أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية















المزيد.....

آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 3983 - 2013 / 1 / 25 - 10:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تنقسم الليبرالية إلى فرعيْن أساسييْن: فرع الليبرالية السياسية التى تعنى وضع إطارلمنظومة اجتماعية تُحدّد شكل الحكم. ونظام الحكم الليبرالى يعتمد بدوره على مجموعة من الآليات (= وسائل) منها مجلس نيابى مُنتخب انتخابًا حرًا مباشرًا، حكومة مسئولة أمام البرلمان، رقابة صارمة على المال العام، حق تكوين الأحزاب على أسس سياسية واقتصادية وثقافية وليست على أسس دينية، حق تأسيس منظمات المجتمع المدنى إلخ أما الفرع الثانى فهوالليبرالية الفكرية التى تعنى إطلاق حرية الفكروالتعبيرعنه دون أية معوّقات (مثل القول بأكذوبة ثوابت الأمة) وهذه الحرية تتطلب وجود إعلام حر له حق انتقاد مؤسسة الحكم وكشف كل صورالفساد، حرية البحث العلمى دون أى سقف ، مناخ ثقافى يسعى لترسيخ دعائم دولة (المواطنة) وفق التعريف العلمى الذى لايُفرّق بين المواطنين وقاعدته أنه : لافرق بين مواطن وآخرإلاّبعمله وليس بديانته أوموقعه الطبقى أومنصبه الوظيفى ، أى أنّ (العمل) هوالمعيارالوحيد لحق المساواة التامة بين أبناء الوطن الواحد بغض النظرعن انتماءاتهم الدينية، مع ترسيخ أهم حقين: حق الخطأ وحق الاختلاف وهما الحقان اللذان أزهرا حلم التحضرلدى بعض الشعوب، وبمراعاة أنّ هذيْن الحقين تأسسا على قانون النسبية، وهوالقانون الذى كشف خطورة الإيمان بالمطلق، لأنّ هذا الإيمان يعنى تخطئة كل من لايقف مع أصحاب المطلق حتى ولوكانوا ضد المصلحة الوطنية، اعتقادًا منهم أنهم (وحدهم) الذين يمتلكون الصواب وغيرهم على خطأ، كما أنّ وقائع التاريخ أكدتْ صدق قانون النسبية ، بمعنى أنّ صواب اليوم قد يكون هوخطأ الغد والعكس صحيح، اعترف الفاتيكان بنظرية جاليليو حول دوران الأرض، بعد أنْ أجبره شيوخ الكنيسة على التبرؤمن نظريته، هذا الاعتراف الذى تم بعد أكثرمن 300سنة (رغم أنه جاء على استحياء وبدون إدانة صريحة للتعصب الدينى) بصحة نظرية جاليليوأسطع دليل على صحة نظرية النسبية. وما حدث مع جاليليوحدث مع علماء كثيرين اضطهدتهم المشيخانات الكنسية ومنعتْ كتبهم ثم اعترفت بهم أوروبا بعد انتصارعصرالتنوير على عصورالظلمات مثلما حدث مع كوبرنيكوس وجوردانو برونو وغيرهما.
والليبرالية لم تتحقق إلاّبعد أنْ مهّد العلماء والمفكرون لمعنى (العالمانية) التى تـُكتب بالألف فى أدق التعريفات العلمية، لأنها تعنى الاهتمام بشئون العالم الدنيوى الذى يضع البشرقوانينه. ويرى كثيرون إمكان نسبة العلمانية (بدون ألف) إلى العلم بمراعاة ((زاوية المضمون وليس من زاوية الالتباس اللغوى)) وتأكيدهم على أنّ الربط بين المصطلح ومعنى (العالم) أدق لأنّ الترجمة الصحيحة هى (الزمانية) لأنها ترتبط فى اللغات الأوروبية بالأمورالزمانية، أى بما يحدث فى هذا العالم وعلى هذه الأرض. وإذن فالليبرالية ابنة العالمانية، والديمقراطية هى الحفيدة .
أما الاشتراكية (وبغض النظرعن مدارسها المختلفة) فإنها تعنى فى المفهوم المجرد العام التوق إلى عالم مثالى يختفى منه الظلم الاجتماعى (لا أقول تختفى منه الطبقات لصالح سيطرة طبقة واحدة وفق النظرية الماركسية، فهذه هى الطوباوية الغيرقابلة للتحقق) أما القابل للتحقق فهو مجتمع يُراعى قواعد العدالة الاجتماعية. بمعنى توزيع الدخل القومى على مواطنى الوطن الواحد بأسس عادلة، هذه الأسس تضع حدًا أدنى وحدًا أقصى لدخل المواطن، ويكون المعيارالكفاءة والتخصص وليس القرب من السلطة الحاكمة. ويلحق بهذا المعيارقانون الضرائب الذى يُفرّق بين المواطنين على أساس الفرق بين الدخل، فمن يكون دخله ألف جنيه تختلف نسبة ضريبته عن من يكون دخله مليون ، وهكذا كلما قل الدخل كلما قلتْ الضريبة المستحقة على المواطن والعكس صحيح مع ارتفاع الدخل، وهومايُطلق عليه الضريبة التصاعدية. وحكتْ الصديقة د. مرفت عبدالناصرأنه كان يتم خصم 65% من دخلها لصالح الضرائب أثناء عملها فى لندن ، مع ملاحظة أنها لاتعمل فى مجال التجارة وإنما كانت أستاذة فى إحدى جامعاتها، وتعترف بأنها لم تشعربالغبن لأنّ ما يُخصم من دخلها للضرائب تجده فى شكل الخدمات التى توفرها الدولة للمواطنين، سواء فى النظافة أوشبكة المواصلات أو التعليم أوالصحة إلخ
أعتقد أنّ الرأسماليين فى أوروبا (خاصة بعد النصف الثانى من القرن العشرين) تعلموا من أخطاء آبائهم وجدودهم مع بداية السنوات الأولى للرأسمالية التى تلتْ انهيارالمجتمع الاقطاعى، تلك الأخطاء المُتمثلة فى الأجورالمُتدنية للعمال والفلاحين وصغارالموظفين، والعمل لمدة 12 ساعة (خاصة الطبقة العاملة) ، عمالة الأطفال، طرد العامل فى أى وقت يراه صاحب العمل، الغياب الكامل لأية ضمانات صحية أوتأمينية، فلا علاج ولامعاش إلخ. فى هذه السنوات كانت الرأسمالية الوليدة مُتلهفة على تحقيق أعلى ربح، وكانت وثيقة الصلة بالثورة الصناعية التى حدثت فى إنجلترا وبعض الدول الأوروبية منذ أواخرالقرن18وكان استغلال فائض القيمة (= جهد العامل مقابل القليل من الأجر) أحد أهم تحقيق هذا الربح بجانب احتكارالسوق.
لم تستسلم الطبقة العاملة لهذا الاستغلال ، فشهدتْ أوروبا والولايات المتحدة الاعتصامات والاضراب عن العمل، الأمرالذى كان يُكبّد أصحاب الأعمال المزيد من الخسائر. ومع تزايد حالات الاضراب عن العمل وإصرارالطبقة العاملة على الصمود فى مواجهة قمع الشرطة المُساندة لأصحاب الأعمال، كل ذلك أدى لحدوث تطوردراماتيكى فى العلاقة بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال. تصاعد هذا التطوربعد الثورة الروسية عام 1917وانتشارالأحزاب الماركسية الداعية إلى الاشتراكية فى أوروبا. وتمكنت هذه الأحزاب من الحصول على بعض حقوق العمال ، وبصفة خاصة حق تكوين النقابات العمالية المُدافعة عن حقوق العمال بل وتنظيم حق الاضراب والاعتصام . ومع ترسيخ قواعد (دولة القانون) فى أوروبا وصارالقضاء مستقلا تمامًا عن السلطة التنفيذية، صدرتْ العديد من الأحكام القضائية لصالح العمال. ومع بداية النصف الثانى من القرن العشرين بدأ ينموفى أحشاء المجتمعات الأوروبية جنين جديد لمنظومة اجتماعية تحقق درجة معقولة من العدالة الاجتماعية، التى استمرتْ فى التطورحتى لحظتنا الراهنة.
يذهب ظنى أنّ العلاقة بين العمال والفلاحين وصغارالموظفين وبين أصحاب الأعمال وكذا العلاقة بين الحكومات والمواطنين فى أوروبا وأمريكا فى نهاية القرن العشرين غيرها فى القرن الثامن عشر. وأرى أنّ من بين أسباب تطورتلك العلاقة نحوالعدالة الاجتماعية، هوأنّ الرأسمالية المُعاصرة (طعّمتْ) نظامها ببعض الأفكارالاشتراكية دون المُجاهرة أوحتى مجرد الحديث عن الاشتراكية. فعلتْ ذلك بطريقة عملية تمثلتْ فى تقليل الفجوة بين دخول المواطنين من خلال التوزيع العادل للدخل القومى، التعليم المجانى، مظلة شاملة للتأمين الصحى (تختلف من دولة إلى دولة) إعانة بطالة، رعاية المسنين مع منحهم مزايا خاصة. وإذا كان الرأسماليون الذين بدأوا فى القرن 18 لاهمّ لهم إلاّتحقيق أعلى ربح مع أقصى استغلال ، فإنّ أحفادهم فى نهاية القرن 20 يتبرعون بثرواتهم (ببلايين الدولارات) لصالح الأعمال الخيرية والأبحاث العلمية. وحكى لى صديق مصرى يعيش فى الولايات المتحدة أنّ صديقه الأمريكى بلغتْ ثروته 160 مليون دولار. وعندما تقدّم به العمركتب لأولاده الثلاثة شيكات بمبلغ 3مليون لكل منهم وحجز لنفسه مثل هذا المبلغ. ووزع الباقى على المستشفيات والجمعيات الخيرية. وعندما سأله صديقى المصرى لماذا حرمتَ أولادك من الثروة؟ ردّ عليه: لقد فعلتُ ذلك وأنا غيرمرتاح إذْ كنت أتمنى أنْ يحصلوا على مبالغ أقل ، لأننى أخشى أنْ تفسدهم النقود التى لم يتعبوا فى جمعها وكنت أتمنى أيضًا أنْ يبدأوا من الصفركما بدأتُ أنا. إذن نحن أمام منظومة اجتماعية مختلفة عن منظومة القرن 18 وبشرغيربشرالقرن 18. بل إنّ تجربة المصريين الذين عملوا وعاشوا فى الشمال الأوروبى وكذا التحليلات الاقتصادية والاجتماعية التى تتناول هذه المجتمعات، تؤكد على ارتفاع المستوى المعيشى وتحقيق أقصى درجات العدالة الاجتماعية كلما ارتفع الناتج القومى.
فهل تتعلم الأنظمة الاستبدادية التى تتاجربالدين ولاتهتم بتحقيق الحد الأدنى للعدالة الاجتماية من تجربة أوروبا التى جمعتْ بين آليات الليبرالية (ابنة العالمانية) ومبادىء الاشتراكية (دون الافصاح عن ذلك) والأكثرأهمية أنّ العدالة الاجتماعية توازى معها الاعتراف الكامل بحقوق المواطنة من حريات سياسية وفردية. وهل يأتى يوم على البشرية تكون فيه قد تخلصتْ من شرورالاستبداد ، سواء كان باسم الدين أوباسم أية أيديولوجيا سياسية أو منظومة اقتصادية؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا يحتفل الإسلاميون بنبيهم العربى ؟
- لماذا تعريب مصر وليس تمصير العرب ؟
- الربيع العربى بين الوهم والحقيقة
- مؤامرة إنجليزية إيطالية لسرقة واحة مصرية
- عبد الغفار مكاوى والبحث فى جذور الاستبداد
- عودة اليهود والاستيطان الإسرائيلى لمصر
- نجح الإسلاميون فيما فشل فيه الإنجليز
- الدستور وكارثة تعريب العلوم
- الحاكم العصرى ليته كأحد الفراعنة
- أنصار الحرية فى مواجهة أعدائها
- العداء للفلسفة وعلاقته بالتخلف الحضارى
- الدونية القومية عند المتعلمين المصريين
- تأثير التراث العربى على العقلية العربية
- التراث العبرى ولغة العلم
- الأصولية الإسلامية وجذور العنف
- الحذاء الفضى - مسرحية قصيرة للأطفال
- العلاقة بين هدم الآثار والعداء للتراث الإنسانى
- أجنحة الصفاء - قصة قصيرة
- أخيرًا : الإسلام على وشك دخول مصر
- رادوبى (سندريلا المصرية) قصة قصيرة


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - آليات الليبرالية ومبادىء الاشتراكية