يرتفع صوت الرصاص والقتل والدمار من المنطقي أن يختفي التفكير المتنور والهادئ واستخدام العقل البارد والتعقّل وينجرف كلا القاتل والقتيل إلى معادلة الدم التي لا فائز فيها سوى الموت.
وفي ظل فعل القتل لمجرد الثأر , دون أجندات سياسية واضحة ومحددة لبرنامج الثورة , وتناميه المناطقي كما أراده النظام , يتعمق الشرخ مع طول فترة الصراع المسلح بين أبناء البلد الواحد وجدوا أنهم قد زجّ بهم في أتون صراع طائفي من المحتمل جدا لو استمر على هذه الوتيرة سيؤدي إلى الانقسام وتشكيل محميات مذهبية طائفية وإثنية ، من هنا يمكن للمرء أن يقرأ لماذا كانت قرارات السلطة الأسدية لتشكيل محافظات ثلاث جديدة في مقدمها محافظة قامشلو حسب اللغة الكردية لمدينة القامشلي .
لذا لا ينبغي أن يغيب عن ذهن الحريصين على انتصار الثورة أنها لو عجزت عن تحقيق ذلك باعتمادها على الذات حتى في جانبه العسكري العملياتي : رجالا وتجهيزات وخطط عمليات تحرير مدن ومواقع عسكرية ولو بتلقي دعم بالسلاح والمال , وانتظرت الاستجابة للدعوات التي يطلقها باستمرار "ممثل الشعب السوري الشرعي والوحيد" لتدخل عسكري أطلسي موازاة لما قام ويقوم به النظام من استدعاءات عسكرية : روسية , إيرانيية ومقاتلي حزب الله وغيرهم , سيفتح الباب واسعا لكل من هب ودب من أجهزة مخابرات دول الأطلسي والكيان الصهيوني أن تعمل على توظيف الحدث السوري القائم وتوجيهه حسب مصالحها هي ولصالح صراعاتها مع القوى الإقليمية والدولية دون الاكتراث بمصالح الشعب السوري مما يعني استنقاعا للثورة واستتباعها للقوى القادرة على التأثير في مساراتها .
إن ما تعانيه التركيبة السياسية السورية اليوم من ركاكة الأداء وأمراض بل مهازل تهدر كثافة تضحيات الناس وجهد الأبطال في الداخل وتجهض اليوم كل المكتسبات التي حققها المقاتلون والمواطنين بدمائهم الغزيرة في الفترة الماضية من عمر الثورة , هو النتيجة المنطقية لسياسة القهر والقمع الاستبدادية الفاشية التي اتبعتها السلطة الأسدية طوال فترة حكمها للبلد عبر انتهاج سياسة التجريف السياسي والتنظيمي التي أدت إلى استئصال أصغر نبتة سياسة فيها , وانطمرت البذور المتبقية تحت الأرض دون شمس أو ضوء أو هواء إما اعتقالا خلف القضبان أو قهرا خشية منه , ليموت معظمها بعد فترة من العطش أو الظلام , ومن حالفه الحظ منها في النجاة أنتشت وانتبجت في ظل ظروف مشوهة وغير صحية ولا مناسبة أصلا لنمو واستقلاب طبيعي , أي عاشت في ظل ظروف مشوهة انصب كل همها على الحفاظ على الذات وتعاملت مع السياسة إن وفرت لها الظروف ذلك على أنها ترف فائض عن الحاجة بسبب كثافة العنف الذي مارسته السلطة بحق ممارسيها , ومع طول الفترة في ظل الاستبداد الفاشي وغياب السياسة كليا من المجتمع نسي الناس مهمات الفعل السياسي بل تعاملوا معها على أنها رجس من عمل الشيطان فاجتنبوها , لذا فعندما انطلقت الانتفاضة عاجلها النظام بأقصى درجات العنف قبل أن تلتقط أنفاسها ويقوى عودها لتشكل حزبها الثوري وتكسب خبرتها الخاصة , وقد نجح في ذلك , فمازالت الثورة تفتقر إلى حزبها الثوري حتى الآن مما تركها مكشوفة للنظام ولغير النظام من القوى الإقليمية المتخوفة من امتدادها إلى عقر دارها .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المشهد السوري الاخير...سوريا إلى أين؟ -الحلقة الرابعة-
- في المشهد السوري الأخير ....سوريا إلى أين؟ -الحلقة الثالثة-
- في المشهد السوري الأخير _الحلقة الثانية_
- في المشهد السوري الأخير.....سوريا إلى أين؟ _ الحلقة الأولى _
- قصة قصيرة جدا _مداعبة عاشق
- متابعة_قصة قصيرة جدا
- قصة قصيرة جدا _ فرح طارئ _
- تعليق مختصر حول ما يجري في المنطقة العربية
- نصف نهار في أحضان مدينته المعشوقة دمشق
- نصف نهار في مدينته المعشوقة
- نظرة على المشهد السوري
- حول عدم الثقة بالنفس وعلاقته بالاستبداد
- قصة قصيرة جدا .... غرام في الهواء الطلق
- قصة قصيرة جدا.........مظاهرة طيارة
- مفترقات الانتفاضة السورية عن أخواتها
- كسر الأديب الألماني Günter Grass صمته فانسعرت - إسرائيل-
- عام على انطلاقة الانتفاضة السورية
- عودة أخرى إلى المشهد السوري
- مقابلة صحفية مع أحد الشهود لمجزرة بورسعيد
- مجزرة تثير ذكرى مجزرة


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمود جلبوط - في المشهد السوري الأخير...سوريا إلى أين؟ -الحلقة الخامسة-