أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمود جلبوط - حول عدم الثقة بالنفس وعلاقته بالاستبداد















المزيد.....

حول عدم الثقة بالنفس وعلاقته بالاستبداد


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 22:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لقد أتاح وصولنا إلى المنفى الأوربي لنا فرصة نادرة للتعرف إلى الآخر الأوربي الذي تشكلت صورته في ذهنيتنا السياسية والأيديولوجية وحتى الدينية من خلال ما أنتجته علاقة التبعية البنيوية بين أنظمتنا الكولونيالية ورأسماليته المركزية منذ تقاسم التركة العثمانية فيما بينها وما نتج عنها من انهيار للسيادة الوطنية وللسياسية والأخلاق والعلاقات الاجتماعية وخاصة بعد اغتصاب فلسطين وإقامة الكيان الصهيوني أو غزو جنوده المباشر للمنطقة والحروب البينية مذهبية كانت أو جغرافية حدودية رافقه على المستوى الفكري تعميم الفكر الهجري والوهابي بالتوازي مع انتشار فكر قومجي أو علمانوي رث وصلت أوجها بعد طفرة النفط مطلع سبعينيات القرن الماضي اشتد وزارها عقب حرب تشرين 1973 بعد أن راح البترودولار منذ ذلك الحين يلعب دورا جوهريا في إفساد الحكم والحكام وضمائر السياسيين وحتى الكثير من المثقفين المرتزقة في خدمة نشر الصهينة .
ومع تواصل السنوات في منفانا زادت معرفتنا بهذا الآخر ورحنا نكتشف ميزاته ومواقع اختلافه عنا وكلما تقدمنا من مواقعه الاجتماعية والثقافية والسياسية أكثر كلما تفككت كتلته الصماء داخلنا والتي قدمها لنا كل ما سبق ذكره في بلادنا على أنه كتلة واحدة مجملة بكل تناقضاتها وعلى أنه العدو دون تمييز بين فئاته الاجتماعية ولا حتى بين مواطنيه على أساس الاختلافات بالآراء أو الأديان أو الطبقات فذهلنا ما اكتشفناه من عوراتنا وهذا أثار فينا خارج إراداتنا شهية المقارنة الشاملة بين عقلية وذهنية هذه المجتمعات ومجتمعاتنا , وبين بناهم الفكرية والايديولوجية وبنانا فكانت الصدمة .
دخلن بعد هذا الاكتشاف الخطير بإعادة بناء أنفسنا لاقتلاع مواقع الاستبداد وما استتبعت من طريقة تفكير تناسب بنية الاستبداد في بلادنا , لكي نعيش منسجمين مع واحة الحرية الطارئة علينا في الساحة التي نفينا إليها تناولت بشكل خاص مسألة الحريات الشخصية والحب والجنس واحترام القوانين والعمل والمواعيد , وبدأنا نفهم لماذا المواطنون في أوربا يثقون بأنفسهم وبالآخرين إلى هذه الدرجة ويفتقر إليها مواطنينا , ولا يعني كلامي هذا بالضرورة أن حالة المجتمعات الأوربية هي الحالة المثالية فبالتأكيد لهم عيوبهم وأخطاؤهم .
سار بنا الأمر هكذا بشكل سلس واستطبنا العيش على أساسه في منفانا واستسلمنا لهدوء ما نحن فيه وراح اتصالنا بالوطن يقتصر على اتصالات هاتفية مع الأهل ودائرة ضيقة لبعض الأصحاب كان من نتيجتها ضعف ذاكرة الوطن فينا ومع مرور الأيام فقدنا حتى الرغبة بالمقارنة بين ما لديهم وما لدينا وبدأت الآمال والرغبة في التغيير في بلادنا التي تملكتنا في مطلع فترة وجودنا لنحاكي ما لديهم من تقدم وحرية بعد أن كنا نشاهد رسوخ الاستبداد في بلادنا والإلحاح على إعادة إنتاج علاقاته إلى أن رمت انطلاقة الانتفاضة العربية حجرا في بركة كسلنا من تونس ثم مصر واليمن وليبيا والبحرين إلى أن وصلت سوريا لتحرك سديم الركود فيها فنالنا من الحب جانب فانتفض داخلنا وثار حماسنا واتقدت عواطفنا الوطنية وانطلقنا في تكثيف الاتصالات مع الأهل للاطمئنان والتضامن ولنؤكد صدق نوايانا فتحنا صفحات اجتماعية كالفيسبوك والتويتر في الشبكة العنكبوتية وأضفنا الكثير من الأصدقاء والصديقات في الوطن وأضافونا ومنهم بالتأكيد بعض النساء والفتيات حمل الكثيرات منهن كثيرا من التوجس الموروث . ولأن كل ذلك جرى دون الاستعداد الشخصي والذاتي للتغيير ثارت شكوك عديدة , خاصة نحونا نحن الذين تعودنا جو الحريات السياسية والاجتماعية والشخصية والدينية نتيجة جرأتنا في طرح آرائنا عبر حواراتنا المشتركة , بعضها شكل إحراجات رافقها بعض الأزمات الصغيرة مما دفعني إلى فكرة كتابة هذه المقالة في تناول علاقة الاستبداد وعدم الثقة بالنفس وبالآخر لدى مواطنينا بشكل عام الذي تتجلى بأبهى صورها لدى فتيات ونساء بلادنا .
وبناءا عليه أؤكد أن الثقة بالنفس هي شرط ضروري وأساسي بل مقدمة جوهرية للثقة بالآخرين فكيف إذا كان من بين هؤلاء الآخرين من يسكن بين جوانحنا صديق كان أو حبيب لأنه من المنطقي جدا أن من لا يثق بنفسه لا يمكن أن يثق بأي شخص آخر .
كان بإمكاني أن أتوقف في خاطرتي عند هذا التصريح الأخير ولكن حماسي المعهود دفعني للاستطراد بالبحث عن مسببات هذه الحالة التي تعتبر من المظاهر المميزة لمجتمعاتنا .
لقد أثارت هذه الظاهرة اهتمام أكثر من باحث اجتماعي عربي لبحث العلاقة بين الاستبداد المعمم في مجتمعاتنا العربية وعدم ثقة المواطن العربي بنفسه ولا بالمواطنين الآخرين , أؤكد بهذا الصدد على ما نشره الكاتب السوري مصطفى حجازي في كتابه : " التخلف الاجتماعي مدخل إلى سيكولوجيا الإنسان المقهور " .
إن شعور عدم الثقة بالنفس يستولد أوتوماتيكيا شعور الخوف من الآخر , فهناك علاقة طردية بين الخوف وعدم الثقة كحال جميع مجتمعات ما أطلق عليها تاريخيا " نمط الإنتاج الآسيوي " وأرجو أن يسمح لي سعة صدر الباحثين الاقتصاديين والاجتماعيين العرب أن استبدله بتسمية " نمط الإنتاج الاستبدادي " لأنني لا أقصر في استعمالي لهذه التسمية على الاستبداد السياسي بل تشمل الاستبداد الاجتماعي والديني والجنسي الذي تتجلى أقسى أشكاله على المرأة العربية أو الفتاة دون استثناء الأطفال , وذلك في سبيل تسويد سلطة الذكر في ظل ما يعرف بالعائلة البطريركية .
لا يعتمد نمط الإنتاج الاستبدادي لتعميمه وإعادة إنتاجه اجتماعيا على نشر الرعب بين الناس على أيدي أجهزة الشرطة والأمن والبصاصين وحسب على الرغم من أهميته كخطوة أساسية لما يليها , بل على إسكان الشرطي والبصاص في داخل المواطن : في عقله وقلبه وطريقة تفكيره ليرسخ في ساحة الشعور وساحة اللاشعور لديه لضمان إعادة إنتاج علاقته الاستبدادية لدى أطفالنا عبر التربية في المنزل والمدرسة والشارع مما أدى إلى رسوخه فينا أجيالا وراء أجيال عبر مراحلنا المتعاقبة في دائرة شيطانية لا فكاك لنا منها , فعلى الرغم من عصف الأحداث الكبيرة بمنطقتنا من ثورات وحركات تمرد عنيفة واقتراف المجازر والمذابح , إلا أن الاستبداد نجح دوما في النجاح في إنتاج نفسه في داخلنا عبر منظومة أخلاق الفكر الهجري , ولا غرابة أن يتكرر ذلك في مآل الانتفاضات العربية الحالية , ولكي لا يتكرر لا مناص لنا , لإعادة الثقة بأنفسنا وانتشارها بين المواطنين والثقة بالآخر , من تحطيم الشرطي والمطوع داخلنا كخطوة أولى على طريق القضاء على الاستبداد وآلياته .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة جدا .... غرام في الهواء الطلق
- قصة قصيرة جدا.........مظاهرة طيارة
- مفترقات الانتفاضة السورية عن أخواتها
- كسر الأديب الألماني Günter Grass صمته فانسعرت - إسرائيل-
- عام على انطلاقة الانتفاضة السورية
- عودة أخرى إلى المشهد السوري
- مقابلة صحفية مع أحد الشهود لمجزرة بورسعيد
- مجزرة تثير ذكرى مجزرة
- إلاما يومي بعض المعارضين السوريين من ترديد أغنية-ياوحدنا- , ...
- ما هي دلالات ومقاصد العمليات الانتحارية وتفجير السيارات المف ...
- مرة أخرى حول قوى اليسار في منطقتنا العربية
- بعد قرار الجامعة العربية سوريا إلى أين؟
- نداء إلى أحب بلاد العرب إلى قلبي
- تساؤلات حول مشهد الانتفاضة السورية
- مرة أخرى في ذكرى النكبة والنكسة
- إزالة آثار النكبة وحق العودة
- ليكف عجول السلفية عن توفير الغطاء للنظام لاستباحة الدم .
- ماذا بعد؟.......لكي لا يُهدر الدم السوري مرتين
- إطلالة على سورية ...ماض وحاضر
- هي شآم أحب بلاد العرب إلى قلبي


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمود جلبوط - حول عدم الثقة بالنفس وعلاقته بالاستبداد