أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - سوق ترويج الوعود والآمال














المزيد.....

سوق ترويج الوعود والآمال


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 4074 - 2013 / 4 / 26 - 00:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


افتتح دخول الديمقراطية الى بلدان العالم الثالث قطاعا تجاريا جديدا ضمن باقي القطاعات ، ألا وهو قطاع الخدمات الديمقراطية ، او قطاع البيع والشراء في الافكار السياسية والتحليلات والتوجيهات وحتى الادانات والتهديدات ، اي قطاع التجارة الديمقراطية .
ان هذا القطاع الاقتصادي الجديد المدر للربح يشمل كل المجالات والعمليات التي ’تطالها المسألة الديمقراطية ، ابتداء من ميزانية الانتخابات ، وميزانية البرلمانات ، وميزانية المجالس التمثيلية المحلية ، بلدية كانت او قروية ، وميزانية وزارة البرلمان وأجور العاملين بها ، وميزانية الصيانة والتجهيز والتسيير ، وميزانية التصويت على الدستور او على تعديل بعض بنوده ، مضافا الى ذلك الميزانيات والمصاريف التي يخسرها المرشحون إما في شراء اصوات الناخبين في بلدان يعاني سكانها من الفاقة والفقر المطلق ، او في الحفلات الموسيقية والغذائية المقامة هنا وهناك بمناسبة العملية الانتخابية ، او في شراء ذمة وأصوات مرشحين آخرين حتى يتخلوا عن ترشيحهم والأصوات التابعة لهم ، للمرشح الثري القوي الذي يستطيع ان يزن الارض ذهبا ان شاء . وكلما كان المنافس الانتخابي قويا ، كان ثمنه اعظم ولا يضير المرشح الثري المدعوم في ان يدفع لمنافسيه في الدائرة الانتخابية ما شاءوا ، لأنه متأكد من انه سيجني في اليوم الموالي لفوزه اضعاف هذا المبلغ .
انها اذن كتلة مالية سياسية ضخمة تلك التي يروجها المرشحون في الانتخابات ، حيث يغدقون الملايين من العملة المحلية ، ويوزعون المناشير والجرائد والخراف المشوية والدجاج المقلي ذات اليمين وذات الشمال ، وكأنهم آلهة الخصب في الميثولوجية القديمة وقد فاضت اثداؤها بالخيرات والنعم بغير حساب . تدير هذه الكتلة المالية طبقة بيروقراطية سياسية تضم سائر موظفي القطاع الديمقراطي ، جيوش البيروقراطية الحزبية في المراكز والفروع ، وفئات المستخدمين الموسميين في الفصول السياسية ، والمياومين خلال العمليات الانتخابية من فتوة العضلات ولزم العصابات الذين يجدون في العملية الانتخابية وليمة يتمنون من اعماقهم أن لو جاد الدهر عليهم بمثلها عشرات المرات في السنة الواحدة إن لم يؤبدها لهم يوميا . يضاف اليهم جيش من الصحافيين المتخصصين في تتبع مسار العملية الديمقراطية وتسقّط اخبارها .
يضم هذا القطاع كذلك ترسانة من القوانين والمراسيم والبروتوكالات والاتفاقيات والنصوص من كل حدب وصوب ، ترعاها بعين ساهرة عقول سياسية يقظة وحذرة .
كتلة مالية ، كتلة بيروقراطية ، كتلة تشريعية ...لخ ، تلك هي الكتلة الاساسية المشكلة لهذا القطاع التجاري الجديد . لكن ماذا يباع ويشترى في هذا القطاع ؟
اقول ان هذا القطاع هو جزء من القطاع السياسي ، وهذا الاخير هو السوق التي يتم فيها ترويج الوعود والآمال والأفكار السياسية والتحليلات والتوجيهات ، والإدانات والتهديدات . وإذا كان القطاع السياسي هو قطاع الوعود والآمال والحلول ، فان القطاع الديمقراطي يتخصص في تحويل هذه العملة السياسية الى خدمات واتصالات واستحقاقات ومكاسب ، اي في تصريف الوعود والآمل وإعطاءها طابعا اجرائيا .
لكن كيف نستسيغ هذا التحول المسخي والممسوخ للديمقراطية من مثال نموذجي لحل مسألة السلطة ، وتوزيعها بعدل ، وإشراك المواطن العادي في ادارة شؤون المدينة الى اجراءات عملية تتخذ طابع خدمات تتحول بدورها الى بضاعة ’تباع و’تشترى في السوق السياسية ؟ اليس في ذلك تحليك للمشهد الديمقراطي ، وتسويد تشاؤمي لأحد اهم مكاسب الفكر السياسي الحديث ؟
هناك قانون اساسي يسود بقوة كل مجتمع رأسمالي ، وهو تحويل كل شيء الى بضاعة تباع وتشترى بما في ذلك القيم الاخلاقية والمثل السياسية والعواطف النبيلة ، قانون التّبضيع الذي يطال مستويات المجتمع الرأسمالي كافة ، ويحكم كل مجالات الحياة المادية منها والمعنوية .
والعنصر المكمل لهذا المشهد السوريالي ، الذي هو سيادة الأداتية الناتجة عن التقدم التقني الذي ’يحول بدوره كل الاشياء الى ادوات . فمثلما تلغي الروح الرّوح البضاعية الرأسمالية كل غاية نبيلة ، فان الروح التقنية تلغي كل غائية ، وتحول القيم الجميلة والمثل النبيلة الى وسائل وأدوات . هكذا يصبح المعيار الاساس هو المنفعة والمردودية المباشرة .
والقطاع السياسي ، الذي هو قطاع تسيير واقتياد المجتمع وتوجيهه ، لا يستطيع ان يفلت من القانون العام الذي يحكم هذه المجتمعات ، وهو قانون تحويل كل شيء الى بضاعة وأداة ، وهذه المعايير تتسرب الى سلوكات ونفوس وعقول الافراد عبر الانخراط في العلاقات الرأسمالية التي تستدرج جماهير واسعة نحو نمط الحياة الاستهلاكية عن طريق القروض التي تدمج في شبكة علاقات رأسمالية على مستوى دولي ، مما يسهل عليهم وهم ’منجرّون الى احتذاء النموذج الاستهلاكي والانصياع لهذه العملية المسخيّة الكبرى .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة وفن التمويه والتضليل
- هل تخلت واشنطن عن تدعيم مقترح الحكم الذاتي باتجاه الاستفتاء ...
- الدولة والعنف في الدول العالم ثالثية
- استراتيجية الجماعات واستراتيجية السلطة
- ماذا يحمل كريستوفر رووس في جعبته ؟
- الحركة الماركسية اللينينة التونسية
- منظمة 23 مارس - مناقشات للتقرير الايديولوجي للاتحاد الاشتراك ...
- رسالة مفتوحة الى السيد وزير العدل المغربي الاستاذ مصطفى الرم ...
- الاسرة في المجتمع البطريركي الرعوي العربي
- الديمقراطية وديمقراطية الجماعات السياسية
- لو انّ بغْلة عثرتْ في حفرة ...
- المتلاشيات السياسية في زمن سوق الخردة السياسية
- المجتمع الحديث بين العقلنة واللاعقلنة
- منظمة 23 مارس -- نقد برنامج - حزب التقدم والاشتراكية --
- سورية بلد جميل ، دمره المجرمون
- الحزب العمالي
- منظمة 23 مارس -- في التوجه السياسي المرحلي -
- الدرك الملكي
- منظمة 23 مارس الماركسية اللينينية - التقرير التوجيهي -
- الاغنية السياسية


المزيد.....




- محكمة استئناف فرنسية تقضي بالإفراج عن جورج إبراهيم عبد الله ...
- من هي الجماعات المسلحة المتصارعة في سوريا؟
- الجيش السوري ينسحب من السويداء.. الشرع يؤكد أن الدروز جزء أس ...
- سوريا ـ انسحاب قوات الحكومة من السويداء وتكليف الدروز بحفظ ا ...
- أوبر تفتح أبوابها للتاكسي الصيني ذاتي القيادة.. والشرق الأوس ...
- الولايات المتحدة ترحّل مهاجرين لدولة أفريقية وسط مخاوف حقوقي ...
- لماذا تغيب روسيا عن التطورات الأخيرة في سوريا؟
- كيف تربح أميركا من حرب روسيا على أوكرانيا؟
- إصابة 5 جنود إسرائيليين والقسام تعلن عن عمليات في غزة
- لا يسكنها أحد.. كيف أصبحت عشرات القرى البلغارية خالية؟


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - سوق ترويج الوعود والآمال