أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - القمر














المزيد.....

القمر


يوسف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 4056 - 2013 / 4 / 8 - 09:52
المحور: الادب والفن
    


عند مغرب الشمس، يحتكر القمر كل الوجود، يعلن بصمت قاتل عن النهاية التالية، يتحسر كل شعاع منعكس على الماء الذهبي و يغادر، بين حبّات الرمل الكثيرة انغرست قدماي و تشبعت بالدفئ، كل قلعة ملكية أو رئاسية كان أصلها من هذا الرمل، أسوارها و جذرانها تزاحم قدمي و تحتكر المكان، يعم الفراغ حيز من الوجود الخادع ليقتنص كل فرصة بلا هوادة، لا رأفة بحبّات الرمل بعدما اغتال المستنقع آخر ما تبقى من صفاء ماء النهر، لا رحمة بملوحة البحر بعدما احتضر ملحه تحت أساسات الاسمنت و الحديد الصدئ، لم تعد شخصية القمر المغترب قادرة على التحكم بالمد و الجزر بعد الآن، ألم يقولوا ذات يوم أن القمر انشق نصفين؟ و اغتالوا أرضه دون محاكمة أو مشاهدة؟ لطالما قاوم أعاصير الكلام و كذب كل نص مقدس، و رغما عنهم أرخى بضوئه الخافت كل مساء، أبى إلا الصمود أمام شنآن القبيلة. لو أن للقمر لغة لقال : لو بودي لحجبت ضوئي عن ناظريْ عدوي، لما تركته يستفز كل أشيائي، و لانسحبت من الوجود كي يتبين له القليل من جمالي!

مالت الأرض بقوة فاعل، جاحد و حاسد، تبعثر الرمل للأعلى و تساقط أمطاراً، انساب كل ماء و ملأ وديانا و أنهاراً حتى إذ هو استقر بين ضفافها، تحطم النهر و استأدن الماء و ذهب، لا مفر حتى تصالحوا القمر في ليلة الاعتراف ، لن يعفوا عن جرائمكم حتى تقروا بها علنا، ألم تنشروا فضائلكم بالسيف لا بالقلم؟ بالكلام لا بالفعل؟ تتحدثون باسم الجميع كأن الشرائع ملك لكم، أليس من الحكمة الصمت وقت الاحتضار؟ ها هو صبري يتفجر بين أصواتكم، ويستهزئ بكل سيناريو لم تلعبوا فيه غير دور الكفيف، فأقتنص كل فرصة لأتقمص دوركم حتى أرفح عن كبريائي المسلوب بغمزة حاقد لعين.

حلّ المساء و انجلى آخر شعاع نحو أسفل البحر، تلاشت كل نقطة شفقية في السماء و تكممت بلون غامق، سرت قليلا بين القلاع الرملية في مشهد انتصار معنوي على المارد العظيم. نال القمر حيزه وسط السماء و أعلن بشدة مكانه بين كل الكواكب، لطالما أغذق بصمته صورةً زخمها الخيال القريب من كل الحقائق، و تغذت عليه النفوس و السرائر، لقد كان و لايزال حديقة مجهولة الداخل، ليس عليه ماء و لا هواء يتغلفه غير بضعة هياكل، فلأن الحياة تخلق من اجتماع أشياء و عناصر، فهناك من فنى و اختفى تحت المعابد، وما القمر إلا ضرب من المقاصد.

تقاذفت بعض الأمواج بصخب كأنها تصارع بعضها، تتسابق و الريح في اتجاه خط العبور، يستقبلهما الشاطئ برحب مكتزا بلحاف الموج المتكسر فوقه باستمرار، فتجدني في لحظة انتشاء سحري أتمشى نحوه رغبة مني في التقاء آخر مع الطبيعة، و القمر المهيب يتربص خطواتي المتثاقلة. لعله يكوِّن فكرة عن حركة الجسم الصغير الذي يضمني؟ أو أنه لا يعرف سري و لا يكترث ؟ فالكل في قبيلتي سيقول لي ما ذاك إلا القمر !



#يوسف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل لكل موضوع عنوان ؟
- الوعي و الواقع
- المدينة المتفاضلة
- السيد المارد
- الغريق و المنقذ


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف الأخضر - القمر