أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الكوتش أو المُخدر اللغوي العصبي















المزيد.....

الكوتش أو المُخدر اللغوي العصبي


حمودة إسماعيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 18:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الكوتش مدرب شخصي استشاري يقوم بمساعدة الزبون على حل مشاكله الاجتماعية، وكذلك تعليمه مهارات للتغلب على الصعوبات التي تقف دون تحقيق أهدافه. ويعود لقب كوتش لcoach وهي العربة التي تجرها أحصنة، صارت تطلق منذ الأربعينيات على المشتغلين بالمجال الرياضي والتكوين المهني للدلالة على دور القيادة.
يعتبر الكوتش خبير أو خريج معهد البرمجة اللغوية العصبية، مايعرف اختصارا بNLP وهي سليلة لمدرسة علم النفس السلوكي، العلم المُؤسَّس على أبحاث باڤلوف حول المثير والاستجابة أو الفعل ورد الفعل عند الحيوان، ومن تم فالسلوكية ارتكزت على علاج المرضى من خلال التركيز على السلوك(الأعراض) وإعادة تقويمه باعتباره استجابه للبيئة التي تلعب دور المثير، أي أنها تعمل على تغيير الاستجابة؛ عكس التحليل النفسي الذي اشتهر بمنهجه الذي يرتكز في علاجه على الغوص في عقل المريض بدل التوقف عند الأعراض، وذلك بغية تفكيك عُقده المخفية الدافعة للسلوك، فانبثقت السلوكية كحركة انتشرت في القارة الأمريكية الشمالية للحد من اجتياح حركة التحليل النفسي، الذي عرف انتشارا في بقاع القارة الأروبية. من هنا تبنت البرمجة اللغوية العصبية كنسخة حديثة للسلوكية، فكرة تغيير سلوك الإنسان عن طريق برمجته لغويا أي تقديم نصائح أو عبارات تساعد في تغيير سلوكه إيجابيا.

يمكن أن نحدد عمل الكوتش في أنه يقوم "بإقناع الإنسان بالقيام بسلوك ما بواسطة الحث[مثلا حينما يعجز عن حل مشكلة] أو باقتراح طريقة في العمل[مثلا حينما لا يدري مايفعل]"(1) ومن المعلوم أن وقوع الإنسان تحت سلطة المشاكل أو الصعوبات، يعرّضه للتعب النفسي والانهاك العصبي وهي اضطرابات انفعالية تؤدي بزيادة الضغط إلى اختلال التوازن النفسي، وبسبب هذا التشوش الفكري يصبح لهذا الإنسان "الاستعداد الذهني الذي يتيح احترام الأوامر بسهولة تامة ودون مناقشة"(2) وهو مايعرف بالاستعداد الإيحائي "الأمر الذي يتطلب وجود ظروف خاصة لأن العقل والإرادة يجب أن يختفيا أو ينخفض حجمهما. ونصبح إذا موحى لهم متى مافقدت الإرادة القدرة على المقاومة"(3)، وبما أن الإرادة هنا ضعيفة بسبب حالة التشوش التي يعاني منها المعني، يتضح أن دور الكوتش ليس أكثر من موحي، فالاقتراحات التي يقدمها "يقبل بها الطرف الآخر دون مناقشة أو تسبيب"(4) لأن ذلك"قد أيقظ فيه شعورا لاواعيا : الشعور بالقوة التي يحتاجها في مواجهة ضعفه"(5)، والإيحاء "يعتمد على حالة عجز مؤقتة"(6) وبذلك فإن تأثيره سرعان ما يزول مثله مثل تأثير المخدر. فالموحي هنا يشبه لحد ما الشاعر أو المطرب الذي يحفز رغبات الإنسان العاطفية خلال زمن القصيدة أو المقطوعة الموسيقية.

يمكن أن نُعرّف الNLP بأنها طريقة ل"مساعدة الناس على تحسين الاتصال بأنفسهم والتخلص من المخاوف المرضية والتحكم في الانفعالات السلبية والقلق"(7) معتمدة في ذلك على أقوال وحكم مقتطفة من الكتب الدينية أو منسوبة لمشاهير الفكر، كذلك طرق لتعليم الاسترخاء والتنفس مستلهَمة من التاي شي والتشي والريكي وهي فنون روحانية صينية/يابانية هدفها علاج الاضرابات النفسية والجسدية، زيادة على قصص حيوانات توضع كمواعظ لملأ كتبهم المتشابهة، قصص مسلية بالنسبة للأطفال لكنها مهينة لعقل إنسان راشد. واعتمادا على ماسبق ذكره يتم تأسيس معاهد لتدريب وتكوين أي إنسان يرغب في امتهان الكوتشينغ، نبين ذلك من خلال النموذج التالي : "كنت متحمسا لأني سأخوض في معرفة هذا العلم الجديد.. فقررت أن أحصل على أي شهادة ممكنة في هذا العلم.. وبعد ستة أشهر حصلت على شهادة أول دورة تمهيدية، وبعدها على ممارس ثم معلم ممارس"(8) الأمر الذي يبدو شبيها بنوادي الكاراتيه التي تتطلب من الممارس المرور بمراحل الأحزمة الملونة للحصول على شهادة التدريب طالما أنه يؤدي مبالغ مالية مقابل ذلك. فالدورات التدريبية وورشات التكوين والمحاضرات والبرامج التلفزيونية زيادة على الكتب المسلية التي تباع بنسخ كثيرة، كلها تجعل من NLP مشروع اقتصادي مربح أكثر منه حركة فكرية.

الغريب في الأمر أن الزبون نادرا ما يتساءل حول الكوتش الذي سيساعده في تحقيق أهدافه، لما لا يستغل هذا الكوتش مهاراته ليرأس دولة أويصبح نجما سينمائيا أو رياضيا مشهورا، بدل تضييع وقته في الإنصات لأحلام البعض الفتنتازية، من تريد أن تتحول لسندريلا يخطِفها أمير، ومن يريد أن يصير دون خوان أو باتمان !! الأمر الذي يجعله يبدو كالعراف الذي يرى مستقبل الجميع إلا مستقبله، لماذا ؟ لأن العراف لايرى أصلا !! ؛ لكن الزبون هنا لا يهمه سوى وجود "من يتولى المسؤولية، والذي يكون أُمًّا تمنح المحبة غير المشروطة" أو "أباً يمدح ويعاقب ويعظ ويعلم. وحتى إذا لم يمتلك الناس أبا وأما، ولو لم يكونوا أطفالا، فإنهم يحتاجون إلى ذلك ماداموا أنفسهم لم يصبحوا بشرا تماما، ولم يصبحوا مستقلين تماما"، وبما أنه يفتقر ل"العون كثيرا، وكثير التشوش.. والارتياع ومنعدم الثقة إلى حد أن توْقه" هو الحصول على شخص يعتبره : "هذا هو الشخص الذي يحبني، ويرشدني، ويكافئني لأنني لاأستطيع أن أقف بنفسي"، وبذلك يصبح الكوتش بالنسبة له الوحيد القادر على مساعدته في "التغلب على خوفه وانعدام ثقته بالعالم" طالما أنه "يرى نفسه محاطا بعالم ليس له أي تأثير فيه، ولايفهمه ويتركه في شك وخوف"(9)، مثله مثل طفل يحتاج لمن يرعاه.

من الواضح أن لدى الزبون اضطرابات نفسية عادية لا تحتاج لوجود كوتش أو حتى معالج، إنما تحتاج منه تولي مسؤولية نفسه بأن يعي أنه "لايوجد سر غامض أو وصفة سحرية لاكتساب مهارات" إنما "كل مهارة ماهي إلا نتيجة للاهتمام في التدريب والتعلم"(10) وبذلك "يبسط سيطرته على كل أنواع سلوكه مُغطّيا مسؤوليته الكاملة لوجوده ولمستقبله"(11)، وليس ترديد جملة خبرية في نفسه باستمرار كما يفعل البوذيون في طقوس التأمل بترديد "أوم" من أجل تحقيق تنويم مغناطيسي ذاتي، والذي منه أتت فكرة الإيحاء الذاتي التي يُعلّمها المبرمجون للمستفيدين.

ــــــــــــــــــــ
هوامش :
1 : ب.ف.سكينر - تكنولوجيا السلوك الإنساني، ترجمة عبد القادر يوسف، سلسلة عالم المعرفة ـ ص84
2 : بيير داكو - التنويم المغناطيسي، ترجمة بيثون/اسكندر، مكتبة الثراث الإسلامي ـ ص23
3 : بيير داكو - المصدر السابق ـ نفس الصفحة
4 : بيير داكو - المصدر السابق ـ ص24
5 : بيير داكو - المصدر السابق ـ ص25
6 : بيير داكو - المصدر السابق ـ ص26
7 : إبراهيم الفقي - البرمجة اللغوية العصبية، إبداع للإعلام والنشر ـ ص13
8 : إبراهيم الفقي - المفاتيح العشرة للنجاح، المركز الكندي للتنمية البشرية ـ ص87و88
9 : إريك فروم - فن الإصغاء، ترجمة محمود الهاشمي، منشورات اتحاد كتاب العرب، دمشق 2004م ـ ص116
10 : ألفرد آدلر - معنى الحياة، ترجمة عادل بشرى، المجلس الأعلى للثقافة ط1 2005م ـ ص164
11 : روجيه موكيالي - العقد النفسية، ترجمة موريس شربل، منشورات عويدات ط1 ـ ص145



#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سر العين الثالثة
- سيكولوجية البيدوفيلي أو المتحرش جنسيا بالأطفال
- الباراسيكولوجي أو الهلوسة باسم العلم
- سيكولوجية الجيغولو أو دعارة الرجال
- المتأخرات زواجيا : لعنة اختيار أم حظ عاثر ؟
- سيكولوجية المومس


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة إسماعيلي - الكوتش أو المُخدر اللغوي العصبي