أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمود جلبوط - إلاما يومي بعض المعارضين السوريين من ترديد أغنية-ياوحدنا- , الاستسلام؟ معاذ الله















المزيد.....


إلاما يومي بعض المعارضين السوريين من ترديد أغنية-ياوحدنا- , الاستسلام؟ معاذ الله


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 3612 - 2012 / 1 / 19 - 03:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ما كاد يمضي بضعة أشهر على اندلاع الحراك الانتفاضي السوري في سياق ما بات يعرف بالربيع العربي حتى راح رهط من معارضي النظام يغني الأغنية الممجوجة إياها التي اعتاد على غنائها طويلا بمناسبة وبغير مناسبة بعض "أبوات" منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي والوحيد" للشعب الفلسطيني وخاصة من صفوف فتح قبل أن تتحول تلك "المندوحة" بعد أن رددها شاعرنا المرحوم سامحه الله , محمود درويش في بعض من شعره مما ساهم في تحولها عند قطاع لا بأس به من الفلسطينيين إلى "نشيد وطني" وهي لم تتعدى والله وسيلة توظيف من قبل الكولونيال الفلسطيني إلى جانب مقولة "القرار الفلسطيني المستقل" لكل ما آلت إليه أمور "ممثلة الشعب الوحيد" في مناطق الاحتلال الثاني من فلسطين لتصبح غنية "ياوحدنا" فيما بعد أغنية شعبية فلسطينية , وما دمنا قد جبنا سيرة فلسطين فلا بد من التأكيد أن ليس صحيحا أن الشعب العربي قد ترك الفلسطينيين لوحدهم فقد شاركهم قتالهم حتى أحيانا أكثر من بعض الفلسطينيين أنفسهم ضد الامبريال الغربي-الصهيوني , ولا تخلى الكولونيال العربي أيضا عن الكولونيال الفلسطيني بل احتضنه دائما وشجه لما هو فيه بل رعاه في بؤبؤ عينه ومازال .
ثم ترددت أصداء هذه الأغنية لاحقا على لسان "المعارضة العراقية" لصدام حسين تقصد به اتهاما لكل العرب لصالح الارتماء في حضن الأجنبي تارة إيران وتارة الامبريال الغربي , وبعد ذلك وفي سياق انطلاق مسيرة الربيع العربي رددها الليبيون واليوم بدأنا نسمع صداها في سوريا ومن الطرفين : النظام السوري وبعض من معارضيه في آن معا.
وإذا كان لا مناص من مراجعة كشف حساب حول هذا الموضوع ينبغي الاعتراف إن الوحيد من العرب الذي ترك لوحده في مواجهة الاستبداد وكل قوى الثورة المضادة من كولونيال عربي وامبريال عالمي ويحق له أن يغني هذه الأغنية هو المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي , الثوار الأكراد في إيران وتركيا , ثم المنتفضون التونسيون والمصريون واليمنيون ولكنهم لم يفعلوها . أما لماذا فلأنهم أدركوا , ولا نظن أن الأمر يحتاج لطويل تفكير , أن تلك الأنظمة المنعقدة تحت لواء ما يسمى " جامعة عربية" هي على شاكلة أنظمتهم , إنهم بكل بساطة "أعدقاء" كلّ في "عرينه" الجغرافي أخصّهم زعيمهم مبارك. لم يحتج فعل الانتفاض منهم إلى جانب العزيمة والإرادة والوحدة سوى الإجابة الصحيحة على مجموعة الأسئلة المصيرية كما يفعل عادة كل الثوار في أي مكان وأي زمن , عرفوا ماذا يريدون ولماذا , قبل أن يخوضوا غمار ثوراتهم , وهاهم مازالوا يتقدمون ويجهدون دون كلل على ما نراهم ناصعا , رغم كل محاولات المراوغة لقوى الثورة المضادة , من أجل إنجاز ثورة كاملة بكد جبينهم وعزيمة لا تنضب واستعداد دائم للتضحية في سبيل ذلك , لم يساورهم شك ولو قليل من نوال النصر والفوز به . يتضح من سعيهم الحثيث لإكمال الثورة أنهم على دراية كاملة بأن هذه "الجامعة " هي تجمع أنظمة استبداد فاسدة دون استثناء سعت حثيثا دون جدوى لحماية أشقائها المسقطة ولما فشلت أنزلت أحدهم في حمايتها ضيفا : زين العابدين وأمنت للثاني : علي صالح وعائلته وزباينته مخرجا لإفلاته من العقاب تحت قبة الحصانة القضائية واطمأنت على ثالثهما , مبارك , عبر نقل السلطة للمجلس العسكري بعد عتاب أمريكا في حينه لتقاعسها عن دعمه لبقائه في حكم مصر , وسحقت البحرانية بسنابك خيلها لصالح "مليكها المفدى أطال الله عمره" ولما فرحت لمقتل رابعهم , القذافي , لم يكن حبا بالشعب الليبي قدر ما كان شماتة به كثرة ما فضحهم وحولهم إلى مهزلة أمام العالم تحت قبة "قممهم العربية" وما بيت لهم من كيد لهم وجنون .
لم أسمع قط وعبر متابعتي الحثيثة لفعاليات الحراك الانتفاضي العربي أن الثوار قد طالبوا بتدخل ومساعدة "الجامعة العربية" أو تدخل قوات دولية لإنقاذهم أو لمساعدتهم في تحقيق هدفهم هذا اللهم عدا "الثوار الليبيون" الذين وبسبب هذا تندرت عليهم زوجتي بأنهم "ثوار خمس نجوم" ففي أول مظاهرة لهم تابعناها أنشدوا : وين العالم ..وين حقوق الإنسان .. وين العرب .. وين الإسلام ..وين مجلس الأمن والأنكى أنهم كانوا يصرون على سلمية انتفاضتهم ولا يقبلون تدخلا خارجيا ولا تدخلا عسكريا ثم ولمرة واحدة تسلحوا وقعدوا بانتظار انتهاء حلف الناتو من تشكيل قواته ...كان كلما استعصى عليهم حاجزا لكتائب القذافي أو موقعا أو مدينة ظهر قوادهم على شاشة الجزيرة أو العربية قائلين" والله إحنا نستطيع أن نهزمهم بسهولة بس لو قوات التحالف تقصف لنا الموقع كذا وتدمر لنا الكتيبة كذا وتقتل لنا المرتزق كذا وهكذا إلى أن تكفلت طائرات الناتو أخيرا بإسدال الستار على المشهد الأخير من حكم القذافي عبر قصف موكبه الهارب من نيرانهم فجرحوه ثم أجهز عليه آسروه الليبيون بالطريقة التي بتنا نعرفها جميعا . وأنا بدوري أسأل هل يريد السوريين أن يحذو هؤلاء ؟ من يدري ربما يتم تجاوز استعصاء العقدة السورية العربية والدولية وينجحون ليس من أجل ما تملك كليبيا من حقول نفط خفيف وإنما لموقعها الجيوسياسي الهام الذي تتمتع به مابين الكيان الصهيوني وكونها بيضة قبان ترجيح كفة النفوذ الإيراني أوالتركي في التنافس على السيطرة والهيمنة على منطقة المشرق العربي على حساب سكانه العرب .
إن ما سبق يدفعنا لسؤال إخواننا في المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية مع علمنا من توفرهما على العديد من جهابذة الفكر والسياسة في صفوفهما نحترمهم ونجلهم فضلا عن العديد من المخضرمين في العمل المعارض السوري عديد منهم رفاق وأصدقاء لنا : هل حقا هم جازمون أن جامعة الأنظمة العربية تلك بتركيبتها الحالية مؤهلة لأن تساعد أو لها مصلحة أصلا بأن تساعد الشعب السوري بالوصول إلى هدفه المنشود ؟ كيف ؟ وهل يستوي ذلك ؟ وإن استوى فلماذا ومن أجل ماذا؟ أغلب الظن أنهم لن يمانعوا إن تمكنوا من أجل التخلص من رأس النظام دون تبديل جوهري في نظامه لنفس الدوافع التي دفعتهم ليشاركوا في إعدام صدام حسين وقتل معمر القذافي , ولن يكون ذلك خدمة للشعب السوري بالتأكيد بل نكاية بإيران وحزب الله لا غير , وإذا كان ولا بد لنا من الإقرار بحق الشعب السوري بمساعدة إخوانهم العرب فهي بالتأكيد من الشعوب العربية وتضامن منتفضيها لا من جامعة أنظمة عربية استبدادية كولونيالية عميلة لا تقل قذارة ولا سوءا عن النظام السوري الذي يريدون إسقاطه .
ثم لنسأل إخواننا في المجلس الوطني : هل "القوات الدولية" جاهزة وتنتظر وراء الباب بانتظار إشارة من إصبعهم أو من إصبع "الجامعة العربية" لتشن على شبيحة النظام وكتائبه الأسدية حربها الصاعقة المدمرة فتسقطه ثم تسلمهم السلطة كما فعلت في العراق وليبيا؟ حتى وإن فعلت فهل تفعل ذلك لسواد عيون السوريين أم ماذا؟ وما هي شروطهم لتنفيذ ذلك وما هي دوافعهم الحقيقية وأهدافهم؟ أم أنهم يصدقون , ولا أتصور ذلك لكنه على سبيل الافتراض , أن الناتو جمعية خيرية لحماية المدنيين وتخليص البشرية من مظالمها؟ إلاّ إذا كانوا يعلمون ما لا نعلم ويقصر فهمنا عن إدراكه فاليعذروا قصر نظرنا , وإن لم يكن كذلك , فلماذا زراعة الوهم في رؤوس المنتفضين ليتعلقوا بأهدابه فإن لم يتحقق يصيبهم القنوت ووهن الإرادة وأنتم أدرى ما يجر ذلك من أثر مدمر على عزيمة المنتفضين ونفسية المواطنين .
ثم أخيرا وليس آخرا نسأل جنود وضباط الجيش السوري الحر الأشاوس بالإضافة إلى من ينادي بعسكرة الانتفاضة كوسيلة لإسقاط النظام السوري إن كانوا يملكون العتاد والجهوزية لتحقيق ذلك في مواجهة آلة النظام العسكرية حتى ولو بعد حين ؟ ينبغي ألا يساور أحد أدنى شك بأننا نتمنى ذلك , ولكن إن لم يكن , وهو لن يكن كما نجتهد , نحيلهم في هذا الصدد إلى حكمة الانتفاضات العربية ومنها اليمنية بشكل خاص التي اختارت سلميتها على الرغم من فائض للسلاح بين أيديها , وأدعوهم إلى مراجعة الانتفاضة الفلسطينية الأولى في أواسط ثمانيات القرن الماضي وما آلت إليه جهودها عندما تعسكرت بضغط بعض أطراف المقاومة الفلسطينية .
إنني أدرك بأن العديد ممن سيتجشم عناء قراءة مقالتي لمتابعة ما نقصد بها سيتربصنا بالسؤال الشهير: وبعدين ؟ إذا ما العمل ؟ وما هو البديل ؟ وهل قدر السوريين الاختيار بين الاحتمالات الكارثية : -العودة لعبودية النظام واستبداده ودمويته ليستبيح أمننا من جديد وينهب جهدنا وثرواتنا ويمسح بكراماتنا الأرض .
-أو حرب طائفية ومذهبية (وهي تختلف جوهريا عن حرب أهلية مدنية طبقية أحيانا أو وطنية تخوضها الشعوب اضطرارا رغم أنفها) والله أعلم متى ستنتهي وما ستكون نتائجها الكارثية على سوريا وعلى المنطقة بأسرها .
-أو تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية مذهبية إلى جانبها كانتون كردي ولا نتصور أن تكون دون ضريبة حرب طائفية .
-أو استدعاء الاستعمار من جديد ونكون قد هربنا من تحت الدلف إلى تحت المزراب .
ولكن الأمر يستوجب لزاما من الشعب السوري بكل فئاته وأطيافه وبشكل ملح البحث عن مخرج من هذا الاستعصاء الذي يكلفهم يوميا حمام دم ولحم بشري متناثر في الشوارع وقافلة طويلة من المعتقلين والفارين , ومع ذلك لا أجدني أملك تصورا ولا جوابا بالرغم من أن الأمر لا يخلو من بعض الأفكار هنا والمقترحات هناك , بل لا أتصور أن هناك أحد ما يملك إجابة شافية لغليل المتسائلين السوريين , ولكني على يقين بأنه ينبغي على جميع أولي الأمر في سوريا أصحاب المصلحة الحقيقية في إسقاط النظام لإنجاز التغيير الثوري طرح الأسئلة الصحيحة مهما كانت صعوبتها أو بديهيتها , لاستدلال الجواب الشافي , فالجواب يكمن في أحايين كثيرة خلف أكمة أسئلة متواضعة دافعها سعي محموم للخروج من حالة الاستعصاء والانسداد هذه : على منوال : لماذا يريد الشعب السوري إسقاط نظامه؟ ما هي طبيعة النظام أصلا : طبقيا وسياسيا , وعلى أي من الشرائح الاجتماعية يعتمد بقائه في السلطة وأي منها يهيمن على دفة قيادتها ؟ وهكذا دواليك ...على ضوء ذلك تترتب مساعي المعارضة لاسترشاد وسائلها وصياغة خطابها السياسي والإيديولوجي والثقافي وشكل النظام الذي تتطلع إلى بنائه . كيف يمكن إسقاط النظام بالقوى الذاتية وبأية وسائل ؟
المهم طرح الأسئلة الصحيحة والإجابة الصحيحة عليها , وهي من أولى مسؤوليات جلاوزة الفكر وجهابذة السياسة وقادة الحراك الانتفاضي في صفوف كل الأطر التنظيمية والسياسية المعارضة في سوريا من مجلس وطني وهيئة تنسيق وتنسيقيات محلية وجيش حر خارجا وداخلا وحسب كل التصنيفات الإعلامية المتداولة , فبناءا عليه سيتم تحديد المهام والأهداف ليصار إلى حشد كل الطاقات الذاتية السورية للوصول إلى الهدف أو مجموعة الأهداف سهلت أم صعبت , هذا إذا أردنا السلامة من الاحتمالات الكارثية السالفة الذكر .
وقد ادخرت لنفسي بعضا من أسئلة أستأذن أصحاب الشأن بطرحها :
لماذا لم تنضم الكتلتين الرئيسيتين في دمشق وحلب إلى الحراك الانتفاضي إلى إخوانهم وأخواتهم في المدن السورية الأخرى رغم مرور عشرة أشهر من عمر الانتفاضة السورية؟ هل الخوف والجبن لوحدهما بكافيين تبريرا لإحجامهما عن الانخراط ؟ إن هو ذاك , ولا نظنه , كيف استطاع إذا سكان المدن الأخرى القفز على حاجز الخوف لديهم والنزول إلى الشارع وهاهم يا عين الله وما شاء الله عليهم هلق باتوا حتى لا يخشون موتا ولا اعتقال , فهل عرفت الشجاعة طريقها إلى قلوبهم ولكن ما أن وصلت عند الحلبية والشوام تاهت عنهم؟ "خسى وباطل" كما يقول القبضايات في لهجتنا الشامية , أنستسهل الجواب إلى هذا الحد ونستنتج أن أكثرهم جبناء ؟ أم هل يكفينا جهدا باتهامهم هكذا اعتباطا وتعسفا بأنهم منحازون إلى النظام بسبب ما ندعي بأن مصالحهم التجارية ترتبط بأزلام النظام كما هو دارج على لسان بعض زوار المواقع الاجتماعية الالكترونية ؟

سؤال آخر : لماذا أحجمت الأقليات الدينية والمذهبية في سورية ويعذرني من يعنيهم الأمر على اضطراري لاستخدام وصف "أقلية" تجاوزا فقط لخدمة الموضوع : نعني هنا مسيحيين ودروز واسماعيليين وحتى أكراد , إلى الآن عن الانخراط في الحراك الفعال والجماعي واقتصرت على أفراد منهم , وهل من المعقول الاكتفاء بقناعة أن النظام قد نجح عبر ممارساته الدموية وخطابه الإعلامي والسياسي التضليلي بإقناعهم بروايته أن الثائرين عبارة عن ثلة من المندسين وعصابات مسلحة وتنظيمات إسلامية إرهابية , أليس هؤلاء "الأقليات" من سكان سوريا ليلمسوا حقيقة النظام عبر ممارساته لعشرات السنين من حكم سوريا وهم بعض ضحاياه , أم أنهم من سكان المريخ؟ أم نكتفي بالادعاء أنهم مستفيدون من استبداد النظام وقمعه؟
طيب ماذا عن ممارسات فعاليات الحراك الانتفاضي وخطابهم الأيديولوجي والسياسي وشعاراتهم التحريضية من ضمنها تسميات جمع الحراك ؟

ما هي أسباب إحجام أكثرية "العلويين" و"الشيعة" و"المرشدية" عن الانضمام إلى الانتفاضة حتى الآن ولا أتصور أنه ليس من حقي طرح هذا التساؤل دون تعرضي لأي استهجان , وما سر نجاح النظام بإقناعهم أنه حاميهم وأنهم سيتعرضون للذبح على يد "الخنازير السنة" إن هم استلموا السلطة بعد سقوطه وذهابه إلى حفض . وهنا بالمناسبة ينبغي علينا أن نعلم أن الأكثرية الساحقة من العلويين هم فقراء ومسحوقين بعكس ما هو ثابت في الذاكرة الجمعية للمواطنين السوريين من الطوائف الأخرى كما يرددون ليل نهار على صفحات الفيسبوك أو الصفحات الاجتماعية الأخرى وقد اتهمني العديد منهم بأنني علوي بسبب كتاباتي السياسية والعلمانية . لم يستفد العلويون من النظام سوى فئة قليلة اقتصرت على ثلة من ضباط وعناصر الجيش والأمن الذين أول ما فكروا أن يسطوا على شيء في سوريا سطوا على أراضي وبيوت ونساء وأبناء جلدتهم فأفسدوا في المنطقة كل ما لمست أيديهم .
بل ينبغي الإقرار بحقيقة أن نسبة المعارضين للنظام الأسدي من أبناء الطائفة العلوية في صفوف المعارضة والذين قضوا فترات طويلة في سجونه , تفوق بنسبتها إلى تعداد السكان أي نسبة أخرى من المجموعات السكانية السورية الأخرى فضلا عن أن ما يعرف اليوم بظاهرة "الشبيحة" بشكل شائع لدى المواطنين السوريين كانوا قد تدربوا على التشبيح في أبناء جلدتهم , قتل ونهب واغتصاب وخاصة سكان القرى الساحلية قبل أن يتحولوا إلى ظاهرة عامة على ساحة الوطن السوري , بل أن من أطلق عليهم هذه التسمية هم العلويون أنفسهم نتيجة أفعالهم المشينة تلك والتسمية تعني في المناطق السورية الأخرى : زعران , سرسرية , بلطجية .
هل تكفي ذريعة : أن كل أبناء "الأقليات" موالون للنظام وكفا المؤمنون شر القتال فنحجم عن بذل الجهود الحثيثة لإزالة تخوفاتهم وطمأنتهم عبر تبني خطاب سياسي وطني جامع هادئ بعيد عن إثارة أي نعرات طافية أو مذهبية كما يفعل النظام وكتائبه ؟ ألم تكن تسميات بعض الجمع في سياق الانتفاضة السورية غير موفقة وحملت في طياتها بعضا لا بأس به من هذه المحاذير المشار إليها؟ ألم يكن من الأجدى للمصلحة الوطنية أن يختار أصحاب الشأن في الحراك شعارات وأسماء جمع وطنية جامعة؟ فهل إحجام هؤلاء أو موالاتهم للنظام إن صدق ذلك بالسليقة وعن تعاليم دينية وأنهم جبناء بالوراثة كما يخرّف بعض الطائفيين والمذهبيين السوريين ممن يقطنون بين ظهرانينا في المنفى؟
ألا يستحق نزع فتيل اقتتال طائفي قادم قد طلت ملامحه على خطوط التماس بين الأحياء في المناطق المختلطة سكانيا ولو على نطاق محدود منا جهدا وانكبابا حذرا على برامجنا وخطابنا السياسي والإعلامي إن في أحاديثنا الداخلية والعلنية أو الصحفية الإعلامية؟


نتناول أخيرا موقف أهم كتلة اجتماعية على الإطلاق في سوريا ألا وهي الطبقة العاملة عصب أي تغيير ودفة حسمه وهي تعد بالملايين وتشغل التجمعات الصناعية لدى مؤسسات الدولة ودوائرها ولدى القطاع الخاص , ونسأل لماذا لم تعر قوى الحراك الانتفاضي بالا لها ولأهمية دورها في التغيير القادم بما ظهر من تقصير عبر مراجعة برامجها المرحلية المتفق عليها بين أجنحتها أو بمتابعة خطابها السياسي والتحريضي ؟ هل تخاف قوى الانتفاض السوري من توجهاتها الثورية التي لا تتناسب مع وتيرة "ثوريتهم " فخلا خطابهم السياسي "الثوري" والإعلامي والتحريضي من كل ما يشير إلى مصالحها المسلوبة على يد نظام يثورون عليه لإسقاطه , أم أنهم لم يرغبوا أن يعكروا صفو سلام الخطاب الديني الطافح؟ ألا تستحق الطبقة العاملة السورية من قوى الحراك الاهتمام المطلوب لضمها إلى فعاليات الحراك فتغاضت هكذا ببساطة عن إدراج ما يشير إلى الاهتمام بمصالحها عبر بنود اتفاقاتها المتبادلة؟ ألا تدرك الأطراف التي تسعى إلى بناء ثورة في سوريا أهمية انضمام العمال إلى ساحة الاشتباك مع النظام خاصة أن كلنا يعلم أنه من المستحيل على أي حراك شعبي أن ينجح في تطوير أي حراك انتفاضي إلى ثورة حقيقية دون انضمام الطبقة العاملة إليه من خلال سيمفونية إضراباتها العامة , ذلك ما فعله المصريون والتوانسة أم نسينا دور اتحاد الشغل التونسي ودور عمال مصر في حلوان وأسوان . هل قطع المنتفضون السوريون الأمل من إمكانية انضمام الطبقة العاملة إليهم فاعتبروها منظمة من منظمات النظام أو منحازة إليه , أم أن عمال سورية جبناء أيضا؟ أليست الطبقة العاملة السورية هي أكبر المتضررين من فساد ونهب النظام وأزلامه ؟ أليست هي من أهم بنود القوة الذاتية؟ إن أعلنت إضرابها وعصيانها وشق عصا طاعة النظام لوحدها فإن موقفها هذا سيكون حاسما لإفلاسه ووقف عجلة إعادة إنتاجه مما سيسرع في سقوطه في فترة قياسية.
إن اعتماد ذريعة قمع النظام وإرهابه وبطشه على أهميته تفسيرا وحيدا لإحجام كل هؤلاء اللذين ذكرنا فيما سبق عن الانخراط في الحراك لا يكفي وغير مقنع مع الأسف , وبالتالي الميل تحميل النظام لوحده مسؤولية الاستعصاء الذي تعاني منه الحالة السورية يجافي الحقيقة الكاملة.
فبقدر ما يعبر إحجام كل هؤلاء عن المشاركة خوفا من بطش النظام فهو بنفس القدر يعني بوجه آخر عدم اكتراث لما تتبناه المعارضة بكل أطيافها من برامج وخطابات سياسية في شكلها الحاضر كوسيلة للتغيير فضلا عما يرددوه من شعارات وخطب وتصريحات ومقابلات لم يحفزها إلى الآن للانضمام إليه بما يعني من استدلال عن عجزالحراك حتى هذه اللحظة عن حشد الأكثرية الصامتة إلى فيئه مما يتوجب عليه المراجعة الجدية لحصاده خلال شهوره العشر وليس الإصرار على التدخل الغربي لأن الأغلبية الصامتة والمترددة , وكما هو واضح من ردود أفعالها , لا تستحسن تعجل بعض أطراف المعارضة الاستقواء به بعد أن كرهت وعانت من استقواء النظام بإيران وحزب الله والنظام العراقي وروسيا فضلا عن المقاربات السيئة والمثبتة في ذهنها مما جرى في المثال الليبي الغير متوفر أصلا لسوريا , وما سبقه من العراقي واللبناني والسوداني .
ينبغي السعي لاستنفار كل الطاقات الشعبية الذاتية المتوفرة لو عزمنا الاعتماد عليها , فهي لا تنضب ولا تقل عماّ لدى الأشقاء التوانسة والمصريين واليمنيين .
مع احترامنا وتفهمنا لكل جهود المجلس الوطني السوري ومحاولات هيئة التنسيق السورية لاستثمار عامل الضغط الخارجي , عربيا كان أم غربيا , للضغط على النظام علّه يساهم في الخروج من انسداد آفاق التغيير في سوريا وتجاوز حالة الاستعصاء السائدة , إلاّ أننا مازلنا نصر أن الجهد الأساسي والجوهري الذي ينبغي أن تركز عليه المعارضة السورية بكل أطيافها وفعالياتها , من تنظيمات وجبهات وتحالفات وحراك انتفاضي وجيش حر هو التوجه والتركيز على الداخل وتفعيل القوى الذاتية , أما كيف وبأي طريقة وما هي الوسائل فهذا يتوقف على اجتهاداتهم في تحليل طبيعة الهدف والمستقبل المنشود لسوريا .
فلنقلع إذا عن ترديد غنية " ياوحدنا" ولنتسلح بالعزم والأمل والعمل لبلوغ الهدف.

الموت الموت للطغاة والنصر النصر للثوار والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين والعودة للمنفيين في أمد قريب .



#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي دلالات ومقاصد العمليات الانتحارية وتفجير السيارات المف ...
- مرة أخرى حول قوى اليسار في منطقتنا العربية
- بعد قرار الجامعة العربية سوريا إلى أين؟
- نداء إلى أحب بلاد العرب إلى قلبي
- تساؤلات حول مشهد الانتفاضة السورية
- مرة أخرى في ذكرى النكبة والنكسة
- إزالة آثار النكبة وحق العودة
- ليكف عجول السلفية عن توفير الغطاء للنظام لاستباحة الدم .
- ماذا بعد؟.......لكي لا يُهدر الدم السوري مرتين
- إطلالة على سورية ...ماض وحاضر
- هي شآم أحب بلاد العرب إلى قلبي
- تمرد الدم على السيف في درعا وانتزع الرّهاب من سوريا
- في بوادر الانتفاضة السورية
- الغرب الرأسمالي والنفط والانتفاضات العربية
- في تحرر المرأة
- في الانتفاضات العربية وأمريكا
- هل القذافي هو الشخص الأخرق الوحيد في ليبيا؟
- حول المجلس العسكري للجيش المصري
- نيرون مات ولم تمت روما
- ليس آل سعود بمنأى عما يجري في المنطقة العربية


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمود جلبوط - إلاما يومي بعض المعارضين السوريين من ترديد أغنية-ياوحدنا- , الاستسلام؟ معاذ الله