أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مولود الطيار - افلاس النظام السوري















المزيد.....

افلاس النظام السوري


أحمد مولود الطيار

الحوار المتمدن-العدد: 1156 - 2005 / 4 / 3 - 11:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تاريخ ميلاد النظام البعثي الحاكم في سورية: 1963

أما تاريخ الوفاة فلم يدون بعد .

امتلك النظام السوري عبر حياته المديدة تلك, مجموعة أوراق مكنته من فرض نفسه لاعبا إقليميا مهما يحسب له حساب, فلقد استطاع الرئيس الراحل حافظ الأسد عبر سنوات حكمه الثلاثين الفائتة (1970 – 2000 ) توظيف و استثمار تلك الأوراق جيدا و بمهارة فائقة, يساعده في ذلك ظروف إقليمية و دولية مواتية.

ورث الأسد الابن تلك الأوراق لكن في ظل مناخ دولي متغير و مختلف عما ساد فترة الأسد الأب. فهل استطاع بشار الأسد اللعب على تلك الأوراق أم لعبت به ؟ هل استطاع استثمارها بنفس مهارة أبيه في ظل التغيرات الداخلية و الإقليمية و الدولية المليئة بالا فخاخ و المتفجرات ؟؟

تحاول هذه المقالة ما أمكن رصد ذلك محاولة الإجابة على تلك التساؤلات.

ربما تكون الحرب الباردة التي كانت رحاها دائرة بين القطبين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفيتي آنذاك " الجوكر " الذي أدرك الأسد الأب قيمته و استطاع توظيفه أيما توظيف . فبمهارة لاعب السيرك انتقل من حبل إلى حبل و لعب على المتناقضات ببراغماتية يحسد عليها , استطاع اللعب في الهامش المسموح اللعب فيه . بالطبع ووضع سوريا الحالي و الراهن يشهد على ذلك , لم يكن لدى الرئيس الراحل مشروع بناء و امتلاك دولة حديثة , أو مشروع بناء قوة عسكرية أو اقتصادية أو أي مشروع ذو وزن ما . مشروعه الأوحد , تثبيت نظام حكمه و حكمه فقط .

فعلى الرغم من الخلفية التي تقول بها شعاراته , من اشتراكية و تقدمية و وحدة عربية و بأنه مع نظامه الذي بناه , نظام اشتراكي , علماني , يساري , مناؤى لأمريكا و الإمبريالية , إلا أنه بتحليلنا للأنظمة الوظيفية التي رعاها و دعمها الغرب يثبت بما لا يدع مجالا للشك , أنه في الظلام و تحت الطاولة ,أقام تفاهمات عميقة مع الأمريكان يتعهد بموجبها : إبقاء حالة اللاسلم و اللاحرب مع إسرائيل و المحافظة على برودة الجولان , كذلك تفويضا كاملا في لبنان يتعهد بموجبه سلخ لبنان عن تجربته الفريدة في المنطقة القائمة على التعددية و الديموقراطية و إلحاقه بنظامه الأمني و الشمولي , مما يعود بالنفع على إسرائيل كون لبنان هو المنافس الوحيد لها في المنطقة من حيث تجربته الديموقراطية و انفتاحه على العالم الخارجي , كذلك و هو الأهم شق منظمة التحرير الفلسطينية , و مالم تستطع إسرائيل القيام به , قام به النظام السوري و حرب طرابلس معروفة بنتائجها الكارثية على رفاق الدرب و السلاح و كانت التتمة لخروج 1982 إلى تونس . بعدها , نصّب النظام السوري نفسه شرطيا أمينا يضبط إيقاعات الساحة اللبنانية المليئة بالفرقاء المتصارعين ...

إضافة إلى ما تقدم عمل النظام السوري بقمع ممنهج ومنظم على مدى العقود الأربعة الفائتة على تدجين أكثر شعوب المنطقة حيوية و ديناميكية ألا و هو الشعب السوري إلى رعايا خائفين , محبطين يائسين , مستسلمين , لا حول لهم و لا قوة بفعل آلة القمع الرهيبة التي أجاد النظام استخدامها ببراعة لا يضاهيه فيها إلا نظام صدام حسين المخلوع .

مات حافظ الأسد , الرئيس الذي أعطيت له تراخيص و أوراق أستطاع اللعب بها جيدا , توفي قبل أن يرى 11 أيلول و احتلال العراق و سقوط شقيقه البعثي الآخر , مات قبل أن يتسنى له رؤية لحظات مفصلية في تاريخنا المعاصر لا يمكن تشبيهها أو مقارنتها إلا بـ (ق . م) و (ب . م) . لكنه قبيل وفاته بسنوات قليلة , بدأت الأوراق تتساقط وورقة التوت تنزاح :

سقطت ورقة المتاجرة بالقومي عندما وجد النظام نفسه في خندق واحد يعطي الشرعية للاحتلال الأمريكي للعراق بحجة تحرير الكويت مقابل صفقة عقدها النظام مع الأمريكان , إطلاق يده في لبنان لطرد العماد ميشيل عون الذي أضحى يشكل عائقا و تهديدا حقيقيا لسياساته الإملائية , ويمكن القول أن هذه الورقة سقطت منذ زمن و تكشفت عورتها منذ الدخول إلى لبنان و سياسة فرق تسد التي مارسها النظام هناك .

اتفاق مذل مع الجارة تركيا – اتفاق أضنة 1998 – و يخسر الأسد الأب ورقة كانت بيديه و من ورائها كان يلعب بقضية قومية و إنسانية بامتياز هي القضية الكردية .

تعهدت دمشق بموجب تلك الاتفاقية المخزية و القوات التركية تكاد تجتاح الشمال السوري برفع الغطاء عن عبدالله أوجلان زعيم pkk فتطرده من سوريا و من البقاع اللبناني و تغلق معسكراته و توقف أي دعم عسكري و استخباراتي كانت تقدمه له , و الأهم و المهم هو , الكف عن الحديث سرا أو علانية بأراض سورية تحتلها تركيا (تدرس اسرائيل إتباع نفس السياسة التركية فيما يخص الجولان .. !!) انظروا المآل الذي وصلت إليه سوريا الحديثة , سوريا التوازن الاستراتيجي , سوريا الأسد , سوريا التقدم , سوريا التي هانت عليها الأرض !!

ورقة أخرى تذروها الرياح بعيدا و بعد أن كانت نعمة تتحول إلى نقمة لا يعرف النظام السوري كيفية درء رياحها العاتية , إنها ورقة المقاومة و بالتحديد ورقة حزب الله التي لعب بها النظام السوري و أجاد و لكن ما العمل بعد التصنيفات الأمريكية للإرهاب و تلاشي مفعول هذه الورقة بعد تضحيات و ضربات المقاومة الباسلة و قرار إسرائيل – ايهود باراك بالانسحاب من الجنوب اللبناني قبل الموعد المحدد .

الورقة اللبنانية برمتها تكاد تحترق باليد السورية , إن بقيت تراهن بعنادها الموروث على حث الخطى و السير على منوال و نهج الرئيس الراحل حافظ الأسد , فالإرادة الدولية مصممة على خروج القوات السورية من لبنان و القرار 1559 هناك تصميم واضح على تنفيذ بنوده و أي لعب من النظام السوري هو لعب في الوقت الضائع .

أخطأ في مسألة التمديد للرئيس لحود و تحدي الإرادة اللبنانية , فليوقف مسلسل سياساته الخاطئة و المدمرة و ليكف عن المراهنة على عقد الصفقات بينه و بين النظام الأمريكي : حماية ظهر القوات الأمريكية عند الحدود الغربية للعراق مقابل السكوت في لبنان . صفقة لن تتم فأمريكا تدرك بأن لا راد لجبروتها و ما تريده كن فيكون و زمن عقد الصفقات ولى عندما وضعت الحرب الباردة أوزارها و أي سباحة بغير ما تشتهي هي سباحة بعكس التيار .

الورقة الفلسطينية و جبهة الرفض لأوسلو و لعرفات يتذرر و يتفكك عقدها , عرفات في ذمة الله و التاريخ و يدرك أولئك أنهم ورقة ليس إلا بيد النظام السوري سيرمي بها عندما تحدق به الأخطار , و أن النظام السوري ليس في وارد السير معهم إلى الأمام فالعالم تغير و يتغير و الرهان خاسر .

تتوالى الرهانات الخاسرة , كانت هناك مراهنات على الانتخابات الأمريكية و الأمل أن لا يفوز بوش . ثم بغباء قلّ نظيره في العالم أجمع يخسر النظام صديقه الفرنسي و من وراءه موقف أوربي موحد .

مسلسل الأوراق المتساقطة مستمر , ماذا ورث بشار الأسد من أبيه ؟ ماذا في جعبته من أوراق لا نعرفها ؟ كيف سيلعب بها ؟ ماذا طرأ و تشكل من مخاطر بعد غزو العراق وتطور العملية السياسية هناك و انعكاساتها على سوريا و مستقبل الاحتلال الأمريكي و تجاذبات المسألة الكردية ؟

يكابد النظام السوري و يعاني محاولا إيقاف عقارب الساعة و تأبيد الأوضاع القائمة , لكنه يدرك استحالة ما يتمنى , لذلك تتوالى عروضه و تتلاحق لتجديد المفاوضات مع إسرائيل , يطمح جراء مناوراته تلك , تكيف ظرفي مع ضغوط تدفعه بقوة إلى الجدار , علّ قادمات الأيام تفتح له منفذا فيه يشتم منه الهواء , إلا أن الموقف الإسرائيلي يسانده موقف أمريكي يقول لا مفاوضات بل املاءات , الأمن مقابل الأمن . سوريا ضعيفة كما يقول بوش و الضعيف لا يستطيع فرض شروطه , هذا إن دعي أصلا للجلوس على طاولة المفاوضات .

سندات مستحقة الدفع على سوريا و هي في كل يوم تدفع .

إن خيار النظام السوري و السياسة السورية هي في رؤية العالم بعيون جديدة و عقلية مختلفة بالكامل عن عقلية الماضي , عبر هذه الرؤية و العقلية المنفتحة يمكن القبض على أوراق جيدة و جديدة غير تلك التي امتلكها نظام و نهج الرئيس الراحل حافظ الأسد , لأن تلك الأوراق قد سقطت تماما و المراهنة من قبل بشار الأسد و نظامه المتهالك الموروث على إحيائها و تجديدها و اللعب من ثم بها هو الخبل بعينه .

إن محاولة تجميد و تأبيد ما هو قائم و بناء الدولة على الخوف و التخويف و تفتيت كل البنى الحديثة للمجتمع و تحويلها إلى هياكل صورية (أحزاب , نقابات , جمعيات ) أثبتت التجربة و الحال الذي وصلنا إليه أنها سياسة بلا سياسة بلا أي فن بلا أي علم بلا أي تدبير . (اللهم إلا المحافظة على سياسات الفساد و النهب)

السياسة الحقيقية و الناجعة, الأوراق القوية التي يمكن منها و بها ترهيب الخصم و من ثم يحسب لك ألف حساب هي: إصلاح الدولة و الاقتصاد و العقيدة الوطنية و تحديات التنمية و فتح مسارات للحوار الاجتماعي حسب ياسين الحاج صالح, عوامل قوة حقيقية بدون امتلاك تلك الأوراق هو الضعف الذي قال به بوش.

الوقت يمر و هو في غير صالح الشعب السوري و محاولة السير على نفس النهج الذي رسمه الرئيس الراحل حافظ الأسد هو الانتحار بعينه.



#أحمد_مولود_الطيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورية ما بعد الحريري و مصيرها بعد الفاجعة
- الأقلية في مواجهة الأغلبية - اللعبة المفضلة لأنظمة الاستبداد
- أي صورة لسوريا المستقبل نريد بعد انسحاب حزب البعث من قيادة ا ...
- دراسة عن حي الحرامية في محافظة الرقة /ملاحق
- المعارضة السورية العربية و الكردية /دعوة الى الخروج من شرنقة ...
- المعارضة السورية العربية و الكردية :تغليب القومي على الوطني ...
- اللقمة السورية و الفم الأمريكي
- أنا الذي أكل الفأر
- وقائع لم ترو في - يوم المعتقل السوري- شاهد عيان
- رياض الترك: بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيات ...
- خلافات التجمع المعارض في سورية: ظاهرة صحية أم ماذا؟


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مولود الطيار - افلاس النظام السوري