التقدير الذاتي

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 12:16
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

ليس التقدير الذاتي صفة و مهارة تكتسب, وليس جانبا تكوينيا من بنية الطبع والشخصية الأساسية_ التقدير الذاتي نتيجة وخلاصة خبرة الشخص لنفسه, المتجددة, وهي تتشكل عبر منظور نقدي يقوم على معرفة واختبار جوانب القوة والضعف في الشخصية أو على العكس عبر منظور تخيلي يقوم على الرغبة والأهواء, ليبدأ الانحراف إلى عالم الوهم... ثم التعاسة.
الحبّ والثقة يشكلان القاعدة الشخصية الضرورية لممارسة العيش بسلام ويسر. وغيابهما أو نقصهما طريق الانحدار إلى الهاوية والجحيم النفسي _ مزرعة العنف والانحراف.
الحبّ الكلمة الأكثر التباسا في اللغة والفكر, كثيرا ما تختلط صيغ التعبير عبرها وعنها وفيها, ويتزايد الغموض والتشويش بدل الإضاءة والتحديد. وهنا اكتفي بالجانب الخاص بالتقدير الذاتي من كلمة الحب, بتحديد أكثر حب النفس_ حيث الخلط الشائع بين الأنانية وحب النفس واعتبارهما مترادفين,في حين أنهما نقيضان وفي اتجاهين متعاكسين: الأنانية هي موقف في الكراهية, للنفس وللآخر بطبيعة الحال. ويمكن توضيح الالتباس في علاقة مشابهه بين مفهومين متناقضين أيضا, ويعتبران مترادفين في الاستخدام اليومي_ الاجتماعي عادة: الغرور والثقة.
في حين يتمحور الغرور حول جهل الشخص لقدراته الفعلية ( وجهله لضعفه وضروب نقصه) كما جهله الفعلي لغيره, واستبدال ذلك بصورة صبيانية ومتخيلة للنفس يتم اجترارها على الدوام عبر صيغة البطل_ الضحية في حلقة مفرغة بلا نهاية. على العكس تقوم الثقة وتتأسس عبر المعرفة لا العقلية فقط, بل المعرفة العاطفية لجوانب الضعف, كما لجوانب القوة في النفس وفي الآخر _ الشريك أو الخصم.
*
نظريا يمكن تقسيم فضاء التقدير الذاتي إلى عشر درجات تتوزع:
_ درجتان: للعلاقة مع الهوية, الجسد والسلالة
_ درجتان: للعلاقة مع العاطفة, موضوعات الحب وفن الحب
_درجتان: للموقف الوجودي, العلاقة مع الموت والمجهول, والأحداث غير المتوقعة
_ درجة للشريك ة
_ درجة للأسرة
_ درجة للعمل
_ درجة للهواية
هذا المخطط نتاج خبرة معيشية وثقافية, هو أولي وغير مكتمل, لكنه يعطي صورة مقبولة لفكرة التقدير الذاتي_ القاعدة النفسية للشخصية.
_أقل من خمس درجات تقدير ذاتي منخفض, مصدر التعاسة شخصي
_ فوق خمس درجات تقدير ذاتي جيد, لننتظر النتيجة
*
لماذا ينزلق احدنا إلى تقدير ذاتي منخفض؟
_ السؤال يضمر الإدّعاء
كيف يخطئ أحدنا في الجوهر وإلى هذه المدى...
تجربة شخصية, عبر ثلاث حركات:
_ التنافس على الموقع المريح( سيطرة, قيادة, ربح..), تبدأ من الطفولة بين الإخوة والزملاء, أحد الطرفين يتمسك برغبته يعاند ويكون جاهزا للقتال التدميري, ينسحب الآخر. هذه الطريق الأساسي في التعامل الإنساني: إشباع الرغبة في التو واللحظة, أو تحمّل ألم الإحباط والتفكّر في بدائل أكثر ملائمة
_ الذي ربح في النقلة الأولى على أخيه وزميله, صارت نهجه في العيش وطريقة حصوله على التوازن عبر القوة المباشرة والمزيد في جرعة العنف. في الصيغة المتطرفة, حماقة, جهل المخاطر,في هذه المرحلة يظهر الانحراف الاجتماعي_ جهل في إدارة المشاعر وتخبط.
الذي خسر في النقلة الأولى وانسحب, صارت نهجه في العيش, استبدال الاستجابة السريعة والمباشرة لمقتضيات العيش بالحياة في الذهن. في الصيغة المتطرفة, هروب وانسحاب إلى الطرق المعروفة سكر وقمار ومخدرات.
في لمرحلة الثانية, من كسب الموقع يريد احتكار الحقّ ( ضمان السيطرة في المستقبل), ويكون التنافس_ الصراع حول الكلام والأفكار. الرابح يميل للثرثرة والكلام المتصل, والخاسر يميل إلى الإصغاء, والتعرف على متع في هذا الخيار
_ في المرحلة الثالثة: المتطرفون من الجانبين إما في القبور أو المستشفيات والسجون.
والطريق نفسه بقي في اتجاهين فقط: صاعد أو هابط_ نمو أو انحسار:
يهبط إلى النرجسية والأنانية وموقف الكراهية, بالطبع دون أن يدري. هو أو هي ...يعتقد أنه فلتة زمانه, والمشكلة في العالم الخارجي_ وكل ما يحتاجه القوة والمزيد من القوة. وهو دائم الاستغراب لماذا لا يرغب البشر في مجالسته والتمتع بجماله والاستفادة من ذكائه.
أو ينمو عبر تفتّح العقل والمدارك, ويكتشف هبة الإصغاء, ثم فنّ الإصغاء وفنّ الحبّ, ولينفتح الطريق إلى الجمال والسمو: الفرح فضيلة, ذلك ما رآه سبينوزا ويذكرنا به أريك فروم.

مراجع دائمة:
فيكتور فرانكل والبحث عن المعنى. أريك فروم فنّ الحب, فن الإصغاء. ستيفن كوفي والعادات السبع للناس الأكثر فعالية. سوزان جيفرز والخوف إلى متى. إبراهيم الفقي والبرمجة اللغوية العصبية. مستر ايكارت نحو أرض جديدة...,أسعى للحصول على كل كتاباته
وأما كتب الأدب لا أستطيع تعدادها ولا أجرؤ على نسيان أحد أصدقائي

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات