أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - يوسف الأخضر - الوعي و الواقع














المزيد.....

الوعي و الواقع


يوسف الأخضر

الحوار المتمدن-العدد: 4054 - 2013 / 4 / 6 - 19:30
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن الوعي هو تقاطع الإدراك و الواقع الزمكاني، و يتحدد مستواه انطلاقا من اعتبار هذا الواقع المتغير كمرجع، ثم إسقاط وعي افتراضي ليسايره بشكل مطاطي، و هكذا نتحصل على مرجع للوعي المنشود عبر أقطار كل المنظومة الانسانية. فإذا كان الإدراك لا يتطلّب شيئا مستعصيا غير وجود الذات في الواقع ، فإنه لمن الأيسر جعله يروم إلى تفعيل المتطلّبات الضرورية للتعايش مع واقعه، فاستمرار الفرد الاجتماعي يستوجب موازنة دقيقة بين إشباع الذات و إشباع الآخر، إذ أن هذا يعكس، بصورة ما، التجانس و الموازنة في الطبيعة، و التكاملات الحاصلة ما هي إلا نتاج للتوحد البدائي و الأصلي. و إن الواقع لثابت بالنسبة لعمر الإنسانية كمرجع، و هو خاضع نوعا ما لسلوك الإنسان، يقوِّمه كلما زاد فهمه بآليات المادة، و يقيِّمه باستمرار دون كلل أو ملل، إن المعرفة الإنسانية تُخْضع الطبيعة و تحكمها، فهي وسيلة كل الغايات، و غاية كل الوسائل.

إن الوعي ليتطلب التضحية قبل كل شيء، و التفكير الملي في ما يمكن للتغيير أن يؤول له بعد التضحية، لأن كل تغيير يعد إما قطيعة مع سلوكات الماضي أو استمراراً لها في قالب جديد، إذ يكون التغيير في هذه الحالة معتمِدا بالضرورة على قاعدة ثابتة قد تكون أخلاقية، فيثم استحضارها كلما فرض التغيير ذاته في المنظومة الاجتماعية. أما مسألة القطيعة مع الماضي فسنجد لها أثرا ناجحا عبر تاريخ الانسانية، فمثلا إبان الثورة الفرنسية و ما عرفته أروبا في قرون النهضة و التنوير، إذ أن هذا العصر الحاسم شكّل إطارا قاعديا بكل المقاييس، فقد عرف ظهور العديد من أبناء الطبقة التنويرية الذين أسسوا لمبادئ الوعي آنذاك، كما شكلوا نزعة جديدة صبت إلى فهم الواقع بالشكل الآني الصرف، لتبزغ حينها شمس حرية جديدة، و التي مازال كل العالم يغازل أشعتها البرّاقة، و يتوهج بنورها.

أحيانا، قد يكون من الضروري أن يظل الوعى مقيّدا ببعض المناهج القديمة، كالدين مثلا : لأنه يوفر للذات نوعا من الطمأنينة و السلوان ــ والقصد هنا عندما يتدنى الوعي نحو الحضيض ــ فيجعلها تخضع لمبادئه بطريقة عفوية و تلقائية، لكي لا نسقط في فخ الصدمة، و خطر التمرد الأخلاقي، لأنه لا مجال لتعويض مبادئ بأخرى لازالت قيد التأسيس، و هنا ضرورة التأكيد على الوعي البديل و دوره في تعويض الوعي القديم. إذ أن هذا التأسيس يعد ثمرة أصيلة و غير هجينة تحدد الخطوط العريضة للوعي اعتباراً لمتطلبات الواقع الآني، فتجعل الفرد أكثر تعلقا بواقعه و أقل سلبية اتجاهه، مما يؤدي إلى تطوير الإنتاج بصفته الشاملة، و انفتاحا على العولمة و الحداثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

إن الإنسان الواعي ليس له إدراك بالواقع فقط بل يتعدى ذلك إلى ما يخول له تحقيق ذاته في هذا الواقع، فينأى بنفسه عن كل ما له أن يتعارض مع منظومة المناهج المعتمدة في عصره ، إذ هو إنسان يمتاز بالشجاعة والمسؤولية و التضحية. و هذه الصفات تُحِيل إلى بعضها البعض ولا يمكن لها أن توجد متفرِّدة، لأن الشجاع منا هو من يربط أفعاله بالمسؤولية، و الإنسان المسؤول هو من ضحّى بمقدار من ذاتيته و وهبها بشجاعةٍ لسعادة الآخر وراحته.



#يوسف_الأخضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدينة المتفاضلة
- السيد المارد
- الغريق و المنقذ


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - يوسف الأخضر - الوعي و الواقع