أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد بدر عبدالله - ما تعلمت من القطة














المزيد.....

ما تعلمت من القطة


مفيد بدر عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 17:31
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    



كان ولازال في حديقة منزلي حوض واسع أملئه بالماء وأضع فيه أسماك الزينة الرائعة الجمال والتي اعشقها وأتعاطف معها كثيرا لسحرها الخلاب ، بجانب ذلك الحوض تسكن هرة وديعة تتلقف ما أرميه من أسماك نافقة لتأكلها ولم أرها يوما تصطاد من حوضي وكأنها تعقد معي صفقة ، أحببتها رغم أن سعادتها في تعاستي والتي تكمن بنفوق أسماكي الباهظة الثمن ، بقينا على هذا الحال لأشهر طويلة ، لكنها خرقت العهد الذي بيننا فبعدما أنجبت صغيرين غاية بالجمال في الشتاء الماضي ازدادت حاجتها للطعام مما دفعها لان تتخطى الخطوط الحمراء ، لمحتها ذات مرة تقف على حافة الحوض مع صغيريها وتتلقف بمخالبها أحدى أسماكي الغالية ومن ثم تطعم صغيريها ، اثأر سلوكها الأهوج غضبي وازدرائي وقررت على الفور أن انقلها مع صغيريها لمكان بعيد ومن ثم اتركها وأعود ولن يثن عزيمتي موائها ولا لعبها من حولي ( قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) وهي من بدأت . في ليلتها الأخيرة في بيتي كان البرق والرعد على موعد مسبق مع المطر ، وبينما أنا في فراشي يلفني سكون الليل فلا يخترقه غير أصوات خرير (المرازيب) وأصوات الرعد المدوية بين الحين والآخر ، وإذا بالقطة تقترب من شباك غرفتي وتطلق صوت ما عهدته منها من قبل ، صوت اقرب للنحيب منه للمواء ، فلم اكترث لها فما زال في داخلي غيضا من فعلتها الشنيعة و كل ما تبادر لي أنها تستغيث من البرد والمطر ، ظلت تذهب وتعود والنبرة تزداد حدتا وشجا فهممت بالخروج لأتحرى الأمر ولكن كسلي وخمولي حالا دون ذلك ، لففت راسي بكوفيه حتى لا يخترق صوتها أذاني . استيقظت فجرا كعادتي لصلاة الفجر ، وقبل أن أتوضأ نظرت من نافذة تطل على حديقة منزلي وإذا بي المح القطة تحمل أحد صغارها وتهرب به مسرعة لخارج المنزل ، لم أجد تفسيرا لما يحصل ، عدت لمنامي بعدما صليت
. ما شاهدت لدى خروجي في الصباح من منظر اقشعر له جسدي ولم استطع تمالك نفسي فأجهشت بالبكاء ، وجدت احد صغارها غارقا في حوض الأسماك فأدركت حينها بان صيحاتها طوال الليل كانت استغاثة لمن لا يلبي النداء واسود قلبه لخسارة بعض الدنانير أمام جوع قطة مسكينة دفعها جوع أبنائها الصغار لأخذ سمكه أو سمكتين من الحوض ، ولم يدفعها جوعها من قبل ولم تفعل هذه الفعلة قبل أن تنجب فلذات أكبادها الذي تسبب كسلي وغضاضة قلبي سببا لان يكون احدهما إمامي الآن جثة هامدة ، اختنق أمام عيني أمه غرقا ولم تنفعها صرخات الاستغاثة الممزوجة بالنحيب والتوسل ، صرخات شبيهة بصرخات العراقيات وهن يتلقن فلذات أكبادهن محمولة بنعوش حروبنا الكثيرة ، رغم أن القطة أفضل حالا منهن لاستطاعتها الهروب بالثاني عن مصدر الخطر والموت ، ولكن أمهاتنا كان خيارهن الوحيد الاستسلام للقدر المحتوم . لو عشت ما عشت من الدهر لن تمح من ذاكرتي المشاهد المروعة التي شاهدتها وانأ طفل بصحبة أمي في البيوت المظلمة التي أطفئت الحروب نورها وفرحتها بيوت أصبحت بلا حياة ، ومنظر الأمهات تلطم الوجوه وتمرغها بالتراب الم وحسرة على الابناء الملفوفة بالاكفان ، والصورة الأخرى للام في المقابر وهي تناغي الثرى بعبارات تسقط دمعت سامعيها قبل دمعتها ( دللول يلولد يبني دللول ) وتحاكيه وكأنه بأحضانها وتتذكر معه الذكريات التي تبدأ منذ أن تحرك الحركة الأولى في أحشائها مرورا بيوم الولادة فالصبا والشباب فيكبر ويكبر معه الأمل ليكون الغاية والحلم ، متى يدرك الكبار وتجار الحروب عظمة مصائب الأمهات ، أم أن كل ما يعنيهم دخولهم التاريخ من أي باب يشاءوا ويصعدوا ويعتلوا الأمجاد على أكوام من جثث وهياكل الأبرياء . متى يدرك المتعسفون في ظلم الأمهات عظمتها وقدرها ، ليكف البعض ما يفعل في أروقة المحاكم من إخضاع الأطفال للمساومات مستغلين عاطفة الأمومة الجارفة والتي لا تقف عند حدود والتي تقيس الأمور بمقاييس لا يدركها بعض الرجال ، لأنها ترى النصر كل النصر بقربها واحتضانها لأبنائها , كنت أتمنى أن يكون هؤلاء معي في تلك الليلة ليسمعوا نحيب القطة على صغيرها ليعرفوا أي عاطفة تحمل هذه القطة التي تنتمي لفصيلة وحشية ( فصيلة النمور) فكيف بالنساء وهن من خير خلق الله سبحانه وتعالى .



#مفيد_بدر_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفى تجاهلا للسياب
- ثلاثون مليون محلل سياسي
- جاسمية وهيلري كلنتن


المزيد.....




- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- البرازيل.. القبض على امرأة يشتبه في اصطحابها رجلا ميتا إلى ب ...
- فيديو.. امرأة تصطحب جثة إلى بنك للتوقيع على طلب قرض
- في يوم الأسير.. الفلسطينيون يواصلون النضال من داخل المعتقلات ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...
- السعودية: إيقاف شخص -سخر من القرآن- وآخر -تحرش بامرأة- وثالث ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مفيد بدر عبدالله - ما تعلمت من القطة