أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد بدر عبدالله - لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي














المزيد.....

لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4018 - 2013 / 3 / 1 - 07:45
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


يجد الكثيرون في الأوهام ملاذا ونسيانا للواقع المرير ، فيتشبثوا بأي عبارة تحمل أدنى بصيص للأمل ، يبدأ الوهم صغيرا، ويكبر شيئا فشيئا ، فيبنوا آمالا عظيمة على ارض هشة لا تصمد أمام أتفه اختبار ، المشكلة تعظم إن ترتب على الوهم حسابات ووعود ، وما تلبث أن تتحطم الآمال على صخرة الواقع الصلدة ، بعد أيام أو أشهر... ، لي جار (أبو محمود) لم يفيق إلا بعد عشرة أعوام ، كان يحلم ببيت صغير يضم تحت سقفه أفراد عائلته المتواضعة ، ولأنه من المفرطين بتصديق وعود السياسيين ، أصبح ناطقا باسمهم ، لكنه وبعد عشرة أعوام ، وقع في الحرج وغادرته غاضبة أم محمود لمنزل أهلها بعدما طفح الكيل ، دعاني قبل أيام مع بعض الخيرين لحضور جلسة تفاهم ، لردم الهوة بينه وبينها وإنهاء حالة الخصام التي دامت أكثر من شهرين ، فله منها خمسة أولاد أكبرهم في الصف الثالث ابتدائي ، ولأتمكن من لعب دور ايجابي يرضي ضميري لما للإصلاح من اجر كبير ، دعوته قبل ساعة من الموعد ليشرب معي فنجان قهوة في منزلي فلبى ، وصلني يائسا محبطا ، وبعد ترحيبي ، سألته عن سبب الخصام فأجاب أبو محمود : " أحب زوجتي مثلما تحبني هي كثيرا ، منذ عشرة أعوام لم تحدث بيني وبينها مشكلة حقيقة ، لكن المشاكل تتفجر بين الحين والآخر بينها وبين أهلي الذين اسكن معهم بغرفة صغيرة منذ أن تزوجت ، سبق لي وان قطعت لها عهدا على نفسي بأن أحقق حلمها في السكن ببيت مستقل ، كان ذلك بعد التغيير عام 2003 ، في حينها لم يخطر ببالي سيحصل هذا الغلاء الفاحش ، وان مرتبي الشهري لا يفي بمتطلباتي حتى نهاية الشهر ، أصبح خياري الوحيد هو انتظار وعود السياسيين ، فكثيرا ما كانوا يتحدثون عن توفير السكن اللائق للمواطن وان موارد البلاد ستوجه للرفاه بعدما انتهت حقبة الحروب المدمرة " وما إن صمت أبو محمود حتى أجهش بالبكاء .
بعد صمت قليل ، قلت له : وماذا تريدني أن أقول في مجلس الصلح ؟ فعودة أم محمود لك واستقرار حياتك متوقف على قرار سياسي يلبي مطلبها ، والحكومة وحدها من تملك الأموال والأراضي التي تحل مشكلة السكن الخانقة ، لا اعتقد بان أي منهم من أصحاب القرار يسكن مثلك مع أبنائه في غرفة صغيرة وسط عائلة كبيرة ، اعتذرت له عن الذهاب لعدم الجدوى ، فان صدق هو بأقوال طالبي الأصوات الانتخابية فلن اصدق أنا ، فنحن في العام العاشر للتغيير ولم تحل حتى مشكلة الدور العشوائية التي تنتشر في كل مكان ، فالنار لا تمس البعيد عنها .
إن من نتائج أزمة السكن الخانقة ، عزوف الكثير من الشباب عن الزواج ، فضافت لمجتمعنا عبئا لا يقل تأثيره عما خلفته الحروب المتوالية والإرهاب من أعباء ، للرجال والنساء على حد سواء ، فالعنوسة القسرية للفتيات أصبحت ظاهرة مستفحلة ، لا بدافع البطر ، وإنما لعدم توفر الضمانة الحقيقية للاستقرار ، فما معنى أن تتزوج امرأة على طريقة أم محمود ، والنتيجة أنها تعود لبيت أهلها بشكل دائم ، ومعها الأطفال . على الرغم من إيمان المرأة بالأرزاق والأقدار ، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن تلغي دور العقل في خياراتها المستقبلية ، في السنوات الأخيرة بدأت تشيع بين أوساط الشباب ظاهرة غاية في الخطورة " الزواج عن غير قناعة "، لاستحالة تحقيق الأحلام باستقلالية تامة ، وأصبح اختيار الزوجة توافقي ، بحيث تتلاءم وتنسجم مع ما يريد المحيط العائلي ، مقابل تنازلات لها بداية وليس لها نهاية من الزوج والزوجة على حد سواء ، المؤكد أن الثقل الأكبر يقع على عاتق الزوجة لأنها هي من ستنتقل لبيئة جديدة ، وبعد فترة بسيطة تحدث خلافات عميقة تصل أحيانا للطلاق ، أما الزوج فلا يملك خيارات لأنه وضع بيضه في سلة واحدة ، وان تستمر العمليات الترقيعية ، من تنازلات كبيرة تقدمها الزوجة وأهلها رغبة منهم في عدم حصول ابنتهم على لقب مطلقة في مجتمع يتحدث عن النتائج دون بحث الأسباب ، مجتمع ذكوري يحمل بعض أفراده ثقافة قاصرة تبرر للرجال حتى الانحراف وكأن الشرف يرتبط فقط بسلوك المرأة ، لا ادري كيف يتقبل مجتمعا عبارة دارجة " رجال ما ينعاب "، عبارة يتقبلها الكثيرون ، فيتبجح البعض منهم متفاخرا بعلاقات شاذة رغم انه من المحصنين ، ما يدفعهم لمثل هذا السلوك الشاذ عدم قناعتهم الحقيقية بالزواج ناهيك عن جهل حقوق المرأة ، التي أصبحت اليوم تعي وتعمل وصاحبة كينونة وثقل في المجتمع ، ولم يعد الزواج مقياس رئيسي لنجاحها ، فبعضهن اخترن البقاء دون زوج على أن ترضى بحياة مشابهة لحياة أم محمود ، التي عرفت فيما بعد بان جاري طلقها ، لأنه لم يفي لا هو ولا السياسييون بوعودهم ، ولم تعد لا هي ولا أبو محمود بانتظار القرارات السياسية الحازمة التي تحل وبشكل جذري مشكلة السكن ، لكن ملايين مازالوا بانتظار أن يتذوقوا طعم بيض الديك .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اوباما للبيع
- حريق نهر
- مهندسا في الصباح حمّالا في المساء
- رجل بحاجة لحرب عالمية ثالثة
- هم ليسوا اغبياء
- مد ايدك للسمه اكرب
- لن اصفق لافتتاح المجسرات
- دولة سيد فرج
- ترحموا على جدي والنخيل
- ما تعلمت من القطة
- كفى تجاهلا للسياب
- ثلاثون مليون محلل سياسي
- جاسمية وهيلري كلنتن


المزيد.....




- فرانشيسكا البانيزي.. المرأة الشجاعة التي تستحق جائزة نوبل
- في العراق.. كابوس الحضانة يفتك بصحة النساء النفسية والجنسية ...
- بيان تضامني مع سنية الدهماني واستهداف الناشطات في تونس
- مادلين.. صيادة من غزة تتحول إلى رمز لصمود المرأة الفلسطينية ...
- لأنني لم أجد أمًّا تحضن وجعي.. قررتُ أن أكونها
- رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة للجزيرة نت: اللجنة الأولمبية تح ...
- هنا الآن لينك التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائر ...
- رئيس الاتحاد الدولي للملاكمة للجزيرة نت: اللجنة الأولمبية تح ...
- أعراض ارتفاع هرمون الحليب..كيف تختلف بين النساء والرجال؟
- شرطة عُمان تكشف بفيديو تفاصيل ضبط امرأة دخلت كسائحة صينية وم ...


المزيد.....

- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد بدر عبدالله - لن تعود لزوجها الا بقرار سياسي