أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يحقّ لها أيضاً أن ترتاح الجسور














المزيد.....

يحقّ لها أيضاً أن ترتاح الجسور


فواز قادري

الحوار المتمدن-العدد: 4082 - 2013 / 5 / 4 - 09:18
المحور: الادب والفن
    


نم يا خليلي نم، أعرف قلبك لا يحتمل ماتراه! تصحو طفولتي على فجيعتها وتهرول، غفلة عن الشهداء الذين يتسامرون مع الخلود، غفلة عن أسقف البيوت التي تهاوت، وغفلة عن سحب الدم الحمر ورماد الأجساد التي لم يكتمل احتراقها، تصحو طفولتي وتركض إليك حافية لعلّها تراك، على بابك الكريم الواسع تقف ولا من يمسح دمعاتها المتهاطلة. الفرات يتباطأ وألف ألف غصّة تغرق فيه، حافية تركض طفولتي وتتبعها الحارات وأقدح الشاي وخبز التنانير والأحلام، و"الربع" جلاليبهم في أفواههم وخلفه يركضون. الطفل ذاك، الهارب من عمل أقصاه عن الطفولة وعن فرح الأصحاب في مدرسة لم يدخلها ولم ينبض قلبه فيها يوماً، كما تفرح قلوب بقية الصغار. الطفل ذاك، كم مرّة وقف على بابك كسير القلب؟ نادتهُ الأسماك ولامست يديه الكادحتين الأمواج وباركتها، كم مرّة غسل عينيه بفراتك ومضى يجمّع الحروف من لافتات الطريق ليكتب قصيدة مكسّرة الأوزان؟ قصيدة عشقكَ الأولى، وكانت المدينة تدوّن ذكرياته الحزينة وتبكي معه كلّما جاء الليل.

الجسر المعلّق أرجوحة زمانه
علامة فرح طفل معذّب صغير
شاشة أحلامه كان
حائط مبكاه
رسائله الخجولة إلى الدنيا.

يسكن الطفل هاوية فاغرة
ويتعالى حين يلتقيك يا جسر
يضع آياته المضيئة بين يديك
تقترب السماء من قلبه وتبتهج الطيور.

لا يتسع القلب لمجزرتين في يوم واحد، مجزرة الحديد والحجر، ومجزرة البشر، "البيضا" تصطبغ بدم بريء وتودّع مئات من أطفالها ونسائها وشبابها محزوزي الأعناق، و"الدير" تودع خليلها "الجسر المعلّق" يحتار الشاعر بين رثائين: رثاء التاريخ ورثاء من يصنعون التاريخ، لا مفاضلة بين حزن وحزن، بين مجزرة ومجزرة، ولكن القلب لا يحتمل ولا تحتمل القصيدة. العالم متمْسح وصامت ويستعذب لون الدم السوري، يستعذب دخان الانفجارات ويستعذب حريق أجساد أهل "البيضا" كما استعذب وصمت على عشرات ألوف الشهداء السوريين، العالم ليس صامتاً فقط، بل ويمنع السلاح عن السوريين، وسيلة الدفاع الوحيدة التي ستنهي هذه العصابة المجرمة الأكثر بشاعة من كل ما نعرف من البشاعات، وتنقذ أرواح الآلاف منهم، القاتل الذي أحسّ بنهايته، يرتكب المزيد من المجازر ويمعن في محاولة تهشيم تاريخ البلد الذي لم يبق له مكان فيه.

يحتار الشاعر وتحتار القصيدة في رثاء "البيضا" ورثاء "المعلّق" في آن واحد، ولكنّ السوريين اختاروا وأخذوا قرارهم الذي لا رجعة عنه، مهما كان ثمن الحرية سيكون مكلفاً، وهذا عادة لا يفهمه المجرمون الطغاة.

هذا اليوم
تأرجحت روحي بين المعلّق و"البيضا"
في "البيضا" كانت السكاكين تحزّ الرقاب
والفرات يحتضن خلّه المعلٌق ويبكيان.

نم قليلاً يا رفيق عمري
يحقّ لها أيضاً أن ترتاح الجسور
نم سيحرس الفرات أحلامك
لريثما تلوّن أجنحة الفراشات السماء.



#فواز_قادري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل
- أحوال عينيكِ هذا المساء
- زيد الرحباني طلع فالصو يا محمود.
- أمكنة
- كيف ستكون ذاكرتنا القادمة؟
- لا تشبهني هذه القصيدة تماماً
- وجوه
- ماذا بعد؟
- أيّها العيد، قف على باب قلبها.
- قصيدة -استشراف- والثورة السورية بعد عشرين عاماً
- تغريبة السوريين
- غبار الأصدقاء.. غبار المدن
- على وسادتها ينام التاريخ قلقاً
- ميونيخ بيضاء بلا قطرة دم واحد.
- امرأة ورجل وثلاثة أطفال
- نساء سوريّات في الثورة
- كن رحيماً أيّها الثلج الوسيم.
- يرتجف الثلج تحت قدميه الحافيتين.
- أرسم لها أرضاً حنونة.. وأرفع فوقها سمائي
- شهداء السنة الجديدة


المزيد.....




- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...
- محمد إقبال: الشاعر والمفكر الهندي الذي غنت له أم كلثوم
- مصر: رصد حالات مصابة بالحمى القلاعية بين الماشية.. و-الزراعة ...
- موسم الدرعية يطلق برنامج -هَل القصور- في حيّ الطريف
- المدينة والضوء الداخلي: تأملات في شعر مروان ياسين الدليمي
- مكان لا يشبهنا كثيراً
- لقطات تكشف عن مشاهد القتال في فيلم -خالد بن الوليد- المرتقب ...
- طهران تشهد عرضاً موسيقياً فخماً من مسرحية أوليفر تويست + فيد ...
- يحيى الفخراني يفتتح -أيام قرطاج المسرحية- بعرض -الملك لير-
- ألمانيا تعيد كنوزا إثيوبية بعد قرن


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فواز قادري - يحقّ لها أيضاً أن ترتاح الجسور