أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حكمة اقبال - بعد عشرة أعوام















المزيد.....

بعد عشرة أعوام


حكمة اقبال

الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 10:25
المحور: كتابات ساخرة
    


مثل الكثيرين كنت اتشوّق للعودة للعراق ، كنت اتذكر تفاصيل صغيرة وكبيرة في حياتي ، الكورنيش وسوق الهنود وشارع الوطني ، دور السينما ، والنوادي الاجتماعية بأيامها المتنوعة ، سفرات الأثل وابو الخصيب ، حفلات الأعراس ، زيارة حبيبتي ، وجبات الأكل المميزة ، وبالطبع وجوه ماتبقى من الأصدقاء والأهل ، وكنت اجيب زملائي واصدقائي الدنماركيين بالايجاب عندما يسألوني : هل تفكر بالعودة الى العراق اذا تغيّر النظام ؟
جاءت الفرصة المنتظرة بعد 9 نيسان 2003 لأزور العراق بشكل منتظم و وعدتُ ابنائي واصدقائي الدنماركيين اني سأنظم لهم رحلة سياحية الى العراق بعد ثلاث سنوات ستكون كافية لاعادة بنائه وتنظيفه من آثار ومخلفات حروب النظام وحرب اسقاطه ، لأني وددت لابنائي واصدقائي ان يشاهدوا العراق بلدا زاهيا ،ً بناسه وثقافته وعمرانه وتاريخه ، ولكن وللأسف الشديد لم تتحقق رغبتي تلك ، ولم يرى ابنائي ، مدينتي ووطني لحد الآن لاني اعلم انه لن يعجبهم وهو على ما هو عليه الآن ، وهذا ما لااريده ان يكون في اذهانهم ، اما اصدقائي فتأجلت رغبتهم في زيارة العراق الى أجل غير مسمى .
يبدو اني كنت متفائلا أكثر من ينبغي ، فعلى الرغم من التحسن في بعض جوانب الحياة ، ولكن العراق لازال بعيدا عن ما كنا نحلم به في كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وقد برزت مظاهر وممارسات غريبة لم تكن مألوفة سابقا ، وجرت المبالغة في تقاليد سابقة ودخلت تقاليد جديدة من خارج الحدود . هنا بعضها ، وهي من محافظات وسط وجنوب العراق .

- أختفت جُمل التحية التي اعتدنا عليها مثل ( مساء الخير أو صباح الخير ) وحل محلها جملة ( السلام عليكم ) وفي كل الاوقات ، حتى بين النساء ويلفظنها بطريقة مشوهة لاتتناسب مع نعومة الجنس اللطيف . وينسحب الأمر على تقليد جديد هو انه عندما تتصل بشخص ما تلفونيا تنتظر منه ان يقول كلمة ألو ، ولكنه يفاجئك بكلمة السلام عليكم وكأنما هو من أتصل بك ولست انت المُتصل ، حتى وان كان الاتصال عن طريق الخطأ بالرقم .
- دخلت مفردة ( انشالله ) كجواب على أي سؤال محدد وتستخدم اًياً كان مصدر ومكان السؤال ، وحدث مرة في الطريق الخارجي الوحيد المتجه ، فقط ، الى ناحية سفوان سألنا الجندي في احدى السيطرات : وين رايحين ؟ وكان سؤاله الثاني للسائق : هل السيارة باسمك ؟ تملكني الانزعاج لاني اعلم ان السيارة بإسم شقيقه ، وربما يؤخرنا هذا الموضوع عن مواصلة المسير . اجابه سائقنا الوَرِد : انشالله ، فرد علينا الجندي : تفضلوا .
- إختفت خواتم الزواج الذهبية من اصابع الرجال ، اغلبهم باعها ايام الحصار ، ولكن بعد تحسن اوضاعهم الاقتصادية لم يتجرأوا على شراء الذهب خضوعا لضغوطات من الآخرين المتأسلمين الجدد وخوفا من ردود افعالهم ، لان المتدينين لايلبسونه ولايقبلون ان يلبسه غيرهم .
- أحد الاصدقاء وهو رئيس قسم في احدى الجامعات قال لي : لقد نسي الناس جملة ( شكرا جزيلا ) واستعاضوا عنها بجملة ( رحمة الله والديك ) وفي كل المناسبات ، وكذلك جملة ( الحمد لله ) سواء تناسب السؤال ام لا . مرة سألت احد المعارف عن نتيجة ابنه في امتحانات الدراسة المتوسطة اجابني ( لقد رسب في الامتحانات والحمد لله ) . او تسأل مريض عن حالته الصحية فيجيب ( الحمد لله ) دون ان يخبرك انها تحسنت او لم تتحسن فتضطر لاعادة السؤال بطريقة اخرى .
- من التقاليد ان يمتنع الرجال عن حلاقة الذقن في حال توفّي احد ما من الاهل او الاصدقاء لمدة ثلاثة ايام هي ايام مراسيم الفاتحة ، الآن يمتنعون عن الحلاقة لمدة اربعين يوما ، ولأن الذقن يطول بسرعة فيعمدون الى تشذيبه وترتيبه بشكل جميل ويصبح جزء من الأناقة وليس تعبيرا عن الحزن .
- لاتوجد في بغداد وباقي المحافظات دار واحدة للعروض السينمائية ، وما كان موجودا قبل 2003 اغلق وهُدم ، والطريف ان وزارة الثقافة تقيم مهرجان سينمائي دولي كل عام وتجري فعاليات المهرجان في بناية المسرح الوطني لعدم وجود صالات للعرض السينمائي .
- كانت النوادي الاجتماعية منتشرة في كل المحافظات خاصة نوادي النقابات المهنية الكبيرة وحتى في الأقضية كان هناك دائما نادٍ للموظفين وآخر للمعلمين ، وكانت متاحة في بعض الأيام للأعضاء وعوائلهم ، وايام اخرى للضيوف واخرى للعامة من غير الأعضاء . اختفت هذه النوادي عدا حالات معدودة في بغداد ويتعرضون للغلق والمداهمة بعض الأحيان ، وبالطبع اختفت لعبة الدونبلة الشعبية المعروفة .
- من المعروف ان الكثير من النساء ارتدين الحجاب بسبب الحصار الاقتصادي وقلة الدخل ايام المقبور وتحت ضغط الحملة الايمانية ومع ذلك كان هناك الكثيرات من الشابات في الدراسة المتوسطة والثانوية والجامعة غير محجبات ، ولكن بعد اسقاط المقبور ودخول قوى وميليشيات مسلحة هددت النساء والطالبات ، وتم فرض الحجاب عليهن وحتى نساء الأديان الاخرى اضطررن لوضع شال على رؤسهن وعدا حالات فردية في البصرة لاتجد امرأة غير محجبة في محافظات الوسط والجنوب الاخرى واحياء واسعة من بغداد . الاسوأ في الموضوع انه ومن خلال التثقيف من تلك المليشيا والاحزاب ظهرت حالة لبس الحجاب داخل البيت الواحد ، فالبنت تتحجب امام ابن خالتها او ابن عمها او حتى والد زوجها ، وكل ذلك ليس من باب التديّن بل ربما محاولة لاخفاء الموبقات .
- في تقليد كتابة يافطات للاعلان عن وفاة شخص ما ، كان يذكر اسم المتوفاة اضافة الى ارتباطها ببعض اسماء عائلتها ، الآن يَرفُض غالبية الخطاطين كتابة اسم المرأة المتوفاة ويريدون الاكتفاء بكنيتها او اسم زوجها وابنائها ، ماهي المشكلة اذا علِمنا ان اسم المتوفية بدرية أو حضية ؟
- قانون العشائر أصبح اقوى واكثر فاعلية من قانون الدولة وبالأخص في الباطل وليس في الحق ، والا مامعنى ان الطبيب يخضع لقانون العشائر ويدفع جزية عندما يتوفى مريض كان يعالجه ؟ وهم يقولون ان الاعمار بيد خالقها .
- في مطار البصرة انهيت شحن حقيبتي وابلغني الموظف ان اشتري طابع من موظف آخر ليس بعيدا عنه ، طلبت الطابع وسألت عن سعره حتى ادفع المبلغ المطلوب ، اجابني الموظف : " بكيفك استاذ " ، الفساد في كل زاوية من زوايا دوائر الدولة .
- في القانون يتطلب في حالة دراسة مشكلة ما توفر شهود بالغين عدد 2 لاثبات واقعة ما ، أما في مديرية الهجرة والمهجرين يُطلب احضار 3 شهود بالغين ، وعندما يحضر الشهود البالغين في اليوم التالي يُبلغك نفس الموظف انهم يجب ان يكونوا اكثر من 18 سنة في سنة مغادرتك العراق ، وعندما تسأله لماذا لم تخبرني يوم امس ؟ يبتسم ببلاهة ويقول هذه هي التعليمات .
- ارتفع دخل شريحة الموظفين بشكل واضح واصبحت هناك وفرة مالية للعوائل التي فيها أكثر من موظف ، ولأن ثقافة السياحة ضعيفة وقلة الدول التي تمنح تأشيرات دخول للعراقيين ، فقد انتعشت حركة اداء فريضة العمرة وشملت اناس لاعلاقة لهم بالدين اطلاقا قبل وبعد اداء العمرة ومنهم من يسافر بمبالغ الرشوة التي يحصل عليها في عمله ، احدهم قال لي انه سبب سفره هو الرغبة في ركوب الطائرة فقط ، واخرى قالت للتخلص من حرارة الصيف فهناك التكييف متوفر في كل الأماكن ، وينطبق هنا القول الشعبي ( صارت خان جغان ) .
- بدون اي توجيه من احد ما ، تلاحظ انه عند ظهور لقطة قبلة بين بطلي مسلسل تركي او مكسيكي مدبلج على شاشة التلفزيون تبادر احدى البنات ، وبسرعة ، الى تغيير القناة ، طبعا دون سؤال أو استئذان ، من عَلَمَ هذه الصبية هذا الأمر ، وهي من عائلة غير متدينة ولاتكترث كثيرا بمبالغات التديّن الجديدة .
- اثر حملة المقبور الايمانية وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ انخفض عدد محلات بيع المشروبات الروحية ، ولكن بعد 2003 اختفت هذه المحلات في عموم محافظات الوسط والجنوب بعد ان تعرضت للحرق والتفجير وتعرض مالكوها للتهديد بالقتل من قبل ميليشيات بعض الاحزاب الاسلامية ، ولكن لم ينقطع توفير هذه المشروبات واستمر كما السابق وأكثر ولكن بشكل سري وباسعار اغلى بالطبع ، الطريف في الامر ان القانون يسمح لابناء الديانات الاخرى غير الاسلام بممارسة هذه المهنة ويمنعها على المسلمين ، وواقع الحال يقول ان من يقوم الآن بتهريب هذه المشروبات وبيعها هم من ابناء الديانة الاسلامية ومنهم من منتسبي تلك الميليشيات او يحظون بحماية تلك الميليشيات مقابل ثمن ما .
- عندما لايكون هناك لقب في الوثائق الرسمية فتواجه مشكلة كبيرة ، وعندما تقول ان وثائقي لاتحمل لقب للعائلة يواجهك سؤال شديد : ( انت من ياعرب ؟ ماعندك عشيرة ؟ ) ، وبطريقة فجة تضعك في شك بانك ربما لقيط وان معاملتك لن تُنجز ، فتجد لنفسك لقبا تختاره تلك اللحظة مضطرا .
- تمتنع بعض الفتيات من الحديث عند ركوب التكسي حتى لو كانت مع عائلتها ، واخريات يمتنعن عن توجيه سؤال مباشر الى صاحب محل الاحذية عن رقم الحذاء الذي تريد وتسأل والدتها أو من معها وتلك توجه السؤال الى البائع ، من علمهن هذه البدعة ؟
- انعدمت تقريبا حفلات الزواج العائلية المختلطة على الرغم من ان المدعوين هم من الأهل والأقارب والمعارف القريبين بدعوى ان تقاليد المجتمع لاتسمح بذلك ، ولااعلم اين كانت تقاليد المجتمع هذه قبل 2003 ؟ ويكتفي البعض بحفل "مولود نبوي" في بيت العروس تقرأ فيه الملاّية قصائد حسينية وترقص الصبايا والنساء على انغام هذه القصائد .

آيار 2013



#حكمة_اقبال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطباعات الحاجة ام باسم ، الاسلام هنا
- ذكريات من الزمن الجميل
- يوميات دنماركية 19
- سوء في التفكير
- يوميات دنماركية 18
- كبوة فخري كريم
- يوميات دنماركية 17
- نوري إنضّرب بوري
- وفاة جلال الطالباني
- يوميات دنماركية 16
- القزو
- رسالة تواصل ديمقراطية
- الخال ابا ذكرى وداعا
- الشيوعي العراقي يرفض !!!
- نصيحة ديمقراطية
- المالكي والمتنبي
- تيار الديمقراطيين بعد عام 2
- هل ضحك المالكي ؟
- تيار الديمقراطيين بعد عام
- ثقافة الاعتذار


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حكمة اقبال - بعد عشرة أعوام