أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعود سالم - الجوع .. كارثة طبيعية















المزيد.....

الجوع .. كارثة طبيعية


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 4077 - 2013 / 4 / 29 - 20:29
المحور: حقوق الانسان
    


ينصح بقراءة هذا الموضوع بعد الأكل وليس قبله، لأنه قد يتسبب في فقدان الشهية لدى البعض.
0 - تتفاوت نظرة المحللين السياسيين لحالة العالم العامة، وللإشكاليات الإجتماعية والإقتصادية التي يجب دراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها، كما يتفاوت تقييمهم للأزمات الطارئة والملحة. فمنهم من يرى أن المشكلة الرئيسية التي يجب تقييمها وتحليلها هي مشكلة الديموقراطية والحريات العامة والتمثيل البرلماني والإنتخابات النزيهة. بينما يرى آخرون أن الأزمة العالمية تكمن في همجية النظام الرأسمالي والليبرالية المفرطة وديكتاتورية الأسواق المالية العالمية. وآخرون يرون أن البطالة هم أصل الأزمة وسببها الرئيسي، ويرون أن الحل لا بد أن يمر بإيجاد العمل لآلاف العاطلين في العالم الثالت حتى لا يجتاحوا أوروبا وأمريكا والدول الغنية. بينما يركز آخرون على مشكلة الأقليات والقوميات المضطهدة التي تعاني من القهر الثقافي واللغوي، أو مشكلة المرأة المستعبدة في بعض الدول الدينية وغيرها. وهناك من يرى أن الدين يشكل أكبر المصائب في العالم ويجب فصله عن الدولة بأسرع وقت ممكن إذا أردنا حل الأزمة المزمنة، وهناك من يركز على مشكلة العنف والإرهاب أو الحروب أو مشاكل الثلوت والبيئة، وهناك العشرات من وجهات النظر والدراسات الأكاديمية التي تضيء في كل مرة جانبا من جوانب تعاسة العالم، غير أننا في الموضوع القصير، نريد توجيه إنتباه القارئ إلى مشكلة أكثر بساطة وإن كانت أكثر إلحاحا من كل ما سبق وهي مشكلة الجوع والمجاعة، لأن موت إنسان واحد من الجوع، أينما كان، هي جريمة كل الإنسانية، ويتحمل مسؤوليتها كل إنسان، واحدا واحدا وأينما كان.
1 - يقول خبراء الإقتصاد بأن المجاعة هي ظاهرة يعاني منها سكان منطقة معينة كجماعة أو كأفراد بسبب سوء التغذية نتيجة أسباب عدة من أهمها الحروب، والكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف والزلازل والبراكين، لذا فهي تنتشر بشكل أساسي في الدول النامية أو دول العالم الثالث ويترتب على ذلك نقص فادح في الأكل لمدة طويلة مما يسبب موت الآلاف أو ربما الملايين من الناس جوعا.
2 - يعرف الجوع علمياً على أنه الحاجة إلى تناول الطعام، وينشأ الشعور بالجوع من الدماغ الذي يطلق إشارات للجسم بأن كمية الغذاء المتواجدة لا تكفي حاجته وأنه بحاجة إلى مزيد من الطاقة، ويصاحب هذه الإشارات الشعور بالصداع، الصعوبة في التركيز، وتشوش الأفكار وغيرها من الأعراض. وفي الوقت نفسه تتفاعل أعضاء الجسم الأخرى كالمعدة مع هذا الشعور، فتشعر بفراغ في المعدة، وقد تصدر المعدة أصواتاً معينة عندما تشعر بالجوع. وفي كثير من الأحيان يصاحب الشعور بالجوع ضعف عام في الجسم وعدم القدرة على مواصلة الأعمال اليومية بتركيز ونشاط. الجائع هو الإنسان الذي لا يجد ما يأكله لمدة طويلة، ونتيجة لذلك يفقد نسبة كبيرة من الدهون وتنهار كتلة العضلات والانسجة نتيجة لنقص الطاقة. وهناك ظاهرة تسمى Catabolysis، وهي عملية تهديم الجسم لبعض من أجزائة مثل العضلات والأنسجة والعظام من اجل الحفاظ على الأنظمة الحيوية مثل الجهاز العصبي وعضلة القلب والجهاز التنفسي. والمجاعة تؤدى إلى كثير من الامراض نتيجة النقص الكبير في الفيتامينات والبروتينات، وتؤدي بالضرورة إلى فقر الدم، ومرض البري بري، البلاغرا والاسقربوط وعشرات الأمراض الأخرى. وهذه الأمراض مجتمعة يمكن أيضا أن تسبب الاسهال والطفح الجلدي، والاستقساء، وقد تنتهي بسكتة قلبية مفاجأة - وإن كانت متوقعة. والأفراد الذين يعانون من المجاعة يتميزون بخمول الجسم وعدم القدرة على بذل أي مجهود عضلي أو فكري. ويؤدى ضمور المعدة إلى ضعف الإدراك وإنهيار الحواس كالسمع والبصر والشم وحساسية الجلد ويفقد الجائع حتى الإحساس والشعور بالجوع، وضحايا المجاعة غالبا ما يكون لديهم ضعف في الاحساس بالعطش، وبالتالي يعانون من الجفاف العام في الجسد بكامله. كما أن جميع الحركات تصبح مؤلمة وشديدة الصعوبة بسبب ضمور العضلات وجفاف الجلد الذي يتصدع ويتشقق نتيجة للجفاف الشديد. وعندما يضعف الجسم فأنة يصبح محل اقامة العديد من الطفيليات التي تسبب بدورها أمراضا جديدة، كالفطريات التي غالبا ما تنمو تحت المريء مما يجعل عملية بلع الطعام - إن وجد - مؤلمة ولا تطاق. نقص الطاقة الناتج عن المجاعة يسبب التعب ويجعل المصاب به فاقدا للشعور بمرور الوقت ويفقد بذلك قدرته على التفكير والتعامل أو التفاعل مع العالم المحيط به، فيصبح مجرد كومة من العظام مغطاة بجلد جاف متشقق كشكوة قديمة.
3 - تقول إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص التغذية، أي حوالي سدس سكان كوكب الأرض. وتشير الإحصائيات المتعلقة بالعالم "العربي" إلى أن حوالي 40 مليون مواطن يعانون من نقص التغذية أي ما يعادل 13% من السكان، بالإضافة إلى أن نحو مائة مليون مواطن ( من 340 مليون) يعيشون تحت خط الفقر. وتضيف التقارير المتخصصة أن الأمن الغذائي يظل مهددا بسبب الخلل الذي يشوب العديد من الاقتصادات العربية جراء عدة عوامل داخلية كفشل الخطط التنموية والتوزيع غير المتكافئ للثروات والفساد والرشوة، وأسباب خارجية على غرار الأزمات الاقتصادية التي تؤثر على التنمية البشرية عالميا. ففي الصومال الذي يعيش حربا أهلية طاحنة منذ سنوات يهدد الموت جوعا نحو 5 ملايين صومالي أي ما يعادل 45% تقريبا من عدد السكان. ويعد جنوب البلاد ووسطها من أكثر المناطق المهددة بسبب العمليات المسلحة والجفاف حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية –المفقودة أصلا- بنسبة وصلت إلى 400% في بعض الأحيان. وفي العراق الذي يعيش هو الآخر ظروفا استثنائية بعد التدخل الخارجي وحالة عدم الاستقرار، كشف تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أواخر العام 2007 أن الفقر شمل 60% من العراقيين في حين بلغت نسبة البطالة 50%. أما في قطاع غزة فتشير بعض التقارير المحلية إلى أن نسبة الفقر بلغت 90% بسبب الأزمة الاقتصادية الناجمة عن حالة الحصار وإغلاق المعابر مما جعل سكان القطاع البالغ عددهم أكثر من مليون ونصف المليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية كمصدر رئيسي للعيش. وفي مصر - أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان- أكد تقرير للمجالس القومية المتخصصة أن 46% من المصريين لا يحصلون على الطعام الكافي ويعانون من سوء التغذية. وأضاف التقرير أن 35% من النساء و53% من الأطفال في مصر لا يحصلون على الطعام اللازم مما يشكل خطورة على هاتين الفئتين اللتين تعدان الأكثر هشاشة. أما في السودان فقد ذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للسكان، وهو هيأة حكومية، أن نسبة الفقر في البلاد تتراوح بين 45 و95%، مشيرا إلى أن إنتاج النفط في السودان لم ينجح في تحسين الظروف المعيشية للسكان. وفي بقية البلدان العربية تتفاوت النسبة من بلد إلى آخر لكن أغلب التقارير تشير إلى فشل السياسات في تأمين الأمن الغذائي لشرائح هامة من السكان.
4 - يبلغ إجمالي ثروة خمسين عائلة عربية، أغلبها من السعودية ودول الخليج، أكثر من 220 مليار دولار.
5 - رغم ما يقوله خبراء الإقتصاد، فإن المجاعة ليست كارثة طبيعية أو نتيجة لكارثة طبيعية، إلا إذا اعتبرنا الرأسمالية والإستغلال ككوارث طبيعية. إن السبب الرئيسي للمجاعة هو عدم توزيع ثروات الأرض الطبيعية بطريقة إنسانية وعادلة، فهناك العديد ممن يموتون من التخمة وكثرة الأكل. المجاعة سببها الرئيسي أن هناك من يسرق طعام الفقراء.
6 - الإنسان الجائع لا تهمه مفاهيم الرأسمالية أو الإشتراكية، ولا يهمه الدين أوالله أوالشيطان ولا يفكر في الجنة ولا في النار، الإنسان الجائع لا تهمه ولا يمكنه أن يفكر في مشاكل البيئة وتلوث الجو، الإنسان الجائع لا تهمه الديموقراطية ولا التمثيل البرلماني ولا الإنتخابات ولا حرية التعبير ولا يهمه الحصول على أي حق من حقوق الإنسان، لأنه فقد أصلا إنسانيته وأصبح مجرد جائع‪.‬
7 - في العالم، هناك طفل يموت من الجوع كل 5 ثوان، إما بشكل مباشر أو غير مباشر، أي 12 طفلا في الدقيقة، أي 720 طفل في كل ساعة، أي 17280 طفل في كل يوم، وأترك للقارئ حساب عدد الضحايا في العام الواحد، في عامين أو في عشر سنوات … وشهية طيبة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الله .. وبعرة الجمل
- المثلية الجنسية .. حق من حقوق الإنسان
- هوموفوبيا
- خرائب الوعي .. 24 - نوستالجيا
- خرائب الوعي .. 23 - الهروب
- جربوا الحب قبل الموت
- خرائب الوعي .. 22 - الصدى
- الفقراء وبؤس الثورة
- العصيان والعقاب .. 3 - ثورة إبليس
- العصيان والعقاب .. 2 - سارق النار
- العصيان والعقاب
- السلطة .. وسرير بروكست
- خرائب الوعي .. 21 - مربع ماليفيتش
- خرائب الوعي .. 20 - المصدر
- خرائب الوعي .. 19 - الأسطورة
- خرائب الوعي .. 18 - إختفاء البحر
- إغتصاب المرأة .. من مظاهر الرجولة
- حكاية الضجر .. 3 - وقود الثورة
- حكاية الضجر .. 2 - العجلة
- القاتل والقتلة والجوع


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعود سالم - الجوع .. كارثة طبيعية