أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد عبعوب - هل يشعل الحمقى الجبل الغربي؟















المزيد.....

هل يشعل الحمقى الجبل الغربي؟


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 18:55
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


ما إن شعر سكان الجبل الغربي كغيرهم من سكان ليبيا بزوال بعبع القذافي وتفكك منظومته الأمنية، وبالتالي انتهاء القوة التي كانت تشكل الرادع للتطلعات الضيقة وغير الوطنية لبعض الفئات من أعضاء الكتل القبلية والجهوية والعرقية الذين انتزعوا قيادة قبائلهم وكتلهم من القيادات العاقلة والواعية المنسحبة من ساحة الفعل السياسي، حتى بدأ كل يبحث عن بديل لهذه القوة ليحمي كيانه، وبدل التوجه لبناء مؤسسات وطنية تحمي وجودهم كمواطنين ليبيين، انكفأ هؤلاء نحو انتماءاتهم القبلية الضيقة، فطفت للوجود انتماءات كانت حتى وقت قريب إما محظورة كالأمازيغية ، أو عربية مشوهة ومؤدلجة لخدمة النظام كالقبلية والجهوية.
وليس غريبا أن تطفوا على السطح هذه الظواهر كنتيجة طبيعية لتفكك المنظومة الأمنية التي كانت تكبحها، ولكن ما يعيب ظهورها كبديل للإنتماء الوطني هو تجييرها وتجندها بشكل يضعف الاحساس بهذا الانتماء لدى المواطن بل شكلت حتى الآن في بعض تمظهراتها لدى فئات معينة استئصالا وإلغاء للانتماء الوطني لدى مواطنيهم .
وما زاد من خطورة هذه الظاهرة النكوصية والمتقوقعة على نفسها لدى معظم أطياف المجتمع الليبي، توفر ترسانات من السلاح والعتاد الحربي الذي ترك النظام السابق مخازنه مفتوحة أمام كل راغب في اقتنائه ليكون أداة لتنفيذ مخططه في تدمير ليبيا وتفكيك نسيجها الاجتماعي بعد زواله (النظام)، خاصة وأنه أي النظام كان قد عمل ولعقود على تدمير الولاء الوطني ومسحه من وعي الليبيين وزرع بديلا سيئا له وهو الانتماءات الضيقة المفخخة بقنابل الصراعات والاحتراب المؤجل، وهو ما نراه اليوم يتفجر في اكثر من منطقة وبكل الأشكال في البلاد..
في منطقة الجبل الغربي التي أخصها بهذا المقال، والتي يتركب نسيجها الاجتماعي من قبائل عربية وأخرى أمازيغية تعيش في انسجام منذ قرون، يوحدها كغيرها من معظم مناطق ليبيا، قسوة المناخ الجاف وندرة الامطار وصعوبة التضاريس الجبلية وندرة الموارد ، إلى ان ظهر النفط وعرف أهل الجبل كغيرهم من سكان ليبيا تطورا في مستوى الحياة وارتفاعا في الدخول واتساعا افقيا في التواصل بين الأفراد والجماعات بفعل تطور وسائل المواصلات والاتصال، في هذه المنطقة يتعرض الاستقرار والسلم الاجتماعي بين سكانها هذه الايام لهجمة شرسة تستهدف تدميره وإدخال المنطقة برمتها في اقتتال عبثي الرابح فيه خاسرا. وكانت هذه المنطقة قد تعرضت إبان حكم القذافي الى عملية تفخيخ وتأجيج إثني بين مكونها العربي والأمازيغي، وذلك من خلال تلاعب النظام بهذه الانتماءات، بإلغاء الأمازيغ كعرقية ذات خصوصية ثقافية وربطهم قسرا بعروبة اسطورية مشوهة، وكذلك بشحن القبائل العربية بمفهوم منغلق وعرقي للعروبة يلغي العروبة كمفهوم حضاري وثقافة إنسانية منفتحة وحاضنة لكل الأعراق والثقافات ومتفاعلة معها لا مُصادِرة لها.
هذا الطرح المفخخ الذي ترسخ في وعي سكان الجبل والذي ظل في حالة كمون مؤقت بفعل قوة ردع المنظومة الامنية للنظام ، إلا أنه كان يغلي داخليا ويشحن النفوس بافكار متطرفة زاد من تطرفها تفاعل هذه المكونات سواء العربية أو الأمازيغية بأفكار مستوردة قائمة على الكراهية والعداء للآخر، هذا الطرح المهدد بتفجير السلم الاجتماعي والتعايش بين سكان الجبل، طفت بعض مظاهره على السطح بعد انتفاضة 17 فبراير ، وزادت حدتها بعد انتهاء النظام السابق الذي أرغمهم عنفه على التوحد ضده، وسرعان ما تفكك هذا التوحد والتلاحم وشهدت المنطقة انكفاء هذه المكونات على نفسها والبحث من منظومة بديلة تحمي كيانها، وكان الانتماء القبلي والعرقي المزروع في وعيها هو الاقرب والاسهل للاحتماء به، خاصة وأن الاندماج في إعادة بناء انتماء وطني لليبيا متجاوز لهذه الانتماءات الضيقة بدا في وعي هذه القبائل مغامرة غير مظمونة العواقب.
وبينما الانتفاضة الشعبية ضد القذافي في أوارها، كانت كتائب المقاتلين من شباب ورجال بعض قبائل الجبل تتسابق للهيمنة على أكبر قدر من السلاح والعتاد لاستعماله في القتال ضد كتائب النظام، ولكن بعض قياداتها من قصيري النظر والفاقدين لأي إحساس بالانتماء الوطني لليبيا كدولة حاضنة للجميع، كانت تحشد السلاح والمعدات لما بعد زوال النظام، أي بناء قوة قبلية رادعة للهيمنة على المنطقة ومواجهة أي قوة منافسة قد تظهر. وفور انهيار النظام السابق كنا نشاهد قوافل من الشاحنات المحملة بالذخائر والسلاح وهي تغادر مخازن السلاح النتشرة في شمال البلاد ووسطها وجنوبها نحو الجبل، وتحولت مغارات وكهوف الجبل وحتى بيوته الى مخازن لكل أنواع السلاح الثقيل والخفيف والذخائر والمتفجرات، وخلق هذا التكدس الفوضوضي للسلاح لدى القبائل حالة من الشعور بالتضخم والتغول والتحفز للعدوان السيطرة والنزوع للعنف لمجرد ظهور اي خلاف بين اسرتين او قبيلتين تحشد له القبيلة كل قوتها وسلاحها. وتحول الجبل الى كنتونات متربصة بعضها ببعض، رغم جهود تبذلها مجموعة بسيطة ممن تحركت ضمائرهم وراعهم ان يشاهدوا هذا الصرح التاريخي من التعايش والانسجام ينهد ويفكك على ايدي ثلة من الحمقى، فبادروا الى تكوين مجلس للحكماء على مستوى الجبل مهمته إطفاء الحرائق التي يعمل كثيرون على اشعالها بين الحين والآخر في اكثر من منطقة..
إلا أن الخطر الحقيقي الذي اعتقد أنه اكبر من ان يحتويه هؤلاء الحكماء، وأصبح يهدد بتفجير الجبل اليوم، هو تجيير هذا الشعور الوهمي بالقوة لتأجيج صراعات عرقية بين سكانه من العرب والأمازيغ، إذ بسيطرة الحمقى وقصيري النظر على القرار السياسي، بات الجبل كبرميل بارود جاهز للتفجير، كل طرف يسعى لإشعاله معتقدا أنه لا يمكن استمرار الحياة في المنطقة إلا بحرق الآخر واستئصاله من الوجود. وما زاد من حدة هذه المخاطر وجديتها صمت اصحاب العقول وإخلائهم الساحة لشراذم من الحمقى والمتطرفين المشحونين بمشاعر الكراهية الذين غاب عن وعيهم تاريخا من التعايش والتعاون كان دائما دافعا لتلاحم مكونات الجبل طيلة حقب التاريخ في وجه مصاعب الحياة والمخاطر الخارجية وأحدثها ما كان قبل أيام من وقوفهم في خندق واحد ضد طغيان الفرد ممثلا بالقذافي..
وأمام هذه المخاطر التي زاد من جديتها ركون بعض القبائل لاقتناء المزيد من السلاح والذخائر، وظهور نزعة عرقية انعزالية داخليا عن بقية المكون العام لليبيا لدى طيف واسع من قبائل الأمازيغ وعابرة للحدود الوطنية، واستمرار قبائل واطياف قبلية عربية في سيرها وراء مفهوم مشوه للعروبة عمل القذافي على ترسيخه في العقول؛ أمام كل هذا أصبح من الضروري أن تخرج تلك الفئة من أصحاب العقول الراجحة والمدركة للتعايش والتعاون كضرورة للبقاء، عن صمتها وفرض رأيها على الساحة واستعادة زمام المبادرة من تلك الشراذم المخربة ومحاصرتها وتجنيب الجبل حرائق لو اشتعل فتيلها لا سمح الله فإنها لن تبق على أحد. إن المخاطر المحدقة بهذه المنطقة تتطلب من سكانها إعمال عقولهم والتخلي عن عواطفهم، والعمل على تنمية وتقوية الجوانب الإجابية في حياتهم وما اكثرها ، بدل الانجرار وراء تلك الفئة من الحمقى المسكونين بالحقد والكراهية والموتورين بأوهام القوة والذين تصحرت عقولهم وعمت بصائرهم عن حقيقة لا يخطئها كل ذي بصيرة عن وطن اسمه ليبيا لا يحتمل المزيد من الصراع والانقسام ويحتاج منا الى كل دقيقة من وقتنا وكل حبة عرق من جهدنا لنعيد بناءه من جديد على اسس تضمن الحياة الكريمة لكل مكوناته.



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أعاد كامرون ليبيا تحت التاج البريطاني؟!!
- هل المرأة إنسان حقيقي؟!!
- وصمتت الدِّيَكة..
- أين صوت العقل يا أمازيغ؟
- الآخر المختلف كضرورة.
- دسترة التخلف!!
- في ذكرى انتفاضة 17 فبراير دعوة لأخذ العبر
- عيد الحب على الطريقة الليبية
- عطالة العقول تسيل الدماء في تونس
- انتكاسة لحقوق المرأة في ليبيا
- لا للعدالة.. لا للدولة!!
- استلاب لغوي يغزو دوائر الحكومة الليبية
- هل يقع شيوخ الزيت في مصيدة الجرذان؟!!
- ليبيا من طاغية إلى طغاة.
- عندما يتحول القهر إلى مأثرة!!
- الربيع العربي يلد صنما
- مسكين أيها الخروف!!!
- حان موعد الثورة الثانية.. ايها الليبيون هبوا..
- شرعنة انتقائية لتشكيلات خارج الشرعية
- نص.. قراءة في لوحة -بوهيمية- للرسام ويليام بوغيرو


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - محمد عبعوب - هل يشعل الحمقى الجبل الغربي؟