أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - عقاب الإله زيوس














المزيد.....

عقاب الإله زيوس


يوسف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 4089 - 2013 / 5 / 11 - 20:41
المحور: الادب والفن
    


أتى المطر على حرث التجرد، و انتزعت قطرات الدم الوفاء بعد تعفن الجتث، إن البأس الأزلي لواقع، و قادم بين السطور مسترسلا حتى نهاية النص المروَّض، لم يعد أصل المكان أصلا لاحتكار المستعمر المستبد، و لا الزمان مرتعا لرغباته العرقية، لقد تنهد العقل على مسامع الأغبياء و انشرح فرحه فوق الرؤوس النائمة، طاغية حاقدة، لا يعم الفرح في حضرة البكاء، و لا ينفع ندم بعد الاستسلام لأن الدم الأحمر أغلى الدماء و أرقاها، فإن أشد القتل اغتيال الأفكار و جعلها تدفن في غياهب النسيان، و استرقاقها في ليلة الشؤم و الحرمان. يقود كل معتوه قافلة من الذئاب المفترسة، و يوكل نفسه تقيّا عليها، فينبهر القطيع برأفة الأسد، و يدهش الأسد لوفاء الثعلب، و ينشرح الحمار لأن الأسد قال له يوما أن الذكاء خرافة....

لم يعد لهويتي سطورا أتذكرها كلما انشغلت بعيدا عن شباك الحقيقة، لن أرتوي بعد الآن من قطرات ماء اضمحل و انساب انسياب الماضي في حضرة الزمن، كل ما أتذكره عني أنني توليفة فريدة مفكرة وغامضة، إن معنى الأشياء غير حقيقتها، و الحقيقة بعيدة عنا بعد النجوم و بعضها. لا يزال منكم من يقدس الأرض لجمالها، لكن كثيركم يقدس القوة و جبروت الفراغ، فمنكم من يرى في النجوم حاجة في سر روعتها، وآخرون يرونها بعين الخوف، ليعلنوا تيه الإنسان وضياعه وسط عزلة قاتلة، أما من اغتنم فرصة الوجود، فقد أطلق أجنحته محلقا بين الحقول المتنوعة، و انتصرت فيه الأخلاق انتصارا ثمينا وفريدا، إذ أن أفكاره صارت أكثر وضوحا من ذي قبل، و احتدم صراعُ الجدل بدواخله فانتصر ما كان أقرب للحكمة و أرقاها.

تجمد الدم في شرايينكم و استبسل المطر في ليلة الجفاف، فانهمر غزيزا على الرؤوس النائمة، من أدرك سر الوجود فقد علا، و من فاتته لفحة النسيم على قمة الجبل الشامخ فقد دنى و تدحرج نحو الأسفل كأنه صخرة سيزيف، رمز القهر و العذاب الأبدي. إن إلهكم هذا لهو تكرار لهزيمة الإنسان و استمرار لسطوة زيوس،كبير الآلهة و أشدها، على عقولكم الوفية و الممجدة لخرافات البداية الأولى. أين حرية الإنسان في ظل وجود الإله ؟ لأن الحرية تنفي كل أشكال الوصاية و الخضوع، إنها مجد الإنسان و نوره المشع في ظلمة الكون القاتمة، قد مات منكم كثير تائها وسط الأدغال الكثيفة، فمن فر منها إلى روضة الحياة فقد فاز فوزا عظيما، و انشغل انشغالا عن مآسي الحياة و أحزانها، لأنها فرح الطبيعة و قمة غبطتها، إن عليكم الافتخار بكل نفس يخرج بين ثنايا أجوافكم، لا تستهينوا بالجسد الذي منحكم القدرة على تقديره كيفما شاءت مخيلتكم، فلولا الجسد لما كان لتقديركم معنى، ولما استطاع أي إله الغوص داخل بحور انشغالاتكم. فحبا أحبائي بأجسادكم ورأفةً برغباته و حاجاته، فسعادتكم ليست شيءً آخر سوى سعادة أجسادكم الجميلة.

صعد سيزيف حاملا صخرته نحو قمة الجبل، فإن هو اعتلى آخر ما تبقى منه، ترك صخرته جانبا و ارتاح، فإذا بها تتدحرج مسرعة نحو الأسفل. لو أن سيزيف وقف ندا أمام زيوس لما حمل تلك الصخرة اللعينة نحو قمة الجبل، لكنه و في لحظة انهزام، لحظة خداعه للإله ثاناتوس، أبى إلا أن يخضع لعقاب كبير الآلهة، فقد غمرته الخطيئة و تشبع بها. إن الشعور بالخطيئة يُضعِف الإنسان و يصلبه، ليجعل ذاته تحتقر جسده احتقارا ماكرا، فكثير منكم لازال يسكن أعماقه سيزيف الأسطوري و يحتكم بخضوعٍ لأوامر صنم زيوس! ألن تكفوا يوما أحبائي عن حمل تلك الصخرة اللعينة! و ترموها بعيدا عني و عنكم! ألن تكفوا عن البكاء في حضرة الحياة! إن الإنسان ما لم يتغلب على خوفه من المجهول لن يدرك معانى الوجود رغم وجوده، و لن يدرك جمال الموت و سره لأنه لم يقدِّر قط سر الحياة و غموضها.



#يوسف_الأخضر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحشة و اغتراب
- لعنة الصنم
- القمر
- هل لكل موضوع عنوان ؟
- الوعي و الواقع
- المدينة المتفاضلة
- السيد المارد
- الغريق و المنقذ


المزيد.....




- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - عقاب الإله زيوس