أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية














المزيد.....

البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 20:24
المحور: الادب والفن
    


البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
*************************

التقينا في مكان شبه مهجور ، وراء سجن "ملاباطا " المغلق ، في الطريق الفرعي المؤدي الى شاطئ "الغندوري " ، كان الموقع الذي اختاره أحمد موقعا استراتيجيا ، أدخلتني أجواؤه مباشرة في عالم الاستخبارات الغامض والمجنون . فبعد ان ارسل لي رسالة هاتفية أدركت أنه هو من راسلني رغم أن الرقم جديد علي . لكنني لن أكذب اذا قلت انه منذ أن تلقيت تلك الرسالة شعرت باحساس بارد وارتبت في أمري ، الى حد شككت أن أحمد يحاول توريطي مع جهازه في أمر أكبر مني ومن توقعاتي ، ويتجاوز أطماعي في الاستفراد بتغطية او بتقرير مفصل عن نموذج من نماذج عملاء الاستخبارات لدينا . خاصة والموضوع ما يزال يمثل طابوها محرما الاقتراب منه .
أشجار السرو والصفصاف والسنديان تملأ الغابة الممتدة على طول الشاطئ المتوسطي من هنا الى سبتة السليبة . وفي الجهة المقابلة مجموعة من الدور التي تتوسط هضابا عديدة ، وعلى جهتنا اليسرى منطقة خالية ، تم افراغ أهلها منها بحجة عدم ملاءمتها لتصميم التهيئة ؛فقد كانت عبارة عن منطقة سكنية من البراريك المثبتة بالقصدير . لكن تبين ان المخطط كان هو ترحيل السكان الأصليين لتحويل المنطقة الى فضاء استثماري يدر الملايير على فئة مستفردة بقرارات المغرب .
المكان عالي ومرتفع على سطح البحر بما يقرب مائتي متر ، ومدينة طنجة تبدو من هنا مدينة هادئة . توجهنا واجهتها الاسمنتية مباشرة ، شريط ساحلها الطويل برمله الأصفر يسافر بك نحو فتنة البحر المتوسط الهادئ . رغم أننا في شهر ماي فان بعض عشاق البحر يتبعثرون ،كما أراهم هنا وهناك . ومجموعات من لاعبي كرة القدم على شاطئ البحر تغازل شبابها الرياضي .
كل شيئ عادي الا لقاؤنا .
سلمت على أحمد ، كان هادئا ، استطلع المنطقة بنظرات فاترة ، وقال لي :
-رغم ذلك لست مطمئنا .
كانت أول جملة أسمعها منه ، أربكتني في البداية لولا أن العمل الصحفي علمني كيف أسيطر على أحاسيسي وعوطفي ، وأوجهها الوجهة التي تخدم هدفي . لم أرد عليه ، كي لا يدو علي أي نوع من التوتر . استسلمت لرياح البحر الرطبة ، وأنا أفكر في ما سأقوله له ، وأتمنى أن يواصل الكلام الى أن أهدأ تماما وأتروى .
انه غير مطمئن ، وهو عميل فكيف أطمئن أنا الصحفي البسيط الذي يحاول أن يصبح نجما في عالم الصحافة الوطنية . رغم وعيي الصلب باستحالة النجومية هنا . ففي المغرب كل شيئ يلمع فيه مجرد ذباب المجاري ، أو في أحسن الحوال مزور ، لاشيئ يلمع هنا غير الشاذ والبذيئ والممسوخ ، هذه هي عولمتنا وحداثتنا ، تسفيه كل شيئ . علماء الدين وفناون ومبدعون ومفكرون ...آه تذكرت لم يبق لنا مفكرون ، أصبح لدينا ناسخون ، أما السياسيون فهم سماسرة العهد الجديد . لم يعد لدينا سياسيين ، لدينا الآن براحون ودلالون * ، وأصحاب الحناجر الغليظة .
حين أسترسل في التفكير أحس أنني أرتاح قليلا ، وكأنني أقوم بسياحة ذهنية حول مناطق تصريف العلاقات في هذه البلاد .
-ومم أنت خائف أو منزعج أحمد ؟
نظر الي كأنه يتأمل فكرة ما في ذهنه ، انكمشت عيناه قليلا ، زم شفتيه ، ثم رد علي :
-لا ، لاشيئ ، أنت لاتعرف وضعي وحساسية موقفي ، فأنا ممنوع علي الاستفراد بصحفي كباقي عملاء الاستخبارات الا بأمر من رؤسائي لحاجة ملحة ،هم من يحددونها . لقاؤنا هذا يعد خرقا فظيعا لقوانين وضوابط العمل الاستخباراتي . وهذا ليس عندنا هنا فقط ،بل في كل الدول . فأنت تعرف عالم الصحافة .......وضحك ، كأنه كان يسخر من أشياء تجول في ذهنه . لكنني حقا أجهلها .
- لكننا أصدقاء قدامى ، وأبناء منطقة واحدة ، ودرسنا مع بعضنا أزيد من عشر سنوات ، في الثانوي وفي الجامعة ، أي أن الأمر جد عادي . أليس كذلك ؟
كانت محاولة مني للتخفيف عنه واخراجه من خيوط العنكبوت التي توغل فيها . فأنا أدرك جيدا ما يرميه . وهذا ما أكده لي بقوله وهو يضحك :
-هههههه......هنا كل تلك الاعتبارات تسقط ، لن تجد واحدا منهم قد يتفهم الأمر أو ينظر الى لقائنا من هذا الجانب . بل على العكس من ذلك هذا سيجعلهم يورطونك أكثر .هههههه .
كانت ضحكاته تزعجني ، ربما هي ضحكات الاستهزاء من الذات أكثر منها استهزاء من الاخرين ، وحين يصل المرء الى هذا المستوى ، ويبدأ في السخرية من ذاته ، فانه قد يصاب بمرض انفصام الشخصية ، وهذا ما لا أريده لأحمد .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
- التفكير بالدين والتفكير في الدين
- روسيا تنتصر
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر
- فلسفة حق تقرير المصير-1-
- رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
- البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
- لن يحترموننا
- التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
- البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
- مملكة المعنى الغامضة
- حاولت مرارا أن أصيح
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
- تأويل الأولين
- للغياب رائحة الموت
- القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
- البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية


المزيد.....




- العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من ...
- حسين الجسمي يحيي -ليلة من العمر- في الساحل الشمالي وليلى زاه ...
- أنطونيو بانديراس في عيده الـ65: لن أعتزل التمثيل
- مقهى -مام خليل-.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...
- الصدق أحلى يا أصحاب. قصة للأطفال جديدة للأديبة سيما الصيرفي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- مجتمع ما بعد القراءة والكتابة: هل يصبح التفكير رفاهية؟
- السعودية.. تركي آل الشيخ يكشف اسم فنان سوري سيشارك وسط ضجة - ...
- المحرر نائل البرغوثي: إسرائيل حاولت قهرنا وكان ردنا بالحضارة ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية