أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كارثة تأجير الآثار المصرية















المزيد.....

كارثة تأجير الآثار المصرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4017 - 2013 / 2 / 28 - 10:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



نشرتْ معظم الصحف الخاصة يومىْ 26، 27فبراير2013خبراجتماع وزيرالمالية ووزيرالسياحة المصرييْن مع مسئول دولة قطر، وذلك بغرض تأجيرالأهرام الثلاثة و(أبوالهول) ومعبد (أبوسمبل) مقابل مبلغ 200ملياردولار، وكذلك اهتم أكثرمن موقع الكترونى بنشرنفس الخبر، وبعض الصحف ذكرتْ أنّ هذا المبلغ هوما كان يقصده د. محمد مرسى عندما وعد (أثناء فترة الدعاية الانتخابية) بتوفيره لونجح فى الانتخابات.
أعتقد أنّ كثيرين اندهشوا من هذا الخبر. وبدأتْ تتوالى المقابلات التليفزيونية المسائية مع نفس الأشخاص الذين كتبوا فى الصحف الصباحية.. مقالات ومقابلات لاتخرج عن الاستنكارمع المزيد من علامات (الدهشة) فى إيحاء بالغ الضرر(على طريقة وضع السم فى العسل) إذْ أنّ (الإيحاء) تضمّن عدة رسائل موجّهة للقارىء وللمشاهد منها : (1) أنّ هذا المشروع لو صحّ (فى إيحاء مُتعمّد نحوتكذيب الخبر) فهولن يمر، وأنّ القيادة السياسية لن توافق عليه (2) أنّ الدين الإسلامى لايسمح بذلك (فى إيحاء آخر للدفاع عن الإسلاميين الذين يستخدمون اللغة الدينية فى شئون الوطن، مع أنّ تأجير الآثار لا علاقة له بالإسلام. أخطر ما فى هذه الكتابات واللقاءات التليفزيونية هوالتهوين من المشروع المُقترح، هذا التهوين يؤدى (كما يقول لنا علم النفس) إلى تفريغ شحنة الغضب ، وهى الشحنة المهمة لأداء دور(الاستنفار) والاستعداد لمقاومة المُخطط الذى يبدأ بتأجير الآثار المصرية ، وقد ينتهى ببيعها.
ورغم فداحة الخبر، والصدمة التى أحدثها على ذاتى القومية، فإننى لم أندهش، إذْ عوّدتنى قراءتى للواقع البائس الذى تعيشه (مصرنا) منذ عدة عقود على توقع أى شىء يفعله الإسلاميون. فالصحفى أ. أحمد بهجت الذى كتب (قصص الأنبياء) للأطفال وهاجم الحضارة المصرية من منظورالتراث العبرى ، سمح له ضميره لأنْ يدعو إلى تحويل الهرم الأكبر إلى دولارات فكتب ((ماذا لو أخذنا من الأحجار التى سقطتْ من الهرم الأكبر حجرًا أو إثنين وحطمناهما إلى قطع صغيرة ووضعناها فى سلسلة مفاتيح ، وماذا لو جعلنا السلسلة بعشرة دولارات وبعناها للسياح ولمن يريد من أهل المعمورة؟ إنّ المشروع يمكن أنْ يكسب الملايين)) (أهرام 8/6/91) إنّ الذين ردوا عليه بالرفض وبالتعبيرالصريح عن الإهانة الموجّهة إلى تراث جدودنا هم مواطنون عاديون أرسلوا رسائل الاحتجاج إلى بريد بعض الصحف والمجلات. ومن متابعتى لما يُنشرفلم أقرأ إلاّ للمرحوم أ. بيومى قنديل الذى كتب ((الأستاذ الفاضل قارن بين هذه الفكرة التى طرحها وبيع إسرائيل لهواء القدس على هيئة علب صغيرة مغلقة وخالية لكن مباركة. فإسرائيل تبيع الهواء، أى ثروة مُتجدّدة باستمرار. ولكن الأستاذ الفاضل يدعو إلى بيع ثروة غير مُتجدّدة حتى ولو كان العزم مُبيتـًا على مساعدة الزمن قليلا كى يتدخل بإسقاط آخر فآخر كلما سال اللعاب للأخضر الساحق ، وهذا أمر مُرجّح فى ضوء عبادة إله المال وشعار كل شىء للبيع . وفى هذه الحالة نتمكن من هدم الهرم الأكبرالذى يُعد الأعجوبة الأولى من عجائب الدنيا السبع وأعظم بناء معمارى بنته يد الإنسان على سطح المعمورة. ويؤمن علماء أمريكيون بأنه مركزالكرة الأرضية. ويقف رمزًا على وحدة المصريين. ووقف أمامه نابليون مشدوهًا وقال ((إنّ أمة تستطيع أنْ تبنى لنفسها قلبًا من الحجر على هذا النحو لجديرة بأنْ تعيش إلى الأبد . وإذا سقط حجر فعلينا لو كنا جديرين بالانتساب لمن بنوه انتساب الأحفاد للجدود أنْ نعمل على إعادته إلى مكانه وفقـًا لعلوم ترميم الآثار، لا أنْ نفكر فى تحطيمه وبيعه لمن يريد . ولا أدرى ما إذا كنتُ أتقدم بالشكر لأولئك الأجانب الذين سيتبركون بمثل تلك الميدالية الحجرية، لأنها جزء من الهرم الأكبر، أم أعتب على الذين يمكن أنْ تطرأ على أذهانهم مثل تلك الأفكار الهدامة)) (صحيفة الأخبار12/6/91)
أليستْ دعوة تحويل الهرم الأكبرإلى دولارات التى دعا إليها أ. أحمد بهجت كانت (التمهيد) أو (البروفة الأولى) لجس نبض الثقافة المصرية السائدة التى لم تهتم وكأنّ الأمر مُتعلق بوطن آخر غير مصر. وبالتالى فإنّ الدعوة الحالية تنبع من ذات العقلية المُعادية لتراث جدودنا المصريين ولمجمل التراث الإنسانى مثلما حدث مع هدم تمثال بوذا فى أفغانستان وفى مصر تحطيم رأس تمثال عميد الثقافة المصرية (طه) حسين وتمثال عبدالناصر، وتحطيم أضرحة الأولياء. ومنذ عدة شهور خرج علينا أصولى نادى بتغطية التماثيل، وهوالإجراء الذى سيتبعه الدعوة للتحطيم، مثلما حدث عندما تم إلقاء عبوة حارقة على معبد الكرنك بالأقصر(مجلة المصور10/7/92)
إنّ الدعوة الأخيرة لتأجير الآثارالمصرية هى البديل الذى يطرحه الإسلاميون الذين يحكموننا بالشريعة الإسلامية ، إلى أنْ يستقروا على التكنولوجيا التى قد تـُمكنهم من تحطيم تلك الآثار. وهى دعوة تتسق مع الفكر الوهابى الذى غزا مصر منذ عدة سنوات ولم تهتم الثقافة المصرية السائدة البائسة بمقاومته. والاستهانة بالتراث المصرى تكرّر أكثر من مرة، مثل سماح السادات بخروج مومياء الملك (الفرعون وفق التعبيرالعبر) رمسيس الثانى من مصرإلى فرنسا بحجة العلاج وكان الهدف هو التأكد من ((هل هو فرعون الخروج)) وهو همٌ يشغل بال كل العبريين. تأكدوا من أنه لم يمت بالغرق كما يزعمون، ورغم ذلك ضغط موشى ديان على ساق الموميا وقال يُخاطب جدنا العظيم ((لقد أخرجتَ جدودنا من مصر، وها نحن نـُخرجك منها)) وفى كامب ديفيد سأل أحد الصحفيين بيجين عن سير المباحثات فقال ((لقد عانيتُ فى التفاوض كما عانى جدودى فى بناء الأهرام)) وعندما جاء إلى مصر، سأله أحد الصحفيين عن شعوره وهو جالس فى حرم الأهرام فقال ((إننى أشعربالزهو وأنا جالس وسط الآثارالتى بناها جدودى)) قال ذلك فى حضور الرئيس (المؤمن) السادات وفى حضور عشرات الكتاب والصحفيين (المصريين بالاسم) ولم تهتز لهم شعرة ، ولم يشعروا بأى حرج لطعن ذواتهم القومية وهم يسمعون إدعاء بيجين الكاذب ، لا هم ولا الرئيس ولا بطانته من المستشارين .
إنّ الآثارالمصرية إعجازمعمارى جمع بين علوم الفلك والهندسة والرياضيات. ولخص برستد مهارة جدودنا فى فن العمارة قائلا ((رغم أنّ أهل بابل تقدّموا فى تشييد المبانى الضخمة فإنهم لم يبتكروا الأعمدة التى صنعتها مصر بمهارة وإتقان فى غضون الألف الرابعة قبل الميلاد . لذلك يرجع الفضل فى حل لغز التشييد البنائى إلى قدماء المصريين)) وكتب مارتن برنال أنّ عالم الآثار(جومار) جمع ((نتائج قياساته للهرم الأكبربالجيزة ووضْعه الجغرافى الدقيق مع الأوصاف القديمة للأهمية الرياضية لقياساته. وبات مقتنعًا بأنّ قدماء المصريين كانت لديهم معرفة دقيقة بظروف الأرض ، ووضعوا وحدات قياساتهم الطولية على أساسها. وأنّ الهرم الأكبر كان بحذى الجهات الأصلية للبوصلة بدقة أكبر من أى صرح أحدث زمنـًا)) وكتبتْ د. مرجريت مرى ((لقد أصبحتْ بابل وحدائقها كومة من الأنقاض يعمها الخراب، كأنما هى مدينة دمّرتها القنابل . أما تمثال زيوس فتحطم منذ زمن طويل. ومعبد ديّانا تهدّم تمامًا ولم يبق منه إلاّ بعض آثار قليلة. وتمثال رودس العظيم فلا أثرله إلاّفى الخيال بعد أنْ زال واختفى تمامًا. ومنارة الإسكندرية ذهبتْ دون أنْ تترك لها أثرًا تقريبًا. فمن العجائب السبع تتبقى أهرام مصر وحدها ، تكاد تكون سليمة وهى لا تزال ترتفع بهاماتها شامخة فوق رمال الصحراء ، تـُسيطر على المنظر، وتتحدى يد الزمان المُخرّبة ، ويد الإنسان الأشد تخريبًا ، وهى بالغة العظمة والضخامة والأثر، كما أنها أقدم المبانى العظيمة فى العالم كله)) وكتب العالم أ.أ. س فى كتابه (أهرام مصر) أنّ كلمة (مر) فى الهيروغليفية تعنى الهرم. وعن دقة البناء كتب ((ليس من المستطاع ضبط جوانب الهرم نحو الجهات الأربع إلاّ بمساعدة جُرم أو أكثر من الأجرام السماوية ، فى وقت كانت البوصلة فيه غير معروفة. على أن ّقدماء المصريين نجحوا فى هذا نجاحًا كادوا يصلون فيه حد الكمال))
من بين اللقاءات التليفزيونية المهمة الحلقة التى استضاف فيها أ. وائل الأبراشى مساء 27 فبرايرشخصية محترمة يعمل فى هيئة الآثار. هذا الأستاذ المتخصص المحترم ذكرالعديد من الوقائع المخزية التى تدل على الكارثة التى تتعرض لها آثارمصرمنذ أنْ حطّ الإسلاميون على هيئة الآثار، وشغلوا مواقع قيادية دون سابق خبرة بالآثار. ومن بين المعلومات الخطيرة التى ذكرها (كمجرد نموذج) أنّ مسئولا أصوليًا إسلاميًا حضراجتماع مع مسئولين بهيئة اليونسكوبغرض ضم أحد الآثارالمصرية إلى التراث العالمى ، فإذا بالمسئول (المصرى) الإسلامى يرفض هذا الاقتراح ، بينما (كل) المشاركين فى الاجتماع (غيرمصريين) هم الذين أصروا على ضم الأثرالمصرى إلى التراث العالمى .
إنّ الآثارالمصرية إعجازحضارى ، وبعد تأجيرها لأعداء التراث المصرى ، من يضمن المُحافظة عليها ؟ من يضمن أنه سيتم (تسليم) الآثار كما استلمها المُستعمرون الجُدد بعد انتهاء مدة عقد التأجيرأوحق الانتفاع كما ذكرت صحيفة اليوم السابع (27فبراير)؟ وهل مليارات الدولارات (حتى لو صدّقنا أنها ستدخل الخزانة العامة) تعنى التفريط فى التراث؟ وهل ستقبل السعودية (بعد نفاد البترول) تأجير الكعبة؟ أسئلة أرجو التفكيرفيها قبل ارتكاب جريمة مماثلة لعقد احتكار قناة السويس. أسئلة ربما تساعد تيار المقاومة الفكرية للتصدى لهذا المشروع الذى يستهدف الانقضاض على مُجمل تراثنا الحضارى، سواء بالتأجيرأوالبيع أوالهدم .
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجلطة السياسية بين الشعب والسلطة
- اللغة المصرية أم لغات العالم
- أنور عبد الملك : ماركسى بعمة إسلامية
- هل يمكن الجمع بين التراث والحداثة ؟
- تاريخ اليهود المصريين بين لغتىْ العلم والسياسة
- الزراعة ونشأة الحضارة المصرية
- جدل الواقع مع التراث العربى فى رواية (رحلة الضباع)
- حسين بيومى : مثقف من طراز فريد ونادر
- الفولكلور المصرى ومقاومة الاستبداد
- آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة
- أنصار الحرية فى مواجهة أعدائها


المزيد.....




- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - كارثة تأجير الآثار المصرية