|
مصر التي تحتاج إلى استئناف ثورتها!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4068 - 2013 / 4 / 20 - 21:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جواد البشيتي مصر، مع ثورتها، "تتقدَّم" إذا ما عادت إلى "الوراء"، إلى لحظة تنحية مبارك؛ ففي تلك اللحظة التاريخية استبدَّت "الأوهام الإصلاحية (والليبرالية)" بشباب الثورة، فشرعت تلك الأوهام تَكْبَح الاندفاعة الثورية حتى توقَّفت؛ ولقد حان لثورة الخامس والعشرين من يناير العظمى أنْ تَسْتأنِف سيرها من حيث توقَّفت، أيْ من تلك "النقطة"، أو من تلك "اللحظة"؛ فهذا "التوقُّف"، الذي حضَّت عليه تلك الأوهام، مع منتجيها ومروِّجيها، إنَّما يشبه أنْ يموت المرء وهو على بُعْد شِبْرٍ من "الهدف" الذي من أجله ناضل زمناً طويلاً؛ فلا خيار الآن إلاَّ الخيار الآتي: إمَّا أنْ تَسْتأنِف الثورة سيرها، بالدوافع والغايات نفسها، وإمَّا أنْ تَحْكُم على نفسها بالموت. لا تَدَعوا "القضاء"، الذي هو مبارك على هيئة "السُّلْطة القضائية"، أو ما يُفضِّل الليبراليون تسميته "سُلْطة القانون"، يقضي على الثورة؛ فإمَّا ثورة على هذا "القضاء"، تتخطَّى "تطهيره" إلى القضاء عليه، أيْ هدمه توصُّلاً إلى إعادة بنائه بما يَقْطَع "صِلَة الرَّحم" بينه وبين عهد مبارك، وإمَّا مهادنته، ومسايرته، ومجاملته، وملاطفته، بما يُمكِّنه، مع سائر قوى الثورة المضادة، من القضاء على الثورة؛ فإنَّ قضاءً يوشك أنْ يُبرِّئ ساحة مبارك هو قضاء يُعْلِن على رؤوس الأشهاد أنَّه من عهد مبارك، وإلى إحيائه يسعى، وأنَّه إلى قوى الثورة المضادة ينتمي، مهما تلفَّع بـ "جلالة القانون (ودولة القانون)". ولا تَدَعوا "الشَّجرة"، وهي كناية عن تركيز الجهود الثورية الآن في دَرْء مخاطر "القضاء" عن الثورة، تَحُول بينكم وبين رؤية "الغابة"، وهي كناية عن الثورة المضادة على وجه العموم؛ وها هو وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري يمتدح المؤسَّسة العسكرية، في مصر، قائلاً: "إنَّها الاستثمار الأفضل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط"؛ أمَّا السبب الذي حَمَلَه على قول ذلك، وسعى في "تجميل" التعبير عن "معناه غير الجميل"، فهو "دورها الحاسم في تفادي اندلاع حرب أهلية إبَّان الثورة التي أطاحت مبارك؛ فلولا هذه المؤسَّسة لشهدت مصر حرباً أهلية، أُريقت فيها كثير من الدِّماء". أمَّا "الحقيقة"، التي عبَّر عنها كيري بهذه "اللغة الليبرالية"، فيُمْكِننا التعبير عنها بـ "لغة 25 يناير" على النحو الآتي: إنَّ المؤسَّسة العسكرية المصرية، وقيادتها العليا على وجه الخصوص، عَرَفَت، إذْ أجادت لعبة الخداع والتضليل، كيف تَمْنَع "سقوط الرأس" من "التفاعُل الثوري" بما يؤدِّي، أخيراً، إلى "سقوط الجسم كله"؛ وها هو "الرأس" يُحاكَم على أنَّه "شخص"، لا يُمثِّل إلاَّ نفسه، ولم يَرْتَكِب، من ثمَّ، بيديه جريمة قَتْل الثوَّار في ميدان التحرير (وفي أماكِن مصرية أخرى). هذا "القضاء"، "قضاء مبارك"، لم يكن "نزيهاً" فحسب؛ بل كان "النزاهة بعينها"، ويَصْلُح تعريفاً لها؛ فكيف له أنْ يَدِيِن مبارك، أيْ يُثْبِت جريمة القتل عليه، وليس لديه من "الأدلَّة (التي لا ريب فيها)" ما يكفي لإدانته بارتكاب تلك الجريمة بيديه، أو بأيادي أُناسٍ أصْدَر لهم مبارك (شخصياً) أمْراً (مؤكَّداً ومُثْبتاً) بارتكابها؟! ولو كان لدى هذا "القضاء" نزراً من النزاهة لاتَّخَذَ من "عدم وجود" تلك "الأدلَّة" دليلاً مُفْحِماً على أنَّ عهد مبارك كان من الاستبداد بمكان؛ فإنَّ "الدكتاتور المثالي" هو الذي يَرْتَكِب جريمتين في آن: "الجريمة نفسها"، و"جريمة إخفاء وإتلاف كل دليلٍ على أنَّه قد ارتكبها (أو شاركَ في ارتكابها)"؛ وها هو بشار الأسد الآن يتمادى في ارتكاب "الجريمة الأخرى"، أيْ جريمة إخفاء وإتلاف كل دليل (يُعْتَدُّ به) على أنَّه ارْتَكَب، ويَرْتَكِب، جرائم في حقِّ الشعب وثورته؛ ولو كان لدى سورية "مؤسَّسة عسكرية" كالمصرية، ولدى الولايات المتحدة من النُّفوذ فيها ما يشبه ويَعْدِل نفوذها في "المؤسَّسة العسكرية المصرية"، لرَأَيْنا، أو لرُبَّما رَأَيْنا، بشار يُنَحَّى، و"يُسْجَن" في "سِجْنٍ" يتمنَّاه كل مواطِن سوري؛ ثمَّ يُحاكَم لِتُبَرَّأ ساحته، وليُتَّهَم "مجهولٌ" بارتكاب كل تلك الجرائم التي ظَنَّت "الضحية (وذووها، والقاصي والدَّاني)" أنَّه هو مرتكبها، ولَثَبُت وتأكَّد، بعد، وبفضل، ثُبوت "براءة المُجْرِمَيْن (المصري والسوري)" أنَّ بعض الظَّنِّ إثْم؛ وإنَّه لإثْمٌ لو تَعْلَمون عظيم! وإنَّ على الرئيس (المُنْتَخَب) مرسي، والذي شرعت الولايات المتحدة تبدي "بعض القلق (المُريب)" من عواقِب وتبعات نهجه، أنْ يَسْتَأنِف الثورة (إذا ما استطاع ذلك) بـ "الثورة على نفسه (ونهجه)"؛ فيُسْرِع (واللحظة الثورية التاريخية التي تعيشها مصر الآن هي كحدِّ السَّيْف، إنْ لم تقطعه، قطعكَ) في التأسيس لائتلاف ثوري عريض، يَضُمُّ كل مَنْ يَجْهَر بعدائه لعهد مبارك، بمعناه الكُلِّي، أيْ بمعناه الثوري لا الإصلاحي والليبرالي، وبالتزامه (الصَّادق) لـ "الدولة المدنية"، بقِيَمها ومبادئها ومقوِّماتها المتواضَع عليها عالمياً، فَتُعْزَل قوى الثورة المضادة، شعبياً وسياسياً، وفي الشوارع والميادين، وفي مؤسَّسات الدولة جميعاً؛ فَمِنْ هذا "الاتِّفاق الثوري التاريخي" يَسْتَمِد "الهدم الثوري (الذي لَمَّا يَكْتَمِل)"، و"البناء الثوري (الذي لَمَّا يبدأ)"، "شرعيتهما التي لا ريب فيها"، والتي تَعْلو كلَّ شرعية يَنْتَصِر لها مرسي، أو خصومه ومعارضيه من قوى الثورة؛ وإنَّ "الأوَّل والآخَر" هو "هَزْم الثورة المضادة، والتأسيس للدولة المدنية تلك"؛ وعندئذٍ، وعندئذٍ، فحسب، يُسوَّى (ويُحَل) التناقض التاريخي بين "الديمقراطية" و"الدولة المدنية"، بكل قِيَمهما ومبادئهما الكونية، وبين كل جماعة (وحزب) سياسية تَنْسِب نفسها إلى الإسلام؛ فـ "الثورة" لكل من له مصلحة فيها، و"الدولة" لمواطنيها كافَّة، لا فَرْق في المواطَنَة بينهم يَسْتَحْدِثه، أو يُسوِّغه، الفَرْق في الدِّين أو الجنس أو العرق.. إنَّها "البديهيَّات الثورية"، التي لا يَحْملنا على التذكير بها إلاَّ تلك "الآفة التاريخية"، ألا وهي مَيْل البشر إلى العداء لكلِّ بديهية تَسْتَكْرهها مصالحهم (أيْ مصالحهم الشخصية، أو مصالحهم الفئوية الضيِّقة). وإنَّ في الأخذ بهذا "الخيار الثوري التاريخي الصائب" تتركَّز المعاني الحقيقية لـ "الجهاد الأعظم"؛ فمتى نرى جهاداً كهذا، ومجاهدين من جنسه؟!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مواطِنة أردنية تصرخ وتستغيث.. و-الدولة- صَمَّاء!
-
أهو النسور أم فوكوياما؟!
-
أوهام جماعات -الإسلام هو الحل-!
-
-جلالة الإعلان- و-صاحبة الجلالة-!
-
كيري الذي يبني -الثقة- ب -التنمية-!
-
تجربة آينشتاين مع -الحقيقة-
-
اللاجئون السوريون.. مأساة -مهاجرين بلا أنصار-!
-
جوابي عن سؤال -مَنْ هو اليهودي؟-
-
-جريدة- لم تَرَ النور بَعْد!
-
ما معنى تلك الاتفاقية التاريخية؟
-
و-الودائع- إذا -تبخَّرت- في -جزيرة الشمس-!
-
تذكير جديد بالمخاطِر النووية
-
الزعماء العرب قرَّروا -عدم تسليح- المعارَضَة السورية!
-
حقيقة -النقود-
-
في الجغرافيا السياسية للصراع السوري
-
لقد -تكلَّم- أوباما.. فهل رأيتموه؟!
-
الأهمية الديمقراطية لتجربة -النَّشْر الإلكتروني-
-
السَّرِقَة
-
أوباما إذْ جاء سائحاً!
-
بشَّار مجاهِداً!
المزيد.....
-
أمين عام حزب الله نعيم قاسم يرد على تهديدات اغتيال خامنئي وو
...
-
شبكة CNN تحقق في الضربات الإسرائيلية على مسؤولين إيرانيين با
...
-
بالشرق الأوسط.. مواقع أبرز قواعد أمريكا العسكرية بعد التلويح
...
-
شبح حرب العراق يلوح في أفق الخلاف القائم بين ترامب ورئسية جه
...
-
بوغدانوف: علينا حصر الصراع الإسرائيلي الإيراني وبذل كل ما في
...
-
مصر توجه رسالة لواشنطن وطهران
-
-روس كوسموس-: روسيا ستساهم في تحقيق أول رحلة فضائية لرائد إن
...
-
بعد الإعلان عن اغتياله.. مستشار خامنئي: أنا حي ومستعد للتضحي
...
-
عراقجي: لا تفاوض حول برنامجنا الصاروخي
-
تقرير بريطاني: التفوق الجوي الإسرائيلي يهيمن.. لكن المعادلة
...
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|