أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج!














المزيد.....

الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج!


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4041 - 2013 / 3 / 24 - 16:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


قال الرجل المسن: ناس يقاتلون هنا في الداخل، ويموتون؛ وناس يقيمون هناك في الخارج، و"يُنظّرون" عليهم! حين يعود هؤلاء هل سيستمع إليه أحد؟ أبدا!
هذا الانفعال شائع في سورية اليوم.
هناك تباعد نفسي كبير في سورية بين من عركتهم التجارب وبين المترهلين بعيدا عن الصراع. لن يترك جمهور غاضب، لكن معتد بنفسه، مصيره لأي كان. لقد تغير المقيمون في البلد كثيرا أثناء هذا الصراع الطويل. غاضبون، وإن كانوا يمسكون بمصيرهم؛ منكشفون لعدوان استثنائي في وحشيته، لكن لا ينتظرون من غيرهم خوض معركتهم؛ لا يكادون يثقون بأحد، لكن واثقون بأنفسهم. تغيروا كثيرا، لكن هم من يغيرون البلد. والأرجح أن السقوط المأمول للنظام هو أيضا موعد تفجر أشكال متنوعة من التوتر بين المعارضين في الخارج والثائرين في الداخل، بين "معارضي الفنادق" و"ثوار الخنادق"، على ما يجري التعبير عن الأمر أحيانا.
وليس بين هؤلاء الأخيرين ما يسمى "معارضة الداخل". فعدا أن الدلالة الشائعة للتعبير تخص به مجموعات هي من الأقرب، تكوينا وتاريخا ومواقف، إلى النظام، وليس عموم معارضي النظام داخل البلد (يستبعد من التعبير مثلا المجموعات الأكثر جذرية وانخراطا في الثورة)، فإن السمة الجوهرية لـ"معارضة الداخل" هذه مزيج من عجز بنيوي عن المبادرة على المستوى الوطني، وانشغال بمعارضة معارضين أكثر من أي شيء آخر. النظام خصم لها بين خصوم متنوعين، والمسافة التي تفصلها عنه أضيق بكثير عن المسافة التي تفصلها عن معارضين في الداخل والخارج، وأضيق بعد عن الثائرين في الداخل.
ليس على هؤلاء نتكلم.
الصفة الخارجية التي نتكلم عليها هي البعد عن عمليات الثورة وميادينها الفعلية ومخاطرها، وهي تنطبق على "داخليين" أيضا.
المقصود، بالأحرى، "الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة"، وقد انتخب مؤخرا رئيس حكومة مؤقتة، السيد غسان هيتو.
هيتو غير معروف في سورية، وليس معلوما أنه قام بدور عام على غير مستوى السوريين المغتربين في أميركا. مشكلته في إطار "معارضة الخارج" مضاعفة، أو قد يصح القول إنه شخصيا خارجي بصورة مضاعفة: فهو يعيش منذ مطلع شبابه في الولايات المتحدة، وهو مجهول من قبل جميع السوريين تقريبا.
لا يلزم أن يكون المرء مشككا محترفا حتى يتشكك في أن يحدث السيد هيتو فرقا إيجابيا عن غيره. ثقل تلك الخارجية المضاعفة يسوغ التشكك وزيادة. فإن كان للرجل أن يستفيد من فرصة في الثقة، وليسوا قلة من يرغبون بمنحها له، فهناك اختبار حاسم: أن يتحول فورا، مع عموم الشخصيات المعروفة في الائتلاف والمجلس الوطني، إلى الداخل السوري. الآن، وليس غدا أو بعده.
وليس من الضروري أن يوجد مقر علني ودائم لهيتو والآخرين، وليس في الأمر ما يُلزِمهم أن لا يخرجوا من البلد بين وقت وآخر، لاعتبار أمني ضاغط أو لاجتماع مهم. لكن ينبغي أن يكون مقامهم الطبيعي في الداخل، حيث تجري الثورة التي أعطت بعضهم قيمة، وزادت من قيمة بعضهم، وجعلت من الجميع مشاهير وشخصيات عامة. فإذا أمكن لشابات وشبان أن يقضوا أوقاتا متطاولة داخل البلد، رغم عيشهم خارجه، ودون أن يحاولوا جني حتى مكاسب رمزية من ذلك، وإذا أمكن لبعض من عاشوا سنوات خارج البلد أن يعودوا إلى العيش في "المناطق المحررة"، فلماذا الأمر شاق على "قادة" سياسيين، لا يبدو أنه تنقصهم المطامح السياسية؟ وإذا استطاع مراسلو "الجزيرة" و"العربية" أن يغطوا الأوضاع السوري من جوبر في دمشق أو من صلاح الدين في حلب، فماذا هذا متعذر على جورج صبرا ومعاذ الخطيب وغسان هيتو ورياض الشقفة والجميع؟ وهل يظنون أن عموم السوريين سينسون من يشاركونهم حياتهم ومخاطرها، ولن يتذكروا إلا من يطلون عليهم من الفضائيات؟ مخطئون. سبق للنظام أن عوّل على نسيان محكوميه، وهم يثبتون له كل يوم أنهم لم ينسوا شيئا من أساهم القديم. لو كانت تماثيل حافظ الأسد تنطق لشكت من قوة ذاكرة السوريين لا من ضعفها!
ومم تشكو الإقامة وقتا في الرقة أو تل أبيض، ووقتا في منبج، وأياما في سراقب، وبعض الوقت في كفرنبل؟ علما أننا نتكلم على مناطق ليس من الأشد خطورة في البلد، مناطق تعاني أيضا من مجهولية مديدة، وقد لا يتاح للسادة المذكورين ومن في حكمهم زيارتها في المستقبل.
هناك طرف واحد يمكن أن يجني مكاسب سياسية ورمزية من الإقامة في البلد، هو أولئك السياسيين أنفسهم. فستتيح لهم الإقامة التعرف على الواقع عيانا، وتكوين فكرة عن الاحتياجات الحقيقية للسكان، وبلورة بعض الأفكار التي ربما تفيدهم في حياتهم السياسية في مقبلات الأيام.
هل يحتمل أيضا أن يفيد السادة المذكورين مواطنيهم؟ يؤثرون عليهم في اتجاهات أكثر توافقا مع المصلحة العامة؟ على مجموعات من المقاومة المسلحة بخاصة؟ فرصة ذلك ليست كبيرة اليوم، لكنها ستكون معدومة تماما إن بقي السادة خارج البلد إلى يوم سقوط النظام. وظاهر الحال يقول إنهم باقون في أمانهم، خارجا، إلى حين يسقط غيرهم النظام!
وليست العودة إلى البلد الآن نصيحة تقدم إلى السادة المعارضين، بل هي واجبهم الذي ما كان ينبغي تذكيرهم به، ولا إغراءهم بمنافع محتملة كي يقوموا به. سورية ليست دمشق وحدها، والإقامة في الرقة مثلا هي أيضا إقامة في سورية!
مقام المعارضين في الداخل، بين مواطنيهم الثائرين، يعني أنهم يستمدون شرعيتهم من الداخل السوري الحقيقي، الذي هو الثورة، فيما مثابرتهم على العيش خارج البلاد تعني تفوق الشرعية الخارجية في نظرهم على الشرعية الداخلية. وهذا يسوغ عدم الثقة بهم من قبل الجمهور العام.
الرجل المسن الذي التقيه بين وقت وآخر يعرف أين يمكن أن تجد بيتا للإيجار، كيف تسلك طريقا بعيدا عن الحواجز الأمنية. وهو مرجع موثوق أيضا في أن من يأتون إلى البلد بعد أن تكون الجولة الراهنة من الصراع قد حسمت لن "يشيلهم أحد من أرضهم".
"التنظير" هو الكلام المُبسْتر يقوله أشخاص عن أشياء وأوضاع لا خبرة شخصية لهم بها.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تفجرت الثورة، وأين؟
- حوار حول الثورة السورية في عامين
- 1963- 2011: بين -ثورة- وثورة
- الرقة... صورة -مستعمرة داخلية-
- يوم سقط التمثال
- التناقض الكبير للثورات العربية
- ثورة في المملكة الأسدية
- ثلاثة أشكال للعنف في الثورة
- من مجتمع القضية الكبرى إلى مجتمع المشكلات الصغيرة
- -من بدل دينه فاقتلوه-!
- ثلاثة أشكال للنزعة السلمية في الثورة السورية
- استحضار كربلاء في -قلعة العلمانية-!
- عمر عزيز
- قطع رأس أبي العلاء
- عن الانتقال الديمقراطي والثورة الديمقراطية...
- ثورة أكثر، سياسة أكثر
- سورية الفلسطينية... -النظام- الإسرائيلي
- ... ولكن أين هو -الحل السياسي-؟
- هل هناك عرب في سورية؟
- تحطيم متعدد الأشكال للمجتمع السوري


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة في الداخل والمعارضة في الخارج!