أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي شايع - في الذل.. سوابق عربية














المزيد.....

في الذل.. سوابق عربية


علي شايع

الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 05:40
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


أقرّت العرب، فذلّت.
قيل إن رجلاً من أفاضل العرب اسمه الربيع بن زياد الحارثي، صرخ بهذا القول، في السنة الثالثة بعد الخمسين من التاريخ الهجري، وهو يعلن استشرافه لتاريخ طويل من الذل سينال العرب، يوم سمع بقتل حجر بن عدي صبراً (أي وهو أسير)، فقال: "لا تزال العرب تقتل صبراً بعده، ولو نفرت عند قتله لم يقتل رجل منهم صبراً، ولكنها أقرّت فذلّت". وقيل إن الربيع مات كمداً، بعد هذه الحادثة بأسبوع واحد.

قبل أيام، وبسابقة خطيرة، هدم مرقد الشهيد حجر بن عدي ونبش قبره، في أبشع صورة، تكاد تكون بوجع موازِ لضرب مرقد الإمامين العسكريين بمدينة سامراء سنة 2006، الذي كانت أعداد المحتجين على فظاعته من مثقفين ومعنيين ومنظمات عالمية مختصة بالآثار، أكثر عدداً من مثقفي ومهتمي العرب، لأن رزايا تفجير الآثار والأماكن المقدسة خرجت عن كونها سوابق، فهي تحصل في الكثير من البلدان العربية، ولكن قضية نبش القبور بتلك الصورة، في زمن الربيع العربي!، هي ما يستوجب تكرار صرخة الربيع بن زياد. وهذه ليست دعوة للكمد الجماعي الآن، على ما وصل إليه الحال، ولكنها إشارة عابرة، لقول رجل عاقل، كان يرى في الاستنفار ضرورة عند بعض السوابق، فمعاوية وهو يسنّ قانون قتل الأسير بتلك الطريقة، جعلها فاتحة لما نراه ونشهده اليوم وصلاً إلى القتل على الهوية، وعجائب تكفير موحش، تجاوزت كلّ معقول، وها هي تجتاز الحاضر؛ تدميراً للمستقبل، ونبشاً للماضي.

الوقوف وإعلان النفير بوجه هذه الظواهر، ليست مسألة دفاع عن عرق أو طائفة، أو دين أو كتاب أو مكان مقدس، ولكنها الروح الإنسانية المنصفة، المحبّة للحق وأهله، من تستكثر بالمظلوم ساعة تقف معه. وان كان الربيع أحب حجرا لإنسانيته، واستشرف الوحشة في قتله والتمثيل به، فهي دعوة أزلية على العرب استذكارها، وترديدها كمقولة جديدة مفادها أن قُتلنا يوم قُتل حجر!، ولتذهب مثلاً، فهي أدق من مثل الثور الأبيض!. ومن يمرّ بهذه الحادثة وهو يتصفح التاريخ، دون أن يتعفّر كمداً، فهو من الراضين المرضيين برعب التكفير، وسيرضى بالضرورة عن كلّ مشاهد القتل والعبث اليومي.
كانت محبة الربيع الإنسانية خالصة لوجه الحقيقة، مثالاً للبحث عن الإنسان، أينما كان، وفي إي زمان. وهي أوسع من البحث عن فضائل حجر، وأكثر من كونه من أصحاب علي، أو ممن لم يطاوعوا معاوية. فمن يبحث عن تاريخ الرجل لا يجد مثلبة عليه، لكن من يقلب تاريخ الطبري، مثلاً، في زمن معاوية ومن أعقبه من خلفاء وأتباع، سيرى أهوالاً وعجباً لغرائب عار وضعها أمراء العرب كسوابق!. ولكنه حين يقرأ عن حجر بن عدي، وكيف كانت سيرته بين الناس وفي أهله، سيذوب ولها بإنسان كان يحمل أمّه على ظهره، حتى تركت ركبتها أثراً على جسده، وكان لا ينام قبل أن يمضي إليها ليعتني بفراشها. ولعلّ حجر بن عدي لم يأت بجديد أو خارق في هذا الأمر، لكن من يمضي بمطالعة صفحات بعد هذا التدوين التاريخي، سيرى إن الهادي (الأخ الأكبر للرشيد) قد أرسل سماً في الطعام لأمه، فتكتشف ذلك، وتأمر بقتله.

حديث الدم يطول مع سيول السوابق العربية الباذخة، وليس المقام لها هنا، إذ يكفينا ما نبصره مكرهين، عبر وسائل الإعلام والتواصل، فإن كنا إنسانيين فلبحث عن الإنسان، وإن كان قبراً من الأولين. وإن كنا ثوريين وأهل حق، فلعلّ في حكاية حجر بن عدي وثوريته ما يدفعنا سبباً في نصرته لاستحقاقه، فهل أحق من رجل (معارض سلمي) يأتي السياف لقتله مع أصحابه، فيسأله: وهل أنت مأمور بقتل أصحابي وولدي همام؟. فيجبه: أنا مأمور بقتلكم جميعاً. فيقول له: أقتل ولدي قبلي. وبعد أن يرتكب السياف جريمته، يسأل القوم حجرا عن السبب، فيقول ربيته على نصرة الحق، وخشيت أن يرى رأسي مقطوعاً فيضعف عن الحق!.
لا أدري أي الأسباب في سيرة بن عدي جعلت الربيع بن زياد مكلوماً حدّ الموت. وكذا أسباب أخرى كثيرة ستجعلني مكلوماً بالربيعين، فربيعنا العربي ينذر بالذل حقاً.



#علي_شايع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحشة الفضاء!
- فتاوى تافهة!
- ملامات برلمانية
- الحاقد الثائر!
- خوف المثقف
- مليون عام سوري..في خطر!
- تجاوز حكومي!
- عقود الوهم
- سرير المومياء
- جمعة أوسلو الحزينة
- طين ودين..بين مدرستين
- منهومان لا يشبعان!
- الصحة والأمان
- تعارض وطني
- جحيم الحياد
- قصف الخضراء!
- أرأيت الهجّة؛ يوم حجّ الطغاة إلى جدّة؟!
- رفقاً بالمساكين!
- رسالة إلى العم فيدل
- وزارة الوزير!


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي شايع - في الذل.. سوابق عربية