أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - في سياق التحضير للفاتح من ماي















المزيد.....

في سياق التحضير للفاتح من ماي


وديع السرغيني

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 22:20
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ككل سنة ومع كل اقتراب للفاتح من ماي، حيث تستعد الطبقة العاملة وأنصار مشروعها التحرري، لتخليد يومها النضالي، يوم الاحتجاج النقابي، الذي تقدم فيه الطبقة العاملة المنظمة والمنخرطة في العمل النقابي ومركزياته العديدة، حصيلة نضالاتها واحتجاجاتها السنوية، عبر الإعلان بفخر عن مكتسباتها التي تستوجب التحصين، وعبر تجديد المطالبة والدعوة للكفاح من أجل ما تبقى من المطالب العالقة.. حيث لا يدخر النقابيون والنقابيات جهدا في فضح الحوارات المغشوشة، وفي إدانة جميع أشكال القمع والتضييق الذي يعرفه النضال النقابي، محذرين في نفس الآن من مغبّة التراجعات وابتلاع المكتسبات في أية لحظة من تراخي النضالات العمالية والنقابية.
وككل سنة، تتدفق التصريحات والخطابات، والمقالات، والبيانات المشيدة بنضالات الطبقة العاملة وبأدوارها الطلائعية، وبقوتها الضاربة كطبقة منظمة أكثر من غيرها، بحكم طبيعة فضاء عملها داخل المصانع والأوراش، بالإضافة لسلاحها القاتل، الذي هو الإضراب، والذي لا يشبه في شيء إضرابات القطاعات والفئات الأخرى التي لا تنتج سلعا ولا فائض قيمة، ولا تراكم أرباحا..الخ لكن سرعان، ومباشرة بعد إنهاء مسيرة الفاتح من ماي، حتى يتجاهل الكثير منّا هذه المميزات الخاصة بالطبقة العاملة دون غيرها، ليتجه بممارسته وجهده لمجالات أخرى أقل شأنا من هذا الالتزام الطبقي الثوري الواضح.
فإذا كان الجميع، وعلى رأسهم المفكرون الاقتصاديون اللبراليون، أي بمن فيهم خبراء ومهندسي المؤسسات المالية العالمية والإمبريالية، يقرّون جميعهم بهول الأزمة وبمضاعفاتها الوخيمة على غالبية الاقتصادات، إن لم نقل على مجموع الشعوب والبلدان والبشرية جمعاء.. فما زال حكام المغرب وخدامهم الأوفياء، في الحكومة والبرلمان والصحافة ومدرجات الجامعة..الخ يستخفون بالأزمة وبوقعها الكارثي المحتمل، رغم صراحة المعطيات والأرقام التي تفقء الأعين.
فبالأمس القريب، تم تجميد جزء من الاستثمارات، فاق حجمه 25% من الميزانية المخصصة.. حيث لم يكن بالإجراء العادي الذي يمكن أن يتقبله الاقتصاديون دون أن يبحثوا في خلفياته وفي حجم أضراره، ليتبيّن أن الإجراء لم يكن سوى خطوة أولى ضمن خطوات أخرى منتظرة في الأمد القريب، باسم تقويم هيكلي جديد، يبيّت له بالليل من داخل غرفة العمليات والتخطيط، التابعة لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
إنها البداية الرسمية والعلنية لتطبيق "تزيار السمطة"، وفي نهج سياسة التقشف تطبيقا وإرضاءا لسياسة "الصندوق" كما هو حال جميع السياسات المفلسة باليونان وقبرص وإسبانيا وإرلندا والبرتغال..الخ خاصة بعد أن تبخّرت وعود الحكومة عن قدراتها في التحكم في نسبة العجز التي تفاقمت وتجاوزت 7%.. فعلى من تشير إذن حكومة بن كيران اللبرالية المتأسلمة، "بتزيار السمطة" والتقشف؟ على المترفين ومهربي الأموال ـ 34 مليار درهم تهرب سنويا حسب مكتب الصرف ـ على رواد الكازينوهات ومنخرطي نوادي الكولف، مثلا؟ أم على ذوي الدخل المحدود، عمال الشركات والمعامل والمصانع والضيعات والمناجم، عمال الموقف وخادمات البيوت والمطاعم والمقاهي..الخ المعطلين والمعطلات حاملي الشواهد والسواعد؟ على من إذن، ونحن نعرف الإجابة مسبقا؟
على هذا، فمن الطبيعي والواجب جدا، أن نفكر منذ الآن كيف السبيل لمناهضة سياسة التقشف، والحال أننا نعرف جيدا وعن تجربة وتجارب، من هم الضحايا الحقيقيين والفعليين لسياسة التقشف و"تزيار السمطة.." لأن تجربة بداية الثمانينات على الأخص، علمتنا، وبيّنت بالملموس أبعاد الكوارث الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي تسببت فيها وصفات "الصندوق" التي كانت أساسا للتقويم الهيكلي الذي تقدم به "الصندوق"، والتي ألغيت بموجبها مناصب الشغل بعشرات الآلاف، ليتم تعميق البطالة، وبالتالي البؤس والجريمة بشتى أنواعها.. بموجبها أيضا، تم تقليص منحة الطلبة وحرمان العديد منها، مما دفع بهم لهجر مدرجات الجامعة في اتجاه الشارع أو السجون.. هي نفس الوصفات التي حرمت أبناء شعبنا من مجانية الصحة والتعليم، ورفعت أسعار المواد الأساسية باستمرار، وفوتت الأراضي والضيعات والشركات والمصانع والموانئ والمناجم..الخ للخواص وبأبخس الأثمان.. حيث لم يتوانى النظام وحكوماته المتعاقبة التي أشرفت على تطبيق هذه المخططات الجهنمية، عن قمع المواطنين المحتجين، برميهم بالرصاص الحي أو برميهم في ظلمات السجون والمعتقلات، حيث لفظ العديد منهم أنفاسه تحت التعذيب أو خلال الإضرابات اللامحدودة عن الطعام.
فهل ستتقبل جماهير شعبنا هذه الوصفات الكارثية، من جديد وفي هذه اللحظة بالذات؟ والحال أنها تمرست وتدربت على الاحتجاج، الذي لم يعد مقتصرا على المدن الكبيرة، بل اتسعت رقعته لتشمل قرى الجبال والصحاري والواحات..الخ وارتقت أشكال نضاله بشكل ملموس من حيث التنظيم، وطول نفس المعارك، وتطوير أساليب الدعم والتضامن وفك العزلة عن المحتجين..الخ
أبدا لن تقبل، ولن تركع أو تنبطح لهذه المخططات الإمبريالية والطبقية، بل الأكيد هو أنها ستدخل المعركة بمعية طلائعها وشبابها الثوري، بهمة وحماس عاليين، وستثبت جدارتها ورباطة جأشها كالمعتاد دفاعا عن كرامتها وعن قدراتها الشرائية، وعن مستقبل البلد في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية..الخ
لم تكن هذه المخططات، سوى شائعات، في نظر النظام وذيوله في الحكومة ومراكز القرار السياسية والمالية.. ومع اقتراب نزول هذه الشائعات لأرض الواقع، طفت للسطح خطابات التبرير وخطابات التنصل والهروب للمعارضة من طرف بعض المكونات السياسية الانتهازية خديمة النظام القائم وأسياده الإمبرياليين. من بين الشائعات، شائعات الزيادة في ثمن المحروقات، وبالتالي الزيادة في أسعار جميع المواد الأساسية وغيرها من المواد والخدمات، وشائعات إعدام صندوق الدعم، وشائعات شطب العديد من مناصب الشغل، وشائعات تقليص أجور الموظفين بنسبة 5%..الخ
إلا أنه وخلال الأيام الأخيرة، وبعد تجميد نسبة مهمة من الاستثمارات فاقت 25%، أصبحت الشائعات حقائق يترقب نزولها الجميع، بعد أن أصبح القرار حكوميا منزّلا، ومفصّلا بكل تدقيق في حجم الأضرار التي ستلحق بكل قطاع على حدة.. الشيء الذي سينجم عنه، وبلا شك، مضاعفات خطيرة، اقتصادية وسياسية واجتماعية..الخ
هو ذا السياق الذي نستعد فيه كتيارات عمالية، اهتدت منذ زمان للأطروحة الماركسية التي لا ترى من مخرج لأزمات الرأسمالية، الدورية والمتكررة، سوى الثورة الاشتراكية وبناء الاقتصاد المبني على التخطيط وعلى المِلكية الجماعية لوسائل الإنتاج، وعلى تحكم المنتجين المباشرين، في الإنتاج والتوزيع والخدمات..الخ
قليل من هذه التيارات، التي تعتد نفسها عمالية واشتراكية، ممن لا تزال تتشبث بالأطروحة الماركسية العلمية والخالدة، التي اعتبرت الطبقة العاملة صاحبة رسالة تاريخية، كطبقة ثورية لها من المؤهلات ما ليس لدونها من الفئات والطبقات الاجتماعية الأخرى التي تعاني هي أيضا من الفقر والجوع والحرمان والاضطهاد والتهميش.. في ظل النظام الرأسمالي القائم، دون أن تجد لتحررها سبيلا.
فالطبقة العاملة تتوفر على مقدرات تنظيمية هائلة، يراها الجميع بأم عينيه ويتلمسها عن كثب، وليس من خلال الكتب والأحاجي والشاشات الإلكترونية كما يفعل البعض.. مئات وآلاف العمال والعاملات، يتكدسون ليلا ونهارا بمعامل النسيج، ومعامل تعليب السمك، ومعامل التصبير وصناعة المواد الغذائية، وبشركات ومعامل الأسلاك الكهربائية وصنع السيارات والألبسة والأحذية، وبضيعات الفراولة والليمون والزيتون..الخ
وباستعمال العمال لسلاح الإضراب، يوقعون الخسائر الكبرى وبسرعة في الأرباح الرأسمالية، ويخلقون حالة استنفار كبرى في صفوف السلطات القمعية التي تجنـّد الأعوان "المقدمين" ـ المقدم هو أدنى درجة استخباراتية في جهاز القمع بالمغرب ـ والقيّاد وعناصر الاستخبارات العامة وDST وDAG ..الخ حيث يفرض العمال بفعل صمودهم وتضامنهم، الحوار والتفاوض، ويجبرون أرباب العمل البرجوازيين على التنازل وتلبية نسبة عالية من مطالبهم، بالرغم من القوة القمعية والبوليسية التي يوفرونها لمواجهتهم.
هذا الإضراب الذي يمكن أن تحوله الطبقة العاملة إلى إضراب قطاعي، سيكلف الطبقة البرجوازية خسائر كبرى، ويمكن أن يتحول بعدها الإضراب إلى إضراب وطني إذا توفرت له الشروط المناسبة والقيادة السياسية والنقابية الحازمة، للمطالبة بحقوق أشمل وأعمق، اقتصادية وسياسية واجتماعية، تهم الغالبية الساحقة من المواطنين وليس العمال وحدهم.. الشيء الذي يدفع بها أمام تفاقم الأزمة، وتعنت الحكام البرجوازيين ودولتهم، إلى إعلان العصيان والتمرد ثم المطالبة بالتغيير وبالسلطة السياسية لمصلحة الفقراء وعموم الكادحين والمسحوقين، في آخر المطاف.
هكذا، وعلى هذا الأساس انبنت اختيارات الشيوعيين المراهنين على الحل الاشتراكي حقيقة، وليس احتمالا ضمن إمكانيات أخرى كما يدّعي بعضهم، لتجاوز الأزمة الرأسمالية، والمراهنين كذلك على الطبقة العاملة منتجة فائض القيمة، لقيادة نضال الكادحين والمستضعفين وجميع المحرومين والمهمشين، من أجل هذه المهمة الثورية.
كيف السبيل الآن، لإقناع العمال والعاملات برسالتهم التاريخية، هذه؟ أعتقد أن الوقت قد حان، خصوصا بعد هذه المدة الطويلة على تأسيس الحركة الماركسية اللينينية بالمغرب ـ أواخر الستينات من القرن الماضي ـ التي رافقها نوع من الغموض والالتباس والتحفظ بشان الرسالة التاريخية للطبقة العاملة وكذا بالخط اللينيني، خط الإضراب العمالي والانتفاضة والعصيان المدني المسلح.. الشيء الذي لم يشكل قناعة لدى أغلب القيادات المؤسسة والمؤطرة لهذه الحركة، والذين اتجهوا بمنظماتهم نحو الدعوة لخلق البؤر والأنوية الثورية المتحركة لبناء جيش الشعب، وإعلان الحرب الشعبية الطويلة الأمد من الجبال والأرياف، اعتمادا على الفلاحين وليس على الطبقة العاملة..الخ عكس هذا وذاك، انحسرت الحركة داخل الأوساط الشبابية في الجامعة والثانويات، وبعد تمكن القمع من تنظيماتها تفككت التنظيمات وتراجعت عن مشروعها الثوري، ليتكيف ما تبقى من القيادات والأطر مع المشهد السياسي القائم، مندمجا داخل فضاءات النضال الحقوقي والتنموي والإصلاحي..الخ
بالنسبة لنا أنصار الخط البروليتاري داخل الحركة، ما زالت المهمة في قناعتنا، ملحة ولا تقبل التأجيل، مهمة النضال من أجل التأسيس لحركة من أجل الاشتراكية، تتخذ على عاتقها مهمة نشر الوعي في الأوساط الشبابية المدرسية والجامعية، العمالية والنسائية، وفي صفوف المعطلين.. حول هذا الدور العظيم المنوط بالطبقة العاملة، وعن أهمية رسالتها التاريخية من اجل تحررها وتحرير المجتمع من قيود الرأسمالية، وحكامها وأنظمتها المستبدة والديكتاتورية.. هذه الحركة التي ستنهي النقاش العقيم، الذي حوّل الصراع إلى صدام بين الانعزاليين والانبطاحيين، وستضع الحد للصراعات بين أصحاب الرأي المحافظ الذي يقول "لنبقى على هذه الحال.. على الأقل طاهرين من دنس الانحراف والتحريفية..الخ" لمعارضة دعاة القبول بالممكن ممن يبررون تقاعسهم بالقول "كي لا نعزل أنفسنا، وكي لا يستهدفنا القمع ويستفرد بنا.. يجب تعزيز الصفوف والاختباء وراء الحشود كي لا تلتقطنا أعين المخزن أو الطاغوت، سيان..الخ
قد يتساءل البعض، والسؤال مشروع، هل نحن بصدد التأسيس لحركة أو تيار، من عدم؟ يعني، هل هي بداية الاهتداء لهذه المهمة التي تم اكتشافها بالصدفة، مثلا.! أبدا، فالحركة أصلا موجودة منذ حوالي القرن، باعتبارها حركة لا ولم تؤسس بقرار.. كل ما في الأمر أنها كانت دائما في حاجة للتنشيط والتطوير والتفعيل، فلا أحد في ساحة الصراع يمتلك حق احتكار الكلمة باسم الشيوعيين والمناضلين من أجل الثورة الاشتراكية، بحجة أن في المغرب، وفي جميع البلدان في بقاع العالم بأسره، الآلاف المؤلفة من المناضلين والمناضلات ممن يدافعون عن الاشتراكية كبديل، وكمشروع مجتمعي، وكإستراتيجية حتمية سندخل غمارها عاجلا أم آجلا، بالطرق الإصلاحية أو الثورية، سيان.. فلا وجود لفضاءات يسارية ديمقراطية تقدمية، إلا واحتضنت بداخلها العديد من المدافعين عن البديل الاشتراكي.
فالحاجة ماسة لتنظيم هذه الحركة، عبر تقوية جسور التواصل بين مجموع وجهات النظر المدافعة عن البديل الاشتراكي، وعبر تطوير أساليب النقاش النظري الفكري والسياسي بين مختلف تيارات الحركة العمالية، وعبر طرح البرامج وإعلان المبادرات وإصدار البيانات المشتركة، وعبر النزول الجماعي للشارع بشكل تنسيقي، وحدوي، يطرح مبادرات الحركة الاشتراكية للنقاش الواسع والمباشر مع المعنيين بالتغيير، في الأوساط العمالية والنقابية وفي الأوساط الشعبية الكادحة والمحرومة عامة، النقاش حول ضرورة الاشتراكية وحول نجاعة حلولها الاقتصادية والاجتماعية كبديل للرأسمالية، وكإنقاذ من حلولها الكارثية التي لم تعد تخفيها على أحد، مستهترة بمضاعفاتها الوخيمة وفظاعاتها البيّنة على أحوال وواقع الكادحين، والشعوب، والبشرية عامة.
وبالنظر لتجربة الانتفاضات والثورات الشعبية التي عرفتها المنطقة العربية والمغاربية وجزء كبير من البلدان الأوربية والعالمية، والتي أبان خلالها اليسار الشيوعي المناضل من أجل الاشتراكية عن ضعفه، وعن انقسامه وتشيعه الخطير، متواريا خلف حشود الجبهات المناهضة والمعادية للاشتراكية.. بشكل لا يعكس جهود اليسار، وإخلاص مناضليه، ووفائهم لمشروع التغيير الاشتراكي، بما يتضمنه من تغيير لأحوال العمال والعاملات وسائر الكادحين والمحرومين في ظل مجتمع الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية..الخ لا يسعنا إلا أن نجدد الدعوة لوحدة التيارات المناهضة للرأسمالية والمناضلة من أجل الاشتراكية، عبر الانخراط الفعال في الحركة من أجل الاشتراكية، بدءا بالتحضير الجيد لفاتح ماي كيوم للنضال العمالي من أجل التحرر والتحرير، ومشيا على خط التنسيق والتواصل والتعبئة من اجل اتخاذ الإجراءات العملية لإعلان، وبعث حركة مناضلة قوية، منظمة، لا تنتظر العفوية والأقدار، ولا تتباكى عن سرقة الثورات من طرف الإخوان.. حركة واضحة المعالم، والمكونات، والمشروع والاختيارات.. حركة تراهن على قوة الجماهير الشعبية المحرومة والفقيرة، إذا وجدت من يوجهها ويقودها ويبعدها عن الفضاءات الملغومة بحماة الرأسمالية، أعداء التغيير، حفظة العرش والمَلكية، الأنذال، أعداء الاشتراكية الشرسين..الخ حيث لم يعد المجال بعد الآن لأنصاف الحلول، والتدرج عبر مراحل، والشعارات القابلة للتأويل مثل "إسقاط الفساد"، و"إسقاط المخزن" و"إسقاط الطاغوت".. وحيث لا مجال للقفز عن دروس الثورات في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن..الخ
فإذا كانت الحرب مفتوحة على مصراعيها ومنذ زمان، بين الإمبريالية كنظام اقتصادي، سياسي واجتماعي، مبني على النهب والاستغلال والعبودية والاستبداد، وبين الشعوب المستضعفة والمفقرة والمهمشة، منتجة الخيرات والثروات.. فالحل لهذا التناقض، يوجد بيد الطبقة العاملة كطبقة واعية منظمة سياسيا ونقابيا، طبقة واعية بقدرتها على قيادة جيش الفقراء الكادحين والمهمشين. ودون هذا الدور ستستمر الثورات والانتفاضات والتمردات، ضمن نفس المنظومة الرأسمالية التي لن تنتج سوى المزيد من البؤس والحرمان ومراكمة الأزمات.. فالمشكل إذن ليس في وكلاء الحرب المحليين، فإذا كان لا بد من خوض الحرب، فيجب توجيه الحراب والبنادق والمدافع، لصدور جنرالات الحرب الحقيقيين.. بمعنى أنه يتوجب فتح الحرب ضد المنظومة السياسية والاقتصادية الرأسمالية الإمبريالية بتوابعها وحلفاءها جميعا.
فقبل أن يتصف اليسار بكونه اجتماعيا، كان مناهضا شرسا للرأسمالية وطبقتها البرجوازية أولا، كان فاضحا مشهّرا بالاستغلال والاستبداد الذي تقوم به دولة الرأسمال في حق العمال وصغار التجار والمنتجين والحرفيين والفلاحين وسائر الكادحين والمهمشين، باعتبارها أداة قمع طبقية معينة ومفوضة لخدمة الطبقة البرجوازية وحلفاءها من الملاك الكبار، ولم يكن اليسار لحظة تأسيسه وتشكله متصالحا البتـّة مع الرأسمالية، أو يلهث من أجل الحفاظ عليها، وإنقاذها عبر إصلاحها وبث الروح والقدسية في مؤسساتها، وإجهاد النفس لتلميع ديمقراطيتها..الخ
ولد اليسار في خضم الصراع والنضال من أجل الاشتراكية، حيث كانت الثورة مطلبا وهدفا لجميع اليساريين، ولم يكن الخلاف حينها، سوى حول مرحلة التعبئة والشكل الذي يمكن أن تتخذه، وحول مدتها المفترضة، التي يمكن أن تقصر أو تطول، حسب رأي كل تيار على حدة، وحول وسائل التعبئة، وحول الجهات والمجالات والطبقات المستهدفة بالتعبئة من اجل مشروع التغيير الثوري هذا.
هي ذي مساهمتنا وهو ذا تصورنا لهذه المناسبة، كتيار عمالي بروليتاري مناضل في صفوف الحركة الماركسية اللينينية المغربية، وفي صفوف الحركة المناضلة من أجل الاشتراكية، وكلنا أمل في هذه الوحدة المنشودة، خاصة بعد الإنجازات الوحدوية العظيمة التي ظهرت بوادرها داخل الفضاء النقابي المناضل عبر انتفاضة النقابيين الديمقراطيين ضد بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل، وبإعلان المبادرات النضالية المشتركة العديدة في الساحة الطلابية بين التيارات الطلابية التقدمية، وعبر استقطاب الحركات الشبابية والجمعوية لميدان النضال الاحتجاجي والعمالي للمساندة والدعم والتأطير..الخ
فلن يكون الفاتح من ماي يوما للاستعراض وفقط، أو يوما لعرض المنافسة العددية بين المركزيات، كما يتمنى البعض ويعمل جادا من اجله.. بل سيكون يوما لتجديد العهد من أجل انتصار خط الوحدة والتضامن والتنسيق، والعمل المشترك على أرضية المناهضة للرأسمالية والعداء للإمبريالية والرجعية حاكمة أو محكومة، سيان.. وبهدف إقامة التغيير الذي سيحسن بشكل جذري من أوضاع الفقراء وكافة المحرومين والمهمشين، بشكل اشتراكي تضامني، تكون فيه السلطة للمنتجين الأحرار، في المدن والبوادي وأقصى المداشر، وفي جميع أنحاء وجهات البلاد.. بعيدا عن الوصفات الجاهزة، وعن التشبث بالنماذج الاشتراكية الفاشلة، التي أثبتت المعطيات الكثيرة، قصورها وثغراتها ومنزلقاتها البيّنة..الخ



#وديع_السرغيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عين العقل.. فيما صدر عن الطلبة المعتقلين من موقف
- ضد اليسراوية الرفضوية، وضد الانتهازية اليمينية وضد الرجعية ا ...
- عن قصة طرزان الذي رفض التحالف مع الإخوان
- في ذكرى 23 مارس
- في ذكرى صدور -البيان الشيوعي-
- دعما للحركة ولجميع الحركات الاحتجاجية المناضلة
- من تداعيات النقاش حول حزب الطبقة العاملة المستقل
- بناء حزب الطبقة العاملة المستقل مهمة ماركسية لينينية
- تحت راية الاشتراكية.. ومن أجل جبهة يسارية جذرية
- في ذكرى الشهيدة -سعيدة المنبهي-
- دفاعا عن الخط النقابي الديمقراطي الوحدوي
- في ذكرى الشهيد زروال
- دفاعا عن الثورة الاشتراكية
- من أجل منظمة ماركسية لينينية مغربية
- -إلى الأمام-.. -النهج- أي رابط وأية علاقة؟
- في ذكرى التأسيس لمنظمة -إلى الأمام- الذكرى الثانية والأربعون
- في التضامن مع نضالات الشعب السوري
- جديد حركة 20 فبراير.. سنة جديدة بمحتضن جديد اسمه -السلفية ال ...
- حول ما صرح به أحد -فضلاء- المدينة العمالية الصامدة
- من أجل قيادة نوعية للحركات الاحتجاجية بالمغرب


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - وديع السرغيني - في سياق التحضير للفاتح من ماي