أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - راحة الموتى














المزيد.....

راحة الموتى


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4070 - 2013 / 4 / 22 - 17:42
المحور: الادب والفن
    


على شاهدة قبر كتب ميت بخط يده: "رجاء عدم الإزعاج. أنا نائم الآن".
لم يعر الأحياء اعتبارا للتنبيه، ووقفوا على القبر يعددون مناقبه ويقرأون الآيات ويبكون.
في الليل خرج الميت من قبره منزعجا ورسم علامة "ممنوع الوقوف" الحمراء على شاهدة القبر، وعاد للنوم.
جاء أهله في الغد ووقفوا على القبر.
قال أشطرهم: - العلامة تخص السائقين ونحن راجلون.
في اليوم الموالي وجد الأهل على القبر عبارة: "لا أحد يسكن هنا".
فتباكوا ونشروا إعلان بحث عن متغيب.
تقدم واحد منهم مريض ميؤس من علاجه واقترح أن يدفنوه في ذلك القبر ما دام لا يسكنه أحد.
قال: - إنه قبر مناسب يقع في مدخل المقبرة وتظلله شجرة وشاهدته من رخام جيد مستورد.
لما قضى المريض الميئوس من علاجه دفنوه في القبر المعلوم ففوجئ بالساكن الأصلي، وبعد تجادل وخصام اتفق الميتان على التعاون بحفر نفق يفضي إلى سفح جبل بعيد عن المقابر، لا تصله رائحة بشر من الأحياء تزعج سكينتهما. أمضيا أشهرا في الحفر قبل أن يجدا نفسيهما في سرداب البنك المركزي. لما رآهم حاكم البلد وكان يقوم بمهمته التفقدية الليلية لسرقة مال الشعب، ولى هاربا من منظرهما والرعب يلبسه. في الصباح جمع الملك حاشيته وأخبرهم أن سبب تراجع الاقتصاد الوطني وفراغ خزينة الدولة وراءه عصابة خطيرة من الجان والعفاريت. أفتى كبير المسشتارين بأن تسلط على العصابة الجنية كتيبة من أمهر حفظة القرآن الكريم. هكذا أصبحت بناية البنك المركزي تشهد كل ليلة تلاوة القرآن الكريم حتى مطلع الفجر. وبعدها يقوم الفقهاء برش المكان ببرميل الماء الذي كانوا يضعونه أمامهم أثناء التلاوة.
تدافع المواطنون على الكتاتيب القرآنية لتحفيظ أبنائهم سور وآيات الذكر الحكيم، إذ صلحت الأحوال المادية للفقهاء. ولم تصلح أحوال الخزينة. وترشيدا في النفقات قرر الملك صرف الفقهاء وتعيين موظف من الدولة بدلهم، بالرغم من كونه لا يحفظ أية آية، إلا أنه كان يستعين بالقراءة من كتاب المصحف وهو واقف أمام صنبور مياه الشرب، وبعدها يقوم بإطلاق الماء المندلق من الصنيور ويرش السرداب بمقياس قبيل ذهابه للنوم من غير أداء صلاة الفجر.
استمرت الأزمة الاقتصادية في البلد وتحولت أغلبية أفراد الشعب إلى فقراء ومسحوقين. كان الملك قد اغتنم الحدث قبل ذلك وحول الخزينة إلى داخل قصره. وهرب الأموال إلى أبناك الكفرة أعداء الله، متهما الجن بإفراغ ما تبقى من رصيد في البنك المركزي. هكذا خطب في الشعب البئيس وقال إنه تبعا للسياسة الرشيدة التي ينهجها منذ اعتلائه العرش تبين لجلالته أنه لم يبق أمامنا إلا رهن البلد إلى دولة عظمى تقبل علينا. في البلاط جمع الفقهاء لاستخراج فتوى تبيح فكرته النيرة العبقرية، فقايضه الفقهاء بإرجاعهم إلى عملهم بالبنك المركزي. وهكذا كان.
استنكر الميتان ما رأوه وما شهدوه من جرائم ترتكب في حق الشعب وقررا العودة إلى قبرهما المشترك. فوجدا المقبرة قد تم تفويتها من قبل شركة أجنبية، ولم يستطيعا العثور على قبرهما بين القبور، إذ أصبح موفقا للسيارات يؤدى عنه. فتشردا وسط جموع الشعب المقهور. هما الآن يفكران في تنظيم ثورة تضمن للموتى الحق في السكن والكرامة والموت المريح.



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عناق بطعم الأوزون
- جنازة فقيه القرية
- التأشيرة الأخيرة
- المديح السفلي
- أغنية للجلاد
- نشرة استثنائية مطولة
- قصة قصيرة: أغنية الجلاد
- عندما تحمر النجوم وتزداد السماء زرقة
- الأمن الوقتي
- من أخبار الجرائم
- البكاء تحت المطر
- عملية انفجار أحرف باردة
- بيصارة كسيح بلا شواء
- حب ضاحك كالحزن
- الفرز العظيم
- أكل الكفن
- قصة: موعدي معي
- قصة: فيروس الجاذبية
- قصة واقعية تقريبا : حكاية شاعر معتقل
- قصة واقعية: اعتقال ابتهال


المزيد.....




- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...
- في حضرةِ الألم
- وزير الداخلية الفرنسي يقدّم شكوى ضدّ ممثل كوميدي لتشببيه الش ...
- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - راحة الموتى