أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - أوجاع قريتي ,,الفصل 2















المزيد.....

أوجاع قريتي ,,الفصل 2


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 15:39
المحور: الادب والفن
    



كانت الحركة في القرية بطيئة في الماضي بينما الخيرات كانت كثيرة عكس ما يحدث اليوم فالحركة قوية والخيرات تزداد نقصانا .. وتكالبف العيش كانت ميسورة عند مهظم الناس .كان للشيخ قاسم ابناء ثلاثة اكبرهم سنا السي عمر .. وكما يقال الكبيرة في الجوز خاوية..كان مفلسا في تعليمه لم يتمكن من اتمام حفظ القرآن في الحضار الذي دخله وهو لم يتمم سن الرابعة بعد...صرفه عنه حبه الشديد للعب والجري في المروج والسواقي ومغازلة فتيات القرية و القري المجاورة ..في حين تفوق اخوته عنه والتحقا بالمدرسة باكرا ...شغفته مند صباه جارته زينب الجميلة واقتحم لاجلها الصعاب وولج المعارك الدامية مع غرمائه العديدين لنيل رضاها وقبولها الحسن ....تعود فتيان القرية ذكر اسمها مقرونا باسمه في احاديث السمر الليلية ..فكانت حكايات عشقهما الطويلة تتناولها نساء القرية ورجالها في كل المناسبات...كانت حديث كل اجتماع في القرية .. الفقيه السي قاسم كان ذكيا حين بادر بخطبتها ويسر له في زواجها وهو لا يزال شابا يانعا لا يتعدى الثامنة عشر من عمره ...
تتوالى الايام وهو منغمس في حبه لزنوبة كما يسميها فيرحل الاخوة الى بلاد الخارج قصد اتمام دراستهما الجامعية ...ثم تزوجا هناك ونالا نصيبهما من ميراث الاب الذي توفي بمرض عضال ...وتبعته الوالدة الحنون حزنا عليه ...مكت السي عمر في منزل الوالد مع زوجته زنوبة والعربة والبغل ... ظل ودودا بين سكان القرية كريما معهم وفي نفس الوقت رؤفا مقدرا لزوجته وحبيبته وفيا لقيمه القديمة محافظ على العربة والعشرة الطيبة للبغل ...لم يكن يوما يفكر في الرحيل عن مسقط راسه ...يقضي مع زوجته زينب اطيب الاوقات واسعد المناسبات رغم ان ابواب الهجرة كانت يومها مترعة للقاصي والداني لم يهاجر كما هاجر معظم شباب القرية ...احيانا تداهمه الذكريات القديمة وهو فوق تلك العربة ..ووبسرعة يوقف مسلسلها بحركة مفاجئة اتجاه البغل الدي يتراقص راسه امامه ....ويحرك لسانه ناطقا ببعض الشتائم العشوائية لهدا البغل ..و للزمن الدي لم يكن يوما في جنبه ...و القدر الذي يتربص به الدوائرالشريرة ....
مهما كان الامر فسرعان ما يطرد عنه الذكريات الكالحة ويعود الى صوابه وتوازنه عند دخول العربة الى باب السوق ..يسلم على الاصدقاء والناس الذين يعرفهم بملامح بشوشة...ويمزح بسخرية لاذعة مع الزملاء في الحرفة والاصحاب ..ويندمج بسرعة في البحث عن عمل يقوم به ..ولطيبوبته المعتادة وسهولة المساومة معه على ثمن نقل البضاعة تاتيه الارزاق بيسرمن كل الجهات ...ومن كل الفئات الاجتماعية ..حتى انه كثيرا ما يمل ويضجر من كثرة الطلبيات على عربته ...فيبادر باقتراح عربة صديق له قصد القيام بالمأموريات التي تتقصده بيسر ...
الى جانب تفضيل الزبناء له في السوق عن باقي زملائه الحمالين ,,كان يحظى ايضا بوقار الصبيان والصبيات الذين يتمنون من اعماق قلوبهم ان يحظوا بلحظة يمتطون فيها عربته والتوجه الى المدرسة عند المعلم المهدي ..فركوب العربة ذهابا وايابا على عربته يتم بالمجان ...وكدلك المشاركة في المغامرات المرحة مع البغل ....لها شان كبير عند اطفال القرية ,,,
يتدخل الراوي ليوضع الكاتب على سكة الرواية الصحيحة وينبهه الى انه قد يكون أهمل وضع مبضعه على شخصية المعلم المهدي المسكين ...فهي مهمة جدا في الحكاية ويمكن وضعها في نفس مرتبة السي عمر الحمال صاحب البغل ,,,ويكاد عجبه يزداد و يشتد من غفلة الكاتب عن المعلم المهدي صاحب القسم حامل مشعل النور والعلم في القرية المظلمة ,
وهو لايعرف لذلك سببا ..فالسي عمر الحمال من جملة السكان وكذلك المهدي المعلم من جملة الناس ؟ فما السر في هذه الغفلة الظاهرة .هل هو شعور الكاتب بكون المعلم ليست له جدور اجتماعية في القرية وكونه غريب عنها ؟لكن الامر لم يعد كذلك فالمعلم السي المهدي اصبح من ناس القرية لطول اقامته بينهم ومشاركته لالامهم وافراحهم ؟وشهامته بينهم ؟ ربما الكاتب كان قد تمكن من رسم نهاية الحكاية منذ بدايتها ...وهو متمكنا اصلا من فصول الحكاية التي يخط هنا فصولها .بدقة وبلا هوادة..؟ ويريد النقص من مكانته مند البداية وكذلك من شعبيته التي ستزداد مع فصول الحكاية ,,
لن تقضي شخصية المعلم المهدي على شخصية السي عمر الحمال فليطمئن الحاكي لا شك انها تكملها ..لان الشخصين صديقين حميمين في القرية والواحد لابد انه مكملا مكمل للثاني ...
شخصين حميمين لايفسد الود بينهما تدخل الراوي المتسرع ولاتعاطفه الفج مع المعلم الذي يعاني بدوره من غربته هنا في القرية . بعيدا عن الاهل والاحباب ...فالى جانب الشهامة والمروئة يتصف السي عمر المعلم بالرغبة العارمة في تعليم صغار القرية . وتنوير عقول شيوخها بالعلم والمعرفة ..فيعد دحوله الى القرية تغيرت العديد من الاشياء كانت غريبة في القرية اصبح اطفال القرية يتمكنون من فك حروف الرسائل التي تصل اسرهم . يرددون الاناشيد والاشعار الرائعة في السواقي
والازقة والردهات ...ويتابعون الاخبار عبر المذياع والتلفاز ويستطيعون نقل اخبار النشرات الى اهاليهم ...بفضله سطعت الانوار في القرية وفي بيوتاتها .لقد افلح المهدي في محاصرة الجهل والامية والتخريف التي كانت كانت خيوطها تكبل جدران القرية ..ففي بعض المناسبات ينظم للاطفال مسابقات تقافية ويدفعهم الى تنظيم معارض خاصة لرسوماتهم وانتاجاتهم الجميلة ..واحيانا يشرف حتى على المسابقات الرياضية ... لاشك انه غير من افكار الصغار الامر الذي احس به بعض الكبار ...فتحالفوا مع القايد والشيخ لمنع المعلم من التفاعل مع السكان ودس المؤامرات ضده ...مؤامرات تمس سمعته ..لكنه لا يبالي حين انضم الى صفه فقيه القرية وامامها والسي عمر الحمال ...وكون الثلاثة الترويكا التنويرية لمقاومة سلطة الجهل والظلام في القرية ...
بينما السي عمر المعلم ينكب على ملخصاته في بيته الصغير جنب القاعة الدراسية ..مغلقا عليه الابواب ..يفكر على طاولته الصغيرة المكدسة بالكتب والمراجع ..فيما يقدمه لتلاميده من دروس مناسبة لهم ...كان المهدي الحمال يعيش اجمل اللحظات مع زوجته زينب عشقة الاول والاخير ..يحصل على ماجادت به السماء من رزق حلال فيحمله في قفته على العربة وياتي به مهلا الى البيت بعد الانتهاء من توزيع اطفال المدرسة على دواويرهم...ليجد زينب تنتظره بابتسامتها المعهودة الساحرة تجلس امام العشة في ظل دالية العنب تعد الشاي المنعنع ..ترتب الكؤوس على الصينية
النحاسية المزهوة باناء فخار مملوء برغيف المسمن الدي يعشقه السي عمر ...يسوق هد الاخير العربة الى مكانها المعتاد ..يفك البغل عنها ويضع امامه ما وجد من الشعير و الخبز الجاف او التبن الجاف ..يربت على ظهره يجامله او يشكره على تفانيه في خدمته ..ثم يبادر بالسلام على محبوبته زينب ...يغسل اطرافه بماء البئر ويربض على يمينها ..يتملى عيونها الخضراء وهي تبتسم له كانها ترد السلام عليه بطريقتها الملائكية ...
_ على سلامة سيدي عمر ؟
_ الله يسلمك يا عمري ....يرد مبتسما ..
_ كيف قضيت يومك ....؟
_مزيان ....الحمد لله ...
_ قدمت عندنا هذا الصباح للاة عويش ..ومعها رطلين من زيت العود...وكانت تدعو لك كثيرا ...قالت انك تكلف نفسك عناء نقل اطفالها الى المدرسة بدون مقابل ..وتستحق الجزاء ...
_ بماذا دعت لي ؟
_ بالذرية .....طبعا ...وبكثير من الرزق ؟
_ اسمعيني جيدا يازينب ...يوم يريد العالي ان ننجب سننجب ...ولا داعي للعجلة ..فانت تعرفيني جيدا ...
_ لكن السي عمر علينا بالاسباب ؟
_ ما ذا تقصدين ؟
_ انت عارف قصدي جيدا السي عمر ؟
_ اعرف ...اعرف ...لكن اياك ان تناوليني السموم التي تاتيك بها . للاة عويشة من دكان العطار ...اياك و اياك ..؟
تكف زينب عن الحديث بغثة ...وتقدم الشاي للسي عمر ...
_ اشرب عزيزي وتناول المسمن ...عدت جائعا ...ولا هروب لنا من قدره ..
ساد صمت المكان ونسيم الليل يداعب اوراق الدالية الخضراء ..وعيون زينب على السي عمر وهو يلتهم المسمن مع الشاي ...تحركت لحظة زينب الى داخل البراكة ...وجائته بمصحف والدتها القديم ...
_ السي عمر اقسم لي على المصحف ان لا تتخلى عني وان لم انجب لك اولاد ؟ اقسم لي على المصحف ؟ ولن اسالك يوما او احدثك في الموضوع ؟
_ اقسم لك يازينب بكل كلمة فيه انك انت حبيبتي طول العمر ...ولن اتخلى عنك ولو سقطت السماء عن الارض ...
استريحي ياحبيبتي ...
قبل السي عمر يد زينب وراسها واقسم على المصحف ...وهي تنظر في عيونه تتاكد من صدقه ...تم انشغلت بلم الزربية الحمراء من الارض وطرفت الصينية جانبا ...ودخلا معا الى الكوخ ..اشعلت زينب الفانوس في الزاوية وبدا الفضاء هادئا في هدا الليل الساكن الدافئ,,,,دفئ قلوب العشاق الصادقين ...كانت الانوار البهية تسقط على مدار دائرة
تحيط بالكوخ ...وهمس العاشقان ينفلت رقيقا الى خارج الكوخ يصل الى البغل القريب الدي يحملق الى البئر تم يلتفت الى الكوخ ..يزفر بقوة فينحني على ما تركه له السي عمر من علف امامه ...ببطء انطفا ضوء الفانوس فتحرك البغل نحو البئر فارتوى بما وجده من ماء في دلو قديم تم رجع الى مكانه فبرك وعيناه تغمرهما انوار القمر ...



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوجاع قريتي الفصل :1
- في عيدنا الاممي
- معالجة البطالة في تقويض الراسمالية
- هكذا تحدث الحكواتي 3
- ثلاثية حزينة
- في الحديقة
- عشب أخضر على حافة صحراء الاستبداد
- صديقي القديم
- يا اخوتي ...جاء المطر
- التحرش ...فيه وفيه
- الحرب تفقدنا انسانيتنا
- بصدد المثقف الخبزي
- ياموج ......
- هذا مساء آخر
- هكذا تكلم الحكواتي 2
- أوراق على الرصيف
- أكتع مدينتي
- الانسان يسعى .....
- التحرش الجنسي غموض في المفهوم وتطبيع مع الظاهرة
- آه...........هناك


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - أوجاع قريتي ,,الفصل 2