أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (21)















المزيد.....

الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (21)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 13:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



إن الأساس الضروري للعمران الشامل في العراق يفترض أولا وقبل كل شيء تحديد ماهية الدولة الشرعية أو الدولة البديلة. فهي المقدمة الضرورية والضمانة الفعلية لطبيعة ومجرى التطور اللاحق. وعليها يتوقف بصورة حاسمة مضمون وآفاق التقدم المنشود في العراق. لاسيما وأنها المعضلة الجوهرية لتاريخه المعاصر، وأسّ أزمته البنيوية الشاملة.
إن معاناة القرن العشرين وويلاته القاسية بالنسبة للدول العراقية في مختلف الميادين لم تترك غير رواسب لا قيمة لها بالنسبة لبناء الدولة العصرية. بمعنى أن العراق قد عاش قرنا من الزمن بلا تاريخ، أي بلا تراكم حقيقي بالنسبة لبنية الدولة. وهو واقع يشير إلى فقدان الزمن الحديث في العراق من مضمونه التاريخي. مما جعل من "تجاربه" السياسية المتنوعة في بناء الدولة أفعالا لا قيمة لها. لأنها "تجارب" كانت تنسخ وتمسخ حقيقة الدولة العصرية. من هنا يحق لنا القول، بأن العراق منذ ظهوره الحديث وحتى الآن (1921 – 2007) لم يعرف حقيقة الدولة ومؤسساتها.
وإذا كانت الأحداث التي رافقت سقوط الدكتاتورية الصدامية قد أغلقت فصلا كاملا من تجارب الجمهوريات، كما سبق وان أغلقت الجمهورية قبل ذلك فصل الملكية، فإن المهمة الآن تقوم في تجاوز تجارب الملكية والجمهوريات، باعتبارها تجارب فاشلة ولا قيمة لها بالنسبة لبناء مؤسسات الدولة العصرية. وهي حقيقة تضع أمامنا القضية الجوهرية المتعلقة بآفاق وكيفية بناء الدولة العراقية.
فمن الناحية النظرية والعلمية لا يمكن لأي مشروع أن يتجرد من الواقع وتاريخ إشكالاته الخاصة. وهي حقيقة تنطبق على واقع العراق وتاريخ إشكالاته المختلفة. إلا أن مفارقة الظاهرة بالنسبة للعراق الحديث تقوم في انه لا تاريخ حقيقي للدولة فيه. فهو يخلو من فكرة التراكم في مكوناتها الشرعية والحقوقية والديمقراطية. بينما أدت سياسة التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية إلى سحق كل البراعم الأولية في مؤسساتها. وأصبحت "دولة بلا مؤسسات"، أي مجرد جغرافية هشة يحرسها "حرس جمهوري" و"قوات خاصة" و"فدائيين" و"شرطة سرية" وما شابه ذلك من أدوات قمعية، سرعان ما انحلت وتلاشت كما لو أنها لم تكن. وهي حقيقة أكثر مما هي واقع. مما يفترض بدوره الانطلاق من واقعية البناء العقلاني للدولة. وذلك لأننا لا نقف أمام قضية فكرية قابلة للجدل، بل أمام واقع بناء تاريخ للدولة الحديثة. وهي مهمة ليت صعبة للغاية، خصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن تاريخ العراق المعاصر لا معاصرة فيه بالمعنى الدقيق للكلمة.
إن التعقيد الأكبر في بناء الدولة الحقيقية في العراق يقوم في كيفية التوليف الواقعي والعقلاني بين بناء الدولة الشرعية والسلطة الديمقراطية. وهي مهمة يمكن إنجازها من خلال البحث عن الأوزان الداخلية للدولة الشرعية فيه. وليس المقصود بالأوزان الداخلية بشكل عام سوى التأسيس الواقعي لفكرة الاعتدال العقلاني في مشروع بناء الدولة الحديثة في ظروف العراق الملموسة وخصوصيته الوطنية. وذلك لأننا نقف أمام تركة هائلة من الخراب المادي والمعنوي بالنسبة لفكرة الدولة الشرعية وفكرة المؤسسات الضرورية لآلية فعلها المستقل. فمن الناحية الواقعية لم يكن الضعف البنيوي في هذا الميدان سوى النتيجة الحتمية للخلل التاريخي في الأوزان الداخلية للدولة العراقية المعاصرة. وهو خلل ميز كل مكوناتها الأساسية المتعلقة بفصل السلطات والدستور الثابت وسيادة القانون والنظام الديمقراطي واستقلالية المجتمع المدني. وهو خلل دفعه الصعود الراديكالي للقوى الهامشية إلى أقصى واشد أشكاله تخريبا.
بينما يفترض التأسيس العقلاني لهذه الأوزان تحقيق فكرة الاعتدال بوصفها منظومة في كافة مكونات الدولة العصرية. إذ ليست فكرة الأوزان في الواقع سوى فكرة الاعتدال. وبالتالي، فإن البديل الواقعي والعقلاني لهذا التاريخ يفترض إرساء منظومة بديلة جديدة هي منظومة الاعتدال الديناميكي، أي منظومة الأوزان الداخلية. وهي منظومة ينبغي تأسيسها استنادا إلى ظروف العراق الحالية وخصوصيته الذاتية.
إن الخصوصية الذاتية للعراق بهذا الصدد تقوم في كونه منظومة تاريخية ثقافية سياسية وجدت تعبيرها في كونه هوية ثقافية وليست تجمع أعراق، أي أنها هوية ثقافية وليست عرقية أو طائفية. وهي هوية تحتوي من حيث الجوهر على النماذج المتجانسة لفكرة الاعتدال، أي لأوزانه الداخلية. وقد كونت هذه الأوزان العراق، ومن ثم فهي قدره ومقداره في الوجود التاريخي. أما الإخلال بها فيؤدي بالضرورة إلى الخراب والاندثار. وفيما يتعلق بفكرة الدولة العصرية البديلة، فهو الميدان الذي لا بديل فيه لغير الدولة الشرعية. أنها الخيار الأكبر والمسار الأوسع لتنوع الاحتمالات الواقعية والعقلانية للبناء الدولتي. إذ ليست الدولة الشرعية البديلة كيانا مصنعا أو نموذجا جاهزا للبناء، بل فكرة ينبغي أن تحتوي على حقيقة الدولة وشرعيتها الدائمة.
وهي فكرة تفترض في ظروف العراق الحالية تأسيس منظومتها على ثلاثة مبادئ ملزمة وهي
1. ضرورة تمثل الدولة لتاريخها الكلي. والمقصود به هو تمّثل فكرتين أساسيتين فيه. الأولى، انه تاريخ واحد وموحد، والثانية انه تاريخ أقوامه وشعوبه جميعا. ومن هاتين الفكرتين ينبغي صياغة المبدأ العام القائل بضرورة تحويل تمّثل التاريخ الكلي للدولة إلى عنصر جوهري في تربية فكرة الدولة الشرعية وتاريخها الحقيقي في الوعي الاجتماعي والوطني والقومي.
2. ضرورة تجسيد حقائق تاريخها الكلي. والمقصود به هو تجسيد خمس حقائق كبرى فيه. الأولى، هي حقيقة الوحدة التي لا تقبل التجزئة في تاريخه. والثانية، إن العراق وحدة لا تقبل التجزئة الثقافية والجغرافية (بوصفه بلاد الرافدين). والثالثة، إن الهوية العراقية هي هوية تاريخية ثقافية وليس عرقية أو طائفية. والرابعة، إن مضمون هويته الوطنية هو توليف لمكوناته الرافدينية والعربية والإسلامية. والخامسة، إن العراق هو مسرح وجود وعيش الأقوام، ومن ثم فإن الانتشار الجغرافي على أراضيه من جانب أي كان هو مجرد تمثيل لدور جزئي عليها. ومن هذه الحقائق الخمس ينبغي صياغة المبدأ العام القائل، بأن قيمة الدور الذي تلعبه هذه القوة أو تلك فيه، تتوقف على مدى قدرته توليف ما أسميته بتمثل تاريخه الكلي وتجسيد حقائقه الكلية في عملية البناء الذاتي للدولة الشرعية العصرية.
3. تكاملها التلقائي من وحدة أوزانها الضرورية. والمقصود به تكاملها الذاتي عبر دراسة الأسباب الفعلية الرئيسية التي أدت إلى فشل بناء الدولة الشرعية العراقية في العصر الحديث. والتوصل عبر ذلك إلى بناء مرتكزات واقعية وعقلانية لإعادة فعالية الأوزان الداخلية للدولة الشرعية والسلطة الديمقراطية.
إن دراسة تاريخ العراق الحديث، والأسباب الفعلية القائمة وراء فشل بناء الدولة الشعرية والسلطة الديمقراطية يوصلنا إلى ضرورة تأسيس منظومة الأوزان الداخلية للدولة والسلطة. ولعل أكثرها أهمية الآن هي المرتكزات التالية:
1. أن تكون حركة البناء تلقائية المبدأ والغاية.
2. أن يكون منطلقها ومستندها في التخطيط والرؤية حقائق الهوية الوطنية العراقية (الاستعراق).
3. أن يجري بناء الدولة على أساس الهوية الثقافية القومية وليس العرقية.
4. إن الدولة البديلة هي الدولة الشرعية، أي الدولة التي تبني مرتكزاتها المادية والروحية حسب قواعد الشرعية ومتطلبات القانون.
5. إن هذه المرتكزات هي الصيغة العملية والمرحلية لحقيقة الأوزان الداخلية. وهي ثمان أوزان تتضمن (توازن السلطة والمجتمع، وتوازن الحرية والنظام، وتوازن الاقتصاد والعلم، وتوازن التربية والتعليم، وتوازن الثقافة والإبداع، وتوازن الصحة والرياضة، وتوازن التقاليد والمعاصرة، وتوازن الوطني والقومي والعالمي).
6. إن هذه الأوزان العملية ثابتة في أبعادها الإستراتيجية.
7. إن هذه الأوزان العملية متغيرة في أبعادها المرحلية من حيث الأولية والنسبة في مكوناتها.
8. إن هذه الأوزان منظومة مترابطة ومتكاملة.
فمن الناحية الإستراتيجية سيبقى العراق لعقود عديدة بحاجة إلى ثبات نسبي في ترتيب أولوية المرتكزات والأوزان الداخلية، وذلك بسبب ضرورة الاستقرار بالنسبة لبناء مؤسسات الدولة من جهة، ومن اجل إضعاف الذهنية الراديكالية ونفسيتها الاجتماعية من جهة أخرى. وبالتالي فان التوازنات الثماني المشار إليها أعلاه هي أوزان بناء الاستقرار والتكامل المتجانس للدولة الشرعية، وبالتالي للنظام الديمقراطي والمجتمع المدني وثقافته الحرة. أما نموذجها العملي وترتيب أولوياتها، فإن الصيغة المثلى لها في ظروف العراق الحالية هي تراتبيتها بالشكل التالي ( توازن السلطة والمجتمع ثم توازن التربية والتعليم ثم توازن الصحة والرياضة ثم توازن الاقتصاد والعلم ثم توازن الثقافة والإبداع ثم توازن الحرية والنظام ثم توازن التقاليد والمعاصرة ثم توازن الوطنية (العراقية) والقومية (العربية والقوميات الأخرى) والإسلامي والعالمي.
وهو ترتيب للأولويات يأخذ بنظر الاعتبار كل من مستوى وحجم الخراب الذي أحدثته التوتاليتارية البعثية والدكتاتورية الصدامية في العراق من جهة، والبديل الواقعي والعقلاني للعمران الديمقراطي الشامل من جهة أخرى. وهو المقصود بالطابع المتغير للأبعاد المرحلية في الأوزان ونسبها الداخلية. بمعنى انه ليس فقط ترتيب للأولويات، بل وترتيب للنسبة التي ينبغي أن يأخذها كل "توازن" من جانب السلطة والخزينة (المالية) واهتمام القوى السياسية والاجتماعية في النظرية والتطبيق.
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (20)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (19)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (18)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (17)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (16)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (15)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (14)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (13)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (12)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (10)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (9)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (8)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (7)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (6)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (4)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (3)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (2)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (1)


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (21)